ترجمة حفصة جودة
يبدو أن الطريق الأخير لمساعدات الأمم المتحدة في سوريا سيُغلق في تصويت بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الشهر المقبل، ما يعد كارثة أخرى لانهيار العلاقات بين الغرب وروسيا، ففي 10 يوليو/تموز سيصوت مجلس الأمن على إبقاء معبر باب الهوى مفتوحًا من تركيا الذي يساعد إدلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة.
تراجع عدد المعابر الحدودية المفتوحة للمساعدات في سوريا من 4 معابر إلى 1 فقط في 2020، إذ تحاول دمشق وموسكو (الراعي الرئيسي لسوريا في الأمم المتحدة) تأكيد حق سوريا السيادي في التحكم بحدودها وإدارة تدفق المساعدات الخارجية.
في يوم الخميس، أصدر رؤوساء جميع الوكالات الرئيسية في الأمم المتحدة بما في ذلك مارتين غريفثس رئيس مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، التماسًا مشتركًا استثنائيًا يطالب بإبقاء المعبر الحدودي مفتوحًا.
فقالوا في بيانهم: “الفشل في استئناف القرار سيكون له عواقب إنسانية وخيمة، فسيعطل فورًا عملية المساعادت الإنسانية للأمم المتحدة المنقذة للحياة، ما يدفع الناس في شمال غرب سوريا نحو مأساة عميقة ويهدد بحصولهم على الغذاء والرعاية الصحية والمياه النظيفة والمأوى والحماية من العنف الجنسي، ذلك الذي تقدمه العمليات المدعومة من الأمم المتحدة”.
طالب أيضًا 32 رئيس لمنظمة غير حكومية بإبقاء معبر باب الهوى مفتوحًا لمدة 12 شهر آخر، لكن فرصة النجاح في ذلك ضئيلة، فالأمر يتطلب قرارًا من الأمم التحدة والتزام روسيا بعدم استخدام حق الفيتو لتعطيل القرار.
يعد أكثر من 60% من سكان المنطقة نازحين من معارك سابقة في مختلف المناطق السورية، ويعيش نحو 1.7 مليون منهم في المخيمات
في إشارة إلى أهمية المعبر، زار وزيرا خارجية أيرلندا والنرويج المعبر وكذلك سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد.
تقول المنظمات غير الحكومية إنه في 2021 سمح معبر باب الهوى بمرور مساعادت إنسانية تصل إلى أكثر من 2.4 مليون شخص شهريًا شمال غرب البلاد، يتضمن ذلك طعامًا لـ1.8 مليون شخص ومساعدات غذائية لـ85 ألف شخص وتعليمًا لـ78 ألف طفل، ووصول عبوة الكرامة (مجموعة النظافة الشخصية للسيدات) لأكثر من 250 ألف امرأة وفتاة.
في المقابل وصلت المساعدات الإنسانية الداخلية إلى أقل من 50 ألف شخص، فاحتمالية وصول مساعدات من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام إلى إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة تبدو بعيدة.
يعد أكثر من 60% من سكان المنطقة نازحين من معارك سابقة في مختلف المناطق السورية، ويعيش نحو 1.7 مليون منهم في المخيمات، تحكم الجماعات الإسلامية المسلحة أجزاءً كبيرةً من تلك المنطقة، لذا فمن مصلحة الجيش السوري إضعاف تدفق المساعدات لتلك المنطقة.
قال مارك كاتس – نائب منسق الشؤون الإنسانية الإقليمي للأمم المتحدة في سوريا -: “سيكون الوضع كارثيًا في حالة عدم تجديد القرار، في الشهر الماضي قدمنا أكثر من 1000 شاحنة من المساعدات”.
يعتمد أكثر من 14.6 مليون سوري اليوم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة من بينهم 4.1 مليون شخص يعيشون شمال غرب البلاد
وأضاف “يتم إخطار سوريا بكل شاحنة مساعدات تعبر الحدود”، وشدد على أن هدف الأمم المتحدة الوحيد مساعدة الأشخاص المعرضين للخطر على جانبي خط المواجهة.
حذرت المنظمات غير الحكومية من أن المزيد من السوريين أصبحوا أكثر عرضة لخطر الجوع هذا العام أكثر من أي فترة أخرى خلال الصراع الذي امتد 11 عامًا، وقالت المنظمات في بيانها: “تسببت الأزمات المتقاربة والصدمات الاقتصادية بما في ذلك الجفاف والتضخم والانهيار الاقتصادي للدول المجاورة لسوريا وجائحة كوفيد-19 في مضاعفة الوضع الإنساني البائس بالفعل، ونتيجة لذلك، يعتمد أكثر من 14.6 مليون سوري اليوم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة من بينهم 4.1 مليون شخص يعيشون شمال غرب البلاد”.
كانت هناك معركة دبلوماسية هائلة في يوليو/تموز 2020 لإقناع روسيا بإبقاء معبر باب الهوى مفتوحًا، كانت روسيا والصين قد استخدمتا حق الفيتو للتصويت ضد قرار الأمم المتحدة بإبقاء نقطتي عبور مفتوحتين على الحدود من تركيا.
تم تمديد انتداب الأمم المتحدة لإبقاء المعبر مفتوحًا (دون إذن من سوريا) لمدة عام في 9 يوليو/تموز 2021، لكن بعد غزو روسيا لأوكرانيا في شهر فبراير/شباط، اقتربت العلاقات بين الغرب وروسيا من الانهيار، فقد انسحب الوفد الروسي من اجتماعات الأمم المتحدة تعبيرًا عن اشمئزازه من تصاعد الانتقادات ضد موسكو.
والآن لا شيء يشير إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا قللّ من دعم روسيا للرئيس السوري بشار الأسد، وإذا كان هناك ما يُقال، فإن سوريا تعزز وجودها لمنع تقدم تركي جديد للمناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد شمال سوريا.
المصدر: الغارديان