باستثناء بيان صادر من المتحدث الرسمي باسم حزب التنمية والعدالة الحاكم، وإدانة بثها رئيس الشؤون التركية علي أرباش عبر تويتر، صمتَت الحكومة التركية عن أزمة الإساءة الهندية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وغابت أنقرة وربما للمرة الأولى في سنوات حكم الرئيس رجب طيب أردوغان عن تصدُّر المشهد في الدفاع عن الإسلام والمسلمين، والذود عن مقدسات الأمة ومواجهة وإدانة أي تجاوز أو إساءة.
الموقف التركي الخجول في تلك الأزمة التي أثارها المتحدث باسم الحزب الحاكم في الهند بإساءته لنبي الإسلام وزوجاته، مقابل ردود فعل إسلامية وعربية كانت أكثر قوة وأشد حزمًا، أثارَ تساؤلات حول أسباب هذا التغيُّر الجوهري والمفاجئ في سياسات الحكومة التركية، التي طالما اتّخذت مواقف جريئة في الدفاع عن قضايا المسلمين في شتّى بقاع الأرض، حتى أن الكثير من محبّي الرئيس التركي نصّبوه زعيمًا على الأمة، والذي أكّد بدوره من قبل أن بلاده تعدّ الدولة الوحيدة القادرة على قيادة العالم الإسلامي.
ماذا وراء خفوت رد الفعل التركي، بعد أن كان الأعلى صوتًا والأكثر صخبًا في أزمات مماثلة، مثلما حدث في دعوة الرئيس التركي لمقاطعة المنتجات الفرنسية ومن قبل في دفاعه عن مسلمي الإيغور في الصين ومسلمي الروهينغيا في ميانمار، وحتى الهند ذاتها، وإثارة قضية كشمير أمام الأمم المتحدة؟
هل باتت تركيا تخشى من رد الفعل الهندي حال التصعيد في الردّ على الإساءة للمقام النبوي؟ وهل العقوبات التي فرضتها نيودلهي مسبقًا على أنقرة قبل أكثر من عامَين أثّرت في الموقف التركي؟ وما تخوُّفات أنقرة مع خريطة تحالفات الهند مع أعداء تركيا؟ وهل تخشى الحكومة التركية على الإضرار بالعلاقات الاقتصادية مع نظيرتها الهندية؟ وهل للقمح الهندي دور في هذا الأمر؟
ردّ خجول
وفقًا لوكالة “الأناضول” الرسمية، أدانَ المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، عمر جليك، التعليقات المسيئة للنبي محمد، التي أدلى بها مسؤول الإعلام في حزب “بهاراتيا جاناتا” الحاكم بالهند، واكتفى جليك بتغريدة على تويتر قال فيها: “ندين بأشد العبارات إساءة مسؤول وعضو في حزب “بي جي بي” (بهاراتيا جاناتا) لنبينا”، مؤكّدًا أنّ هذه الإساءة ليست موجَّهة للمسلمين في الهند فحسب بل لكافة المسلمين في العالم، ومطالبًا بإعفاء المسؤول في الحزب من مهامّه وإدانة السلطات الهندية لتصريحاته.
وبأي حال من الأحوال، لا يمكن مقارنة هذا الموقف الضعيف للغاية بمواقف سابقة للحكومة التركية، كان الرد فيها يأتي على أعلى مستوى، من الرئيس التركي ذاته، أو من خارجيته على أقل تقدير، كذلك يعدّ الموقف التركي هو الأقل بين الدول العربية والإسلامية.
فبينما أصدرت منظمة التعاون الإسلامي بيانًا شديد اللهجة، وأدان الأزهر الشريف تلك الإساءة بأشدّ العبارات، استدعت قطر والبحرين وسلطنة عمان سفراء الهند لديهم احتجاجًا على تلك الإساءة، فضلًا عن ردود الأفعال الشعبية الغاضبة التي اجتاحت العالم الإسلامي من أقصاه الى أدناه، والدعوة لمقاطعة المنتجات الهندية وطرد العمالة الهندية من دول الخليج.
ويأتي هذا الموقف التركي رغم العلاقات القوية الراسخة والمتزايدة في السنوات الأخيرة بين مسلمي الهند والحكومة التركية، واستضافة أنقرة لكثير من علماء الهند المسلمين، حتى تحوّلَ مسلمو الهند، كما تشير عدة تقاير، إلى ساحة لصراع النفوذ بين السعودية وتركيا.
كما يأتي ذلك الموقف الخجول من أنقرة في أعقاب مواقف كثيرة حرصت فيها تركيا على الظهور كحامي حماة المسلمين في شتى بقاع الأرض، واستماتتها في الدفاع عن الأقليات المسلمة ضد الانتهاكات التي تتعرض لها، ومواجهاتها الحاسمة لأي إساءة أو محاولة لتشويه الإسلام ورموزه.
فعلى سبيل المثال، وبخلاف تصعيدها ضد فرنسا بعد تضامُن رئيسها إيمانويل ماكرون مع الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للمقام النبوي الشريف، تصدّرت تركيا مشهد الدفاع عن أقلية الإيغور المسلمة التي تعيش في إقليم تركستان الشرقية في الصين، وتواجهة الاضطهاد الذي تمارسه بكين بحقّها، كما قامت قرينة أردوغان بزيارة إلى مخيمات مسلمي الروهينغيا الهاربين من ميانمار (بورما) إلى بنغلاديش، برفقة وزير الخارجية التركي.
وقد لخّص الرئيس التركي سياسات حكومته إزاء قضايا العالم الإسلامي في رسالة له بمناسبة انطلاق عام 2019، بقوله: “سندافع عن حقوق القدس ودمشق وبغداد والقاهرة وطرابلس وسراييفو والقرم”.
لكن ييدو أن نهر السياسة والعلاقات الدولية والأحوال الاقتصادية قد جرت فيه مياه كثيرة، قلبت الأمور رأسًا على عقب، ودفعت الحكومة التركية للتخلّي ولو مؤقّتًا عن طموحها في قيادة العالم الإسلامي، في ظل أزمتها الاقتصادية الحالية، وتأهُّبها لانتخابات مصيرية منتصف العام المقبل، والأهم من ذلك الكلفة الضخمة التي تتطلّبها تلك القيادة والثمن الباهظ للمواقف القوية الحاسمة، والذي يبدو أن حكومة أردوغان لم يعد بمقدورها تحمُّله.
أسباب الصمت التركي
محاولة فهم الموقف التركي الأخير من الإساءة الهندية للمقام النبوي الشريف، بالتناقض مع مواقف أنقرة السابقة، يتطلب النظر إلى طبيعة العلاقات التركية الهندية التي شابها الكثير من التأزُّم والتوتُّر خلال الأعوام القليلة الماضية، كادا أن يصلا بالبلدَين الى حالة العداء، حيث ربما لم ترغب الحكومة التركية في أن تنكأ جراحها وتصبُّ الزيت على النار فتعيد أجواء التوتر التي ليست ببعيدة.
“باتت الهند بلدًا تنتشر فيه المجازر. أي مجازر؟ مجازر بحقّ المسلمين، ويرتكبها الهندوس”… بهذه الكلمات جسّد الرئيس التركي في فبراير/ شباط 2020 معاناة المسلمين في الهند من الحكومة اليمينية المتشددة، وذلك عقب 10 أيام فقط من استدعاء الهند لسفير تركيا لتقديم احتجاج دبلوماسي على تصريحات أردوغان بشأن إقليم كشمير، وتحذيره من تبعات ذلك على العلاقات الثنائية.
وكانت الحكومة الهندية قد استشاطت غضبًا جرّاء إثارة الرئيس التركي لقضية إقليم كشمير، عدة مرات، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، معتبرة ذلك تدخُّلًا في شؤونها الداخلية، مشدِّدة على سياسة الهند الثابتة في حلّ مشكلة كشمير عبر العلاقات الثنائية مع باكستان دون تدخُّل طرف ثالث، حيث اعتبرت الحكومة الهندية أن أردوغان الزعيم العالمي الوحيد الذي تحدّث علنًا ضد الهند في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن كشمير.
وكانت تركيا أيضًا قد انتقدت تعديل الحكومة الهندية لقوانين الجنسية هناك، الأمر الذي أثار احتجاجات واسعة بين المسلمين، فيما اتّهمت نيودلهي أنقرة بتمويل تلك الاحتجاجات والعمل على استمرارها وتواصُلها، وذهبت الحكومة الهندية بعيدًا، متّهمة حكومة أردوغان بدعم وتمويل زعماء متشدّدين انفصاليين في كشمير وتمويل الندوات الدينية في الهند، وتجنيد الأصوليين الذين يحوِّلون الناس إلى متطرّفين وإرسالهم في رحلات إلى تركيا لتعزيز تعلُّمهم.
مع مواقف تركيا الداعمة لمسلمي الهند وقضية كشمير، قيّمت بعض دوائر صنع القرار الهندية أنقرة باعتبارها ضمن حلف أعداء نيودلهي، وخرجت الأزمة بين الطرفَين عن حدود الاحتجاج الدبلوماسي إلى حرب كلامية واتّهامات متبادلة، سارعت فيها الهند بالانضمام الى أعداء تركيا التقليديين، معلنة عن دعمهم سياسيًّا وعسكريًّا، وفي مقدمتهم قبرص واليونان وأرمينيا.
وقامت الحكومة اليمينية المتشددة في الهند بممارسة أقصى أنواع التصعيد ضد تركيا، وصعّدت نيودلهي الحرب الكلامية الدبلوماسية إلى مستوى غير مسبوق، وذكّرت الهند تركيا بأن نيودلهي، على عكس أنقرة التي غَزَت واحتلّت جزءًا من دولة قبرص المستقلة في عام 1974، لم تتخذ أي تدابير مشابهة مع كشمير، حيث سارع وزير خارجية الهند إلى عقد اجتماع مع نظيره القبرصي، في الجميعة العامة للأمم المتحدة، لبحث قرار في مجلس الأمن حول منطقة شمال قبرص الموالية لتركيا، وإعادة توحيد الجزيرة.
كما ألغت نيودلهي عام 2019 زيارة رئيس الحكومة الهندية لتركيا، وأوقفت صادراتها العسكرية لتركيا، ومن بينها الأسلحة ذات الاستخدام المزدوج، كما خفّضت الهند بدرجة كبيرة وارداتها من تركيا.
كما جمّدت الحكومة الهندية في العام ذاته مناقصة تقدَّر قيمتها بـ 2.3 مليار دولار تمّ منحها لشركة “أناضول شيبيارد” التركية، لبناء السفن من أجل مساعدة شركة هندية في بناء 5 سفن لدعم الأسطول الهندي حمولة كل منها 45 ألف طن، وذلك قبل أن تعاود استئنافها في العام التالي إثر مباحثات مكثَّفة بين الجانبَين التركي والهندي.
كانت تركيا من أفضل الوجهات السياحية للأثرياء الجدد في الهند، غير أن توتُّر العلاقات بين البلدَين دفع هذه الفئة إلى التراجُع عن السفر والسياحة في تركيا
وقد ازداد انهيار العلاقات بين الطرفَين إثر تشكُّك الهند في أن المواقف التركية تأتي بتحريض من باكستان، في ظلّ تطور العلاقات العسكرية بين أنقرة وإسلام آباد وتوطيد أواصر التحالف التركي الباكستاني، وقد سعت الهند إلى تطبيق ما يمكن وصفه بعبارة “الدبلوماسية العدائية”، وأعلنت أن “تركيا يجب أن تتعلم احترام سيادة الدول الأخرى وتعيد النظر بسياساتها جدّيًّا”، وأعلنت الهند دعمها أعداء تركيا صراحةً لإضعاف مصالح أنقرة في المنطقة.
وفي هذا الصدد عقدت نيودلهي اتفاقًا دفاعيًّا مع أرمينيا، عدوّة تركيا التقليدية في المنطقة، وبموجب صفقة بقيمة 40 مليون دولار قدّمت نيودلهي ليريفان 4 رادارات لتحديد مواقع الأسلحة من طراز “سواثي” ومن إنتاج “منظمة البحث والتطوير الدفاعي”، كذلك انضمّت الهند إلى الأصوات العالمية التي تدين العمليات التركية ضد قوات الأكراد في سوريا.
وفي منتصف العام الماضي قامَ وزير خارجية الهند، إس جايشانكار، بأول زيارة لوزير خارجية هندي إلى اليونان منذ 18 عامًا، وتزامنت الزيارة مع تدريبات عسكرية مشتركة أجرتها البحرية اليونانية والهندية جنوب غربي جزيرة كريت، لتعزيز الاستعداد التشغيلي والقدرة القتالية والتعاون بين البلدَين في سياق ثنائي، في إطار بناء شراكة استراتيجية موجَّهة في الغالب ضد تركيا.
لم يقتصر التصعيد الهندي ضد تركيا على الجانب الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي، بل امتدَّ إلى العلاقات الثقافية بين البلدَين، فقد كانت تركيا من الوجهات المفضَّلة لدى بعض المنتجين والممثلين في بوليوود، حيث يشمل البلد مواقع مدهشة للتصوير، وتتراجع فيه ميزانية الخدمات، ويحبّذ محبّو الأفلام في الهند المناظر الطبيعية في تركيا، غير أن القوميين الهنود دعوا إلى قطع الروابط الثقافية مع تركيا، حتى أنهم شنّوا هجومًا ضاريًا على الممثل الهندي المسلم الشهير عامر خان، إثر إشادته بتركيا بعد تصوير أحد الأفلام هناك في أغسطس/ آب 2020 ولقائه مع قرينة الرئيس التركي.
كما كانت تركيا من أفضل الوجهات السياحية للأثرياء الجدد في الهند، غير أن توتُّر العلاقات بين البلدَين دفع هذه الفئة إلى التراجُع عن السفر والسياحة في تركيا، وقد قامت الحكومة الهندية أيضًا بتخفيض عدد الرحلات الجوية للخطوط الجوية التركية من الهند، والتي تنقل أعدادًا كبيرة للغاية من الهنود إلى المناطق السياحية التركية البارزة مثل مدينة إسطنبول.
المثير أن تلك التطورات أطاحت بعلاقات اقنصادية واعدة بين الجانبَين، حيث بلغت قيمة التجارة الثنائية بين الهند وتركيا في السنة المالية 2018 ما قيمته 8.7 مليارات دولار بنمو أكثر من 17%، وكان الجانبان يواصلان العمل لبلوغ مستوى 10 مليارات دولار من التجارة الثنائية العام التالي.
وهناك 9 شركات تركية كبرى تعمل في مجال البنية التحتية تباشر عملها في الهند، ويشارك معظمها في قطاعات تشييد خطوط الأنابيب والأنفاق، بينما هناك أكثر من 150 شركة برؤوس أموال هندية لديها أعمال مسجَّلة في تركيا في صورة مشاريع مشترَكة ومكاتب تمثيل تجاري.
القمح الهندي
استمرار الحرب الروسية الأوكرانية ينذر بأزمة غذائية عالمية، طالما حذّرت منها العديد من المنظمات الدولية المعنيّة، فالبَلدان المتصارعان يستحوذان على ما قيمته 30% من حجم التجارة العالمية للقمح، وتركيا باعتبارها دولة مستورِدة للقمح تأثّرت وتضرّرت كثيرًا بالحرب وشحنات الحبوب المتعطّلة بالموانئ الأوكرانية، وقد برزت في هذا الصدد الهند بإنتاجها الضخم للقمح البالغ قرابة الـ 100 مليون طن، وعوّلت عدة دول ومن ضمنها تركيا على استيراد القمح من نيودلهي لسدّ العجز لديها.
وسعت الحكومة التركية ولأول مرة في تاريخ البلاد إلى استيراد القمح من الهند، التي بدورها تستخدم هذا المحصول الاقتصادي المهم كسلاح جيوسياسي، حيث أعلنت مؤخّرًا حظرًا على تصدير القمح بحجّة حماية أمنها الغذائي، مستثنيةً بعض بلدان شمال أفريقيا وحوض المتوسط من بينها مصر وتركيا.
ومع تصاعد أزمة القمح عالميًّا، وارتفاع أسعاره إلى أرقام قياسية، حيث تجاوز على سبيل المثال في الأسواق الأوروبية سعر الطن 238 يورو، باتت الهند متحكّمة في أسواق القمح العالمية إلى حدّ كبير، وأصبح القمح سلاحًا استراتيجيًّا قويًّا للغاية في يدها يمكنها أن تستخدمه ضد من يستثير غضبها.
مبرِّرات الموقف التركي
تبدو تخوُّفات تركيا من احتمالات التصعيد الهندي ضدها، بعد أن هدأت الحرب الكلامية والدبلوماسية التي جرت بين البلدَين مؤخرًا، أمرًا واقعيًّا، في ظلّ التحديات التي تفرضها طبيعة المرحلة التي تعيشها أنقرة التي تعاني من أزمة تضخُّم غير مسبوقة، وتواجه تداعيات حرب ضروس بين جيرانها، وتدقُّ الانتخابات البرلمانية والرئاسية أبوابها، ومن ثم جاء الردّ التركي الخجول على الإساءة الهندية للمقام النبوي في إطار خطوة محسوبة بدقّة تحاول أن تسترتضي العاطفة الدينية الغاضبة، وألّا تثير في الوقت ذاته الحكومة اليمينية القومية المتشددة في الهند.
كما ينظر بعض المحلِّلين إلى أن الإساءة للمقام النبوي قد جاءت من مسؤول حزبي وليس من مسؤول حكومي، وقد قام الحزب الهندي الحاكم باستبعاده من منصبه، ومن ثم جاء الرد التركي على المستوى ذاته من قبل المتحدث باسم الحزب الحاكم في أنقرة.
ولا ترغب تركيا أن تخسرَ علاقاتها الاقتصادية الواعدة مع الهند والفرص الاستثمارية المشترَكة بين الجانبَين، ولا تريد بالطبع أن تمضي الهند في شراكتها الاستراتيجية مع أعداء أنقرة التقليديين، وبالطبع لا أحد ينكر ضغوط المصدّرين والمستثمرين والمصنّعين وأصحاب الشركات الكبرى على الحكومة التركية، بغية تهدئة صراعاتها الخارجية التي يرون أنهم أول من يدفع ثمنها.
وختامًا، توضِّح السطور السابقة سياق الموقف التركي وعزوف أنقرة عن التصعيد ضد الهند، أو استخدام لهجة قوية ولغة حماسية قد تثير الإعجاب لكن ربما لا تتحمّلها البلاد.