ترجمة وتحرير: نون بوست
أظهر مقطع فيديو نُشر في أواخر شباط/ فبراير على صفحة فيس بوك الخاصة بالقائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية، فاليري زالوجني، لقطات جوية مشوشة لقافلة عسكرية روسية تقترب من مدينة خيرسون. وقبل ذلك بعدة أيام، كانت روسيا قد غزت أوكرانيا، وكان خيرسون، وهو مركز لبناء السفن عند مصب نهر دنيبر، موقعًا إستراتيجيًا مهمًا. ووُجد في منتصف الشاشة نظام استهداف مغلق على سيارة في منتصف القافلة. وقد انفجرت السيارة بعد ثوان وارتفع برج من الوقود المحترق في السماء؛ حيث جاء مع المشهد تعليق:” “شاهدوا عمل بيرقدار الواهب للحياة!”؛ هكذا تمت قراءة التسمية التوضيحية المترجمة لزالوجني. “مرحبا بكم في الجحيم!”.
تُعتبر “بيرقدار تي بي تو” طائرة مسطحة رمادية اللون بدون طيار (U.A.V.)، بأجنحة بزوايا ومروحة خلفية، وهي تحمل قنابل موجهة بالليزر وصغيرة بما يكفي ليتم حملها في شاحنة مسطحة، وتكلف جزءًا بسيطًا من الطائرات بدون طيار الأمريكية والإسرائيلية المماثلة. ويُعد مصممها، سلجوق بيرقدار، إبن رجل أعمال تركي لقطع غيار السيارات، أحد مصنعي الأسلحة الرائدين في العالم، وفيما يتعلق بالدفاع عن أوكرانيا، أصبحت بيرقدار أسطورة، تحمل الاسم نفسه لطفل الليمور في حديقة حيوان كييف، وموضوعًا لأغنية شعبية جذابة، تدعي أن طائرته بدون طيار “تصنع الأشباح من قطاع الطرق الروس”.
في نيسان/ أبريل 2016، سجلت “تي بي تو” أول عملية قتل مؤكدة. ومنذ ذلك الحين، بيعت لما لا يقل عن ثلاث عشرة دولة، مما أدى إلى جلب تكتيك الضربة الجوية الدقيقة إلى العالم النامي وعكس مسار العديد من الحروب، وفي سنة 2020، في الصراع بين أذربيجان وأرمينيا حول جيب ناغورنو كاراباخ، استخدم الزعيم الديكتاتوري الأذربيجاني إلهام علييف “تي بي تو” لاستهداف المركبات والقوات، ثم عرض لقطات من الضربات على لوحات إعلانية رقمية في العاصمة باكو.
وقامت “تي بي تو” إلى حد الآن بتنفيذ أكثر من ثمانمائة هجوم في نزاعات من شمال إفريقيا إلى القوقاز، حيث يمكن للقنابل التي تحملها تعديل مساراتها في الجو، وهي دقيقة للغاية بحيث يمكن تسليمها إلى خندق المشاة. وقد سبق وأن افترض المحللون العسكريون أن الطائرات بدون طيار البطيئة التي تحلق على ارتفاع منخفض لن تكون ذات فائدة تذكر في القتال التقليدي، لكن يمكن لـ “تي بي تو” إزالة الأنظمة المضادة للطائرات المصممة لتدميرها. ومن جانبه، أخبرني ريتش آوتزن، المتخصص السابق في وزارة الخارجية في الشؤون التركية، أن هذا “مكّن من إحداث ثورة عملياتية مهمة إلى حد ما في كيفية خوض الحروب في الوقت الحالي، وربما يحدث هذا مرة كل ثلاثين أو أربعين سنة”.
في آذار/مارس؛ تحدثتُ مع بيرقدار الذي كان في إسطنبول – في المقر الرئيسي لشركته “بايكار” التي توظف أكثر من ألفي شخص – عبر الفيديو، وعندما سألته عن استخدام طائراته بدون طيار في أوكرانيا، قال لي: “إنهم يفعلون ما يجب القيام به؛ وهو استخدام بعض أنظمة الدفاع الجوي والمدرعات الأكثر تقدمًا في العالم”. وكان بيرقدار، البالغ من العمر اثنين وأربعين سنة، الذي يمتلك تسريحة شعر ذروة الأرملة والذي لديه عينان ناعمتان وأنف مائل قليلا، محاطا بنماذج مصغرة من طائرات بدون طيار جديدة، مثبتة على حوامل بلاستيكية شفافة، والتي عرضها لي بفخر غير خفي عن هوسه بالطيران/ وقال لي:” أقوم بنفسي بتجربة أي طائرة بدون طيار بنيت اليوم للطيران، لأنني أحب فعل ذلك”. ويستخدم بيرقدار، الذي لديه أكثر من مليوني متابع على تويتر، حسابه للترويج لمبادرات تعليم الشباب والاحتفال بالشهداء الأتراك ونشر صور تصاميم طائرات جديدة، وقد أخبرني باحث العلاقات الدولية بجامعة جنوة، فيديريكو دونيلي أن بعض الناس هنا يعتبرونه مثل إيلون ماسك.
منذ أن تولى أردوغان السلطة سنة 2003، استولى خلال تلك الفترة على المحاكم والصحافة، وقام بتعديل الدستور التركي، ودعا إلى عودة الأدوار التقليدية للمرأة
في أيار/مايو 2016، تزوج بيرقدار من سمية أردوغان، الابنة الصغرى لرئيس تركيا رجب طيب أردوغان، زعيم الحركة الإسلامية السياسية التي كتب المحلل سفانتي كورنيل أنها ترغب في “بناء تركيا قوية وصناعية تعمل كزعيم طبيعي للعالم الإسلامي”. وفي العشرين سنة الماضية، نمت صناعة الأسلحة في تركيا عشرة أضعاف، ويتم في الوقت الحالي تصنيع معظم المعدات العسكرية للبلاد محليًّا، وقد أخبرني الدبلوماسي التركي السابق ألبر كوشكون: “لقد تحولت طائرات البيرقدار، وخاصة تي بي تو، إلى الرائد في صناعة الدفاع التركية”.
تحد تركيا إيران والعراق وسوريا وأرمينيا وجورجيا والاتحاد الأوروبي، وتواجه روسيا عبر البحر الأسود. وقد أخبرني دونيلي أن الولاءات المتغيرة والسياسات المعقدة للمنطقة ذكّرته بأوروبا في الأيام التي سبقت الحرب العالمية الأولى، قائلًا: “في بيرقدار، لديهم نوع من العبقرية التي يمكنها تغيير المسار التاريخي لتركيا”.
منذ أن تولى أردوغان السلطة سنة 2003، استولى خلال تلك الفترة على المحاكم والصحافة، وقام بتعديل الدستور التركي، ودعا إلى عودة الأدوار التقليدية للمرأة. كما تعرض الصحفيون الذين ينتقدون نظامه للضرب بمضارب البيسبول وبالقضبان الحديدية، وحُكم على نشطاء المعارضة بالسجن لعقود. ومن جانبه، شهد الاقتصاد التركي حالة من الركود؛ حيث ارتفع معدل التضخم إلى سبعين بالمائة خلال الاثني عشر شهرًا الماضية. وفي سنة 2019، خسر حزب أردوغان رئاسة بلدية اسطنبول التي كان يشغلها منذ التسعينيات.
وتُعد “تي بي تو” آلة دعاية مذهلة؛ حيث استخدم أردوغان نجاحها للترويج لرؤيته للمجتمع التركي. كما أخبرني بيرقدار: “في هذا اليوم وهذا العصر، لطالما كان التغيير الأكبر في حياتنا مدفوعًا بالتكنولوجيا- ومن الذي يقود التغييرات؟ أولئك الذين يصنعون التكنولوجيا”.
يعيش بيرقدار وعائلته في أراضي بايكار، التي شبّهها بالحرم الجامعي الذي يضم مرافق رياضية ومتنزهًا وصفه بأنه “أكبر من جوجل”. وبينما كنا نتكلم، كانت والدته كانان سمية وابنته البالغة من العمر أربع سنوات، والتي تُدعى كانان أيضًا، يتناولان العشاء في غرفة مجاورة. وقد أخبرني بيرقدار أنه كان أحد أقدم المهندسين في شركة بايكار، وأن العديد من مبرمجي الشركة من النساء، قائلًا: “يأتي جانب البرمجيات الخاص بي من والدتي”.
ولد بيرقدار في إسطنبول سنة 1979، وهو الأوسط بين ثلاثة أشقاء، وتخرج والده أوزدمير، وهو ابن صياد، من جامعة اسطنبول التقنية وأسس شركة لقطع غيار السيارات، وكانت والدته “كانان” خبيرة اقتصادية ومبرمجة للكمبيوتر في عصر البطاقات المثقوبة؛ الأمر الذي جعل الأخوة يتعرفون على الأدوات الآلية في سن مبكرة، فقال لي بيرقدار: “كنا نعمل طوال طفولتنا في المصنع”، وعندما أصبح مراهقًا، كان صانع أدوات ومختصًّا، وعندما كان صبيًّا كان بيرقدار يقوم بمسح لجغرافية تركيا الرائعة من نافذة طائرة والده، وقال لي: “رغم أنها طائرة صغيرة، إلا أنها كانت مثل الإبحار هناك، حيث تشعر وكأنك طائر”، وسرعان ما كان بيرقدار يبني طائرات يتم التحكم فيها عن طريق الراديو ومجموعة من المواد، وأحيانًا يقوم بتعديلها بتصاميمه الخاصة، وقال: “كنت أخفي طائرتي النموذجية تحت سريري، وأعمل عليها سرًّا، فلقد كان يجب أن أدرس من أجل امتحاناتي”.
بدأ أوزدمير في تأمين الدعم الحكومي لطائرات بيراقدر، فقد كان أوزدمير رفيق نجم الدين أربكان، الرجل القومي ذو التوجهات الإسلامية والناقد اللاذع للثقافة الغربية.
أثارت النماذج الأولية لطائرات بيرقدار التي يتم التحكم فيها لاسلكيًّا إعجاب الباحثين الأكاديميين. ففي عام 2002؛ وبعد تخرجه من جامعة إسطنبول التقنية، تم ابتعاثه إلى جامعة بنسلفانيا، وللحصول على درجة الماجستير، أطلق طائرتين بدون طيار قيد التطوير في قاعدة “فورت بينيغ” العسكرية في ولاية جورجيا، ثم بدأ بايراقدار بدراسة الماجستير الثاني في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا؛ حيث سعى وراء الهدف الصعب والغريب وهو محاولة إنزال طائرة هليكوبتر يتم التحكم فيها عن بُعد على الجدار.
يستذكر إريك فيرون، مرشد بيرقدار، هذا الأخير باعتباره حِرَفيًّا متفانيًا ومسلمًا ملتزمًا، ولديه شغف بتعليم الشباب، واستذكر حماسه عندما ساعد ابنة فيرون في واجباتها المدرسية في الرياضيات وعندما عرض مروحيته أمام فرقة من فتيات الكشافة، وقال فيرون: “لقد كان طيارًا جيدًا، لكنني لم أفهم كل ما كان ينوي عليه حتى تلقيت دعوة لحضور حفل زفافه”.
بينما كان بيرقدار طالبًا، كانت الولايات المتحدة تستخدم مسيّرات “بريداتور” لضرب أهداف في أفغانستان والعراق، وكان بيرقدار رافضًا لسياسة للولايات المتحدة الخارجية؛ حيث قال لي: “لقد كنت مهووسًا بنعوم تشومسكي”.
وانخرط بيرقدار في نشاط اجتماعي مع طلاب الدراسات العليا الآخرين؛ حيث كان معظمهم من الأجانب، لكن المركبات ذاتية القيادة شدت انتباهه، فبينما كان لا يزال طالبًا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بدأ في بناء نماذج أولية لطائرات بدون طيار في مصنع العائلة في إسطنبول.
بدأ أوزدمير في تأمين الدعم الحكومي لطائرات بيراقدر، فقد كان أوزدمير رفيق نجم الدين أربكان، الرجل القومي ذو التوجهات الإسلامية والناقد اللاذع للثقافة الغربية.
كانت تركيا جمهورية علمانية منذ العشرينات من القرن الماضي، لكن أربكان، أستاذ الهندسة الميكانيكية، اعتقد أنه من خلال الاستثمار في الصناعة وصقل المواهب التكنولوجية، يمكن للبلاد أن تصبح أمة إسلامية مزدهرة.
في عام 1996؛ تم انتخاب أربكان رئيسًا لوزراء تركيا؛ لكنه استقال من المنصب تحت ضغط من القوات المسلحة، وتم منعه من ممارسة السياسة لتهديده بانتهاك الدستور القاضي بالفصل بين الدين والدولة في تركيا.
(أربكان، الذي أقام صلات مع الإخوان المسلمين وحماس، ألقى باللوم في الإطاحة به على “الصهاينة”).
أطلَع بيرقدار أربكان على عمله؛ وبحلول منتصف عام 2000، كان بيرقدار يقضي فترات الراحة المدرسية برفقة الجيش التركي.
بدأ بيرقدار في تطوير طائرة أكبر عام 2014 حيث وضع نموذجًا أوليًا لطائرة من طراز “تي بي تو”، وهي طائرة ذات أجنحة ثابتة تعمل بمروحة كبيرة تمكنها من حمل ذخائر.
وكانت لعائلة بيرقدار علاقات أيضًا مع أردوغان، ربيب أربكان، الذي تم انتخابه رئيسًا للوزراء عام 2002؛ فكان والد بيرقدار مستشارًا لأردوغان عندما كان سياسيًّا محليًّا في اسطنبول؛ حيث كان بيرقدار يتذكر زيارة أردوغان لمنزل العائلة.
كان وزن أول طائرة صنعها بيرقدار، وهي من طراز “ميني يو أي في” التي تم إطلاقها يدويًّا، حوالي عشرين رطلًا، واستطاعت الطائرة التحليق حوالي 10 أقدام خلال فترة الاختبارات المبكرة، لكن بيرقدار طوّرالتصميم لاحقًا مما جعلها تحلق عاليًا لأكثر من ساعة، واختبرها بيرقدار في الجبال الثلجية في جنوب شرق الأناضول؛ حيث قام بمراقبة المتمردين المسلحين لحركة “بي كي كي” الكردية الانفصالية.
يتذكر فيرون دهشته عندما اتصل ببيرقدار في الجبال حيث قال: “لا يتردد في التوجه إلى الخطوط الأمامية، وفي أسوأ الظروف التي يمكن للجيش التركي أن يتعرض لها، ولا يتردد في التواجد معهم بشكل أساسي والعيش معهم والتعلم منهم مباشرة”.
أخبرني بيرقدار أنه يفضل اختبار طائرة بدون طيار ميدانيًّا في أرض معركة حقيقية، وقال “يجب أن تكون الطائرة ذات قدرة قتالية عالية في المعركة، فإذا لم تكن كذلك على ارتفاع عشرة آلاف قدم وعند درجة حرارة أقل من ثلاثين درجة، فإنها مجرد شيء آخر عليك حمله في حقيبتك”.
بدأ بيرقدار في تطوير طائرة أكبر عام 2014 حيث وضع نموذجًا أوليًا لطائرة من طراز “تي بي تو”، وهي طائرة ذات أجنحة ثابتة تعمل بمروحة كبيرة تمكنها من حمل ذخائر.
وفي نفس العام؛ فاز أردوغان، الذي كان يواجه قيودًا أثناء فترة رئاسة الوزراء، بالانتخابات الرئاسية في استفتاء شعبي مكّنه من السيطرة على المحاكم أيضًا؛ حيث بدأ في استخدام سلطاته لمحاكمة خصومه السياسيين.
أخبرني سونر كاجابتاي، الذي كتب أربع سير ذاتية لأردوغان: “لم تتوقف عمليات الاعتقال على ربع قادة البحرية والجنرالات الذين كانوا على رأس عملهم ولكن أيضًا تم اعتقال العديد من معارضي أردوغان من المجتمع المدني”.
كرّس بيرقدار نموذجه الأولي تخليدًا لذكرى أربكان، معلم أردوغان، فقال بيرقدار: “لقد بذل أربكان كل ما في حياته لتغيير الثقافة”. (في مذكراته التي نُشرت بعد وفاته، أكد أربكان أن العالم كان محكومًا سرًّا من قبل تحالف من اليهود والماسونيين على مدار الأربعمائة عام الماضية).
في ديسمبر 2015؛ أشرف بيرقدار على أولى اختبارات القدرة الدقيقة لضربات طائرة “تي بي تو”، وباستخدام نظام ليزر لتوجيه القنابل الوهمية، تمكنت الطائرة من إصابة هدف بحجم غطاء نزهة من على بعد خمسة أميال، وبحلول أبريل 2016، أصبحت “تي بي تو” قادرة على حمل ذخيرة حية.
كانت الأهداف الأولى هي عناصر حزب “بي كي كي”، فقد قتلت غارات الطائرات ما لا يقل عن عشرين من قادة الحركة بالإضافة إلى جميع العناصر التي كانت موجودة معهم، كما علمت الضربات بيرقدار كيفية مواجهة موجات التشويش.
يتم التحكم في الطائرات من خلال إشارات الراديو، والتي يمكن للأعداء تشويشها عن طريق بث مشوش، ويمكن للطيارين مواجهة التشوش عن طريق استخدام موجات تردد، أو عن طريق تقوية نطاق إشارة البث الخاصة بهم، وأضاف بيرقدار: “تركيا هي من أخطر الأماكن للطيران بسبب وجود الكثير من أجهزة التشويش لأن منظمة “بي كي كي” كانت تستخدم طائرات بدون طيار أيضًا”.
يُعتقد أن مكافحة التمرد في تركيا عن بعد هي المرة الأولى التي تشن فيها دولة حملة بطائرات بدون طيار ضد المواطنين على أراضيها، لكن بيرقدار، مشيرًا إلى تهديد الإرهاب، لا يزال مؤيدًا ومتحمسًا للحملة.
في أيار/مايو؛ تزوج بيراقدار من ابنة الرئيس وحضر حفل الزفاف أكثر من خمسة آلاف شخص من بينهم الكثير من النخبة السياسية في البلاد، وارتدت سمية حجابًا وفستانًا أبيض ذو أكمام طويلة من تصميم الماركة الباريسية “ديس كايك”، و بحلول ذلك الوقت، كانت الدولة التركية قد اتخذت طابعًا إسلاميًا واضحاً.
تم حظر الحجاب في الجامعات والمباني العامة في التسعينيات؛ وكتب كاجابتاي: “إن وجود زوجة محجبة الأن هو أضمن طريقة للحصول على وظيفة في إدارة أردوغان”، فيما يغرد بيرقدار على الدوام بتغريدات تحوي على أمنيات إسلامية لمتابعيه على وسائل التواصل الاجتماعي.
مثل بيرقدار؛ سمية هي عضوة من الجيل الثاني في النخبة الإسلامية التركية، وتخرجت من جامعة إنديانا في عام 2005 بدرجة في علم الاجتماع، وقال لي بيرقدار: “إنها تتمتع بأخلاق عظيمة وتحب التحدي كثيرًا”.
يصفها أشخاص آخرون بأنها نسخة نسوية عصرية جديدة لسياسة والدها – النسخة التركية من إيفانكا ترامب، فقد قال لي كاجابتاي: “خسرت النساء بشكل كبير في عهد أردوغان من حيث الوصول إلى السلطة السياسية: فعندما يتم تعيين نساء في مجلس الوزراء، تكون لديهن وظائف رمزية”.
في حزيران/يونيو عام 2016، قتل إرهابيون تابعون لتنظيم الدولة خمسة وأربعين شخصًا في مطار إسطنبول، وسرعان ما تم فتح جبهة جديدة في سوريا، حيث استخدمت تركيا طائرات بيرقدار لمهاجمة معاقل التنظيم في سوريا التي لم تدم طويلًا. (لاحقًا تم توجيه الطائرات بدون لاستهداف الأكراد في سوريا).
في حزيران/يوليو، قامت مجموعة صغيرة داخل الجيش التركي بانقلاب ضد أردوغان؛ كان الانقلاب فوضويًا ولم يحظ بالاهتمام الشعبي وأدانته أحزاب المعارضة الرئيسية، وألقى متآمر يقود طائرة مقاتلة قنبلة على البرلمان التركي، وبحسب ما ورد فقد تم استهداف أردوغان من قبل فرقة اغتيال أُرسلت إلى فندقه.
اتهم أردوغان أتباع فتح الله غولن، وهو رجل دين وزعيم سياسي منفي يعيش الآن في ولاية بنسلفانيا، بشن الانقلاب؛ حيث طرد أردوغان أكثر من مائة ألف موظف حكومي متهمين بانتسابهم لفتح الله غولن. (ينفي غولن تورطه في الانقلاب). أصبح بيرقدار الآن جزءًا من الدائرة المقربة من أردوغان ويتم تسويق طائراته للتصدير.
بيرقدار هو أحد المشاهير الأتراك، ومنشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي مزدحمة بالتعليقات الوطنية، وعندما يتحدث إلى الطيارين المتدربين – وهو ما يفعله في كثير من الأحيان – يرتدي سترة جلدية مزينة برقع طيران، وعندما يقوم بجولات في الجامعات – وهو ما يفعله كثيرًا أيضًا – يرتدي سترة فوق قميص ذو ياقة عالية. في حديثنا؛ أشار إلى بعض المفاهيم من النظرية الجندرية النقدية، وتحدث عن انتهاكات روسيا للقانون الدولي، واقتبس عن بنجامين فرانكلين قوله: “أولئك الذين يتخلون عن الحرية الأساسية للأمن المؤقت لا يستحقون الأمن ولا الحرية”، لكنه أيضًا مدافع صريح عن حكومة أردوغان. ففي سنة 2017؛ أجرى أردوغان استفتاءً دستوريًّا أدى إلى حل منصب رئيس الوزراء، مما كرّس فعليًّا سيطرته على الدولة. وباستخدام عمليات التدقيق الضريبي ذات الدوافع السياسية للاستيلاء على وسائل الإعلام المستقلة التي باعتها حكومته في مزاد من مقدم عرض واحد؛ وهم مؤيدوه، وسُجن عدد من الصحفيين بتهمة إهانة الرئيس، فكثيرًا ما يقاضي أردوغان الصحفيين، وقد فعل بيرقدار ذلك أيضًا؛ حيث احتفل مؤخرًا بغرامة قدرها ثلاثون ألف ليرة على الصحفية تشيدام توكر، التي كانت تحقق في مؤسسة يساعد بيرقدار في إدارتها، وغرد بيرقدار قائلًا: “الصحافة: كذب، احتيال، وقاحة”.
شقيق بيرقدار الأكبر، هالوك، هو المدير التنفيذي، لشركة بايكار للتقنيات، وسلجوق هو كبير المسؤولين التقنيين ورئيس مجلس الإدارة. (توفي والدهم السنة الماضية).
بالإضافة إلى استخدامها في أوكرانيا وأذربيجان، تم نشر طائرات بيرقدار “تي بي 2” من طرف حكومات كل من نيجيريا وإثيوبيا وقطر وليبيا والمغرب وبولندا. وعندما تحدثت مع بيرقدار؛ كانت شركة بايكار قد أتمت للتو صفقة مبيعات في شرق آسيا، لتسويق طائرتها الحديثة “تي بي 3” بدون طيار، والتي يمكن إطلاقها من قارب.
أفادت عدة مصادر إخبارية أنه يمكن شراء طائرة واحدة من طراز “تي بي 2” مقابل مليون دولار، لكن بيرقدار، رغم عدم إعطائه رقمًا دقيقًا، أخبرني أنها تكلف أكثر. على أي حال؛ فإن أرقام الوحدة الفردية مضللة؛ حيث تُباع طائرات “تي بي 2” على أنها منصة، جنبًا إلى جنب مع محطات القيادة المحمولة ومعدات الاتصالات.
في سنة 2019، اشترت أوكرانيا أسطولًا يتكون من ستة طائرات من طراز “تي بي 2” على الأقل مقابل تسعة وستين مليون دولار، وأسطول مماثل من طائرات “ريبر” بدون طيار يكلف ستة أضعاف ذلك. وقال بيرقدار عن طائرات “تي بي 2″ بدون طيار :”إنها مناسبة تمامًا من الناحية التكتيكية، إنها ليست صغيرة جدًا، وليست كبيرة جدًا أيضًا. وهي ليست رخيصة للغاية، كما أنها ليست باهظة الثمن أيضا”.
بمجرد شراء الأسطول؛ يسافر المشغّلون إلى منشأة في غرب تركيا من أجل التدريب؛ حيث أخبرني مارك كانسيان، المتخصص في المشتريات العسكرية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: “أنت لا تشتريها فقط. لقد ارتبطت بالمورد، لأنك بحاجة إلى تدفق مستمر من قطع الغيار وخبرة الإصلاح”.
أصبحت تركيا بارعة في الاستفادة من هذه العلاقة؛ فقد أبرمت صفقة دفاعية مع نيجيريا، والتي تضمنت تدريب الطيارين في البلاد على تشغيل طائرات “تي بي 2″، مقابل الحصول على المعادن والغاز الطبيعي المسال. وفي إثيوبيا؛ تم تسليم طائرات “تي بي 2” بعد أن حظرت الحكومة عددًا من مدارس غولن. وعلى عكس التعامل مع الولايات المتحدة، فإن الحصول على أسلحة من تركيا لا ينطوي على مراقبة حقوق الإنسان؛ حيث قال كانسيان: “لا توجد قيود فعلية على الاستخدام”.
يتم دعم المشترين أيضًا من قبل مبرمجي بايكار؛ حيث تحتوي طائرة “بي تي 2″، التي يقارنها بيرقدار بهاتفه الذكي، على أكثر من أربعين جهاز كمبيوتر داخلي، وتقوم الشركة بإرسال تحديثات البرامج عدة مرات في الشهر للتكيف مع التكتيكات العدائية، وقال بيرقدار: “لقد رأيتم المقالات، على الأرجح، تسأل كيف يمكن لطائرات الحرب العالمية الأولى أن تنافس بعض الدفاعات الجوية الأكثر تقدمًا في العالم؛ الحيلة تكمن في ترقيتها باستمرار”.
تطير مقاتلات “تي بي 2” المسيّرة التابعة لشركة بيرقدار ببطء، ومن السهل تحديد موقع مراوحها الدافعة، ولكن بدا أن الطائرات المسيّرة تتهرب من أجهزة استطلاع العدو، إما من خلال التشويش على الرادار أو بسبب عدم الكفاءة الفنية.
جاءت الكثير من تجارب الطائرات بدون طيار في ساحة المعركة ضد المعدات الروسية؛ حيث العلاقة معقدة بين روسيا وتركيا، فروسيا تعد شريكًا تجاريًّا رئيسيًّا لتركيا، وهذه الأخيرة تعتبر وجهة شهيرة لقضاء العطلات للسياح الروس، كما تشرف روسيا على بناء أول محطة للطاقة النووية في تركيا، والتي عند اكتمالها ستزود البلاد بالكهرباء. في سنة 2017، أغضبت تركيا حلفاءها في الناتو عندما اشترت نظامًا صاروخيًا روسيًا، مما أدى إلى فرض عقوبات أمريكية. ومع ذلك، تسعى كل من تركيا وروسيا إلى استعادة موقعهما كقوة عالمية، وحتى قبل الحرب في أوكرانيا كانتا في صراع في كثير من الأحيان.
في الحرب الأهلية الليبية، دعمت تركيا وروسيا فصائل متعارضة، وواجهت طائرات “تي بي 2” نظام “بانتسير- أس1” الروسي، وهو نظام مضاد للطائرات يطلق الصواريخ على الطائرات ويمكن تثبيته على مركبة. وقد تم تدمير ما لا يقل عن تسعة مركبات بانتسير، بالإضافة إلى ما لا يقل عن اثنتي عشرة طائرة بدون طيار
افتتحت ساحة أخرى في القوقاز سنة 2020، عندما هاجمت أذربيجان المقاطعة العرقية الأرمينية ناغورنو، كاراباخ. في الشهر الماضي؛ التقيت روبرت أفيتيسيان، الممثل الأرميني لدى الولايات المتحدة من ناغورنو كاراباخ، في مقهى في غليندال، كاليفورنيا. وقد أخبرني أفيتيسيان أنه: “خلال الأيام الأولى، لم تنجح أذربيجان في أي شيء، حتى أخذ الجنرالات الأتراك زمام الأمور”.
أرمينيا لديها تحالف أمني مع روسيا، التي تزودها بمعظم معداتها العسكرية، بعضها يعود إلى الحقبة السوفيتية. ولمدة ستة أسابيع، قصفت الطائرات بدون طيار “تي بي 2” تلك المعدات بلا هوادة، وقد كشف تحليل مستقل عن تدمير أكثر من خمسمائة هدف، بما في ذلك الدبابات والمدفعية وأنظمة الدفاع الصاروخي. وأضاف أفيتيسيان: “لقد خسرنا الحرب الجوية”؛ حيث استهدفت طائرات” تي بي2″ أيضًا، القوات الأرمينية، وشاركت وزارة الدفاع الأذربيجانية لقطات لهذه الضربات؛ حيث تُظهر مجموعة من مقاطع الفيديو مدتها ست دقائق، والتي نُشرت على اليوتيوب في منتصف فترة الحرب، عشرات المتغيرات في ذات المشهد، الجنود الأرمن، وهم يختبئون في الخنادق أو يتجمعون حول شاحنات النقل، ليتنبهوا إلى موتهم الوشيك من جراء هسهسة قنبلة قادمة، قبل أن يؤدي الانفجار بأجسادهم إلى التطاير في الهواء.
أرسل لي أفيتيسيان بيانًا مترجمًا من آرثر ساريان، وهو محارب مخضرم قضى 27 عامًا من عمره في الحرب؛ حيث كان ساريان يقف مع انتشار صغير للجنود عندما أصيبت وحدته بقنبلة في حوالي الساعة الثانية صباحًا، وقال ساريان: “لم تكن لدينا أدنى فكرة أننا الهدف. سمعناها ثانيتين أو ثلاث ثوانٍ فقط قبل أن تضربنا. خلقت القنبلة كرة نارية. واحترق الجميع. احترقت جميع الجثث واشتعلت النيران في السيارات على الفور. قُتل ستة جنود وأصيب سبعة”، وأضاف ساريان: “لقد كان مشهدًا مروعًا”.
تطير مقاتلات “تي بي 2” المسيّرة التابعة لشركة بيرقدار ببطء، ومن السهل تحديد موقع مراوحها الدافعة، ولكن بدا أن الطائرات المسيّرة تتهرب من أجهزة استطلاع العدو، إما من خلال التشويش على الرادار أو بسبب عدم الكفاءة الفنية.
وكتب خبير الصواريخ الإسرائيلي عوزي روبين، بعد مراجعة لقطات أذربيجانية لضربات جوية دقيقة، أن “السمة اللافتة للنظر في مقاطع الفيديو هي العجز المطلق للأنظمة المنكوبة، فقد شوهد البعض وهم يتعرضون للتدمير بينما لا تزال هوائيات الرادار الخاصة بهم تدور وتبحث عبثًا عن أهداف”.
لا تمتلك مقاتلات “تي بي 2” دفاعا حقيقيا ضد طائرة مقاتلة، وفي الفترة التي سبقت الغزو، تلقى الجيش الروسي تدريبًا ضد الطائرات المسيرة
وأضاف أن الأذربيجانيين تعمّدوا تشغيل رادار العدو من خلال إطلاق غبار المحاصيل غير المأهولة في المواقع الأرمينية، وإذا وقعت قاذفات الصواريخ الأرمينية في الفخ، وكشفت عن موقعها، فقد دُمّرت بواسطة مقاتلات “تي بي 2”.
تتقاسم تركيا وأذربيجان روابط لغوية وسياسية وثيقة، لكن نزاع ناغورنو كاراباخ مثّل مستوىً جديدًا من التعاون، وقد أخبرني أوتزن، المتخصص السابق في وزارة الخارجية، أن “هناك تقارب ثقافي أيضًا بين الأذربيجانيين وأتراك الأناضول – والآن بدأوا يقولون “أمة واحدة، دولتان، جيش واحد”. وتعتبر هذه الأخبار سيئة بالنسبة لأرمينيا، المحاصرة بين الطرفين، فلم تعترف تركيا بدورها في الإبادة الجماعية للأرمن سنة 1915، بينما أشار الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، إلى أرمينيا باعتبارها “أرض تم إنشاؤها بشكل مصطنع على أراضي أذربيجان القديمة”.
وقد دفعت هذه المزاعم الجالية الأرمينية ذات النفوذ إلى منع استخدام العناصر الغربية في طائرات بيرقدار المسيّرة، من خلال إجراءات الكونغرس في الولايات المتحدة والضغط على الشركات المصنعة. لكن تحليل “تي بي 2” الذي تم إسقاطه في ناغورنو كاراباخ كشف أن الطائرة كانت تستخدم جهاز إرسال واستقبال “جي.بي.إس” من صنع شركة “جارمن” السويسرية.
وأصدرت الشركة بيانًا قالت فيه إنه ليس لديها علاقة توريد مع بايكر، وأن جهاز الإرسال والاستقبال متاح تجاريًّا. ومع ذلك؛ سعى بيرقدار إلى تقليل اعتماده على المكونات الغربية. وفي منشور حديث على “إنستجرام”، ادعى أن 93 بالمائة من مكونات مقاتلات “تي بي 2” يتم تصنيعها حاليًا في تركيا، كما تحمل دورة تطوير بيرقدار علامة “افعلها بنفسك” والتي يمكن أن تجعل ممارسات البنتاغون تبدو وكأنها قديمة.
وأخبرني آندي ميلبورن، الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط، “خدماتنا مرتبطة ثقافيًّا بعملية استحواذ معقدة. ما يفعله هو معياري للغاية، لذلك يمكن استبداله”. ويتذكر فيرون، مستشار الدراسات العليا لشركة بيرقدار، تعديلات ما بعد البيع التي أجرتها شركة بيرقدار على الطائرات المسيّرة التي تم شراؤها من المتجر، وأضاف فيرون “في بعض الأحيان في صناعة الطيران، يقومون بالكثير من عمليات المحاكاة، لكنهم لا يلمسون الآلة أبدًا. إنه أكثر من مجرد بناء”.
اشتكى أليكسي ييرخوف، السفير الروسي في تركيا، قبل أسبوعين من الصفقة، وقال في تصريحات موجهة إلى الحكومة التركية: “تفسيرات من قبيل “العمل هو العمل” لن تنجح، لأن طائراتك المسيّرة تقتل جنودنا”.
في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلنت أوكرانيا أنها تقوم ببناء مصنع خارج كييف لتجميع طائرات بيرقدار المسيّرة. وبعد ذلك بوقت قصير، أصدرت أوكرانيا مقطع فيديو لطائرة “تي بي 2” وهي تشن ضربة ضد موقع مدفعي في منطقة دونباس الشرقية المتنازع. ورفض العقيد في سلاح الجو الذي يدير برنامج الطائرات المسيّرة في أوكرانيا الكشف عن هويته، مشيرًا إلى مخاوف أمنية، لكنه سافر في سنة 2019 إلى منشأة بايكار في غرب تركيا لمدة ثلاثة أشهر من التدريب، وصرح لموقع “المونيتور”: “أحببت الموقع هناك”.
من جانبه؛ كتب المحلل العسكري آرون شتاين في منشور على مدونة في كانون الأول/ ديسمبر “إن امتلاك أنظمة معينة – مثل مقاتلات “تي بي 2″ وصواريخ جافلين الأمريكية المضادة للدبابات – قد يؤدي في الواقع إلى تحفيز غزو روسي إضافي بدلًا من ردعه”. وفي شباط/ فبراير، غزت روسيا أوكرانيا.
بدت الأيام الأولى للحرب وكأنها تكرار لصراع ناغورني كاراباخ. وتشير اللقطات المتاحة للجمهور إلى أن مقاتلات “تي بي 2” دمرت ما لا يقل عن عشر بطاريات صواريخ روسية وعطلت خطوط الإمداد الروسية عبر قصف شاحنات النقل. ولكن في الأسابيع القليلة الماضية، تباطأ إصدار مقاطع الفيديو الخاصة بالقصف.
وقد يكون هذا بسبب مخاوف أمنية، ولكن من المحتمل أيضًا أن يكون الروس قد استوعبوا الأمر؛ حيث لا تمتلك مقاتلات “تي بي 2” دفاعا حقيقيا ضد طائرة مقاتلة، وفي الفترة التي سبقت الغزو، تلقى الجيش الروسي تدريبًا ضد الطائرات المسيرة.
في مطلع آذار/ مارس، أعلن المسؤولون الأوكرانيون أنهم يتلقون شحنة أخرى من بايكار؛ وبحلول نهاية الشهر، أظهرت حصيلة البيانات الصحفية أن روسيا ادعت أنها أسقطت 39 مقاتلة من طراز” تي بي 2″، والتي من المحتمل أن تشكل الجزء الأكبر من الأسطول الأوكراني. وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، متحمسًا في البداية بشأن مقاتلات “تي بي 2″، ولكنه قلل من أهميتها في مؤتمر صحفي في محطة مترو أنفاق كييف في نيسان/ أبريل.
أظهر مقطع فيديو جنودًا أوكرانيين، على خلفية مركبات روسية مدمرة، وهم يرقصون ويضحكون ويهتفون باسم بيرقدار.
وأوضح قائلًا “مع كل الاحترام لشركة بيرقدار ولأي معدات، سأقول لكم، بصراحة، هذه الحرب مختلفة. قد تساعد الطائرات المسيّرة، لكنها لن تحدث فرقًا”. ومع ذلك، اشتكى أليكسي ييرخوف، السفير الروسي في تركيا، قبل أسبوعين من الصفقة، وقال في تصريحات موجهة إلى الحكومة التركية: “تفسيرات من قبيل “العمل هو العمل” لن تنجح، لأن طائراتك المسيّرة تقتل جنودنا”.
وخلال محادثتنا، أدان بيرقدار تصرفات روسيا لكنه رفض مناقشة تفاصيل العمليات. وقال “دعونا لا نعرض أيًّا من هذه الدول للخطر. وإذا أصيب أي أوكراني فقير، سأكون حزينًا جدًّا. سأكون مسؤولًا في يوم القيامة”. في الواقع، تستجيب تحديثات برامج بيرقدار لملاحظات العملاء، وتستمر تصميماته في التطور. ويمكن أن تطير أحدث طائراته بدون طيار، والتي يطلق عليها اسم “آقنجي” ذات الدعامة المزدوجة، على ارتفاع أربعين ألف قدم ويمكن تزويدها بإشارات التشويش المضادة.
في شهر آذار/مارس، قام بنشر صورة على حسابه على تويتر للنموذج الأولي لطائرة بايكار الأولى، “كيزيليلما”، والتي تشبه طائرة إف-16 ذاتية القيادة بدون قمرة قيادة. (بالإضافة إلى السيارات العسكرية، هناك أيضًا سيارة “سيزيري”، وهي مروحية رباعية بحجم الإنسان، والتي أطلق عليها بيرقدار اسم “السيارة الطائرة”).
كما يستثمر بيرقدار في التحكم الذاتي؛ وأخبرني أنه كان متقدمًا على المنافسة في هذا المجال، وأوضح قائلا “هذا مجال خبرتنا: اضغط على زر، وستهبط الطائرة”. وقد تجد طائرة مسيّرة ذاتية القيادة طريقها إلى المنزل إذا تم قطع روابط الاتصال الخاصة بها. ومن أجل تطوير مثل هذه الأنظمة؛ سيحتاج بيرقدار إلى الاحتفاظ بمهارات إعداد البرامج، لكن نظام أردوغان يكافح للتعامل مع هجرة الأدمغة، فقد قال كاجابتاي “أنا شخصيًّا أعرف مجموعة كاملة من الأشخاص الذين غادروا. وهم لا يرون مستقبلًا لأنفسهم في تركيا”.
وقد أخبرني بيرقدار “أحيانًا يكون القهر أسوأ من الموت”، وكان يشير إلى جهود أوكرانيا للدفاع عن نفسها ضد الغزو الروسي، ولكن بعد شهر من محادثتنا، حُكم على الناشط التركي عن الحقوق المدنية عثمان كافالا بالسجن مدى الحياة، بعد محاكمة ذات دوافع سياسية وصفتها منظمة العفو الدولية بأنها “تزييف للعدالة”.
في مطلع شهر أيار/مايو، استأنفت وزارة الدفاع الأوكرانية نشر لقطات من طائرات بيرقدار المسيّرة، والتي تظهر فيها وهي تضرب زوجًا من زوارق الدورية الروسية. كما أظهر مقطع فيديو آخر نُشر في ذلك اليوم جنودًا أوكرانيين، على خلفية مركبات روسية مدمرة، وهم يرقصون ويضحكون ويهتفون باسم بيرقدار.
المصدر: نيويوركر