انتهت اليوم الخلافات التي اشتعلت خلال الأيام الثلاثة الماضية بين كتل الائتلاف الوطني السوري، حول التصويت على أعضاء الحكومة المؤقتة برئاسة “أحمد طعمة”، والتي أدت إلى إصدار رئيس الائتلاف “هادي البحرة” بياناً بإلغاء كافة قرارات الائتلاف الصادرة عن الهيئة العامة، والذي بدا أشبه بقرار “دكتاتوري”، حسب أحد المقربين من الائتلاف والذي رفض ذكر اسمه.
هذا القرار أدى إلى تضارب في التصريحات صباح اليوم، إذ انتشر خبر البحرة كرئيس للائتلاف بإلغاء كل القرارات -والتي كانت تتمحور فعلياً حول انتخاب الوزراء-، بينما كان الأمين العام للائتلاف نصر الحريري في طريقه لإعلان أسماء الوزراء والنتائج في مؤتمر صحفي.
إلا أن الأطراف المتنازعة جلست ظهر اليوم إلى طاولة مستديرة سوّت الخلاف فيما بينهما بعد ضغوط “خارجية” خففت من حدة التوتر فيما بينهما.
الخلافات تمحورت حول إدخال “المجلس العسكري”، والمعروف باسم “كتلة الأركان” ضمن تشكيلة الحكومة، بالإضافة لحقيبة وزارة الخارجية، حيث أصرّت كتلة رئيس الائتلاف “هادي البحرة” أن تبقى هذه الحقيبة ضمن صلاحيات الائتلاف وليس الحكومة، الأمر الذي حصل.
هذه النقاط التي حسمت صباحاً، كانت قد عقدت الموقف في ساعة متأخرة من مساء البارحة، حين قرر رئيس الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية “هادي البحرة” إلغاء كافة القرارات التي اتخذها “بعض أعضاء الائتلاف، خارج الشرعية، وخلافًا للنظام الأساسي” حسب ما جاء في البيان، في الاجتماع الحالي للهيئة العامة، وإحالة الطعون المتعلقة بنتائج انتخابات رئيس الحكومة المؤقتة التي تقدم بها بعض أعضاء الهيئة العامة، إلى لجنة تحقيق مستقلة.
جاء ذلك كله في بيان أصدره البحرة في وقت متأخر من ليلة أمس الأحد، دعا فيه إلى اجتماع طارئ بداية الشهر القادم، وحمل أيضًا توقيع نائبيه محمد قداح ونورا الأمير.
البحرة أرجع قراره إلى الإهمال وعدم التعامل بجدية مع الطعون “المقدمة بشكل أصولي من قبل بعض أعضاء الهيئة العامة”، وأضاف أنه “رغم محاولاتنا المتكررة، إضافة إلى تعاون الكثير من أعضاء الائتلاف الأخرين، لم نتمكن من الوصول إلى معالجة الأمر، بما يخدم وحدة الائتلاف وتماسكه، وانطلاقًا من واجبي ومسؤولياتي وموقعي كرئيس للائتلاف، فإنني أقرر ما يلي: إحالة الطعون المتعلقة بنتائج انتخابات رئيس الحكومة المؤقتة إلى لجنة تحقيق مستقلة من أصحاب الخبرة والاختصاص، وإلغاء كافة القرارات المتخذة من قبل البعض من أعضاء الائتلاف خارج نطاق الشرعية وخلافًا للنظام الأساسي والجلسات المعتمدة في الائتلاف، وإلغاء كافة آثارها ونتائجها القانونية والإدارية ما بين تاريخ ( 21-24) من شهر نوفمبر عام 2014، والدعوة إلى اجتماع هيئة عامة طارئة بتاريخ 3/ 12/ 2014”.
ممثل حزب الاتحاد الاشتراكي في الائتلاف “قاسم الخطيب” قال إن “الاجتماع الذي حصل أمس، جرت فيه انتخابات غير قانونية لوزراء الحكومة المؤقتة، إذ لم تمثل فيه معظم الكتل في الائتلاف، ولم يكتمل النصاب القانوني للاجتماع، من حيث الحضور الفعلي لأعضاء الائتلاف، حيث جرى اللجوء إلى تفويضات لأشخاص غائبين، وهناك من اتصلوا به عبر الهاتف، واعتبروه حاضرًا، وهذا مخالف للنظام الأساسي والجلسات المعتمدة في الائتلاف”.
وكانت الهيئة العامة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية قد بدأت الجمعة الماضي اجتماعات الدورة الـ 17 في مدينة إسطنبول من تركيا للتدوال والنظر في عدد من المواضيع الهامة، إلا الخلافات الحادة بين الأعضاء أدت إلى إلغاء بعض الاجتماعات وتنفيذ الانتخابات بشكل سريع.
الانتخابات أفرزت وزراء حكومة طعمة الذي أُعيد انتخابه الشهر الماضي، حيث صوّتت الهيئة العامة على أسماء الحكومة التي اقترحها الرئيس طعمة، لتأتي نتائج التوصيت على الشكل التالي:
نائب الرئيس الحكومة “غسان هيتو” 53 صوتًا.
وزير الدفاع “سليم إدريس” 58 صوتًا.
وزير الداخلية “عوض أحمد العلي” 57 صوتًا.
وزير الاقتصاد “إبراهيم ميرو” 45 صوتًا.
وزير العدل “قيس الشيخ” 53 صوتًا.
وزير الصحة “محمد وجيه جمعة” 57 صوتًا.
وزير النقل والصناعة “ياسين نجار” 58 صوتًا.
وزير الزراعة “وليد الزعبي” 56 صوتًا.
وزير التربية “عماد برق” 57 صوتًا.
وزير الطاقة والنفط “إلياس وردة” 52 صوتًا.
وزيرة الثقافة “تغريد الحجلي” 48 صوتًا.
وزير الإدارة المحلية واللاجئين “حسين بكور” 56 صوتًا.
إلا أنه وصباح اليوم بتت اللجنة القانونية للائتلاف في قرار البحرة رافضة إياه، ومثبتة نتائج الانتخابات فيمن حصلوا على أكثر من 56 صوتًا، ليبقى الخمسة وزراء ممن حصلوا على أقل من 5 أصوات محل نقاش لاحق كونهم لم يحصلوا على النسبة القانونية التي تؤهلهم لاستلام مناصبهم.
ويعكس تعارض القرارات هذا والتضارب في التصريحات، خاصة أن قرار البحرة بإلغاء الانتخابات صدر قبل انتهاء التصويت، حجم الخلافات التي يعيشها الائتلاف الوطني السوري في صفوفه، ومحاولة كل كتلة السيطرة على مجريات الأمور في وجه الكتل الأخرى.