التسويق الإلكتروني والتجارة الإلكترونية تحتل مكانة متقدمة اليوم من التبادل التجاري حول العالم، والعرب في مؤخرة القائمة!
مازالت المشاريع العربية صغيرة، لوا تكاد تحقق نجاح بسيط حتى يخبوا ويندثر ذلك النجاح رغم الأفكار الرائعة والبدايات المفعمة بالنجاح، لكنها تنتهي بالفشل والموت السريري
في إطار البحث عن أهم الأسباب التي تحد من وصول هذه المشاريع إلى النجاح الداخلي لنتمكن من الانطلاق بعدها إلى العالمية، ولكن قبل أن نبدأ، أحب أن أذكر ببعض الحقائق عن مواقع التبادل التجاري التي نحن بعيدون عنها، مثلاً موقع “علي بابا الصيني” الذي تقدر قيمته بـ 231.7 مليار دولارًا أمريكيًا قابلة للزيادة، وأيضًا موقع “أمازون” و”أي باي” الأمريكي الذي تجاوز كل منهما الـ 100 مليار دولارًا أمريكيًا، هذه الأرقام الفلكية لا تقارن مع المحاولات التي أُجهضت في عالمنا العربي وأصبحت فردية لا تتجاوز محل بقالة وفتات موائد عمالقة التسويق والتجارة الإلكترونية؛ لهذا كان علينا تبيين أسباب هذا الأمر:
1- ثقافة الشراء عن طريق الإنترنت
هناك تقرير نشر عن تركيا مؤخرًا يفيد بأن 42% من الشعب التركي يستخدمون التسوق عبر الإنترنت بحركة تجارية قدرت عام 2013 بمبلغ 7 ونصف مليار دولارًا أمريكيًا، وهي نسبة متدنية مقارنة بأوروبا والولايات المتحدة، بينما أكد المهندس “خالد محمد خالد” رئيس نقابة التجارة الإلكترونية أن التسويق الإلكتروني في أحسن حالته لم يتجاوز 20% من سكان الوطن العربي، وأكد أن المشكلة تكمن في عدم دعم الحكومات العربية لهذا القطاع المهم والحيوي والذي يؤثر في العالم أجمع، وأضاف أن نقص التثقيف ناتج عن هذا السبب.
2- حاجز اللغة
إن لغة التجارة والتسويق الإلكترونية العالمية هي اللغة الإنجليزية، ومن أهم أسباب عدم وصول المدونة العربية للعالمية هي عدم احتوائها وتقبلها للفكرة على الرغم من سهولة الترجمة وفتح الصفحات والمدونات بلغتين أو أكثر، ولكن الأمر يحتاج للقليل من العمل والكثير من الصبر.
3- العلامة التجارية
من أهم إنجازات التسويق الإلكتروني هو إيصال المنتج المحلي إلى العالمية، ولكن عقبة التسجيل والدعاية ليكون للمنتج قوة سلعية تنافس لم يحصل، وهذا ضعف في عالمنا العربي لمفهوم التسويق، مع العلم أن لدينا منتجات غذائية وسلعية وتراثية وملابس وغيرها تنافس المنتجات الغربية وتتفوق عليها في بعض الحالات، لكن المصنع لايزال يعمل بالعقلية القديمة ويرفض مفهوم التسويق الحديث؛ لذلك لا تجد علامات تجارية قوية في عالمنا العربي.
4- المطاولة
قد يستغرب البعض من هذه الكلمة لكن مفهوم إنشاء موقع للتسويق بقوة وضخامة ليستحق الوصول للعالمية يحتاج لنفس طويل وصبر وعمل دؤوب، ويحتاج كذلك لخطط تسويقية ولرصد أموال وهذا ما يبتعد عنه المستثمر العربي لعدم إيمانه بالفكرة الناتج عن الجهل العام لمفهوم التسويق والتجارة الإلكترونية؛ بالتالي يحرم نفسه من الاستثمار بسوق خام لا يحتوي على منافسة حقيقة والنجاح فيه مؤكد.
5- غسيل الأموال
من اهم المشكلات التي تواجه التجارة الإلكترونية في العالم العربي والعالم بشكل عام، استغلال البعض لمواقع التسويق الإلكترونية لغرض غسيل الأموال؛ مما يجعل الموقع مستغل لغرض معين ثم ينتهي المشروع مع انتهاء الغرض من إنشائه ومنها تمويل الإرهاب وغسيل الأموال؛ وكل هذا يضرب مشاريع وسمعة التجارة الإلكترونية العربية.
6- مصارف الأونلاين
إن ندرة وجود مصارف أونلاين عربية يساهم في تعقيد حركة البيع والشراء ويجعل الأمر يحتاج لوسيط غير عربي؛ مما يجعل الأمر غير مريح للمستخدم وكذلك للمستثمر وهذا يعتبر من المشاكل المهمة ويمكن حلها لو أعطت الحكومات الضوء الأخضر للمستثمرين في هذا المجال وفق شروط معقولة.
7- ضعف المنظمات الغير حكومية
إن المنظمات الغير حكومية في العالم العربي تعتبر من أنجح المنظمات التي تدير مشاريع فردوية وصغير، ولكن الخروج إلى التوسع والعالمية نادرًا ما نجد من يتقنه؛ لذلك تجد مجموعة كبيرة من المبادرات التي تنجح في حالات فردية دون الوصول إلى مؤسسات وشركات تخرق القيود لتصل للعالمية، ويعتبر من أهم الأسباب هو ضيق فضاء الحرية لهذه المنظمات وقصر التجربة التي لديها.
8- النصب سبق العلم
مشكلة التسويق الإلكتروني في عالمنا العربي تكمن – كما قلنا – في جهل المستخدم؛ مما شجع عمليات النصب التي اعتمدت على الجهل فأدى إلى وجود صورة ذهنية لدى المجتمع أن التسويق والتجارة الإلكترونية ما هي إلا عملية للنصب جديدة، وهذا خلاف للواقع الذي تحدثنا عنه في بداية المقال والأرقام الكبيرة التي حصدتها تلك المشاريع.
لعل كل هذه النقاط هي من أهم الأمور الجوهرية التي جعلت الفشل مصير المشروعات العربية للتسويق الإلكتروني، ولكن هناك محاولات جادة لتغيير هذا الواقع فلكل مشكلة من المشاكل السابقة لها حل متوفر، الأمر فقط يحتاج لقرار من كل ذي صلة؛ عندها سنجد أسواق إلكترونية عربية تنافس الأسواق العالمية قوةً وانتشارًا وتسويقًا.