يتوافد السوريون الذين حصلوا على الموافقة إلى مكاتب لجنة الحج العليا السورية المنتشرة في مناطق الشمال السوري، والولايات التركية التي يتواجد فيها نسبة كبيرة من السوريين، وعدد من البلدان العربية كالأردن ومصر ولبنان والكويت وقطر والعراق والسعودية، بهدف تثبيت واستكمال إجراءات التسجيل للراغبين في أداء مناسك الحج.
وبدأت لجنة الحج العليا السورية إجراءات التسجيل بمكاتبها المنتشرة في الداخل السوري وتركيا في 29 أبريل/ نيسان، وذلك لحجّاج بيت الله الحرام من العام 2022، ضمن عدة شروط حدّدتها لجنة قبول الحجّاج، إلا أن بعض الشروط وارتفاع تكاليف الرحلة لأداء مناسك الحج حرمت العديد من السوريين من زيارة بيت الله الحرام وأداء الفريضة خلال هذا العام.
تكاليف ثقيلة
سجّل عبد القادر العيد ووالدته لأداء مناسك الحج لعام 2020، إلا أن أزمة فيروس كورونا تسببت آنذاك في وقف رحلات الحجّاج إلى بيت الله الحرام ومنعهما من الذهاب، إلا أنه في هذا العام حصل على الموافقة، واستكمل إجراءات التسجيل في مكتب لجنة الحج العليا السورية الواقع في معبر باب السلامة على الحدود السورية التركية.
واجه الشاب مثل كثير من السوريين ارتفاعًا كبيرًا في تكاليف رحلة الحج لهذا العام، والتي تتراوح ما بين 3500 و4000 دولار أمريكي عن الشخص الواحد، حيث يشكّل هذا المبلغ رقمًا ضخمًا بحسب المستوى الاقتصادي والمعيشي لدى السوريين قاطني الشمال السوري، واللاجئين في مختلف البلدان.
وقال خلال حديثه لـ”نون بوست”: “عندما سجّلت للحج عام 2020 كنت أملك التكاليف بشكل كامل إلا أنني لا أملكها في الوقت الحالي، وليس لدي القدرة على دفع تكاليف الرحلة لي ولوالدتي، لكنني مضطر لتأمين المبلغ والذهاب كون عمر والدتي يفوق الـ 60 عامًا، وهذا العمر قد يكون غير مناسب لأداء مناسك الحج في العام القادم، إضافة إلى وضعها الصحي الذي يتراجع يومًا بعد يوم”.
وأضاف: “استطعت تأمين الدفعة المالية الأولى والتي تبلغ 2500 دولار أمريكي عن كل فرد منا، بالتشارك مع أخوتي، إلا أنني سأضطر في الدفعة الثانية إلى بيع سيارتي ومصاغ ذهبي تملكه أمي، كوننا نحتاج إلى مصاريف إضافية في الرحلة إلى جانب الدفعات النقدية للجنة الحج العليا”.
أما السيد عبد الله النجار (63 عامًا) يتمنى أن يحصل على فرصة لزيارة بيت الله الحرام وأداء مناسك الحج، حيث ينوي في كل عام الذهاب إلا أن وضعه المادي لا يساعده على ذلك، فهو لا يملك سوى قطعة أرض ورثها عن والده، يحرثها ويزرعها ويأكل من محصولها الذي شهدَ تراجعًا خلال السنوات الأخيرة.
قال الرجل لـ”نون بوست”: “أتمنى أن أحصل على فرصة لزيارة بيت الله الحرام، لكن الحال صعب جدًّا ولا أستطيع تدبُّر وضعي المعيشي، 4000 دولار أمريكي مبلغ كبير، ولا يستطيع إنتاج محصولي السنوي تغطية تكاليف الحج، لذلك في حال عزمت على زيارة بيت الله الحرام سأضطر إلى بيع الأرض وحرمان أبنائي منها، كونها مصدر معيشتنا الوحيد”.
وأضاف: “إن الشروط العمرية تتوافق معي لأداء مناسك الحج، لكن التكاليف كبيرة جدًّا ولا يمكن تحملها، وعسى أن يكرمنا الله في زيارة إلى حرمه الشريف”.
تراجع عدد من السوريين والسوريات عن تسجيلهم المسبق خلال عام 2020، بعدما منعتهم الظروف المادية والشروط العمرية، وانتهاء مفعول جوازات السفر الخاصة بهم
ويواجه السوريون صعوبة في تأمين تكاليف الحج، حيث يلجأ البعض إلى التشارك في دفع التكاليف بين الإخوة الأشقاء، واختيار أكبرهم سنًّا للحصول على فرصة في زيارة بيت الله الحرام برفقة والدَيهم، إلا أن التكاليف الباهظة منعت عددًا آخر من السوريين كونهم غير قادرين على تأمين المبلغ المالي المطلوب لإجراء عملية التسجيل.
شروط غير عادلة
يقيم محمد السالم في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، لم يحالفه الحظ لأداء الشعيرة وزيارة بيت الله الحرام خلال هذا العام، رغم استعداده وتسجيله المسبق خلال عام 2020، والذي توقفت رحلاته نتيجة تدابير الجائحة، والتي منعته من زيارة بيت الله الحرام خلال العامَين الماضيَين أيضًا، وتخفيض أعداد الحجّاج من مليونَين ونصف حاجّ إلى 60 ألف فقط من مختلف بلدان العالم.
وقال في حديث مع “نون بوست”: “عندما سمعت إعلان المملكة العربية السعودية عن تنظيم رحلات الحج لأداء الشعيرة الأعظم، فرحت جدًّا كوني كنت أستعدُّ في كل عام لكن كانت الظروف غير مناسبة، لا سيما مع انتشار فيروس كورونا وتخفيض عدد الحجّاج”.
وأضاف: “تضمن الشروط الرئيسية التي يجب أن يمتلكها الحاج شرطًا أساسيًّا، وهو أن يكون عمره دون الـ 65 عامًا”، ما منعه من أداء مناسك الحاج لأنه يبلغ من العمر 66 عامًا، ما جعله يشعر بالحزن مجددًا كونه قد لا يملك فرصة أخرى في أداء مناسك الحج بالنظر لوضعه الصحي، وربما لا تتاح له الفرصة في وقت لاحق.
وتراجعَ عدد من السوريين والسوريات عن تسجيلهم المسبق خلال عام 2020، بعدما منعتهم الظروف المادية والشروط العمرية غير العادلة، وانتهاء مفعول جوازات السفر الخاصة بهم، في الحصول على فرصة الحج.
حصة السوريين من موسم الحج 2022
خصصت المملكة العربية السعودية في المسار الإلكتروني للجمهورية العربية السورية، للموسم القادم، حصة السوريين التي بلغت 10 آلاف و186 حاجًّا سوريًّا، بحسب لجنة الحج العليا السورية، ذلك عقب إعلان المملكة العربية السعودية، في 9 أبريل/ نيسان الماضي، قرارًا يقضي برفع عدد الحجاج لهذا العام إلى مليون حاج من داخل البلاد وخارجها، في حين اشترطت أن يكون الحج للفئة العمرية التي دون الـ 65 عامًا.
من جانبها، أصدرت لجنة الحج العليا السورية، في 19 أبريل/ نيسان الماضي، عدة شروط لاستقبال الحجّاج السوريين، حيث أعطت الأولوية لأسماء المقبولين والمثبّتين في عام 2020، وتحققت فيهم الشروط التالية:
– جواز سفر سارٍ لغاية 31 ديسمبر/ كانون الأول 2022.
– توفُّر جرعتَين على الأقل من اللقاحات المعتمدة من منظمة الصحة العالمية.
– وجود محرم شرعي للمرأة لمن كانت دون 45 عامًا.
– توفُّر اختبار PCR سلبي قبل 72 ساعة كحدٍّ أقصى من تاريخ السفر.
– سيتم الاعتذار من أصحاب الفئة العمرية 65 عامًا وما فوق، أي من كانت مواليده دون عام 01 يوليو/ تموز 1957.
وتقبل لجنة الحج العليا السورية، التابعة للائتلاف السوري المعارض، جوازات السفر السورية الصادرة عن نظام الأسد، والصادرة عن الائتلاف السوري والحكومة السورية المؤقتة، ضمن الفترة المحددة، بمعنى أن يكون ساريًا لغاية نهاية العام 2022.
وبعد انخفاض إقبال عدد المسجلين مسبقًا، أعلنت لجنة الحج العليا عن توسيع القبول للفئات العمرية حتى مواليد الـ 1965 في ولاية إسطنبول التركية، والـ 1969 في الشمال السوري، حيث تعمل اللجنة على تسجيل المقبولين والراغبين في الحج من المثبّتين مسبقًا حتى اكتمال نصاب حصة سوريا.
ونفى مدير الأوقاف ومدير الحج في وزارة الأوقاف بحكومة نظام الأسد، حسان نصر الله، افتتاح موسم الحج بشكل رسمي، مبيّنًا أن الوزارة لم تنظِّم فريضة الحج منذ 10 سنوات، عقب إعلان “لجنة الحج العليا” التابعة للائتلاف السوري المعارض شروط استقبال المملكة العربية السعودية الحجاج السوريين لهذا العام.
في حين يمتنع العديد من السوريين عن أداء مناسك الحج في المناطق السورية التي تقع تحت سيطرة النظام السوري وميليشيا “قسد”، ويضطر الراغبون منهم والقادرون على السفر خارج البلاد إلى التسجيل في مكاتب لجنة الحج العليا السورية، في دول الأردن ولبنان وقطر والكويت والسعودية ومصر والعراق.
بينما السوريون الموجودون في الدول الأوروبية أو الأميركيتَين يحصلون على تأشيرات الحج عبر تواصلهم مع المكاتب في البلدان التي يمكنهم السفر منها، حيث تدير اللجنة ملف الحج للسوريين منذ مايو/ أيار 2013، بعد أن سحبته المملكة العربية السعودية من النظام في سوريا وسلّمته للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.