ترجمة وتحرير: نون بوست
في مطلع السنة؛ عندما شن مسلحون مدعومون من إيران موجة من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة ضد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، كان الإحباط تجاه الولايات المتحدة يتأجج داخل الأسر الملكية لدول الخليج.
لطالما اعتبرت الأنظمة الملكية واشنطن شريكها الأمني التقليدي. لكن في نظرهم، كانت الولايات المتحدة لا تبدي أي اعتبار للتهديد الذي تواجهه دولهم؛ حيث استهدفت الأسلحة المتطورة بشكل متزايد المدن والمطارات والبنية التحتية للنفط.
وعندما أمر الرئيس الأمريكي جو بايدن بإرسال أسلحة إلى أوكرانيا بقيمة مليارات الدولارات لمساعدتها في صد الغزو الروسي، رأوا في ذلك دليلًا إضافيًّا على أن واشنطن لا تعامل شركاءها الخليجيين القدامى بالاحترام الذي يعتقدون أنهم يستحقونه.
وبينما كان السعوديون والإماراتيون يتذمرون بشأن القضايا الأمنية، كانت إدارة بايدن تعاني من مشاكلها الخاصة، فلقد شعرت بالغضب من مقاومة قادة الخليج لضخ المزيد من النفط لخفض أسعار الطاقة المرتفعة، ورفضهم قطع علاقتهم بالرئيس فلاديمير بوتين، الذي أقاموا معه علاقات أوثق في السنوات الأخيرة.
ومثلما أثار العدوان الروسي زخمًا جديدًا في حلف شمال الأطلسي، فقد كشف الطبيعة المتدهورة لشراكة الدولتين الخليجيتين التي استمرت عقودًا مع واشنطن، وسلط الضوء على التوترات الشديدة التي أقيمت حولها هذه العلاقة: وهي ضمانات الأمن الأمريكية للدول الغنية بالنفط مقابل الالتزام باستقرار أسواق الطاقة العالمية.
وكانت الحرب في أوكرانيا بمثابة نعمة ونقمة على الخليج؛ حيث يقول سانام فاكيل، خبير شؤون الخليج في معهد “تشاتام هاوس”، إنهم “يرون أن الولايات المتحدة عادت، ويمكنها الاحتشاد عندما تريد ذلك. والأخبار السيئة بالنسبة لهم هي عندما تحشد الولايات المتحدة قواتها من أجل شخص آخر، فسيكون ذلك بمثابة ضربة قوية”.
وبدلًا من القطيعة، قررت الولايات المتحدة وحلفاؤها الخليجيون محاولة إصلاح العلاقات، فقد أعلن البيت الأبيض يوم الثلاثاء أن جو بايدن سيزور المملكة العربية السعودية الشهر المقبل؛ حيث سيلتقي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، القائد الفعلي لأكبر مصدر للنفط في العالم.
وتعتبر هذه الزيارة بمثابة منعطف بارز لرئيس وعد بمعاملة المملكة على أنها منبوذة والتعامل مع الملك سلمان، وليس ابنه وولي العهد؛ محمد بن سلمان. وبالنظر إلى أن وكالات الاستخبارات الأمريكية تعتقد أن محمد بن سلمان أذن بعملية “القبض” أو “قتل” الصحفي جمال خاشقجي الذي قُتل على يد عملاء سعوديين قبل أربع سنوات؛ سيواجه بايدن انتقادات داخلية لتخليه عن مبادئه من أجل محاولة عزل روسيا.
وبالنسبة للعديد من الدبلوماسيين والمراقبين؛ تعتبر الزيارة السعودية علامة على الأهمية الدائمة لاتفاقية الطاقة مقابل الأمن التي حددت علاقة الولايات المتحدة بالخليج.
وتحتاج واشنطن للمساعدة في الحد من تأثير الحرب في أوكرانيا على أسعار النفط، بينما تظل دول الخليج معتمدة بشكل كبير على المساعدة العسكرية الأمريكية، من الدفاعات الصاروخية إلى الطائرات المقاتلة.
ويقول أحد الأشخاص المطلعين على المناقشات الخليجية إن “هذه فرصة للولايات المتحدة لإعادة ضبط طاولة المفاوضات، ولتعزيز الأمن في المنطقة وإدراك سبب قلق شركائهم بشأن الالتزام الأمريكي”.
مقايضة استقرار الطاقة
يبدو أن المملكة العربية السعودية تمهد الطريق لعقد اجتماع محتمل هذا الشهر من خلال الموافقة أخيرًا على زيادة متواضعة في إنتاج الخام مع حلفائها المنتجين في أوبك +، وقد وصف بايدن الخطوة بأنها “إيجابية”.
في الواقع؛ ضغط بعض مساعدي الرئيس على بايدن لأشهر ليضع خلافاتهم جانبًا والسعي من أجل التقارب، بحجة أن الأمر يستحق قبول مقايضات التعامل مع محمد بن سلمان مقابل استقرار الوضع في مجال الطاقة. ويُذكر أن البيت الأبيض قد درس سابقًا اجتماعًا بين بايدن ومحمد بن سلمان في قمة مجموعة العشرين في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي في روما، لكن تلك الخطط الأولية أُبطلت عندما اختار الأمير عدم الحضور، وذلك وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.
مدفوعة بنفوذهما في أسواق الطاقة؛ من المرجح أن ترغب كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في الحصول على بوادر دعم ملموس، وليس مجرد تطمينات بشأن التزامات الولايات المتحدة، وسيكون الضغط من أجل إبرام شراكات أمنية أكثر رسمية ومؤسساتية مع الولايات المتحدة على رأس جدول أعمالهم، بما في ذلك تحسين التعاون الاستخباراتي والعسكري لمواجهة خطر الصواريخ والطائرات المسيرة.
وعندما زار الدبلوماسي الأمريكي السابق دينيس روس، المستشار المخضرم في الشرق الأوسط، الذي دفع من أجل إقامة علاقة “متوازنة” مع المملكة العربية السعودية؛ راوده شعور “بالكبرياء المجروح”؛ حيث يقول إن الرسالة من الرياض كانت “لا تأخذنا كأمر مسلم به وتعتقد أنه يمكنك فقط أن تملي علينا ولا تهيننا”.
لكن روس يضيف أنه كان هناك أيضًا اعتراف بالعلاقة الإستراتيجية القديمة التي تجمع بين البلدين، ويوضح روس “كنت أسمع أن العلاقات انقطعت، ولا تزال لدينا تساؤلات وما زلنا قلقين من انسحاب هذه الإدارة؟ وحتى لو لم تنسحب هذه الإدارة، كيف نعرف ما الذي ستفعله الإدارة التالية؟”.
وتفاقمت المخاوف التي يشعر بها بعض الخليجيين بشأن فك ارتباط الولايات المتحدة السنة الماضية بعد أن سحبت الولايات المتحدة بعض دفاعاتها الجوية من المملكة لأغراض الصيانة والتناوب.
وقال الجنرال كينيث ماكنزي، رئيس القيادة المركزية الأمريكية، أمام لجنة بمجلس النواب في آذار/مارس: “لقد عملنا عن كثب مع حلفائنا الخليجيين لتعزيز قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم”، مضيفًا أن المملكة العربية السعودية مازالت تمتلك أكثر من 20 بطارية صاروخ من طراز باتريوت المضاد للصواريخ. وفي المقابل؛ تعتقد الرياض أن سحب بعض أنظمة الدفاع الجوي هو علامة على ما هو في نظرهم تسييس للعلاقة الأمريكية السعودية، لا سيما من قبل الديمقراطيين التقدميين.
ويقول روس: “هناك شعور مشترك بين السعوديين والإماراتيين بأنهم لم يروا أي استجابة من جانبنا عندما كان هناك تهديد فعلي. وسواء كان ذلك تصورًا عادلًا أم لا، فهو من نواح كثيرة ليس مهمًّا لأن هذا ما يؤمنون به هم فقط”.
وفي المقابل؛ يعتقد روس أن الأزمة الروسية عزّزت اعتراف واشنطن بالأهمية الإستراتيجية للسعودية والإمارات، وهم منتجو النفط الوحيدين الذين لديهم القدرة على زيادة إنتاج الخام بشكل كبير؛ حيث يسعى بايدن إلى عزل بوتين وتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة.
وأضاف روس قائلًا: “في بعض النواحي؛ تبدو إدارة بايدن على أنها نوع من التحديث والتجديد للصيغة التقليدية لمقولة: “نحن نوفّر لك الأمن وأنت تحرص على أن تكون إمدادات الطاقة كما يفترض بها أن تكون”.
وفي إشارة إلى المزاج الدبلوماسي المتغير؛ تعمل الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة على صياغة “إطار أمني” جديد، ووفقًا للشخص المطلع على المحادثات الإماراتية؛ لم يتم الانتهاء من أي شيء بعد. إلى جانب ذلك؛ قال مسؤول أمريكي كبير إن واشنطن “كانت تجري مناقشات منتظمة مع الإمارات حول تعزيز شراكتنا الدفاعية لردع أي هجمات مستقبلية والرد عليها”.
وبالإضافة إلى سعيه للحصول على دعم أكبر لتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة؛ من المرجح أيضًا أن يسعى بايدن إلى تحقيق بعض التقارب بين السعودية وإسرائيل، التي سيزورها الرئيس أيضًا؛ حيث قال مسؤولون إسرائيليون إن المناقشات التي سبقت زيارة بايدن تضمنت احتمال قيام الرياض بتوسيع نطاق الرحلات الجوية الإسرائيلية للسعودية، وعلى الرغم من عدم وجود علاقات رسمية بين المملكة وإسرائيل، إلا أنها تتعاون سرًا مع الكيان اليهودي في قضايا الأمن والاستخبارات.
ومع ذلك؛ ليس من الواضح إلى أي مدى سيكون بايدن على استعداد لتعزيز العلاقة الأمنية مع المملكة العربية السعودية، بالنظر إلى رد الفعل العكسي المحتمل الذي قد يخاطر بتلقيه من بعض الديمقراطيين. وفي حديثه عن التكهنات بأن بايدن سيزور المملكة؛ قال آدم شيف، وهو ديمقراطي بارز، إنه لن يذهب إلى المملكة العربية السعودية أو يصافح محمد بن سلمان.
وصرّح شيف، الذي يرأس لجنة المخابرات بمجلس النواب، للتلفزيون الأمريكي هذا الشهر قائلا: “لقد ذبح هذا الشخص مواطنًا أمريكيًّا [خاشقجي]، وقطعه إلى أشلاء بأبشع طريقة مع سبق الإصرار”.
تكنولوجيا الصواريخ
وتتعامل واشنطن مع جيل أكثر حزمًا وثقة من قادة الخليج الذين كانوا يحصنون علاقاتهم ليكونوا أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة، وهو أحد العوامل التي جعلت الرياض وأبو ظبي أقرب إلى روسيا والصين في السنوات الأخيرة، والتي تمثّل نقطة خلاف أخرى في علاقاتهم مع واشنطن.
وأثار بايدن غضب القادة في الخليج في أيامه الأولى من تولي منصبه من خلال إنهاء دعم واشنطن للتحالف الذي تقوده السعودية والذي يقاتل المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في الحرب الأهلية اليمنية؛ حيث جمّد مبيعات الأسلحة “الهجومية” للسعودية ورفع التصنيف الإرهابي الذي فرضته إدارة ترامب على الحوثيين، ولاحظ المسؤولون في الرياض ارتباطًا بين قرارات بايدن وتزايد هجمات الحوثيين.
ونشب صراع بين المسلحين والمملكة منذ تدخل التحالف – الذي تقوده السعودية والذي يضم الإمارات – في الحرب الأهلية اليمنية في 2015 لدعم الحكومة المخلوع؛ حيث تَعتَبِر الرياض وأبو ظبي الحوثيين وكيلًا لإيران، كما يتهمان – جنبًا إلى جنب مع واشنطن – طهران بتزويد الإسلاميين بتكنولوجيا صاروخية وطائرات مسيرة متطورة.
وخلال الأشهر الأولى من هذا العام؛ شن المتمردون هجمات شبه أسبوعية على المملكة، بما في ذلك هجوم صاروخي في آذار/مارس على جدة خلال عطلة نهاية الأسبوع التي كانت تستضيف فيها المدينة سباق الفورمولا 1. وفي كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير، أطلقوا صواريخ وطائرات دون طيار على أبو ظبي، مستهدفين مركز القوة في الإمارات العربية المتحدة.
ومع انكشاف ضعف دولته؛ غضب الشيخ محمد بن زايد، رئيس الإمارات العربية المتحدة، من حقيقة أن بايدن لم يتصل به لتقديم الدعم، ثم استخدمت الإمارات مقعدها المؤقت في مجلس الأمن الدولي للامتناع عن التصويت على قرار أمريكي في شباط/فبراير يدين روسيا في بادرة عامة تعبّر عن مدى إحباطهم.
وتضاءل تهديد الحوثيين منذ ذلك الحين مع استمرار الهدنة المؤقتة في اليمن، بينما تصدق واشنطن بأن الرياض تعمل على إنهاء الصراع؛ حيث أشاد بايدن “بالقيادة الشجاعة” للسعودية عندما مددت الهدنة لـ 60 يومًا أخرى هذا الشهر، لكن إحساس دول الخليج بالضعف أمام العدوان الإيراني لم يتضاءل، ومحاولات بايدن لإبرام اتفاق مع طهران لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 يزيد من تعقيد العلاقات الخليجية الأمريكية.
وأعربت الرياض وأبو ظبي عن قلقها من أن واشنطن تولي القليل من الاهتمام لتطوير إيران للصواريخ، ناهيك عن دعمها للمسلحين الشيعة في جميع أنحاء المنطقة؛ وهو الأمر الذي يشكل تهديدًا مباشرا لأمنهم، كما يخشون أن يتوصل بايدن إلى اتفاق لإحياء الاتفاق الذي تخلى عنه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 2018، والذي يعزز نفوذ الجمهورية الإسلامية، بينما يفشل في كبح جماح أنشطتها الإقليمية.
وتلقى كل من الإماراتيين والسعوديين أصداء إدارة أوباما، التي وقعت الاتفاق النووي مع إيران الذي أثار بدوره سخط الرياض من خلال التصريح بإنه على المملكة إيجاد أرضية توافق مشتركة مع منافستها اللدودة.
وفي هذا السياق؛ يقول الشخص المطلع على موقف أبو ظبي: “كانت الإمارات تتوقع من إدارة بايدن أن تتعامل مع هذا الأمر بشكل مختلف، لكنهم تبنوا موقف سلفهم الديمقراطي ذاته”.
في المقابل؛ تتعدد تحفظات إدارة بايدن حول سلوك السعودية؛ حيث أوضح بايدن استياءه من مقتل خاشقجي، وعلى خلاف قرار ترامب؛ أُعلنت نتائج وكالات الاستخبارات الأمريكية بشأن جريمة القتل وانتهاكات حقوقية أخرى. وفي المناظرة الرئاسية لسنة 2019؛ اتهم بايدن السعوديين بـ”قتل الأطفال” في إشارة واضحة إلى الحرب في اليمن؛ حيث أثار التحالف الذي تقوده السعودية انتقادات واسعة النطاق بسبب الضربات الجوية التي أودت بحياة آلاف المدنيين.
وفي رسالة إلى بايدن الأسبوع الماضي؛ حث آدم شيف وخمسة من المسؤولين الديمقراطيين رفيعي المستوى الرئيس على إعادة تأكيد المطالبة بالمساءلة عن مقتل خاشقجي ومواصلة تعليق دعمهم للهجمات التي يشنها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
الإمارات العربية المتحدة هي الدولة الثانية فقط بعد الولايات المتحدة التي تمتلك نظام الدفاع الجوي المتقدم ثاد
وحذرت مؤسسة داون؛ وهي منظمة حقوقية مقرها واشنطن شارك في تأسيسها خاشقجي، من أن الجهود المبذولة لإصلاح علاقة واشنطن بالرياض “دون التزام حقيقي بإعطاء الأولوية لحقوق الإنسان ليست فقط خيانة لوعود حملة بايدن، بل إنها من المرجح ستشجع ولي العهد لارتكاب مزيد من الانتهاكات “.
وعلى الرغم أن سمعة الإمارات في أروقة واشنطن أقل سُمِّيَّة بكثير، لكنها لم تفلت من تلقي الانتقادات للدور الذي اضطلعت به في اليمن كشريك للسعودية في التحالف. من جانب آخر؛ فقد أثارت استياء المسؤولين الأمريكيين من خلال السياسات الخارجية الأخرى التي تبنتها، بما في ذلك دعمها للجنرال الليبي المنشق، خليفة حفتر، إلى جانب روسيا، خلال الحرب الأهلية الصليبية؛ كما أثارت حفيظة واشنطن عندما اختارت أن تكون من بين الدول العربية الأولى التي تعيد العلاقات الدبلوماسية مع الرئيس السوري بشار الأسد، فبعد أن استضاف الشيخ محمد الأسد في أبو ظبي في آذار/مارس؛ صرحت واشنطن أنها “تشعر بخيبة أمل من الخطوات الأخيرة للإمارات “
وتتمثل نقطة الخلاف الأخرى بينهما في العلاقات الخليجية المزدهرة مع الصين وتعطشها للتكنولوجيا الصينية، بما في ذلك انتشار شبكات هواوي للجيل الخامس، على الرغم من مخاوف واشنطن بشأن استخدامها للتجسس على الأصول الأمريكية.
وفي الآونة الأخيرة؛ كانت هناك مخاوف من أن تصبح الإمارات العربية المتحدة ملاذًا ضريبيًْا للأموال الروسية القذرة والتهرب من العقوبات؛ حيث يقول فكيل: “حقيقة أن دول الخليج لا تدرك جيدًا مدى استياء واشنطن منها، وشدة خيبة الأمل تجاهها تمثل مشكلة حقيقية”. وعلى الرغم من تعدد المسائل المثيرة للاستياء في المنطقة، لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بموطئ قدم عسكري واسع النطاق في المنطقة.
وتجدر الإشارة إلى أن الإمارات العربية المتحدة هي الدولة الثانية فقط بعد الولايات المتحدة التي تمتلك نظام الدفاع الجوي المتقدم ثاد؛ حيث كانت المرة الأولى التي تم فيها إطلاق صاروخ ثاد في صراع جدّ هذه السنة، لإسقاط صاروخ حوثي تم إطلاقه لاستهداف أبو ظبي. في غضون ذلك، من المقرر أن تصبح المملكة العربية السعودية الدولة الثالثة التي تمتلك نظام ثاد بعد أن وافقت وزارة الخارجية على صفقة بقيمة 15 مليار دولار لشراء 44 منصة لإطلاق صواريخ “ثاد” في 2017.
في شأن ذي صلة؛ يوضح توم كاراكو، مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن المملكة تملك عددًا من صواريخ الثاد يعادل تلك التي يستحوذ عليها الجيش الأمريكي.
ويضيف كاراكو: “بذلت الولايات المتحدة جهودًا حثيثة لتقديم دفاعات جوية نادرة هناك مقابل الإهمال النسبي لاحتياجات الدفاع الجوي في المحيطين الهندي والهادئ”.
كما زود الجيش الأمريكي المخابرات الإماراتية بالبيانات الضرورية عندما رد الهجوم على أهداف تابعة للحوثيين بعد الضربات التي استهدفت أبو ظبي، بينما أعلن الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية في نيسان/ أبريل عن تخصيصه فرقة عمل جديدة لتسيير دوريات في المياه قبالة اليمن، وهو ما بدا أنها إيماءة لطمأنة مخاوف السعودية والإمارات، بيد أن الرياض وأبو ظبي أوضحوا أنهم يلتمسون المزيد من الدعم والتعزيزات.
حتى اللحظة الراهن؛ توضح كل المؤشرات من الرياض وأبو ظبي إلى أنهما ليسا مستعدين بعد لقطع العلاقات مع بوتين، على الرغم من محاولات الغرب لعزله وإبراز الغزو مكامن ضعف الجيش الروسي.
وفي بداية الشهر؛ استضافت السعودية وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في اجتماع لمجلس التعاون الخليجي في الرياض. والجدير بالذكر أن قرار بوتين بالتدخل في الحرب السورية لدعم الأسد في عام 2015 عزز نفوذ روسيا في الشرق الأوسط؛ حتى لو كانت تقف في صف معسكر العدو اللدود لدول الخليج. وجراء علاقات موسكو مع إيران؛ بات يُنظر إلى الرجل القوي بوتين أنه من أحد الجهات المحتملة لاستقرار المنطقة التي تسير على صفيح ساخن.
وفي هذا الشأن؛ يُحذر روس من أنه حتى لو التقى بايدن بمحمد بن سلمان، “فلن تسير الأمور كما هو مخطط لها ولن ترجع عقارب الساعة إلى الوراء لتصلح السعودية كل ما اقترفته من مظالم”.
وتابع روس: “أحد أسباب تحوطهم هو أنهم يريدون التأكد من مدى مصداقيتنا”؛ مشيرًا إلى أنه “كلما زادت ثقتهم بنا، تنامت رغبتهم في تعديل بعض سلوكهم، لكنهم لن يتبنوا فجأة موقفًا إيجابيًّا لمجرد أن هذا ما نريده”.
المصدر: فاينانشيل تايمز