ترجمة وتحرير: نون بوست
زار العشرات من رجال الأعمال الإسرائيليين السعودية في الآونة الأخيرة بجوازات سفر إسرائيلية بعد أن ألغت السعودية حظر دخول الإسرائيليين إلى أراضيها وذلك من اجل استغلال الدفء الحاصل في العلاقات بين الطرفين لمصلحه الاتفاقيات الاقتصادية بينهما.
وتتوسط الولايات المتحده بين “إسرائيل” والسعودية ومصر من أجل التطبيع، وعلى سلم الأولويات تمرير جزر تيران وصنافير لسيادة سعودية حتى وإن لم تكن معلن عنها رسميًّا، وهذا يتبلور في صفقات ضخمة تم التوقيع عليها خلال زيارة رجال أعمال إسرائيليين يملكون جوازات سفر إسرائيلية إلى السعودية من أجل الاستثمارات بين البلدين.
لدينا علاقه سرية مع السعودية منذ عشرين سنة، ولكن مثل هذا الازدهار الذي تشهده البلدين في الأسعار الأخيرة لم نذكر مثله حسب تصريح مسؤول رفيع المستوى.
وعلم موقع جلوبس أن السعودية منذ شهرين سمحت لرجال أعمال إسرائيليين للدخول إلى أراضيها بجوازات إسرائيلية وعشرات رجال الاعمال استغلوا هذه الفرصة وزاروا الرياض وأيضًا أماكن أخرى في السعودية مثل نيوم التي زارها نتنياهو والتقى محمد بن سلمان فيها، وزارها أيضًا السكرتير الأمريكي مايك بومباي، وأسفرت هذه الزيارات عن صفقات ضخمه جدًّا بملايين الدولارات في تكنولوجيا المياه التي تنتجها “إسرائيل”، والتي تلزم للمناخ الصحراوي في المملكة العربية السعودية، إلى جانب تقنيات التكنولوجيا الزراعية الإسرائيلية الأخرى؛ حيث تتم مراقبة هاتين التقنيتين عن كثب من قبل العائلة المالكة التي تهدف للتوسيع كجزء من الجهود المبذولة لتحقيق الأمن والاستقلال الغذائي.
وهذه المشاريع لها أهمية كبيرة في الشرق الأوسط بأكمله، لأنها توضح أيضًا لدول أخرى في المنطقة القدرة الإسرائيلية على المساعدة في بعض المجالات ذات الأهمية، وخاصة للبلدان التي تعاني من نقص الغذاء.
ولم يتفاجأ رجال الأعمال الإسرائيليين المنخرطين في المجال بالاستثمار السعودي؛ حيث يقول احد رجال الأعمال في تصريح مع غلوبس: “بصرف النظر عن الاتصال الدبلوماسي المباشر (وكذلك التحويلات المصرفية المباشرة)؛ فلدينا كل ما نحتاجه بين البلدان للحفاظ على علاقة تجارية، وتوقيع المعاملات ونقل البضائع والمعرفة”.
الاهتمام الذي لا يمكن إيقافه بالشركات الناشئة
كجزء من النشاط الأخير؛ علمت شركة غلوبس أنه تم توقيع صفقات إضافية في مجال الزراعة وفي مجالات التكنولوجيا المدنية مثل: صناعات الأجهزة الطبية (Medtech)، وبالإضافة إلى ذلك؛ هناك اهتمام متزايد بالاستثمار في المجالات غير الناشئة، ولكن في المنتجات الإسرائيلية التي أثبتت جدواها. وبحسب المصادر ذاتها؛ تشير التقديرات إلى أن هذه المعاملات قريبة من التوقيع وستسبق الاستثمارات المؤسسية التي ستتم من خلال صندوق الثروة.
وتقول الدكتورة نيريت أوفير، المدير العام لغرفة التجارة المشتركة بين “إسرائيل” ودول مجلس التعاون الخليجي: “الشيء المثير للاهتمام هو أن القطاع الخاص يتقدم بسرعة على كلا الجانبين؛ فلا يهتم رجال الأعمال بالقضايا الدبلوماسية فقط بل إنه عندما يلتقي الاجتماع الشخصي مع المصالح؛ فإنهم يتقدمون”، مؤكدة أنه على عكس الإمارات العربية المتحدة؛ تتم هذه المعاملات بين رجال الأعمال والقطاع التجاري الخاص وليس بين الدول.
“إسرائيل” والسعودية يتشاركان في قضية النفط
تأكيد آخر للنشاط الإسرائيلي في المملكة العربية السعودية يأتي أيضًا من الرياض، فقد قال مسؤول سعودي كبير مهتم بالموضوع لموقع “غلوبس” إن عدد الطلبات المقدمة من رجال الأعمال السعوديين للحصول على تأشيرات دخول للإسرائيليين آخذ في الازدياد، وأن الاهتمام والتعطش للمعلومات حول التقنيات الإسرائيلية يتزايدان بسرعة، مشيرًا إلى أن الاجتماعات بين رجال الأعمال من الجانبين تجري في دبي وأبو ظبي في الإمارات وكذلك في المنامة عاصمة البحرين.
والحكومة هنا ترى الاحتمالات الكامنة في هذا النشاط، والتي تندمج في الخطط والإصلاحات الكبرى التي يروج لها ولي العهد السعودي.
ففي مجال الأمن والاستخبارات؛ تعتبر العلاقات بين البلدين مهمة، ويرجع ذلك أساسًا إلى العدو المشترك؛ إيران، وقد أشار عدد غير قليل من المقالات إلى مبيعات أنظمة الأمن الإسرائيلية إلى المملكة العربية السعودية، وقد خلقت هذه المصلحة المشتركة الأساس الضروري للمناطق الأخرى، فضلًا عن قدرة التأثير الجيوسياسي الإسرائيلية الكبيرة أكثر مما كانت عليه في الماضي، ويتضح هذا من خلال الجهود الأمريكية لدفع “إسرائيل” للمساعدة في إقناع المملكة العربية السعودية بزيادة إنتاج النفط بسبب النقص العالمي في مصادر الطاقة الناتج عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
ولكن السعوديين – الذين أصيبوا بخيبة أمل من الأمريكيين عدة مرات في السنوات الأخيرة – لا يوافقون بسهولة، وقد وصل اثنان من مستشاري الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية – هذا الأسبوع – لدفع هذه القضية، وستثير المحادثات – وفقًا لمصادر أمريكية – أيضًا مسألة تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارة مع إسرائيل.
للمرة الأولى: السعوديون يلومون الفلسطينيين
رسميًّا؛ السعودية قلقة مما يتم نشره حول العلاقات مع “إسرائيل”؛ حيث يصر السعوديون أن يوضحوا – في كل فرصة – أن التقدم في العلاقات مع “إسرائيل” لن يأتي إلا بعد التقدم مع الفلسطينيين، كرر وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ، هذا الأسبوع ، قائلاً: “إن اندماج “إسرائيل” في المنطقة سيكون مفيدًا للغاية ليس لإسرائيل نفسها فحسب، بل للمنطقة بأسرها، ولكن دون معالجة المشاكل الجوهرية للشعب الفلسطيني ومنح الاحترام والسيادة للشعب الفلسطيني من خلال إقامة دولة فلسطينية “لإسرائيل وأمن المنطقة بأسرها”.
ومع ذلك ، فإن السعوديين – الذين ينتشرون بشكل غير رسمي على وسائل التواصل الاجتماعي – يلومون الفلسطينيين أيضًا، فقد أثارت صور الحجارة والزجاجات الحارقة وغيرها من الأسلحة البدائية التي جلبها شبان فلسطينيون إلى المسجد الأقصى المبارك، موجة غضب في السعودية. من المحتمل أن يحدث التغيير الدبلوماسي تجاه “إسرائيل” فقط بعد النقل الرسمي للسلطة من الملك سلمان إلى ابنه محمد، لكن التغيير الاقتصادي موجود بالفعل، والوتيرة تتسارع.
في انتظار صندوق الأسهم الخاص بكوشنير
وقد أدت المواجهة المستمرة بين المملكة العربية السعودية وإيران، سواء بشأن الملف النووي (وخاصة خلال الاتفاق النووي لعام 2015) والحرب الأهلية اليمنية، إلى مزيد من التقارب بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل هذه المرة في مجالي الأمن والاستخبارات، وحدث التسارع الكبير في المجال المدني بعد اتفاقيات إبراهيم التي وقعها رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو مع جيران السعودية: الإمارات والبحرين.
ومهدت الطريقة الإيجابية إلى حد كبير التي استقبل بها الرأي العام السعودي هذه الاتفاقية، ومزاياها الاقتصادية وغيرها، الطريق لتوسيع هذه العلاقات. فعلى سبيل المثال؛ تم التعبير عن الاتفاق الضمني للسعوديين في إمكانية السماح للطائرات من وإلى “إسرائيل” بعبور الأراضي السعودية، إلى كل من الإمارات والبحرين والشرق الأقصى.
وتم اتخاذ خطوة مهمة لتسليط الضوء على العلاقات وتطبيعها في الأسابيع الأخيرة؛ حيث نشرت صحيفة وول ستريت جورنال أن السعوديين دفعوا استثمارًا بقيمة 2 مليار دولار في صندوق الأسهم الخاصة الذي أنشأه جاريد كوشنر، صهر الرئيس السابق دونالد ترامب، وهو الصندوق الذي يبلغ إجماليه 3 مليارات دولار، والمخصص للاستثمار في الشركات الإسرائيلية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تستثمر فيها المملكة العربية السعودية في شركات إسرائيلية: من خلال صندوق استثماري لمسؤول سابق آخر في إدارة ترامب، وهو ستيفن مانوشين؛ حيث تستثمر المملكة العربية في شركات إسرائيلية ناشئة تعمل في الولايات المتحدة وتوقع اتفاقيات مع وزارة الدفاع الأمريكية، في مجالات عدة بما في ذلك الاتصالات الإلكترونية والفضاء الإلكتروني، لكن الاستثمار في صندوق كوشنر يأتي من أموال صندوق الثروة السعودي، وبموافقة مباشرة من محمد بن سلمان، ولي العهد والرجل القوي في المملكة.
احتفال متأخر باتفاقات إبراهام
في منتصف شهر يونيو، سيعقد مؤتمر سايبر تيك “cybertech” دبي 2022 في الإمارات، وقد يكون المؤتمر هو الحدث الذي سيُحضِر بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إلى الدولة الأولى التي وقعت الاتفاقيات مع إبراهام مع “إسرائيل”، التي لم يحضرها بنفسه؛ مثل موشيه رابينو.
وتم إنشاء مؤتمرات سايبر تيك “cybertech” من قبل الصحفي ورجل الأعمال أمير رابابورت، وهي تجذب قدرًا كبيرًا من الاهتمام في “إسرائيل” وحول العالم، وعلمت “جلوبس” أن نتنياهو، الذي حضر بعض مؤتمرات سايبر تيك “cybertech” السابقة، تمت دعوته هذه المرة أيضًا، وهناك اتفاق من حيث المبدأ على وصوله إلى دبي وعلى الخطاب الذي سيلقيه في جزيرة المؤتمر.
ومع ذلك؛ لا توجد حتى الآن موافقة نهائية على الزيارة، ويرجع ذلك أساسًا إلى الوضع السياسي ومحاولات المعارضة للإطاحة بالحكومة الإسرائيلية.
ويُذكر أن نتنياهو لم يأت إلى الإمارات أو غيرها من دول المعاهدة الإبراهيمية للاحتفال بها – على الأقل ليس لزيارة معلنة – وألغيت عدة زيارات كان مقررا لها لأسباب مختلفة منها كورونا والأزمات السياسية المتكررة في العام الأخير من حكمه، كما منع نتنياهو وزراء آخرين من السفر إلى الإمارات قبله، وكانت المحاولة الأخيرة في مارس 2021 قبل أيام قليلة من الانتخابات ، وهي زيارة تهدف أيضًا إلى اجتماع مع ولي عهد أبو ظبي – وقتها والرئيس الحالي – محمد بن زايد، لكن الرحلة أُلغيت بعد ذلك، لأسباب منها صراع مع الأردن منعه من العبور إلى الإمارات.
المصدر: موقع غلوبس العبري