تعتبر تونس وجهة سياحية مثالية لعشاق الطعام، بفضل تنوع مطبخها التقليدي بأصناف شتى من الأكلات الزمنية التاريخية، على غرار الكسكسي والملوخية والمدفونة والمرقة الحلوة والرشتة والنواصر، وغيرها من الأطباق التي يعود تاريخها إلى مئات السنين.
ورغم التنوع الكبير الذي يتميز به المطبخ التونسي التقليدي، فإن كثيرين يرون في المقابل، ضعفًا كبيرًا فيما يتعلق بأكل الشوارع – Street Food، مقارنة بدول أخرى، على غرار المغرب ومصر وتركيا والهند وإيران وباكستان، وغيرها من الدول التي اشتهرت بتنوع الوجبات والأطباق التي تقدمها المطاعم والعربات المنتشرة في مدنها.
في هذا التقرير، سنعرفك بأبرز 10 أكلات وأطباق معروفة ومنتشرة في الشوارع التونسية، يتناولها معظم التونسيين بشكل شبه يومي.
صحفة درع
يمكنك بدء يومك في تونس، بتناول أكلة الدرع المعروفة أيضًا باسم الصحلب أو السحلب، وهي من أكلات الشوارع المنتشرة في عدد من المحلات والمقاهي التونسية، التي تفنن بعضهم في تقديمها في أبهى صورة وأطيب مذاق.
وعن كيفية تحضيرها، يتم تجفيف حبوب الدرع ثم طحنها لتصبح ناعمة ويتم طهوها إما في الماء الساخن وإما في الحليب الساخن لتصبح فيما بعد متماسكة بعض الشيء، كما يتم تزيينها بالعسل والفواكه الجافة ويرش فوقها القليل من الزنجبيل الذي يقي بدوره الإنسان من برد الشتاء القارس، ويبلغ متوسط سعر صحفة الدرع 3 دنانير تونسية (نحو دولار واحد).
الصحن التونسي
يعتبر الصحن التونسي أحد أشهر الأكلات المنتشرة في المطاعم التونسية، وتميزت بتقديمه مطاعم معينة منذ عشرات السنين، خاصة في العاصمة تونس، ويبلغ متوسط سعره أربعة دنانير ونصف (نحو 1.5 دولار).
ويتكون أساسًا من مكونات متناسقة فيما بينها، على غرار الهريسة وسلطة أمك حورية (سلطة مصنوعة من الجزر المسلوق والثوم والهريسة وبعض البهارات الأخرى) والسلطة المشوية (يتم تحضيرها من الفلفل الأخضر والطماطم والبصل والثوم والزيت) وسلطة الخيار والبطاطا والطماطم والبصل والزيتون وزيت الزيتون والطرشي (لفت مخلل)، وغيرها من المكونات التي تتغير من محل إلى آخر.
كفتاجي العاصمة
يعد طبق الكفتاجي أحد أكثر الأكلات الشعبية انتشارًا في المطاعم التونسية المختلفة، وتختلف طريقة تحضيره من محافظة إلى أخرى، لكن تبقى محافظتا تونس والقيروان رائدتين في صناعة هذا الطبق الشهير.
لا يعرف تحديدًا أصل أكلة الكفتاجي، لكن تذكر مصادر أن أصلها تركي، فكلمتا “كفتة” و”كفتاجي” دخلتا اللهجة التونسية عن طريق الإمبراطورية العثمانية التي أخذتها بدورها عن اللغة الفارسية، ففي اللغة التركية كلمة الكفتة تعني اللحم المفروم الذي يُصنع على هيئة أَصابع أَو أَقراص ويُشوَى في السَفُود على النار أَو يُقْلى، لذا، فإن القاسم المشترك هو الفرم وهو المعنى المأخوذ من الفعل الفارسي “كوفتن” (koftan) بمعنى كسر، ضرب، دك، سحق، داس.
أما كلمة كفتاجي فهي مكونة من كلمة كفتة واللاحقة التركية “جي” التي تدل على المهنة أو المحل الذي يشغله صاحب المهنة، فالكفتاجي باللغة التركية إذًا هو بائع الكفتة أو المحل الذي تباع فيه.
ويتم إعداد طبق الكفتاجي في العاصمة تونس ومعظم المحافظات الأخرى بمكونات بسيطة موجودة في كل مطبخ، وهي الفلفل والطماطم والقرع (اليقطين) والبطاطا والبيض، حيث يتم قلي هذه المكونات ثم تقطيعها بواسطة السكاكين، وإضافة بعض البهارات وزيت الزيتون، ويبلغ سعره في أغلب المحلات 4 دنانير (نحو 1.3 دولار).
كفتاجي القيروان
يختلف كفتاجي القيروان في مكوناته وطريقة تحضيره عن الكفتاجي بالعاصمة، فيتميز الكفتاجي القيرواني بمذاقه الحار، لكون الفلفل الأخضر المكون الرئيسي في إعداده، حيث يتم قليه وإضافة كمية قليلة من الطماطم الطازجة والبيض المقلي، وبعض البهارات على غرار الملح والكروية.
وللكفتاجي القيرواني طرق مختلفة في التحضير، فبينما يختار حرفيون دك الفلفل في آلات الفرم الكهربائية، ظل آخرون محافظين على المهراس التقليدي أو ما يطلق عليه الحرفيون “الهروسة”، وهي وعاء نحاسي دائري، يوضع داخله الفلفل والطماطم والبيض وبعض البهارات، لدكها بمقابض نحاسية أربع، لتشكل مع بعض، طبقًا متناسقًا يسر الناظرين ويمتع الآكلين، ويبلغ متوسط سعره الثلاثة دنانير ونصف (نحو 1.2 دولار).
اللبلابي
يقبل معظم التونسيين عند اشتداد برودة الطقس على تناول أكلة اللبلابي المقاومة لانخفاض درجات الحرارة، وذات السعر المنخفض، إذ يبلغ متوسط سعرها 3 دنانير تونسية ونصف (نحو 1.2 دولار).
يتكون اللبلابي من الحمص والخبز غير الطازج والهريسة وزيت الزيتون، إذ يُنقع الحمص في الماء ليلة كاملة، ثم يترك على النار إلى أن يصبح طريًا ويقطع فيه الخبز، ويضاف إليه الثوم والكمون والهريسة وزيت الزيتون والبيض المسلوق.
واللبلابي يثير رغبات الكثيرين من زوار تونس لاكتشاف نكهته، خاصة أهل الفن والثقافة الذين ينزلون ضيوفًا على مهرجانات البلاد، وسبق لسفيرة بريطانيا في تونس لويس دي سوزا، أن نشرت تغريدة في شهر فبراير/شباط 2017، طلبت خلالها من المتابعين، اقتراح أماكن معروفة لتناول صحفة لبلابي.
ساندويتش اللبلابي
تشتهر محافظة بنزرت التونسية، بتقديم ساندويتشات اللبلابي التي تعرف إقبالًا واسعًا من ساكني وزوار المدينة، بفضل رخص أسعارها بالأساس.
وتتكون ساندويتشات اللبلابي من خبز وحمص مطبوخ وهريسة وزيت الزيتون، ويختار البعض إضافة التونة أو السردين والبيض المسلوق، ويبلغ متوسط سعر هذه الوجبة 1.5 دينار تونسي (نحو 0.5 دولار).
الملاوي
تشتهر كثير من مطاعم الوجبات الخفيفة والأكلات السريعة في عدد من المحافظات التونسية، بتقديم أكلة الملاوي، وهو نوع من الخبز التقليدي الذي يتم تحضيره من الدقيق والزيت، ثم يقدم ساخنًا كنوع من السندويتشات، ومن مكوناته الأساسية، الهريسة والسلطة المشوية وسلطة الخضر والتونة أو البيض أو صدور الدجاج المشوية غالبًا، ويبلغ متوسط سعر هذه الوجبة 3 دنانير تونسية (نحو دولار واحد).
الشاباتي
هو نوع خاص من الخبز، انتشر خلال العقود الأخيرة في مطاعم الوجبات السريعة في أغلب المحافظات التونسية، ويختلف الشاباتي التونسي في الشكل والمضمون عن نظيره الهندي، فيتم تحضيره أساسًا من الدقيق والماء والخميرة وبعض البهارات الأخرى، ثم يُخبز على مواقد خاصة، قبل أن يتم حشوه بالهريسة والسلطة المشوية والبصل والبقدونس والتونة غالبًا ويبلغ متوسط سعر هذه الوجبة 3 دنانير تونسية (نحو دولار).
العجة
تعتبر أكلة العجة إحدى أكثر الأكلات الشعبية انتشارًا في تونس، وتخصصت مطاعم معينة في تقديمها في أبهى حلة منذ سنين طويلة، خاصة في محافظات تونس الكبرى.
والعجة هي وجبة لا بالخفيفة ولا بالثقيلة، وتختلف مكوناتها من مطعم إلى آخر، لكن يبقى الزيت والبصل والفلفل وصلصة الطماطم والبيض، مكوناتها الرئيسية الثابتة، حيث يتم في مرحلة أولى، تقلية الفلفل والبصل مع إضافة المرقاز (السجق) أو غلال البحر أو صدور الدجاج، ثم صب صلصة الطماطم، وتركها تُطهى على نار قوية قبل صب البيض في آخر مرحلة، ثم تزيينها برشة بقدونس وبصل وزيت الزيتون.
وتقدم العجة كطبق رئيسي في كثير من المطاعم الفاخرة والسياحية، خاصة العجة بغلال البحر والمرقاز، ويبلغ متوسط سعرها غالبًا، 15 دينارًا تونسيًا (نحو 5 دولارات).
الهرڨمة
تعتبر الهرڨمة إحدى أثقل الأكلات التونسية وأكثرها دسامة في المطبخ التونسي، وتختلف طريقة تحضيرها من مكان إلى آخر، وتعتبر من أخطر أكلات الشوارع في تونس، ويستوجب تحضيرها عناية فائقة بنظافة مكوناتها.
والهرڨمة عبارة عن مرق، يتم تحضيره أساسًا من لحم رأس وكوارع الأبقار والعجول أو الخرفان، بالإضافة إلى البصل والثوم والزيت، وهناك طرق عديدة لتحضيرها، وتختلف الهرڨمة في المنازل عن تلك التي تباع في المطاعم الشعبية.
تخصصت مطاعم تونسية منذ عقود، بتقديم الهرڨمة إلى حرفائها، وغالبًا ما يتم إضافتها إلى طبق اللبلابي، حيث يتم قص لحم الرأس والكوارع لأحجام صغيرة، ثم صبه على صحفة اللبلابي، مع إضافة كأس من زيت الزيتون والثوم، ويبلغ متوسط سعر هذه الوجبة 7 دنانير تونسية (نحو 2.3 دولار).
يشار إلى أن بحثًا ميدانيًا عن المستهلك التونسي وجودة خدمات المطاعم، أجراه “المعهد الوطني للاستهلاك”، على عينة من 700 شخص في إقليم تونس الكبرى، كشف أن 44% من العينة المستجوبة تقبل على تناول الطعام خارج المنزل 6 مرات في الأسبوع، وبنسب متقاربة بين الذكور والإناث.
وبحسب هذا البحث الميداني، فإن الإناث يقصدن مطاعم الوجبات أساسًا، خلافًا للذكور الذين يقصدون المطاعم الشعبية والعربات المتجولة أكثر.