يُعرف عادةً باسم الشيخ منصور، واسمه بالكامل منصور بن زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة آل نهيان، وُلد في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1970 في إمارة أبوظبي، وهو الابن الخامس للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسِّس دولة الإمارات العربية المتحدة، والشيخة فاطمة بنت مبارك الكتبي، وله 5 أشقاء: محمد وحمدان وهزاع وطحنون وعبد الله.
لا يُعرف الكثير عن حياة الشيخ منصور المبكّرة، ومع ذلك عندما سرّبَت “ويكيليكس” برقيات من السفارة الأمريكية في أبوظبي، ذكرت وثيقة لمحات عن وزراء حكومة الإمارات أن منصور كان طالبًا في قسم اللغة الإنجليزية في كلية سانتا باربرا المجتمعية بولاية كاليفورنيا عام 1989، لم يكن سجلّه الأكاديمي جيدًا، ولكنه يتحدث الإنجليزية بطلاقة كما تقول الوثيقة، وعاد إلى الإمارات بعد حصوله على درجة البكالوريوس في العلاقات الدولية عام 1993.
تزوّج للمرة الأولى الشيخة علياء بنت محمد بن بطي آل حامد في منتصف التسعينيات، ابنة أحد كبار رجال الدولة في أبوظبي والمقرّب من زايد بن سلطان آل نهيان، وأنجب منها ولدًا واحدًا، وتزوّج للمرة الثانية في مايو/أيار 2005 من رئيسة مؤسسة دبي للمرأة الشيخة منال ابنة حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، ولديهما 5 أطفال: فاطمة ومحمد وحمدان ولطيفة وراشد.
بدأ منصور بن زايد حياته السياسية مبكرًا، ففي مطلع الثلاثينيات من عمره، وبعد وفاة الشيخ زايد عام 2004، وُزِّعت المناصب على الأبناء، وشغل منصب أحد كبار مستشاري رئيس الدولة، وتسلّمَ منصب رئيس مكتب رئيس الإمارات، وعيّنه الأخ الأكبر غير الشقيق خليفة بن زايد كأول وزير لشؤون الرئاسة في الإمارات، بعد الدمج بين وزارة شؤون الرئاسة ومحكمة الرئاسة.
خلال سنوات، توسّعت شبكة المناصب التي سيطر عليها منصور في أجهزة الدولة، وأصبح الرجل الواحد الذي يرأس المركز الوطني للتوثيق والبحوث (الأرشيف الوطني) منذ عام 2000، ومجلس التنمية الوزاري في عام 2006، ومجلس إدارة جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية وصندوق التنمية في المنطقة.
تذكر دائرة المعارف البريطانية أن منصور بن زايد دعم شقيقه محمد بن زايد، للوصول إلى منصب ولي عهد أبو ظبي، ما أهله لاحقًا لتولي منصبه الحالي لحاكم أوحد للإمارات، وعيّنه مجلس أبوظبي للتعليم نائبًا لرئيس مجلس الإدارة عام 2005، وبعد عام ترأّس دائرة القضاء في أبوظبي، التي بدأت في الإشراف على النظام القضائي للإمارة عام 2006، وأصبح مسؤولًا عن تعيين القضاة وتبديلهم.
كانت أكبر قفزة إلى الأمام بالنسبة إلى الشيخ منصور في 11 مايو/أيار 2009، عندما عُيِّن في تعديل وزاري نائبًا لمحمد بن راشد بصفته رئيس الوزراء، وهو المنصب الذي سمح له بالاحتفاظ بمنصبه الوزاري كوزير لشؤون الرئاسة، ومع ذلك، وبغضّ النظر عن الاجتماعات العامة مع مسؤولين آخرين وكبار الشخصيات الأجنبية، ظلَّ نشاط منصور في الشؤون السياسية للبلاد بعيدًا عن الأنظار إلى حد كبير مقارنة بإخوته، من أمثال مستشار الأمن الوطني طحنون بن زايد، ونائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي هزاع بن زايد.
تعددت المناصب والرئيس واحد
في العقد الماضي، تبنّى قادة أبوظبي ودبي استراتيجية جريئة لاستثمار مليارات الدولارات على مستوى العالم وفي قطاعات مختلفة، لم يكن الشيخ منصور استثناءً، ومع ذلك هو أول من استثمر بشكل فردي باسمه الخاص.
منذ وفاة الشيخ زايد برز اسم الشيخ منصور، إلى جانب ولي عهد أبوظبي السابق محمد بن زايد وحاكم دبي محمد بن راشد، على قائمة الشخصيات العامة في الإمارات، لكن في حين يمثل “المحمّدان” وجه الحكم والسياسة، يمثل الشيخ منصور وجه الإنفاق والاستثمارات الأجنبية.
في يونيو/حزيران 2016، كشف موقع “ميدل إيست آي” أن شركة Emirates Future الإماراتية المملوكة جزئيًّا للشيخ منصور بن زايد تعمل سرًّا كأكبر مورِّد للحوم البقر إلى سوق اللحوم الإسرائيلية
بعيدًا عن وظائفه السياسية، يترأّس الشيخ منصور عددًا من الكيانات الاقتصادية المحلية التي تلعب أدوارًا لا غنى عنها في تعزيز مكانة دولة الإمارات، ففي عام 2005 كُلِّف برئاسة صندوق أبوظبي للتنمية، وكان منخرطًا بشكل كبير في الأعمال التجارية، وبما أن أبوظبي هي موطن 95% من آبار النفط في الدولة، فقد جمع ثروة من خلالها.
عام 2005 أصبح عضوًا في المجلس الأعلى للبترول، أعلى هيئة لصنع القرار النفطي في أبوظبي، وأكبر منتج للنفط في الاتحاد السبعة أعضاء، والعديد من الشركات الاستثمارية الأخرى بما في ذلك مجلس أبوظبي للاستثمار، الذراع الاستثماري لحكومة أبوظبي، وترأّس مجلس إدارة شركة الاستثمارات البترولية الدولية (IPIC) التي تسيطر أيضًا على شركة “آبار” للاستثمار، وهي هيئة أنشأتها حكومة أبوظبي عام 1984 لصياغة مستقبل جديد لمواطنيها من خلال الاستثمار في مصادر الطاقة المختلفة.
بعض الاستثمارات التي قامَ بها -من خلال شركة “آبار”- تتمركز في شركات مثل فيرجن غالاكتيك (Virgin Galactic)، الشركة الرائدة في مجال السياحة الفضائية التجارية المملوكة لرجل الأعمال البريطاني ريتشارد برانسون، وتمتلك “آبار” حصة 32% منها، بخلاف حصص في عدد من المشاريع التجارية، منها شراء حصة 9.1% من مجموعة دايملر (Mercedes-Benz Group)، الشركة الألمانية المصنِّعة لسيارات مرسيدس بنز وتسلا، ما يجعله أكبر مستثمر في شركة صناعة السيارات الألمانية.
تمثّل صفقات الاستثمار هذه رغبة أبوظبي في التنويع بعيدًا عن اقتصادها النفطي، فقبل كل ذلك استثمرَ الشيخ منصور أيضًا في أصول بريطانية مهمة، منها بنك “باركليز” للخدمات المصرفية والمالية متعددة الجنسيات، الذي ساهم في إنقاذه من الانهيار في ذروة الأزمة المالية العالمية عام 2008، بعد أن أوشكت الحكومة البريطانية على تأميمه، وقدّم سيولة بقيمة 9.6 مليارات دولار مع صفقة تضمن له عائدًا سنويًّا بنسبة 14% في الأسهم الممتازة أيضًا، بالإضافة إلى 3.3 مليارات دولار من السندات القابلة للتحويل.
في عام 2009 أصبح الشيخ منصور أحدث ملياردير خليجي، وقدّرت مجلة “فوربس” ثروته الصافية بـ 4.9 مليارات دولار، يأتي معظمها من عائدات النفط، ليحتل الترتيب الثامن عربيًّا والـ 104 عالميًّا، لكن الأمر يختلف كثيرًا عندما تفكر في الثروة الهائلة لعائلته بأكملها والتي يصعب تقديرها، لكن يمكن استنتاج الكثير عندما نعرف -بحسب “فوربس”- أن الإمارات تمكّنت من احتلال المرتبة الثانية عربيًا بـ 6 مليارديرات، ومجموع ثروات يصل إلى 21.4 مليار دولار.
إلى جانب استثماراته المليارية العالمية، يترأّس منصور بن زايد أيضًا المجلس الوزاري للخدمات، وهيئة الإمارات للسباقات، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان، ونائب رئيس شركة “مبادلة” للاستثمار التي تدير محفظة متنوِّعة من الأصول والاستثمارت داخل وخارج الإمارات، وفي عام 2007 أصبح رئيسًا لجهاز الإمارات للاستثمار، وهو الصندوق السيادي الوحيد للحكومة الاتحادية في دولة الإمارات، ويشرف على 800 مليار دولار.
واشتهرَ منصور بنشاطه في المجال المالي، فقد ترأّس العديد من الكيانات المالية التي كان آخرها المصرف الإماراتي المركزي منذ أبريل/نيسان 2021، وبنك الخليج الأول (أصبح جزءًا من بنك أبوظبي الأول) الذي يشغله منذ عام 2006، وبدأ من خلاله رعاية مؤسسات خيرية وإنسانية منها برامج المنح الدراسية للدراسات الخارجية لطلاب الإمارات.
عام 2020 ارتبط اسم الشيخ منصور بفضيحة فساد الصندوق السيادي الماليزي “1 إم دي بي”، واتُّهم بالتستُّر على فضائح فساد رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب عبد الرزاق
بالإضافة إلى ذلك عمل في مجالس إدارة العديد من الكيانات الأخرى، بما في ذلك المجلس الأعلى للشؤون المالية والاقتصادية الذي تأسّس عام 2020، وفي الداخل يدير مؤسسة أبوظبي للاستثمار الإعلامي، وهي إمبراطورية إعلامية تدير “سكاي نيوز عربية” بالشراكة مع “بي سكاي بي” البريطانية (British Sky Broadcasting).
لم يَسِر الأمر كما يبدو لرجل يريد أن يشتري النجاح بالمال، حيث تعلَّقت عدة شبهات بحياته، ففي يونيو/حزيران 2016 كشفَ موقع “ميدل إيست آي” أن شركة Emirates Future الإماراتية المملوكة جزئيًّا للشيخ منصور بن زايد تعمل سرًّا كأكبر مورِّد للحوم البقر إلى سوق اللحوم الإسرائيلية، من خلال سلسلة من المعاملات التجارية المعقدة مع شركة إسرائيلية لها صلات بنجل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون، رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية حينها بين الإمارات و”إسرائيل”.
وفي عام 2020 ارتبط اسم الشيخ منصور بفضيحة فساد الصندوق السيادي الماليزي “1 إم دي بي”، واتُّهم بالتستُّر على فضائح فساد رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب عبد الرزاق، وكشفت التحقيقات أنه كان متورِّطًا أيضًا في التسجيلات الصوتية لمساعدة نجيب في التستُّر على زوج ابنته رضا عزيز، الذي انجرَّ إلى فضيحة صندوق “1 إم دي بي” أيضًا.
ما وراء مانشستر سيتي
في الأول من سبتمبر/أيلول 2008، تصدّر الشيخ منصور عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم، بعد شرائه نادي مانشستر سيتي الإنجليزي لكرة القدم مقابل مبلغ 200 مليون جنيه إسترليني، من خلال شركته الاستثمارية الخاصة، مجموعة أبوظبي المتحدة للتنمية والاستثمار، لكن هذا أدّى إلى الكثير من الحديث والشائعات حول الانتقالات.
حيث وقَّع اللاعب البرازيلي روبينيو من فريق ريال مدريد مع النادي الإنجليزي في اللحظات الأخيرة قبل إغلاق سوق الانتقالات في صيف 2008، مقابل صفقة قدرها 32.5 مليون جنيه إسترليني، وهو رقم قياسي في الانتقالات البريطانية.
حتى عام 2022 كان للشيخ منصور حصّص الأغلبية في 10 أندية رياضية أخرى حول العالم، بما في ذلك حصص الأغلبية في فريق ملبورن الأسترالي الذي تأسّسَ عام 2015
وبعثت الملكية الجديدة الكثير من التفاؤل لدى عشّاق النادي، لأن “الأمير الثري” كان بإمكانه تحمُّل جميع النفقات اللازمة للتطوير، فخلال 13 عامًا أنفق على النادي مليارًا و800 مليون دولار، ومثّلت استثماراته شكلًا جديدًا من القوة الناعمة على المسرح العالمي، لكنها أحدثت خسائر طفيفة في ثروته.
ارتفعت قيمة مانشستر سيتي من 210 مليون جنيه إسترليني عام 2008 إلى 1.2 مليار جنيه إسترليني عام 2016، وفقًا لمجلة “فوربس“، ونمت ثروة الشيخ منصور بنحو 6.2 مليارات دولار عام 2014، وقدّرت صحيفة “التلغراف” البريطانية ثروته بـ 20 مليار جنيه إسترليني عام 2011، ما جعله أغنى مالك لكرة القدم، فيما تقدَّر قيمة النادي اليوم بحسب مجلة “فوربس” بنحو 4.6 مليارات دولار، ما يجعله أحد أهم الامتيازات الرياضية في العالم، ويمثل عائدًا هائلًا للاستثمار إذا قرر بيع النادي أو جزء من أسهمه.
منذ تولى الشيخ منصور ملكية النادي من رئيس الوزراء التايلاندي السابق ثاكسين شيناواترا، عاش السيتي أنجح فترة في تاريخه، وفاز بـ 5 ألقاب في الدوري الإنجليزي الممتاز، وبطولة كأس الاتحاد الإنجليزي مرتَين، وفي الفترة نفسها تأهّل إلى دوري أبطال أوروبا أكثر من مرة بعد غياب متواصل منذ عام 1968.
ومع ذلك كانت وسائل الإعلام أقل ترحيبًا بالشيخ الطموح، حيث صنعت سلسلة من الحلقات الوثائقية بعنوان “مانشستر سيتي.. كل شيء أو لا شيء” أنتجتها شبكة “أمازون” لتخليد الموسم الذهبي (2017-2018) لمانشستر سيتي بقيادة المدرّب جوارديولا، كما يكشف الفيلم التسجيلي “الرجال خلف مانشستر سيتي” أن مانشستر سيتي لا يديره في الواقع الشيخ منصور آل نهيان، بل شقيقه الأكبر الأقوى والأكثر خطورة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
يجادل الباحث في شؤون الخليج في منظمة هيومن رايتس ووتش، نيكولاس ماكجيهان، بأن صعود النادي إلى قمة اللعبة الأوروبية يعكس جهود “عصابة من رجال الدولة المتعطشين للمال والدماء لتوسيع شبكة نفوذهم، بمساعدة وتحريض من مستشاري العلاقات العامة المتغيرين”.
وفي 29 مايو/أيار 2021 سلَّطت صحيفة “فراتكفورتر ألغماينه” الألمانية الضوء على فساد التمويل الإماراتي للرياضة، معتبرةً أنه السبب الرئيسي في الصعود الصاروخي لفريق مانشستر سيتي، وأن ما يجري نتاج المليارات التي ضخّها منصور بن زايد منذ استحواذه على النادي، التي ساهمت في صعود الفريق وتمكُّنه من حصد الألقاب رغم اتهامه بخرق قواعد اللعب النظيف.
لم تؤثر الاتهامات على طموحات الشيخ الذي تجاوزت استثماراته المليارات في مانشستر سيتي، إلى امتلاك مجموعة سيتي لكرة القدم (City Football Group) عدد من الأندية في جميع أنحاء العالم، فقد اشترى لاحقًا أسهمًا في العديد من الأندية الأخرى، وأصبح المستثمر الرئيسي لفريق نيويورك سيتي (New York City FC) في الدوري الأمريكي في الولايات المتحدة عام 2013.
حتى عام 2022 كان للشيخ منصور حصص الأغلبية في 10 أندية رياضية أخرى حول العالم، بما في ذلك حصص الأغلبية في فريق ملبورن الأسترالي الذي تأسّسَ عام 2015، كذلك تمتلك الشركة القابضة أيضًا حصصًا في نادي سيتشوان جيونيو في الدوري الصيني الثاني، ونادي يوكوهاما إف مارينوس في اليابان، ومومباي في الهند، وأتليتيكو توركي في أوروغواي، وجيرونا في إسبانيا، وهناك خطط للتوسُّع أكثر في أوروبا وأفريقيا، ففي عام 2019 كان يتطلّع إلى إنشاء فريق إندونيسي باعتباره استثماره التالي.
امتدّت مشاركة منصور بن زايد في عالم الرياضة أيضًا إلى شركة الجزيرة الرياضية، حيث يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة، وبهذه الصفة كان له دور أساسي في محاولة استضافة كأس العالم لكرة القدم في الإمارات في عامَي 2009 و2010، كما تمتلك الشركة الرياضية نادي الجزيرة بما في ذلك فريق كرة القدم والكرة الطائرة وكرة اليد وكرة السلة، وفاز فريق كرة القدم بكأس الرئيس 2010-2011 وكذلك كأس 2011-2012.
مقارعة الكبار
في أكتوبر/تشرين الأول 2021 أصبح الملياردير السعودي محمد بن سلمان منافسًا لجيرانه في دول الخليج الغنية الأخرى، فقد استحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي يرأسه ولي العهد السعودي، على نادي نيوكاسل الإنجليزي صاحب التاريخ والجماهيرية العريضة والمتعثّر كرويًّا منذ سنوات، بعد أن تراجع عن فكرة شراء مانشستر يونايتد مقابل 3.8 مليارات جنيه إسترليني.
يرى ابن سلمان في عالم الرياضة والترفيه وسيلة للارتقاء بوطنه ليصبح لاعبًا عالميًّا، لكن اللاعب الجديد البالغ من العمر (36 عامًا) سيواجه القطري ناصر الخليفي الذي يترأّس نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، والشيخ منصور مالك مانسشتر سيتي (51 عامًا)، في سوق الانتقالات، والذي أنفقَ أكثر من مليار جنيه إسترليني على اللاعبين وتطوير النادي.
يبدو من ذلك أن هؤلاء الرجال لا يكافحون للحصول على المال من خلال الرياضة، إذ تُقدَّر ثروة ابن سلمان الشخصية بحوالي 13 مليار جنيه إسترليني، رغم أنه يمتلك ثروات المملكة العربية السعودية الكاملة في متناول يده، في حين يُعتقد أن ثروة الشيخ منصور الشخصية تبلغ 17 مليار جنيه إسترليني، ويحتل رجل الأعمال القطري ناصر الخليفي المركز السابع ضمن قائمة أغنى مالكي الأندية في العالم بثروة تُقدَّر بـ 8 مليارات جنيه إسترليني.
لكن كيف يُقارَن الشيخ منصور بولي العهد السعودي؟ ذكرت صحيفة “ذا صن” البريطانية أن كلا الرجلَين يتمتّعان بإمكانية الوصول الكامل إلى القصور الرئاسية الفخمة، وكلاهما من عشّاق منتجعات كوستا ديل سول (Costa del Sol) على ساحل البحر الأبيض المتوسط جنوب إسبانيا، واشترى منصور فندق لوس كوينتوس دي سان مارتن (Los Quintos de San Martin) الذي تبلغ مساحته 20 ألف فدان عام 2016 مقابل 42 مليون جنيه إسترليني.
كما تمتلك عائلة الشيخ منصور وتقيم بانتظام في فندق قصر الإمارات، وهو فندق “سبع نجوم” في أبوظبي، ويُوصف بأنه “أفضل فندق في العالم”، ومع ذلك ذهب ابن سلمان إلى أبعد من ذلك، ففي عام 2015 أنفق على أغلى منزل في العالم (قصر لويس الرابع عشر) غرب باريس 230 مليون جنيه إسترليني.
قد يفوز ابن سلمان في المعركة على الأرض، لكن منصور يكسب المعركة في البحار، لأنه رغم امتلاك السعوديين لأحد أكبر اليخوت في العالم وهو يخت سيرين، إلا أن الشيخ منصور يمتلك يخت توباز الذي تبلغ قيمته 550 مليون جنيه إسترليني، وهو سابع أكبر يخت في العالم، واشتهرَ ليوناردو دي كابريو باستئجاره من أجل كأس العالم لكرة القدم في البرازيل عام 2014، ويتفوق على يخت ولي العهد السعودي الذي أنفقَ عليه 380 مليون جنيه إسترليني.
في المعركة على الأرض، تقول الصحيفة البريطانية إن ابن سلمان يبدو بالكاد مهتمًّا بالسيارات، وتقول بعض التقارير إن لديه أسطولًا متواضعًا مقارنة بالمليارديرات الآخرين على الأقل، وهو يمتلك “فيراري ولامبورغيني وبوجاتي” في مرأبه، في حين أن منصور لا يخجل عندما يتعلق الأمر بالتمتُّع بأرقى الأشياء في الحياة، وبالتأكيد لديه مجموعة السيارات الأكثر فخامة.
لا يكتفي الشيخ منصور بذلك، إذ يمتلك 5% من أسهم “فيراري”، ولديه حصة في كل من “مرسيدس” والشركة الأم “دايلمر إيه جي”، ويُقال إن مجموعة سياراته تشمل 5 سيارات فاخرة، وتبلغ قيمة سيارة مرسيدس SLR-McLaren للشيخ منصور 350 ألف جنيه إسترليني، ويمتلك سيارة بورش 911 GT1 التي تبلغ قيمتها حوالي 3 ملايين جنيه إسترليني، رغم ذلك نادرًا ما يُرى في جميع أنحاء المدينة مستقلًّا إحدى سياراته النادرة، باستثناء سيارة مرسيدس أو رينج روفر.
في حين اتُّهم الشيخ منصور باستخدام نادي مانشستر سيتي لـ”تليمع” صورة بلده، كان الأمر كذلك بالنسبة إلى ولي العهد السعودي الذي اشترى هذا النادي الأوروبي لتحسين صورة بلاده المتضررة على وقع سجلّها الحقوقي
وبصرف النظر عن نيوكاسل، يبدو الرابط الآخر الوحيد لابن سلمان مع عالم الرياضة هو دوري الدرجة الثانية السعودي لكرة القدم، والذي سُمّي باسمه، في حين لعب منصور أيضًا دورًا أساسيًّا في إدخال سباقات “فورمولا 1” إلى أبوظبي، التي كان آخرها نسخة جائزة أبوظبي الكبرى لعام 2021، ومن المقرَّر أن يُقام السباق الختامي مرة أخرى في قلب العاصمة الإماراتية في 20 نوفمبر/كانون الثاني 2022.
بالإضافة إلى حُبّه لـ”فورمولا 1″ وكرة القدم، فإن منصور أيضًا رئيس هيئة الإمارات لسباق الخيل، ويدعم سباق الخيل العربي من خلال إقامة مهرجان الشيخ منصور العالمي للخيول العربية للسباق المسطح الذي يُقام في 5 قارات، وهو أيضًا متسابق ممتاز فاز بالعديد من بطولات سباقات التحمل في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى كونه راعي مسابقة الجري على الطرق، والتي تُسمّى “نصف ماراثون زايد الدولي”، والتي تُقام كل عام في أبوظبي.
القاسم المشترك بين الرجلَين هو ارتباطهما وعائلاتهما بالعديد من انتهاكات حقوق الإنسان، ففي حين اتُّهم الشيخ منصور باستخدام نادي مانشستر سيتي وكرة القدم لـ”تليمع” صورة بلده، كان الأمر كذلك بالنسبة إلى ولي العهد السعودي الذي اشترى هذا النادي الأوروبي لتحسين صورة بلاده المتضررة على وقع سجلّها الحقوقي، كما يقول خبراء.
دور سياسي صامت
بخلاف أنشطته الرياضية والاقتصادية، يلعب منصور بن زايد دورًا “خفيًّا” تزايدت أهميته في السنوات الأخيرة، ففي مارس/آذار 2022 هاجمت وسائل الإعلام الشيخ منصور بعد استقباله الرئيس السوري بشار الأسد في أبوظبي، في أول زيارة رسمية له إلى دولة غير روسيا وإيران -وكلاهما داعمان عسكريان لنظامه- منذ اندلاع الحرب الأهلية في بلاده عام 2011.
تدور التكهُّنات حول تولي الشيخ منصور خلافة محمد بن زايد، لكن تورُّطه في فضيحة الصندوق السيادي الماليزي ربما تجعله غير لائق للحكم على الإطلاق
أصابت زيارة الأسد الولايات المتحدة “بخيبة أمل عميقة”، وحثّت الحلفاء على تجنُّب تطبيع العلاقات مع نظام متَّهم بارتكاب “فظائع مروعة”، وقادت الحكومة البريطانية موجة استنكار لانضمام مالك مانشستر سيتي إلى قادة الإمارات في الترحيب بالرئيس السوري وحليف فلاديمير بوتين في بلادهم، وتساءل البعض إذا كان ارتباط الشيخ منصور بـ”القاتل الجماعي” يجعل منه “شخصًا مناسبًا لامتلاك نادٍ لكرة القدم”.
عن طريق منصبه الحالي كوزير لشؤون الرئاسة ونائب لرئيس مجلس الوزراء، توسعت علاقات منصور خارجيًّا، وبدأ يعقد مباحثات ثنائية مع مسؤولين عرب وغربيين ويشرف على توقيع الاتفاقيات، ففي آخر اجتماع له مع الأسد ناقش ضرورة انسحاب القوات الأجنبية وتقديم الدعم الإنساني والسياسي.
في الشهر التالي لزيارة الأسد، حضر منصور بن زايد اجتماعات مع قادة عرب، من بينهم ملك المغرب محمد السادس في الرباط، لكن فضّل عدم الظهور أمام الكاميرات، وفي يوليو/تموز الماضي استقبل السفير الجزائري، خميسي عريف، في قصر الوطن، ونشرت وسائل الإعلام المحلية أن اللقاء بحث -ما يُقال عادةً في اللقاءات الرسمية- “علاقات التعاون الثنائي بين البلدَين ومجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.
بعد أسابيع، عاد اسمه ليتصدّر وسائل الإعلام لمساعدته في إدارة العلاقات مع الأثرياء الروس الذين يتطلّعون إلى نقل الأموال إلى الإمارات، فبينما طلبَ منه البعض تقديم تسهيلات حكومية لشراء سيارات فاخرة وبنتهاوس (شقة تتميز بالترف) في دبي، يحتاج البعض الآخر إلى مساعدة في فتح حسابات مصرفية وشركات مالية واستثمارات في دبي.
وبحسب ما نقلته وكالة “بلومبيرغ” عن العديد من الأشخاص المطّلعين على مشاركة أبو ظبي مع الروس، فإن كبار المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال الأثرياء والمدراء التنفيذيين الماليين من روسيا يتواصلون بشكل متزايد مع الشيخ منصور ومكتبه للمساعدة في إدارة العمليات الحكومية في الإمارات العربية المتحدة، مضيفين أن الروس أصبحوا مهتمّين أكثر بالاستثمار في الدولة الشرق أوسطية منذ غزو أوكرانيا.
وفقًا للعديد من الأشخاص، يعتبر المسؤولون الإماراتيون جهود الشيخ منصور -الذي قدّم مساعدات أكبر للروس منذ الغزو- جزءًا من استراتيجية الحكومة الأوسع نطاقًا، لجذب الأعمال التجارية العالمية والحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع الشرق والغرب.
قد تمهِّد هذه الأدوار الهادئة في السياسة العامة الإماراتية لدور أكبر، خاصة بعد أن ترك رحيل الشيخ خليفة بن زايد منصب ولي عهد أبوظبي فارغًا، وتولّي شقيقه ولي عهد أبوظبي السابق، محمد بن زايد، مقاليد الحكم، إذ تدور التكهُّنات حول تولي الشيخ منصور خلافة محمد بن زايد، لكن تورُّطه في فضيحة الصندوق السيادي الماليزي ربما تجعله غير لائق للحكم على الإطلاق، فضلًا عن أن ميوله لا تبدو سياسية خالصة وترجح لديه كفة الاقتصاد.