أعلن كل من وزيرا خارجية روسيا “سيرغي لافروف” ونظيره السعودي الأمير “سعود الفيصل” اتفاقهما “على ضرورة انطلاق جهود حل الأزمة السورية على أساس مؤتمر جنيف 1 مع التركيز على أهمية الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية”. جاء هذا خلال محادثات عقدها الجانبان في العاصمة الروسية موسكو البارحة الجمعة، وفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
وأوضح بيان صحفي مشترك صدر عقب الاجتماع أن الجانبين “ناقشا في اجتماعهما العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تنميتها”، حيث نادى الجانبان بـ”ضرورة تفعيل أعمال اللجنة الاقتصادية المشتركة وغيرها من آليات التعاون الثنائي بين البلدين”.
وناقش الجانبان أيضا، وفق المصدر ذاته، “مجموعة من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك الوضع في سوريا، والعراق، وليبيا، واليمن والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي”، كما ركزت المباحثات على “الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لمحاربة الإرهاب”.
وفيما يخص سوريا، اتفق الوزيران على “ضرورة انطلاق جهود حل الأزمة السورية على أساس (جنيف 1) مع التركيز على أهمية الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية”، وعبّرالجانبان عن “استعدادهما للتعاون في المجالات التي تخص الطاقة والبترول”، وفق الوكالة السعودية.
وعلى أن البيان الصحفي الأخير تطرق إلى العديد من النقاط المتعلقة بالشرق الأوسط وإيران وأسعار النفط والإرهاب، إلا أنه يبدو وأن زيارة الأمير السعودي تأتي في إطار المحادثات التي تجري في الكواليس عن حل سياسي للأزمة السورية، خاصة بعد زيارة رئيس الائتلاف السابق “معاذ الخطيب” برفقة وفد سوري معارض أوائل الشهر الجاري ليكتب فيما بعد على صفحته الخاصة في فيبسوك مقالاً بعنوان: هل تشرق شمس الثورة السورية من موسكو؟
اجتماع آخر مجدول في موسكو لوزير خارجية النظام السوري “وليد المعلم” في الـ 26 من الشهر الجاري بدعوة خاصة من وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” لاجراء مباحثات تتركز على جوانب الوضع في سورية وما حولها إضافة الى العلاقات الثنائية، حسب ما أعلنت وكالة الأبناء السورية.
حول ذلك، إذاعة “صوت روسيا” الناطقة بالعربية أجرت حواراً مع رئيس مركز الدراسات العربي- الأوروبي في فرنسا الدكتور “صالح الطيار” لتسأله عن نتائج زيارة وزير الخارجية السعودي إلى روسيا ولقاءه نظيره الروسي، فقال: “أولا نحن نعرف أن المنطقة العربية تشهد مواجهة عمليات إرهابية شنيعة ومواقف يجب أن تكون متحدة بين جميع دول العالم ودول المنطقة”، ثم أضاف: “روسيا هي شريك إستراتيجي ومهم بالنسبة للملكة السعودية، ولا أعتقد أن هذه الزيارة هي زيارة بروتوكولية وعادية، ولكنها تعتبر من الزيارات المهمة، وأعتقد أن الجانب الروسي يتفهم المطالب العربية التي تتبناها السعودية ،كمحاربة الإرهاب والمواقف من الملف السوري وحول تخليص سوريا من مواجهة المشاكل”
وأضاف الطيار أن “العلاقات الروسية السعودية طيبة جدا وهذا يعطي مؤشر طيب والحمدلله على أن المملكة فتحت أبوابها لكل دول العالم وصديقة للجميع ،والعلاقات الروسية السعودية تتعزز في السنوات الأخيرة”.
وعلى الرغم من المواقف المتباينة بين السعودية وروسيا فيما يخص الأزمة السورية، إلا أن ذلك لم يساهم في أي تأِثير سلبي على العلاقات السعودية الروسية، وعلى أنها اتصفت بالجمود بعض الشيء، إلا أن هذه الزيارة تكشف عن عمق هذه العلاقة بين البلدين، وعن أهمية كلا البلدين في إيجاد حل للقضية السورية.
وكشفت صحيفة السفير على أنه وفي إطار سعي موسكو لإيجاد حل للأزمة السورية، بعد أن أفشلت كل الحلول الأخرى سواء بالفيتو أو بالدعم العسكري والسياسي للنظام السوري، فإنها تسعى الآن لإطلاق مجموعة جديدة لدعم مهمة المبعوث الأممي إلى سوريا “ستيفان دي ميستورا”، وذلك قبل أيام من استقبالها وزير الخارجية السوري وليد المعلم، بينما أعلن مسؤول أميركي رفيع المستوى أن الدول العربية تضغط على الرئيس الأميركي باراك أوباما من اجل تغيير استراتيجيته لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” – “داعش”، والتفكير في ضرورة “تنحية” الرئيس السوري بشار الأسد.
وقالت قناة “روسيا اليوم” نقلاً عن مصادر رفيعة أن “موسكو تعكف على تشكيل مجموعة أصدقاء دي ميستورا، التي ستضم روسيا والولايات المتحدة والسعودية وتركيا وإيران ومصر لدعم جهود حل الأزمة السورية”، مشيرة إلى انه سيتم عقد اجتماع للمجموعة تحضيرا لجنيف 3″، من دون تحديد موعد الاجتماع.
وأوضحت المصادر أن “بنود اتفاق جنيف في حزيران العام 2012 لا تزال صالحة، وخاصة ما يخص البندين المتلازمين، وهما مكافحة الإرهاب والعملية السياسية في سوريا”.
وتجتمع هذه الأيام الهيئة العامة للائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية اليوم في إسطنبول، في اجتماع يمتد لـ3 أيام، يناقش فيها الأعضاء خطة المبعوث الدولي إلى سوريا “ستيفان دي ميستورا” بشأن تجميد القتال في حلب شمالي البلاد، وزيارة الرئيس السابق للائتلاف أحمد معاذ الخطيب إلى موسكو، وذلك قبل 5 أيام من زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى روسيا.
كل المؤشرات تقول بأن حراكاً عالمياً الآن تشهده الآن موسكو لإيجاد حل للأزمة السورية متمثل بزيارات معلنة وغير معلنة، فهل تشرق شمس الثورة السورية -فعلاً- من موسكو؟