على عكس الرواية السائدة التي تصوِّر تقسيم الشرق الأوسط بأنه دوغما السياسة الخارجية الغربية، يحفظ التاريخ حِرص بريطانيا في القرن التاسع عشر على بقاء الإقليم حاجزًا بين روسيا ومستعمراتها في شبه القارة الهندية، حيث بين الحرص على منع التقسيم ودعم التماسُك، يتجلّى الدور التاريخي لروسيا كمحدّد في استراتيجية الغرب الشرق أوسطية.
في أَتُون الحرب التي أعلنتها روسيا على جارتها أوكرانيا، تعود حسابات القرن التاسع عشر والحرب الباردة، ويعود معها التساؤل حول نظرة الغرب إلى الشرق الأوسط في المعضلة الأمنية المتصاعدة، وإذا ما عادَ مشروع التكامل الشرق الأوسطي إلى الحسابات الغربية من جديد.
يهدف المقال إلى دراسة العلاقة السببية بين تفاوت حدّة التنافس الغربي-الروسي وتبدُّل الحسابات الاستراتيجية للغرب تجاه الشرق الأوسط، من خلال مراجعة الأحداث التاريخية وتقييم احتمالية تكرارها مجددًا في سياق مستجدّات الحاضر، ومحاولة تصور الفرص المستقبلية.
الأمس: اللعبة التاريخية (1850-1923)
ارتبط اهتمام بريطانيا بالشرق الأوسط بصعود قوتها البحرية من جانب، وبتنافسها برًّا مع روسيا على أراضي آسيا الوسطى في القرن التاسع عشر -فيما يُعرَف باللعبة الكبرى- من جانب آخر، فظهرَ مصطلح الشرق الأدنى ضمن وثائق مكتب الهند البريطاني، لتمييز المساحات المائية والقارّية بين شرق المتوسط والمستعمرات البريطانية في شبه القارة الهندية.
طوال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ظلَّ العامل الروسي العنصر الفارق في حرص الغرب على بقاء السلطنة العثمانية في حالة تماسُك نسبي للحيلولة دون روسيا ومياه المتوسط وأراضي شبه القارة الهندية، وهو ما دفعها وفرنسا إلى المشاركة مع العثمانيين في حرب القرم ضد روسيا فترة 1853-1856.
في الحرب العالمية الأولى، شكّل تحالف الباب العالي مع ألمانيا تهديدًا للمستعمرات البريطانية والحلفاء، بفتح جسر برّي من أوروبا يمرُّ عبر البلقان وأراضي الشرق الأوسط باتجاه الهند، مع إمكانية قطع الطرق البحرية في شرق المتوسط والبحر الأحمر، وفي خضمّ المعطيات المستجدة تحولت الاستراتيجية الكبرى لبريطانيا وحلفائها إلى إسقاط السلطنة العثمانية وتقسيم الشرق الأوسط.
يقيّم الغرب سياسته في المتوسط وغرب ووسط آسيا بين ميزانَين للقوة، الميزان الغربي-الروسي والميزان الغربي-الشرق أوسطي
رغم دخول روسيا في صفّ الحلفاء، إلا أن حسابات اللعبة الكبرى لم تَغِب عن مخططات التقسيم، فبريطانيا التي كانت تخشى تعاظم سطوة روسيا على البحر الأسود وإمكانية سيطرتها على إسطنبول، سعت إلى خلق كيان حاجز بديل يمنع عدو الأمس وحليف اليوم من التمدد في أراضي السلطنة العثمانية.
لذا حينما جاءت سايكس-بيكو كأول اتفاقية تقسيم في عام 1916، حرصت بريطانيا على إعطاء فرنسا الأراضي الواقعة شمال الهلال الخصيب بين لبنان والموصل مع تكوين كونفدرالية عربية تحت الانتداب الفرنسي، وذلك بغية الحفاظ على الميزان الجيوسياسي.
ومع التبدُّل الذي حملته الثورة البلشفية مالت بريطانيا إلى تغيير المعادلة، حيث أعلنَ الثوار الشيوعيون اعتزال روسيا للحرب العالمية ونأيها عن السلوك التوسُّعي، ما بدّدَ المخاوف البريطانية وقلّلَ من القيمة الجيوسياسية للكيان الحاجز، فاندفعت حكومة رئيس الوزراء البريطاني لويد جورج نحو التنصُّل من سايكس-بيكو والانقلاب على الحليف الفرنسي.
إلا أن الخلاف بين حكومتَي جورج ونظيره الفرنسي كليمنصو لم يَدُم طويلًا، فأعادت الجغرافيا فرض السلوك التوسعي على البلاشفة في روسيا، وترافقَ ذلك مع تمرُّد مصطفى كمال في ضواحي الأناضول وانفجار أزمة اقتصادية في بريطانيا، لتُفرَض بذلك حسابات الكيان الحاجز -الجمهورية التركية وفرنسا- ليؤول التقسيم إلى ما تمَّ التوافق عليه في سان ريمو عام 1920 ولوزان عام 1923.
إذًا، يقيّم الغرب سياسته في المتوسط وغرب ووسط آسيا بين ميزانَين للقوة، الميزان الغربي-الروسي والميزان الغربي-الشرق أوسطي، بينهما جرت الاستراتيجية الكبرى للقوى الغربية على السيطرة على المسرح العالمي من خلال اللعب على الميزانَين، وتوظيفهما كبديلَين متكافئَين.
اليوم: المتغيّرات والثوابت
تخوض روسيا حربًا هي الأعنف في أوروبا منذ أكثر من 70 عامًا، إذ تسعى موسكو إلى الانتقال إلى مربع الفاعلية ومدّ نفوذها إلى الأقاليم المحيطة، وهو المسعى ذاته الذي خاضت غماره في جورجيا عام 2008 وشبه جزيرة القرم عام 2014، وربما يمتدّ إلى آسيا الوسطى وأفغانستان معيدًا بذلك حسابات اللعبة الكبرى، ولكن هذه المرة بأقل ممانعة ممكنة.
فانسحاب الولايات المتحدة -وريثة بريطانيا العظمى- خلقَ فراغًا قد تسعى موسكو إلى ملئه ما لم يكن هناك مكافئ جيوسياسي، ما يلوّح بإمكانية إعادة إحياء الميزان الروسي-الشرق أوسطي وفرصة خلق تكتل إقليمي، تمامًا كما دعمت الولايات المتحدة إنشاء نواة الاتحاد الأوروبي في الحرب الباردة لموازنة التمدد السوفيتي.
بعد أكثر من قرن على التقسيم، شهد الشرق الأوسط والنظام العالمي جملة من التبدلات الجيوسياسية، نتيجة عوامل داخلية وخارجية تفرض إعادة تقييم معادلة ميزان القوى وفرص التكامل في الإقليم في خضمّ المعطيات المتغيّرة والثابتة.
على الصعيد الداخلي، يتكوّن الشرق الأوسط اليوم من مجموعة من الدول التي تحرص على تحقيق مصالحها الذاتية وتتفاعل مع بعضها وفق معايير النظام الوستفالي (السيادة والحدود وتوازن القوة)، ما ينعكس على وحدة المصالح ويؤدّي إلى خلق سياسات خارجية مختلفة.
فعلى صعيد الحرب الروسية-الأوكرانية، تنقسم دول الشرق الأوسط من ناحية تأثُّرها بالحرب إلى فئتَين: دول متضررة، مثل مصر التي تستورد 85% من احتياجها للقمح من روسيا وأوكرانيا؛ ودول مستفيدة -أو لا تمسّ الحرب مصالحها الكبرى على أقل تقدير-، أبرزها دول مجلس التعاون الخليجي المستفيدة من ارتفاع أسعار النفط العالمية.
اختلاف تأثيرات الحرب أنتجَ مواقف متباينة تجاه روسيا، فيقف نظام الأسد في صفّ موسكو مبديًا استعداده للاعتراف بجمهوريتَي دونيتسك ولوهانسك، بينما على النقيض أعلنت دول مثل لبنان والكويت تنديدها بالعمليات العسكرية لموسكو.
بين الفريقَين اتخذت المملكة العربية السعودية والإمارات موقفًا محافظًا وآثرت البقاء على الحياد، فرفضت الطلب الأمريكي برفع إنتاجها للنفط، محافظةً بذلك على الاتفاق بين دول أوبك وروسيا (OPEC+)، وهكذا يبقى التضارُب الداخلي في مواقف دول الشرق الأوسط بشكل عام، ونحو التدخل الروسي بشكل خاص، حائلًا دون حراك إقليمي مشترك.
فيما بعد الحرب الباردة، ترسم أمريكا استراتيجيتها الكبرى بأولويات تختلفُ عن سلفها بريطانيا، فتحرص على منع صعود أي قوة إقليمية لا سيما في محيط الممرات والمخانق البحرية
علاوة على العوامل الداخلية، تضع المتغيرات الخارجية -الولايات المتحدة بصورة رئيسية- جملة من المعوقات التي تحجّم فرص التكامل الشرق أوسطي، فبينما دعمت الإدارات المتعاقبة على البيت الأبيض تكامل الدول الأوروبية في فترة الحرب الباردة، والذي نتج عنه تأسيس الاتحاد الأوروبي، لا يبدو أنها ترمي إلى تحقيق ذلك في الشرق الأوسط لـ 3 أسباب:
في المقام الأول، كانت طبيعة النظام العالمي ثنائي القطب دافعًا ملحًّا للولايات المتحدة نحو إيجاد حلفاء أقوياء، وهو الواقع الذي تبدّل بتفكُّك الاتحاد السوفيتي وتحوُّل أمريكا إلى القوة الوحيدة في النظام الدولي، وتعاظم حضورها العسكري حول العالم من خلال 800 قاعدة عسكرية في 70 دولة، وكذا زيادة عدد أعضاء الناتو من 16 إلى 30 دولة.
ثانيًا، بالنسبة إلى أمريكا المعزولة جغرافيًّا عن القارات العالمية (آسيا، أوروبا وأفريقيا)، تعدّ حرية مرور الأسطول الأمريكي في المضائق والبحار الضيقة الركيزة الأساسية لاستمرارية نفوذها، ولذا لزمَ تدويل هذه المنافذ وضمان عدم صعود قوة إقليمية في محيطها.
ثالثًا، على عكس الاتحاد الأوروبي، لا يتشارك الشرق الأوسط مع الغرب القيم السياسية ذاتها، وبالتالي أي حراك نحو أقلمة الشرق الأوسط سيتسند إلى مرجعيات -سواء دينية أو قومية- يصنّفها الغرب على أنها تهديد للنظام الليبرالي العالمي.
وبالعودة إلى التاريخ، دعمت القوى الغربية -بريطانيا وفرنسا- صعود المدّ القومي العربي باعتباره عاملًا مساعدًا في تفكيك السلطنة العثمانية، غير أنها لاحقًا -ومعها الولايات المتحدة- وقفت بقوّة ضد تحركات الرئيس المصري جمال عبد الناصر لتوحيد الصف العربي.
وحين دخول السوفيت إلى أفغانستان عام 1979 -وما شكّله من تهديد مباشر لإمدادات الطاقة لأمريكا من منطقة الخليج العربي-، لم تُبنَ السياسية الخارجية الأمريكية التي وردت ضمن خطاب الرئيس جيمي كارتر -مبدأ كارتر- على خلق كيان موازن في الشرق الأوسط، ولكن على وضع التدخل المباشر ضمن الخيارات المحتملة.
هكذا، فيما بعد الحرب الباردة، ترسم أمريكا استراتيجيتها الكبرى بأولويات تختلف عن سلفها بريطانيا، فتحرص على منع صعود أي قوة إقليمية لا سيما في محيط الممرات والمخانق البحرية، ويغدو ذلك أولوية قصوى في الشرق الأوسط الذي لا يتماثل معها في القيم السياسية، وبإضافة الفروقات الداخلية بين دوله، لا يبدو التكامل الشرق أوسطي واردًا.
الغد: الصعب الممكن
تقول الحكمة الأفريقية: “حينما تتقاتل الفيلة فإن العشب من يتأذى”، وفي عالم السياسة تقع ويلات صراع القوى الكبرى على الدول الأقل ثقلًا في ميزان القوة، وهي الحكمة التي غابت عن حكومة الاتحاد والترقّي حينما تقحّمت الحرب العالمية الأولى وأحالت الشرق الأوسط إلى غنيمة حرب.
عبر التاريخ، كانت جغرافيا الشرق الأوسط قوة جاذبة لاجترار الإقليم نحو الصراعات، وذلك ضمن تنافس المتحاربين على خطوط الإمداد والمواقع الاستراتيجية، غير أن جغرافيا الحرب الحالية -بين روسيا وأوكرانيا- المحصورة في شرق أوروبا لا تزال تمنح الشرق الأوسط خيار البقاء خارج ميزان الصراع.
من جانبها لطالما قيّمت موسكو علاقتها بالشرق الأوسط بميزان الفرص والتهديدات، فهي تبحث في الإقليم عن حلفاء لموازنة أمريكا مثل إيران وسوريا، وقواعد عسكرية أبرزها قاعدة طرطوس البحرية، بالإضافة إلى منافذ لتصدير الغاز لا تتحكم بها أوروبا كما هو حال الأنبوب الذي يمتد عبر تركيا إلى المتوسط.
في المقابل، لا يزال الشرق الأوسط مهدِّدًا جيوسياسيًّا لروسيا بموقعه الطبيعي بينها وبين البيئة الحيوية للقارة العالمية، وكذا لغلبة كفّة النفوذ الأمريكي في الإقليم، بالإضافة إلى امتلاكه مخزون الهيدروكربونات الأكبر عالميًّا ما يجعله المتحكم الأبرز في أسعار النفط.
لذلك إذا ما حاولت دول الشرق الأوسط، سواء على مستوى فردي أو جمعي، استغلال الفرص الآنية التي تطرحها الحرب -مثل محاولة الاستيلاء على حصة روسيا من الهيدروكربونات-، فسيعدّ ذلك ترجيحًا لكفة التهديدات ودخول الإقليم ضمن ميزان الحرب وحساباتها.
وبالفعل تعاطت معظم دول الشرق الأوسط -وبشكل خاص دول الخليج العربي- مع الحرب بحنكة ودبلوماسية عاليتَين، فبالإضافة إلى الموقف السعودي والإماراتي من رفع إنتاج النفط، حذت قطر مسلكًا مماثلًا حينما رفضت بلباقة طلب واشنطن بتوجيه ناقلات الغاز إلى أوروبا، متحجّجة بعدم قدرتها على تغطية الفراغ الروسي وداعية أطراف الصراع الى طاولة الحوار.
من المهم إدراك حقيقة أن التكامل الجزئي -أو التعاون الاقتصادي بتوصيف أدق- قد لا يؤدي بالضرورة إلى التكامل أو التوافق على مستوى الملفات الكبرى
بعيدًا عن العاصفة ومقامرات المرحلة، تطالع في الأفق فرصة لاستثمار العامل الروسي في ما بعد الحرب على أصعدة أمن الطاقة والغذاء إقليميًّا ودوليًّا، فمع احتمالية استمرار التوتر الروسي الغربي حتى بعد أن تضع الحرب أوزارها، تغدو مساعي الدول نحو إيجاد مصادر بديلة تبعات بديهية وأمرًا واقعًا ليس بوسع موسكو الامتعاض منه.
بينما تقف المتغيرات الداخلية في بنية الشرق الأوسط وتباين دوله وكذا المعوقات الخارجية -الولايات المتحدة- عقبة أمام التكامل الإقليمي على المستوى الكلي (Macro) أو على صعيد الملفات الكبرى، يبقى بصيص أمل للتكامل الجزئي في الشرق الأوسط والتعاون على المستويَين الإقليمي-الإقليمي والإقليمي-الدولي.
على المستوى الأول تكمن أهمية التكامل بين دول الماء والنفط لتحقيق أمن الغذاء والطاقة إقليميًّا، وذلك عبر اتفاقيات تبادل تجاري أو باستثمارات مباشرة في القطاع الزراعي للدول الغنية بمصادر المياه، وهو ما يمكن تصوّره في تبادلات تجارية/ استثمارات بين دول الخليج العربي ودول الرافدَين والنيل على سبيل المثال لا الحصر.
أما على المستوى الإقليمي-الدولي تبرز فرصة عمل مشترك بين دول الماء والنفط من جهة ودول الموانئ من جهة أخرى، ففي الوقت الذي تمتلك فيه الأولى والثانية الموارد المطلوبة عالميًّا، توفِّر دول الموانئ منافذ استراتيجية وقنوات لتصديرها للأسواق العالمية، وهو ما ينطبق على دول مثل اليمن وتركيا ومصر.
إنجاز التكامل على كلا المستويَين يقتضي إنشاء وتطوير آليات مشتركة لنقل الموارد بين الدول، من خلال شبكات طرق برّية وبحرية وبنية تحتية من الأنابيب العابرة للحدود وكذا موانئ التصدير، بالإضافة إلى شركات ووكالات النقل البرية والملاحية، ما ينعكس مؤسسيًّا من خلال اتفاقيات بين دوائر النقل والنفط والزراعة في القطاعَين الحكومي والخاص للدول الشرق أوسطية.
مع ذلك، من المهم إدراك حقيقة أن التكامل الجزئي -أو التعاون الاقتصادي بتوصيف أدق- قد لا يؤدي بالضرورة إلى التكامل أو التوافق على مستوى الملفات الكبرى، ولكنه رغم ذلك يفتح المجال لنقل الشرق الأوسط من كونه نظامًا مبنيًّا على التنافس إلى مجتمع إقليمي.
فاعلية العامل الروسي وحدود التقارب الممكن في الشرق الأوسط تكمنان في المستقبل -ما بعد الحرب- وعلى مستوى جزئي في قطاعات النفط والغذاء والنقل
ومن جهة أخرى، من المستبعَد ممانعة الغرب للتعاون الاقتصادي بين دول الشرق الأوسط متى ما بقيَ جزئيًّا، كونه ينسجم مع مصالحه ويؤمّن له بدائل استراتيجية تمنحه مساحة مناورة أكبر في المعركة الباردة التالية ضد روسيا.
إجمالًا، يُفهم ممّا سبق أن الغرب على مدى التاريخ يزنُ سياسته تجاه الشرق الأوسط بمقارنتها بموازين القوة الأخرى، وأهمها الميزان الغربي-الروسي وذلك لكون الشرق الأوسط خطَّ الوصل والفصل بين المصالح الجيوسياسية للطرفَين.
في الحاضر، ورغم سعي بوتين إلى التمدد، لا يبدو سيناريو تكامل الشرق الأوسط واردًا لأسباب داخلية، تتمثل في تبدُّل بنية الإقليم وتبايُن مصالح وحسابات دوله الوليدة، وكذا لأسباب خارجية تتعلق بتبدُّل الاستراتيجية الكبرى للدول الغربية وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية.
كما أن أي حراك شرق أوسطي في الوقت الحالي سينعكس بصورة مباشرة على ميزان القوة الروسي-الغربي، ويقحم الإقليم ضمن حسابات الصراع ويؤدّي إلى نتائج عكسية، وهو ما تدركه دول الشرق الأوسط وتتعامل معه بحكمة.
بالتالي، إن فاعلية العامل الروسي وحدود التقارب الممكن في الشرق الأوسط تكمنان في المستقبل -ما بعد الحرب- وعلى مستوى جزئي في قطاعات النفط والغذاء والنقل، بما يحقق الاكتفاء الداخلي ويمنح الشرق الأوسط فرصة لملء الفراغ المتوقع في الأسواق العالمية.