ترجمة وتحرير: نون بوست
في منطقة حدودية عسكرية، يقول طالبو اللجوء إنهم أُجبروا على القيام بعمليات صد عنيفة وغير قانونية في جوف الليل تديرها الشرطة اليونانية. ويزعم طالبو اللجوء، الذين تم احتجازهم للقيام بهذه العمليات، أنه تم تجنيدهم قسرًا أو استدراجهم من قبل رجل سوري يعيش في حاوية في ساحة مركز للشرطة اليونانية، ثم استُخدموا كسائقي قوارب لنقل مهاجرين آخرين إلى تركيا.
روى ستة مهاجرين سوريون ومغاربة كيف شاركوا في عمليات صد على نهر إيفروس تحت الإكراه مقابل نيل مذكرة من الشرطة تسمح لهم بالبقاء لمدة شهر في اليونان. وقد وصف اثنان منهم أنفسهما بأنهما “عبيد” وقالا إنهما شاهدا الشرطة اليونانية تجرّد طالبي اللجوء من ثيابهم ويسرقونهم ويعتدون عليهم قبل إعادتهم إلى قوارب مطاطية مكتظة حيث يؤمر الرجال المجندون بنقلهم عبر النهر العميق المتدفق إلى الضفة التركية.
في تحقيق مشترك بين صحيفة الغارديان وموقع لايتهاوس ريبورتس وصحيفة لوموند وصحيفة دير شبيغل وأي آر دي ريبورت ميونخ، تؤكّد أدلة مرئية شهادة الرجال مع وثائق تثبت احتجازهم وإطلاق سراحهم لاحقًا من قبل السلطات اليونانية. كان هؤلاء الرجال من بين أولئك الذين استجابوا لمجموعة “الإنقاذ الموحد” على فيسبوك، التي طلبت من الناس التحدث عن هذه الممارسات.
تضاعفت التقارير عن عمليات الإعادة غير القانونية للمهاجرين منذ آذار/ مارس 2020 عندما وصل آلاف الأشخاص إلى الحدود، العديد منهم تم اقتيادهم من قِبل السلطات التركية إلى الحدود اليونانية بعد أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه فتح “البوابة” إلى أوروبا.
رفضت السلطات اليونانية ورئيس وزرائها، كيرياكوس ميتسوتاكيس، هذه المزاعم باستمرار مصرين على أن اليونان لديها سياسة هجرة “حازمة وعادلة”. لكن السكان المحليين في القرى الحدودية تحدثوا علنًا عن طالبي اللجوء الذين عادة ما يكونون ملثمين والذين “يعملون” لصالح الشرطة، وأكد ضابطان يونانيان رفيعا المستوى استخدام رعايا دول ثالثة كوكلاء في عمليات إعادة اللاجئين.
We located the police stations, obtained visual evidence & documents confirming their detention & release by Greek authorities. The testimony & supporting evidence was accurate enough for us to create this 3-D model of one of the stations pic.twitter.com/UYiDswmYnT
— Lighthouse Reports (@LHreports) June 28, 2022
زعم الرجال بأنه يُمارس عليهم إكراهً ممنهج. قال باسل، وهو سوري الجنسية، إنه أمضى ثلاثة أشهر في زنزانة للشرطة في تايتشيرو بالقرب من الحدود اليونانية التركية للمشاركة في عمليات إعادة المهاجرين. عبر باسل نهر إيفروس إلى اليونان أملا في طلب اللجوء والتقت الشرطة اليونانية بمجموعته التي قال إنها أوسعتهم ضربًا بالهراوات ثم اقتادوهم إلى مركز شرطة تايتشيرو حيث أمروهم بخلع ملابسهم وزجوا بهم في زنازين مكتظة.
Greece has long been rumoured to be using forced recruits in operations against asylum seekers at the border. Now we have evidence which I’ll explain ? pic.twitter.com/vvJ19bxyof
— Bashar Deeb (@bash_deeb) June 28, 2022
بعد أن علمت الشرطة اليونانية أنه يتحدث اللغة الإنجليزية، قال باسل إنهم أخرجوه من الزنزانة وعرضوا عليه صفقة: إما يعمل مع الشرطة أو يُتهم بتهريب البشر ويذهب إلى السجن. ومقابل الحصول على تصريح للبقاء في اليونان لمدة شهر واحد، سيبقى محتجزًا خلال النهار ويُطلق سراحه ليلًا لردع طالبي اللجوء الآخرين.
قال باسل إنه تم إخباره بأن “العمل” لن يكون مقابل أجر لكن يمكنه أخذ ما يختاره من مقتنيات المهاجرين. وروى آخران نفس قصة التجنيد وما تعرضا له من تعنيف عقب حدوث خطأ أثناء إحدى العمليات. ذكر باسل: “هذا العمل خطير جدًا، خاصة بسبب العداء بين اليونانيين والأتراك”. وأكدت مصادر الشرطة التي تضمّن التحقيق شهاداتها أنه يتم الاستعانة بوكلاء مثل باسل من أجل تجنب المواجهات مع قوات الأمن التركية.
تحدّث ثلاثة سوريين محتجزين في مركز شرطة آخر في نيو تشيمونيو عن قصة مماثلة. جميعهم دفعوا ما يصل إلى 5000 يورو (4300 جنيه إسترليني) لوسيط من إسطنبول للعبور إلى اليونان عبر مهرّب قال إنه سيكون هناك سوري ينتظرهم مع الشرطة اليونانية. وقد شعروا بالذهول عندما أدركوا أنه عليهم إعادة قوارب المهاجرين إلى تركيا مقابل ضمان عبورهم إلى اليونان.
قال فرهاد إنهم تعرضوا للتهديد بشكل منتظم من قبل سوري يطلق على نفسه اسم “مايك” كان يعمل في مركز شرطة نيو تشيمونيو ويساعد الشرطة في عمليات الإعادة غير القانونية وتجنيد وتنسيق طالبي اللجوء. وأضاف فرهاد أنه رفض في البداية المشاركة ولكن “مايك” أخبره أنه لا يخاطر بخسارة أمواله فحسب، بل “سوف يختفي” إذا عاد إلى إسطنبول.
كان “مايك”، الذي يعيش في مركز للشرطة، يفتش طالبي اللجوء المقبوض عليهم على ضفة النهر قبل إعادتهم من حيث أتوا. وكان حريصًا بشكل خاص على المجوهرات الذهبية وكان يتصرف بعنف إذا لم يسلمه الناس أشياءهم الثمينة. تعرف الرجال على “مايك” عن طريق بنيته القوية ووشمه، وتعرف عليه أيضا صاحب متجر محلي كان قد رآه مع الشرطة. كما تضمن التحقيق صورا له في مركز الشرطة. ويُقال إن “مايك” يعمل مع شقيقه، وهو قاتل مُدان مطلوب بتهمة الاختطاف وبتهم تهريب متعددة.
Mike’s operation runs in plain sight, from a container next to Neo Cheimonio station. We obtained pics showing him on site. He’s known to locals who confirmed where Mike lives & works to reporters. pic.twitter.com/2A4bMKYrtK
— Lighthouse Reports (@LHreports) June 28, 2022
تم الإفراج عن باسل وقد غادر اليونان الآن، لكنه أصيب بصدمة نفسية بسبب الوقت الذي أمضاه في الزنزانة التي لا يخرج منها إلا ملثمًا لينقل بالقارب مجموعات من طالبي اللجوء اليائسين، الذين غالبًا ما يكونون نصف عراة، إلى تركيا. وفي وصفه لما حدث معه قال: “أسمي هذه المرحلة مرحلة العبودية”.
اتصلت صحيفة الغارديان بمراكز شرطة تايتشيرو ونيو تشيمونيو ووزير حماية المواطنين ورئيس حرس الحدود في منطقة إيفروس عدة مرات، لكن لم تتلق أي رد حتى وقت نشر هذا التقرير.
*تم تغيير الأسماء لحماية الشهود
المصدر: صحيفة الغارديان