بمجرد استشهاد شيرين أبو عاقلة بمدينة جنين الصامدة، انخرط البعض في جدل ديني وفقهي محموم حول جواز الترحم على الصحفية المغدورة، وهي التي لم ينتبه أحد يوما لديانتها ومذهبها وهم يشاهدونها تتنقل بين دخان المواجهات ودوي الرصاص في اقتحامات الأقصى وغبار الجرافات تهدم بيوت المقدسيين وتهجر أهل المدن الفلسطينية المحاصرة.
سقطت شيرين برصاص صهيوني غادر وروت أرضًا كرست نفسها لإيصال مآسي أهلها وصمودهم للعالم لخرق حجب الزيف والدجل.. وفجأة بات كل ما يعني المجادلين أنها مسيحية، فانبروا يوبخون من يترحم عليها ويعدونهم ويلا وثبورا.. وهم هنا صنفان:
– صنف جاهل مغفّل فاقد للحس والذوق، لا يقدّر مقاما ولا يحسن مقالا.
وصنف آخر مخاتل مخادع.. هم إما جهلة مغفّلون أغمضوا عيونهم عن القاتل المحتل الغاصب وجريمته النكراء، وعديمو ذوق لم يراعوا حرمة الموت ولا جلالة الدم.. استكثروا على شيرين الدعاء بالرحمة، وكأن بأيديهم مفاتيح رحمة الله يدخلون إليها من يشاؤون ويطردون منها من يشاؤون، والله سبحانه رحمن رحيم كتب على نفسه الرحمة وتغمد برحماته جميع خلقه.
وإما ماكرون متآمرون، تعمدوا صرف الاهتمام عن القضية الأم وتحريف الاهتمام عن وجهته السليمة، تحصينا للمجرم من الإدانة، ناعتين ضحيته بالكافرة التي تحرم عليها الرحمة، بمكر وخبث بالغين.
هكذا تخفى المطبعون وأذرعهم المبثوثة في أرجاء شبكة التواصل الاجتماعي وراء الجدل الفقهي والحميّة الدينية الزائفة، تواطؤ مع القاتل وحماية له.
وهرع أذناب الاحتلال من المدونين المستعربين وفقهاء السوء إلى السجال الديني ورقةَ توت يوارون بها سوأة غدرهم بفلسطين وخيانتهم للقدس وموالاتهم محتلها.
شيرين أبو عاقلة شامخة فوقهم لا تطولها خسّتهم، شاهدة على القتلة وأذنابهم، شهيدة عن أمة انحازت لقضاياها وأوجاعها.
شيرين منا ونحن منها، أما أولياء الاحتلال وأذنابه من المطبعين العرب، فملة الإسلام وأخلاق الشرف والمروءة منهم براء.
على شيرين تتنزل الرحمات، وعلى السفهاء والمطبعين اللعنات أينما ثقفوا إلى يوم الدين.