“سوف نرسلهم بالقوة إذا لزم الأمر.. سنضع حدًا للهجرة ونعيد الناس إلى وطنهم”، بهذه الكلمات خاطب السياسي اليميني المتطرف، رئيس حزب “النصر” التركي، أوميت أوزداغ، الرئيس رجب طيب أردوغان، في 10 مايو/آيار الماضي، مؤكدًا ضرورة إخراج اللاجئين وفي المقدمة منهم السوريين من الأراضي التركية، وكاشفًا عن كراهيته القبيحة للمهاجرين أمام الملأ.
تحول أوزداغ خلال الأشهر القليلة الماضية، إلى أحد أبرز الحاضرين بقوة على رادار وسائل الإعلام في الداخل والخارج، بعدما فرض بتصريحاته المناهضة للاجئين الجدل الذي تلقته بعض كيانات المعارضة بالرحب والسعة في إطار خدمة أجندتها السياسية، فيما استنكرها آخرون رأوا أن تلك التصريحات العنصرية تمثل استهدافًا مباشرًا لقيم وأخلاق الدولة التركية.
وبالكاد يوجد خبر يتعلق باللاجئين السوريين تحديدًا إلا وكان السياسي المتطرف طرفًا فيه إن لم يكن بطله في الأساس، إذ لم يسلم أحد من لسانه، أفراد وكيانات، فمن هذا السياسي صاحب السجل الوافر من الأكاذيب والاستفزازات العنصرية الفجة؟
متطرف تربّى في كنف الانقلابيين
تأثّر أوزداغ بوالده الذي كان أحد المشاركين في الانقلاب العسكري على حكومة الحزب الديمقراطي المنتخبَة ديمقراطيًا في 27 مايو/ أيار 1960. ومنذ ذاك الوقت أجاد الدعاية السوداء ضد خصومه وتبنّي الفكر التآمُري ضد مؤسسات الدولة، كما أشار رئيس دائرة الاستخبارات التركية الأسبق، بولنت أوراك أوغلو، الذي قال في مقال له بعنوان “هل لجأ أوميت أوزداغ إلى كذبة جديدة؟”، إن أوزداغ “يسلك طريقه من خلال كيل العداوة ضد وحدات استخباراتنا والصفوف الأولى في الدولة، وينظر إليهم كأعداء”.
درس أوزداغ العلوم السياسية وحصل على الأستاذية في سن الأربعين، كان ذلك عام 2001، ليبدأ رحلة التدريس الجامعي، ثم اتجه بعد ذلك إلى المجال البحثي مؤسسًا لعدد من مراكز الأبحاث، على رأسها مركز دراسة الديانة ومعهد تركيا القرن الـ21 ومركز أوراسيا للدراسات الإستراتيجية.
بفكر قومي بحت، دخل المعترك السياسي في سن مبكرة، فانضم إلى حزب الحركة القومية ومن هنا بدأت تظهر مشاغباته التي أثارت استياء كل من تعامل معه، فقرر وبشكل منفرد الترشح ضد رئيس الحزب دولت بهشتلي عام 2006، ليتم طرده من الحزب قبل أن يعود إليه بعد 4 سنوات بقرار قضائي.
استطاع التوغل داخل مفاصل الحزب من خلال استمالة العديد من رموزه، فنجح في أن يُنتخب في 2015 كعضو في اللجنة التنفيذية المركزية للحزب ونائب للرئيس، وفي نفس العام استطاع أن يكون نائب الحزب في البرلمان، لكن لم يمر عام واحد فقط على عودته حتى طُرد منه مرة أخرى عام 2016 بسبب خلافات مع بهشتلي.
لم يكن أوزداغ العضو الوحيد الذي طُرد من الحزب القومي، بل انشق في نفس الوقت عدد من القيادات وقرروا معًا تدشين حزب “الجيد” وتقلد منصب نائب الرئيس ثم انتخب عنه للبرلمان عام 2018، وبسبب خلافات داخلية قرر الحزب فصله للمرة الثالثة في تاريخ السياسي المشاغب وكان ذلك في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، لكنه القرار الذي ألغته المحكمة ليقرر هو بنفسه الاستقالة طواعية في مارس/آذار 2021 ليؤسس حزبه الجديد “النصر” في أغسطس/آب من نفس العام.
إصرار ممنهج
صدّر أوزداغ نفسه من خلال حزبه “النصر” بصفته الخصم الأول والأبرز للمهاجرين واللاجئين، إذ نشأ الحزب في الأساس على عقيدة استهداف الأجانب، وبنى هويته على مشاعر الكراهية والعنصرية ضدهم، وهو ما يتّضح بصورة مباشرة من خلال البيان التأسيسي للحزب الصادر في 26 أغسطس/ آب 2021، والمؤلَّف من 44 صفحة، 40 منها تتعلق بمناهضة المهاجرين.
ويعدّ اليميني المتطرف زعيم حزب الحرية في هولندا، خيرت فيلدرز، المثل الأعلى لأوزداغ في توجُّهه السياسي، إذ استمدَّ خطاب تأسيس حزبه من خطاب فيلدرز الإسلاموفوبي، لا سيما ضد السوريين والأفغان، فضلًا عن المهاجرين بصفة عامة.
وبحسب صحيفة “يني شفق” التركية، نشرَ أوزداغ على حسابه الشخصي على توتير أكثر من 777 منشورًا لمهاجمة الوجود السوري والأجنبي داخل تركيا، وذلك من أصل 1677 منشورًا نشرها خلال العام الماضي، فضلًا عن عدم تركه أي مناسبه وطنية كانت أو محلية إلا وعبّر فيها عن كراهيته للمهاجرين بشكل واضح.
ووصلت عنصريته الفجّة إلى الاعتراف صراحةً بتمويل وإنتاج الفيلم العنصري “الغزو الصامت” الذي يحتوي على تحريض مباشر ضد اللاجئين، حيث تُظهر اللقطات أن إسطنبول تحولت إلى خراب بعد أن سيطر السوريين على كل شيء، فيما تولّى رئاسة البلاد رئيس ولاية إسطنبول ذو الأصول السورية.
في ديسمبر/كانون الأول 2021 نشر أوزداغ مقطع فيديو على حسابه الرسمي على “تويتر” في أثناء زيارته لأحد المحال التجارية المملوكة لمواطن سوري في ولاية إزمير التركية، حيث بدأ في استجوابه عبر تقديم العديد من الأسئلة التي حملت طابع العنصرية والهجوم.
وذيل الفيديو المنشور ببعض الجمل والعبارات التي أثارت استياء الكثير مغردًا: “جاء هذا إلى تركيا منذ 7 سنوات. لا يعرف التركية إلا قليلًا جدًا، وحصل على الجنسية التركية، ولديه رخصة سلاح. وافتتح متجرًا للمجوهرات في إزمير. هناك 900 ألف شخص مثله، ألا تدرك تركيا الخطر التي هي فيه؟”، ثم وجه أسئلة للسوري قال فيها: “لماذا لا تعود إلى بلدك؟ متى أتيت إلى تركيا؟ هل يمكنني رؤية اللوحة الضريبية الخاصة بك؟ هل يمكنك إظهار هويتك التركية؟”.
وبينما كان يتوقع السياسي اليميني دعم وتعاطف المتابعين له على منصات السوشيال ميديا، إذ به يتعرض لموجة انتقادات عارمة استنكرت تصرفاته ووصفتها بـ”الصبيانية”، فيما اتهمه آخرون بالجهل والعنصرية والسطحية في فهم حقيقية وطبيعة وجود اللاجئين فوق التراب التركي.
سياسة أوزداغ الخاصة بزيارة السوريين في محالهم التجارية ومنازلهم وتصويرهم والتهكم عليهم يعدها البعض تحريضًا مباشرًا كأهداف محتملة لأي متعصب أو عنصري
وتجاوز رئيس حزب “النصر” في عنصريته كراهية اللاجئين إلى استهداف الحكومة نفسها، فشن هجومًا ضد الحكومة واتهمها بسرقة موارد البلاد ومنحها لـ10 ملايين أجنبي و3 ملايين لاجئ سوري، وأن الدولة تخصص أراضيها وإمكانياتها الزراعية وثروتها الحيوانية لإطعام الأجانب بها، على حد قوله.
ثم وجه رسالة لرئيس الحكومة قال فيها: “لقد استغللتم دماء الشعب التركي، واستغللتم عملهم، وسرقتوا ممتلكاتهم، وتبيعون جنسيتهم، لقد ملأت بلادنا بعشرات الملايين من الناس، سنطلب منك حساب كل منهم واحدًا تلو الآخر”.
وفي الوقت الذي يرفع فيه أوزداغ لواء الانتصار للأخلاق التركية في الحفاظ على المواطن التركي من الاستهداف الخارجي، سقط اليميني المتطرف في وحل الفساد الأخلاقي، فقد هددته زعيمة حزب “الجيد” ميرال أكشنار بنشرها مقاطع له في أثناء تحرشه جنسيًا بإحدى موظفاته، حسبما نشر موقع “سوبر هبر” التركي.
لوبان تركيا
من الواضح أن السياسي المعارض والمطرود 3 مرات من حزبين مختلفين، وجد في مسرح استهداف اللاجئين فرصته الجيدة لاستعراض مهاراته التمثيلية والظفر بدور البطولة في الكثير من المشاهد بهدف كسب تصفيقات الجماهير والحصول على دعمهم ومؤازرتهم له حين ينزل من على المسرح ويترجل في الشوارع والميادين العامة.
ويعتبر ظهوره المفاجئ على الساحة السياسية امتدادًا لتنامي نفوذ اليمين المتطرف في الغرب خلال السنوات السبعة الماضية، فكما هي أحزاب “من أجل الحرية ” في هولندا و”الحرية ” في النمسا و”جوبيك” في المجر و”البديل من أجل ألمانيا” في ألمانيا، فهناك “النصر” في تركيا، وكما أن هناك دونالد ترامب في الولايات المتحدة وخيرت فيلدرز في هولندا وماريان لوبان في فرنسا فهناك أوميت أوزداغ في تركيا.
الكاتب الفلسطيني المتخصص في الشأن التركي سعيد الحاج، يرى أن حزب “النصر” الذي أُسِّسَ في 26 أغسطس/آب 2021 بهدف “إنشاء دستور القومية التركية على نهج أتاتورك” وفق بيان أوزداغ، لم يتطرق لا من قريب أو بعيد لأي من المسائل المتعلقة ببيان التأسيس، لافتًا في مقال له أنه اكتفى باستهدف اللاجئين السوريين في المقام الأول، مركزًا جل اهتمامه على هذه المسألة تحديدًا، واصفًا الوجود السوري في تركيا بـ”الغزو”.
ويتعجب الحاج من تبني الرجل لهذا الخطاب المتطرف ضد المهاجرين رغم أنه من سليل عائلة مهاجرة إلى تركيا وأصله داغستاني، موضحًا أن سياسته الخاصة بزيارة السوريين في محالهم التجارية ومنازلهم وتصويرهم والتهكم عليهم يعدها البعض تحريضًا مباشرًا كأهداف محتملة لأي متعصب أو عنصري.
المثير للسخرية في هذا السياق التصريحات التي أدلى بها أوزداغ بداية مايو/آيار الماضي التي ادعى فيها أن رئيس الوزراء التركي السابق، ورئيس حزب”المستقبل” حاليًّا، أحمد داوود أوغلو، “لا يمتلك هوية تركية ولا يحق له الحديث في الأمور التي تحدث بها عنه”، وذلك ردًا على انتقاد الأخير له لعنصريته وعدائه للاجئين، حسبما نشرت صحيفة ” هبرلار” التركية.
ورقة اللاجئين والمطامع السياسية
بعيدًا عن الشعارات التي يرفعها اليميني المتطرف حول أهدافه النقية من وراء استهداف المهاجرين بين الحين والآخر، إلا أن الهدف الأبرز يتعلق بالسعي لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية من وراء هذا الملف الذي يطرب أسماع الشعبويين في تركيا وخارج تركيا.
فالنجاح الذي حققته أحزاب “من أجل الحرية ” في هولندا و”الحرية” في النمسا و”جوبيك” في المجر و”البديل من أجل ألمانيا” في ألمانيا خلال السنوات السبع الماضية عبر ورقة المهاجرين، يبدو أنه أسال لعاب أوزداغ الحالم بمنصب سياسي رفيع يحقق فيه أحلامه السياسية، فإن كان هناك دونالد ترامب في الولايات المتحدة وخيرت فيلدرز في هولندا ومارين لوبان في فرنسا، فهناك أوميت أوزداغ في تركيا.
وعليه كان الارتكاز إلى الخطاب الشعبوي الحاد في مواجهة الخطابات التي تعاني من ميوعة إزاء ملف الهجرة، مستغلًّا الوضعية الاقتصادية الحرجة التي يلمّح البعض إلى مسؤولية كلفة استضافة اللاجئين عن جزء من تفاقمها.
ويتمّ هذا في الوقت الذي وقفت فيه الحكومة والحزب الحاكم مكتوفَي الأيدي عن معالجة تلك الأزمة أو تقديم حلول عاجلة تراعي البُعد الوطني والإنساني، وهي الثغرة التي استغلّها أوزداغ والمعارضة بصفة عامة للهجوم على الحكومة لأهداف سياسية، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية العام المقبل.
ارتكن السياسي المعارض إلى الخطاب الشعبوي لتحقيق حلمه السياسي في أن يكون رقمًا صعبًا داخل المشهد السياسي، إذ كان الهدف ابتداءً هو المناكفة على كعكة البرلمان، غير أن الضربة التي تلقاها حزبه باستبعاده من قائمة الأحزاب المسموح لها خوض الانتخابات التشريعية القادمة في يونيو/حزيران 2023، دفعته لإعادة ترتيب أوراقه كافة.
وكانت الهيئة العليا للانتخابات في تركيا قد أعلنت قبل أيام استبعادها حزب “النصر” بسبب عدم استيفائه متطلبات خوض الانتخابات المقبلة، التي من أبرزها تنظيم الحزب لمؤتمرات كبرى في 41 ولاية تركية وفق التشريعات الجديدة، وهو ما لم يستطع الحزب الوفاء به رغم مضي 6 أشهر على التعديل.
حمل البعض حزب العدالة والتنمية مسؤولية زيادة شعبية أوزداغ، بعدما تُركت الساحة فارغة تمامًا إزاء الكثير من الملفات ومنها اللاجئين
وبعد فشل السيناريو الأول المتعلق بالبرلمان لم يجد أوزداغ أمامه إلا توظيف خطابه الشعبوي لتلميع اسمه لما هو قادم، ساعده على ذلك ما يمتلكه من مؤهلاته في تبني إستراتيجيات دقيقة قادرة على استمالة الشارع التركي بحكم دراسته البحثية وعمله الأكاديمي وخبراته داخل مراكز صناع القرار والدراسات الجيوسياسية التي قام بها.
خبير حرب نفسية في المقام الأول
استطاع أوزداغ توظيف تجربته الأكاديمية كأحد خبراء الحرب النفسية والتأثير على الرأي العام في دعم أجندته السياسية، إذ درس مداخل الشخصية التركية بشكل جيد، وتيقن من أدوات التوغل داخل مضامينها والتأثير فيها، بل وتشكيل توجهاتها وعقلها وشخصيتها في كثير من الأحيان.
وللسياسي المعارض كتاب يحمل اسم “إدارة الإدراك: البروباغندا، الحرب النفسية وحرب المعلومات” نشره عام 2014 يعد مرجعية معتمدة في إستراتيجيات الحرب النفسية وكيفية استخدامها كنوع من الدعاية السياسية لخدمة أجندات وتوجهات بعينها، ولعل هذا ما يفسر تفوقه في هذا المضمار على جميع منافسيه بلا استثناء.
تلك الملكات حين اختلطت بالعقيدة الشعبوية كان لا بد أن تُخرج شخصية قادرة على أن يكون لها رصيدًا كبيرًا لدى وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بصفة عامة، ومع الوقت إن لم تكن هناك خطط لمواجهته بأدواته التي يملكها فربما تزيد فرصه في تحقيق مكاسب سياسية خلال السنوات المقبلة وفق ما ذهبت مؤشرات استطلاع الرأي الأخيرة.
يتضح أن شخصية كأوميت أوزداغ ، بما تمتلكه من مؤهلات سياسية وخبرات بحثية مخضرمة، لا يهمها من وراء التلاعب بورقة السوريين إلا الحضور على الساحة وتحت الأضواء
وفي سياق مواز، يُحمّل البعض حزب العدالة والتنمية مسؤولية زيادة شعبية أوزداغ، بعدما تُركت الساحة فارغة تمامًا إزاء الكثير من الملفات ومنها اللاجئين، الأمر الذي سهل الطريق أمامه لاستغلال هذا الفراغ لتحقيق مكاسب سياسية خاصة، وهو ما ذهب إليه المحلل السياسي التركي، أوفوك اوراس.
أوراس يرى أن السياسي اليميني المتطرف يسعى من خلال عنصريته تلك لكسب أصوات اليمين القومي من جانب واليسار العلماني من جانب آخر، إذ إن أجندة كليهما تتلاقى عند تلك الجزئية، منوهًا في حديثه لـ”السورية نت” أن ما يفعله أوزداغ هو من باب إيجاد “هالة سياسية يحاول الحصول عليها من خلال هالة إعلامية”، كانت قضية اللاجئين هي المادة الرئيسية لها.
صدام مع الجميع
الخطاب المتطرف الذي يتبنّاه أوزداغ أوقعه في خصومة مشتركة مع الحكومة والمعارضة في آن واحد، إذ بات من الواضح أن الرجل يلعب لصالح أهداف وحسابات شخصية بعيدة تمامًا عن مصلحة تركيا العليا، التي دومًا ما يختبئ وراء شعاراتها الجوفاء والمتناقضة تمامًا مع مواقفه التي تهدد بإشعال الداخل قبل الخارج وتهدد مصالح الدولة.
فبعيدًا عن التوجُّه المعاكس لحزب العدالة والتنمية، والمنحدر من تبايُن الخلفية الأيديولوجية لكليهما، دخلَ الرجل في معارك جانبية مع وزراء الحكومة وقادة المعارضة، أبرزها معركته مع وزير الداخلية سليمان صويلو الذي وصفه بأنه أقل من الحيوان بسبب فيلم “الغزو الصامت” المناهض للسوريين.
وقد خاطبه الوزير قائلًا: “يفتقر الفيلم للأدب ويحاول استفزاز المجتمع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويستهدف الحكومة مباشرة”، وتابعَ: “يقول أوميت أوزداغ إنه قام بتمويل الفيلم بنفسه، هذا عمل القضاء، والقضاء سيقول أنت قمت بتمويل هذا الفيلم، فمن أين أتيت بهذه الأموال؟”.
وردَّ عليه لاحقًا زعيم “النصر” قائلًا: “إذا كان لديك ذرّة من الرجولة والشجاعة، انتظرني عند باب الوزارة غدًا الساعة 11:00، ودون الاختباء خلف الشرطة التركية، سأكون وحدي وغير مسلح، عندها سيرى الجميع من منا الرجل حقًّا”.
ومن الحكومة إلى المعارضة، حيث وجّه اتهامات مباشرة لزعيمة “حزب الجيد” ميرال أكشنر، بوقوفها خلف التصريحات الصادرة عن أحد نواب الحزب بحقّ كليجدار أوغلو، والتي قال له فيها: “أنت علوي ولن تنتخبك الطائفة السنّية التي هي قسم كبير من المجتمع التركي”.
أثارت هذه الاتهامات حفيظة أكشنر ورفقائها داخل الحزب الذي طردَ أوزداغ في نوفمبر/ تشرين ثاني 2020 على خلفية اتهامات وجّهها لرئيس الحزب في مدينة إسطنبول، بوغرا كافونجو، وذلك في بيان قال فيه إن الأخير “تورّط في أعمال تجاهلَ من خلالها أبسط مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون المصنَّفة في المادة 76 من ميثاق الحزب”، بحسب صحيفة “حرييت” التركية.
وفي سياق الصدام ذاته، أدلى اليميني المتطرف في مايو/ أيار الماضي بتصريحات ادّعى فيها أن رئيس الوزراء التركي السابق ورئيس “حزب المستقبل” حاليًّا، أحمد داوود أوغلو، “لا يمتلك هوية تركية ولا يحقّ له الحديث في الأمور التي تحدّث بها عنه”، وذلك ردًّا على انتقاد الأخير له لعنصريته وعدائه للاجئين، حسبما نشرت صحيفة “هبرلار” .
ونتاجًا لتلك السياسة العنصرية، يواجه أوزداغ دعوى رسمية أمام القضاء التركي على خلفية عنصريته وتصريحاته ضد اللاجئين السوريين، حيث رفع “تجمع المحامين الأتراك” (مستقل) دعوى رسمية لإغلاق “حزب النصر” ومحاسبة زعيمه على التصريحات التي تستهدف السوريين، التي يعتبرها البعض تحريضية بامتياز.
ممّا سبق، يتضح أن شخصية كأوميت أوزداغ، بما تمتلكه من مؤهلات سياسية وخبرات بحثية مخضرمة، لا يهمها من وراء التلاعب بورقة السوريين إلا الحضور على الساحة وتحت الأضواء، وأن الأمر لن ينتهي حتى لو غادر كل السوريين تركيا، فالأمر وسيلة وليس غاية، وهو ما يدفع إلى ضرورة مواجهة تلك الشخصية بنفس أدواتها، فكل المؤشرات تذهب إلى أن الدولة التركية على موعد مع “لوبان” جديدة لكن بصفة ذكورية.