خرجت الجبهة السلفية بالاشتراك مع مجموعة من النشطاء المحسوبين على التيار الإسلامي في مصر بدعوة للتظاهر يوم 28 نوفمبر القادم تحت اسم “انتفاضة الشباب المسلم” داعين إلى إبراز هوية التظاهرات الإسلامية مع الدعوة إلى الخروج وحمل المصاحف كنوع من التأكيد على هوية مصر الإسلامية، حسب تصريحات المنظمين لليوم.
أثارت هذه الدعوة بلبلة في صفوف رافضي الانقلاب العسكري من التيارات الإسلامية ما بين مؤيد ومعارض، كذلك ألقت بظلالها على التيار المدني الرافض لهذه الدعوة شكلاً ومضمونًا معتبرًا أياها شق للصف المصري ومعركة جانبية هويتية تخص التيار الإسلامي دون غيره.
لم تقف الأصداء عند هذا الحد بل إن الدولة المصرية وإعلامها شارك في الدعاية لهذا
اليوم بشكل مقصود أو غير مقصود فقد علت التحذيرات من خطورة هذا اليوم واشتعلت الأبواق الإعلامية المساندة للدولة بدعاوى للأمن المصري تحثه على استخدام العنف المفرط تجاه هذه التظاهرات لفضها.
ما اختلاف هذا اليوم عن سابقه؟
إذن يبقى السؤال مطروحًا .. ما اختلاف الدعوة هذا اليوم عن سابقتها من الدعوات التي نادت بها قوى مختلفة للاحتشاد والتظاهر ضد النظام القائم، إذ إنها ليست أول دعوة للتظاهر ضد النظام في وقت محدد سلفًا، فالتظاهرات لم تتوقف يومًا منذ فض اعتصام رابعة العدوية في 14 من أغسطس من العام 2013 وإن لم تعد بذات الحيوية والفاعلية التي بدأت بها، ولكن لا أحد ينكر تواجدها على الأرض خصوصًا أيام الجمعة من كل أسبوع بدعوات من التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب المساند للرئيس السابق محمد مرسي وبدعم من أفراد جماعة الإخوان المسلمين الذين يقودون هذه التظاهرات في أرجاء مصر، وكانت تواجه هذه التظاهرات بعنف من قبل قوات الأمن المصرية من الشرطة والجيش وكثيرًا ما أدت إلى وقوع قتلى بين صفوف المتظاهرين.
لكن علينا أن نعيد التساؤل مرة أخرى، ما الذي جد ليأخذ اليوم نوعًا من الدعاية المجانية من قبل إعلام النظام في مصر بالتحذير الشديد من هذا اليوم وبمناقشته بكل هذا الإسهاب بما فيه من مناقشة أهداف اليوم والداعين له ومواجهة مطالب اليوم بتفنيدها إلى حد الاستعانة بالأزهر وبعض التيارات السلفية الموالية للنظام في مصر لمهاجمة دعوات التظاهر في ذلك اليوم؟
خوف عمرو أديب من يوم 28 #انتفاضة_الشباب_المسلم ويطمن مؤيدي الأنقلاب لو حصل حلجة إحنا مع بعض https://t.co/kQaqJWUNXT
— ahmed merzban (@ahmed_merzban) November 24, 2014
قد تكون الدعوة إلى تظاهرات جديدة دون المطالب التقليدية هي جل ما يرعب أجهزة الأمن في مصر وأتباعها تحديدًا وأنها صادرة عن كيان لا يحمل اسم الإخوان المسلمين ولو شكليًا على الأقل، فحملات الترهيب من الإخوان جائز ألا تؤثر على هذه التظاهرات بالشكل المطلوب، فكانت الحاجة إلى هجمة استباقية لتشويه اليوم ومهاجمته بأسلوب جديد تماشيًا مع التكتيك الجديد الذي تتخذه المجموعات الرافضة للنظام في مصر مع الحيطة الأمنية الكاملة حتى لا يحدث أي انهيار مفاجئ داخل أروقة أجهزة الأمن لأي سبب كان.
فجاءت المعلومات من داخل وزارة الداخلية المصرية تتحدث عن استنفار شديد داخل القطاعات الخاصة بالوزارة في مختلف المحافظات مع وجود تعليمات باستخدام الرصاص الحي لمواجهة هذه التظاهرات.
https://www.facebook.com/ismail.alexandrani/posts/10205115122214717
وقد أكد بعض النشطاء أن ثمة ربط مستخدم في شحن الجنود بين الحديث عن دخول داعش للقاهرة في ذلك اليوم وبين أمر مبايعة أنصار بيت المقدس منذ عدة أيام لتنظيم داعش؛ وهو ما سيجعل الأمر أكثر دموية، على حد قولهم.
كما توقعوا أيضًا استغلال ذلك اليوم من أطراف بعينها داخل مصر – لم يتم تحديد هوياتها – ولكنها قد تكون أقرب لمجموعات جهادية لتنفيذ هجمات محددة على بعض قوات الأمن المتواجدة في الشوارع لقمع التظاهرات.
فتاوى ضد التظاهر في ذلك اليوم
جرت حملة من مؤسسات الدولة الرسمية الدينية للترهيب من الخروج للتظاهر في ذلك اليوم؛ فاستخدمت وزارة الأوقاف المصرية سلطاتها على المنابر ووحدت خطبة جمعة للحديث عن حرمة الخروج في مظاهرات كتلك مع الاستعانة بأوصاف “الخوارج” لنعت المشاركين في هذا اليوم مع تحريم رفع المصاحف في التظاهرات، كل هذا بالاشتراك مع المؤسسات الإعلامية التابعة للنظام التي أخذت على عاتقها استضافة عدة اتجاهات سلفية مؤيدة للانقلاب العسكري كحزب النور السلفي التابع للدعوة السلفية في الإسكندرية والمعروف بخلافاته مع الجبهة السلفية؛ فتم استثمار هذا الخلاف لتشويه الداعين لليوم بطريقة تبدو دينية لكن الجميع اتفق على ضرورة قمع هذه التظاهرات بطريقة عنيفة حتى لو أدت لسقوط قتلى تحت ستار فتاوى تجيز ذلك.
كما يتساءل البعض من وراء هذا اليوم والدعوة له بهذه الصورة؟ فالجبهة السلفية هي التي أخذت على عاتقها إطلاق الدعوات لتظاهرات 28 من نوفمبر مؤكدة أن هدف هذه التظاهرات هي إيقاف محاولات طمس الهوية الإسلامية لمصر حسب دعواتهم، تم هذا بالاشتراك مع بعض نشطاء التيار الإسلامي عمومًا، فالجبهة السلفية كما تعرف نفسها: هي حركة وجماعة ضغط تضم عدة تكتلات دعوية سلفية من محافظات مختلفة وعدة رموز مستقلة من الاتجاه السلفي ظهرت هذه الجبهة في أعقاب ثورة 25 يناير كأحد أطياف التيار الإسلامي العام في مصر.
https://www.facebook.com/gabhasalafia/posts/804927002897000
وأما عن الفصيل الإسلامي الأكبر “الإخوان المسلمين” فقد بارك هذه التظاهرات وأعلن مشاركته فيها حسب بيان رسمي نشر على موقع الجماعة أعلنت الجماعة فيه تثمين الدعوة للتظاهرات حفاظًا على هوية الأمة.
بيان رسمي من #الإخوان المسلمون يرحبون فيه بـ #انتفاضة_الشباب_المسلم وحث الشعب على استكمال الثورة والحفاظ على الهوية https://t.co/lj45n7YdnM
— الخطاري (@Truthcaller) November 23, 2014
فيما يؤكد محللون أن الدعوة هي إخوانية صرفة ولكن بواجهة الجبهة السلفية، حيث إن قوام أي حراك على الأرض هم أفراد الإخوان المسلمين كأكبر تنظيم إسلامي من بين كل هذه التيارات موجود في مصر، وعلى النقيض فإن الجبهة السلفية ما هي إلا مجرد حركة علمية نخبوية لا قدرة لها على الحشد في ظل القمع الأمني لأية تظاهرات تخرج في مصر.
وفي متابعة لتطور الجدل الدائر حول اليوم المسمى بانتفاضة الشباب المسلم خرج البعض من نشطاء التيار الإسلامي الشباب للدعوة إلى ما يسمى بالثورة الإسلامية وإبراز الهوية المحددة والواضحة للمتظاهرين دون الحديث عن التوافق مع التيارات المختلفة أيدولوجيًا مع أجندة التيار الإسلامي، مؤكدين على ضرورة الدخول في مفترق الطرق بين الحراك الإسلامي وغيره في مناوءة النظام؛ وهو ما أثار لغط كبير في الأوساط الإسلامية نفسها.
فعلى النقيض أكد نشطاء محسوبين على التيار الإسلامي أن هذه دعوة تشتت الجهود وهي معركة جانبية لن ينضم لها من الشعب سوى المؤدلجين فقط وأنها ستجعل الانقضاض عليها أسهل من قبل النظام كلما فقدت التنوع الموجود في المجتمع المصري، كان هذا هو نفس الرأي الذي تبناه حزب الوسط والمعروف بتقاربه مع المجموعات الإسلامية الداعية لهذا اليوم وذلك عقب الانقلاب على الرئيس السابق محمد مرسي، لكن الحزب فضل إبداء معارضته لهذا اليوم، مؤكدًا أنه يدعو إلى كل ما يلم شمل الصف الثوري بكافة أطيافه معلنًا رفضه لمثل هذه الدعوات.
كما حمّل البعض الداعين لهذا اليوم مسئولية الدماء التي ستهدر فيه نظرًا لاستعدادات قوات الأمن لهذا ومعرفتهم بهذا جيدًا، فلا يعقل أن يجر الشباب لمذبحة مثل هذه دون جدوى، فيما اعتبروا أن ثمة اتجاه داخل الدولة للتضخيم والتهويل من شأن هذه التظاهرات حتى يسهل فضها والانقضاض عليها بكل عنف أمني دون مؤاخذات دولية، وأن رفع سقف الطموح للتغيير لدى شباب التيار الإسلامي إنما هو لعبة معروفة جرت قبل ذلك في عدة دعوات سابقة كانت نتائجها مجازر أضيفت إلى سجل مجازر النظام دون محاسبة مثل الذي حدث في مظاهرات السادس من أكتوبر عام 2013 حين كانت الأعداد الحاشدة في القاهرة ومن ثم ارتكب الأمن في حقها مجزرة راح ضحيتها أكثر من 50 شخصًا؛ فتمسك الرافضون لهذه الدعوة من عدم رغبتهم في تكرار مثل هذا الحدث مرة أخرى.
فخشية الانتكاسة من جراء هذه التظاهرات تسيطر على كثير من النشطاء لأنه تمت نوع من البروباجاندا عالية الصيت رفعت سقف التوقع لما يمكن أن يحدث في هذا اليوم مع عدم وجود أية إمكانيات على أرض الواقع لأصحاب هذه الدعوات، مع الدعوة إلى الترشيد من هذه الحملات التي تقضي على روح الحراك الرافض للانقلاب في مصر مع شدة الصدمات التي يتعرض لها المشاركون فيه، مؤكدين أنه مجرد يوم عادي للتظاهر من الممكن أن يحرك المياه الراكدة قليلاً لكن لا يعول عليه في إحداث تغيير جذري.
وما يجعل الأمر له أبعاد إعلامية أخرى تستخدم في التدليل على أن النظام بدأ في مرحلة الدخول في الضعف، أن الدعوة لهذه التظاهرات أتت مصاحبة لتصريحات لعدة نشطاء محسوبين على التيار المدني المناهض للنظام الحالي تهاجم فيها الوضع القائم في مصر وقد كان من المعروف أنهم أثروا الصمت بعد كل أحداث الفترة الماضية، كذلك تصريحات بعض المقربين من النظام الحالي التي تنتقد الأوضاع في مصر؛ جعلت البعض يتكهن بأن ثمة شيء ما منتظر، لكن الحقيقة أنه لا دلائل حقيقية على ذلك واضحة، وأن التصريحات الإعلامية لا تكفي للتدليل على إمكانية حدوث تغيير جذري بمصر.
هذا وأثارت هذه الدعوة جدلاً واسعًا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد للدعوة ومعارض لها وبين من يترقب لرؤية نتائجها.
من اليقين أن #انتفاضة_الشباب_المسلم لن تنهي نظام العسكر لكن من اليقين أنها صداع في رأسه الخبيث فلماذا لا ندع الصداع يزعجه بدلا من شتمه ؟!
— بـلال وهـب (@BelalWahb) November 18, 2014
حسان ويعقوب لا تناشدان الشباب بعدم الخروج في #انتفاضة_الشباب_المسلم فهم لم ولن يسمعوا لشيوخ الإنبطاح أمثالكم
— Aحmad (@SerjoAlp) November 17, 2014
#انتفاضة_الشباب_المسلم هوية ثورة طمثت وتحتاح الى توضيح . #وليد_شرابي
— Waleed Sharaby (@waleedsharaby) November 14, 2014
٢٨ نوفمبر
لا اعرف الغيب ،،، ولكن أتوقع أستشهاد بين ٣٠٠ الى ٤٠٠ مصري
هناك حشد غير عادي لهذا اليوم
— فهد بوهندي (@Fahad__Buhendi) November 24, 2014