ترجمة تحرير: نون بوست
بصفتي أخصائي علم نفس تربوي فقد عاينتُ عن كثب التأثير السلبي للأحداث الحالية المثيرة للقلق على أطفالنا، مثل الوباء المتفشي والعنف المسلح والتغير المناخي. وقد أخبرتني مؤخرًا فتاة تبلغ الحادية عشرة من العمر قائلة : “يصعبُ التوقف عن التفكير في الأحداث السيئة، أحيانًا، أشعر بالقلق من مجرد الاستيقاظ من النوم”.
يمكن أن يحدث اليأس في ظل غياب الأدوات المناسبة للتعامل مع الشدائد، ويمكن أن تتضاءل الرفاهية العامة عند الأطفال، ولكن يحفزهم الأمل على البقاء أقوياء ذهنيًا خلال أوقات الشدائد، وهو ما يميزهم عن أولئك الذين يستسلمون بسهولة.
يدركُ الأطفال الأقوياء ذهنيًا قيمة الأمل
تشيرُ الأبحاث إلى أن الشعور بالأمل يمكن أن يقلل بشكل كبير من قلق الطفولة والاكتئاب؛ حيث يمتلك الأطفال المتفائلون شعورًا داخليًا بالسيطرة، فهم ينظرون إلى التحديات والعقبات على أنها مؤقتة ويمكن التغلب عليها، ولذلك يرجح أن ينجحوا ويساعدوا الآخرين.
ومع ذلك؛ فإن الأمل مستبعد بدرجة كبيرة من خطط الوالدين لدينا رغم قوته الهائلة. ماهي الأخبار السارة؟ إنها إمكانية تعليم الأمل؛ حيث يعتبر تزويد الأطفال بالمهارات اللازمة لمواجهة مصاعب الحياة التي لا مفر منها أحد أفضل الطرق لتعزيز هذه القوة.
وفيما يلي تسع طرق – معززة علميًا – لمساعدة الأطفال الحفاظ على الأمل خاصة في أوقات الشدائد:
1. توقف عن السلبية في اللحظة الراهنة
يقضي التشاؤم غير المبرر على الأمل؛ وهذا هو سبب أهمية مساعدة الأطفال في السيطرة على السلبية قبل أن تصبح عادة. حدد رمزًا خاصًا للإشارة إلى أن “هذا تعليق سلبي”، مثل وضع اليد خلف الأذن، ثم شجعهم على مقاطعة الأفكار السلبية.
يساهم تحديد اسم مستعار لصوتهم المتشائم مثل “السيد نيللي السلبي” في مساعدتهم على التحكم فيه، وعندما ينطق ابنك حتى بالقليل من التفاؤل مثل: “أنا أتحسن في هذا الأمر”، شجعه قائلاً: “نعم، يمكنني القول أنك كنت تتدرب!”.
2. استخدم شعارات التحفيز المتفائلة
تمتلك تلك الكلمات قوة عظيمة. ساعد طفلك على تطوير شعارات متفائلة مثل: “لقد حققت هذا”، و”القادم أفضل” أو “سأكون بخير”، لاستخدامها في الأوقات الصعبة، ثم علمهم استخدام تلك العبارات لتقليل التشاؤم.
يمكنك أيضًا أن توجه طفلك ليضع شعاره الإيجابي كشاشة توقف على الهاتف، وذلك باستخدام منصات إنشاء الاقتباسات مثل موقع “كانفا“. ولا تنسى أن تستخدم أحد هذه الشعارات لنفسك، وكرره حتى يصبح صوتك هو الصوت الداخلي لطفلك.
كنت دائمًا ما أردد لأبنائي: “أمتلك المهارة اللازمة”، والآن لا زالوا يكررونها كبالغين.
3. علِّم العصف الذهني
لا يتجنب الأطفال المتفائلون المشاكل، بل يتعاملون معها مباشرة لأنهم تعلموا أنه يمكن حل المشكلات.
اشرح لطفلك: “إن الحيلة للتخلص من المشكلة تكمن في إطلاق العنان للذهن للبحث عن الحلول”، ثم قم بتعليمه العصف الذهني. ومن بين إحدى الحيل هي استخدام اختصار أحرف (ت، ت، أ، ق، ح) لمساعدة الأطفال على تذكر الخطوات وهي:
– تريث حتى تتمكن من التفكير.
– تحدث عن مشكلتك.
– اسأل: “ماذا يمكنني أن أفعل أيضًا؟”
– قم بتحديد كل ما يمكنك فعله لحل المشكلة بدون أحكام.
– حدد أفضل الخيارات وطبقه.
4. تبادل الأخبار الباعثة على الأمل
يسمع الأطفال المتفائلون قصصًا باعثةً على التفاؤل، كما يمكن للعنف الذي يعرض على وسائل الإعلام أن يخلق انطباعًا عن العالم على أنه دنيء ومخيف وخطير بالكلية. ولذلك تبقي الأخبار المبهجة أمل الأطفال متقدًا.
ابحث عن قصص إخبارية ملهمة لمشاركتها مع أطفالك بين الفينة والأخرى. وفي وقت الخلود إلى النوم، قم بعمل مراجعة للجوانب الإيجابية اليومية لكل شخص وذلك لمساعدة أطفالك في العثور على الجانب المشرق من الحياة.
ذكرهم بانتصاراتهم على المصاعب، كأن تقول: “أتذكر عندما كنتَ تواجه مشكلة في تكوين الصداقات؟ أما الآن، لديك رفاق رائعون!”.
5. اطرح سؤال “ماذا لو؟”
يفكر الأطفال المتشائمون غالبًا في “الاحتمالات السوداوية” التي تضعف الأمل. بينما يتعلم الأطفال المتفائلون التقييم بشكل دقيق. وعندما يساور طفلك الشك، اطرح عليه أسئلة من نوع “ماذا لو” للتفكير في النتائج المحتملة بشكل أكثر واقعية.
يمكن أن تسأله: “ماذا يمكن أن يحدث إذا حاولت – أو لم تحاول – فعل ذلك؟ ما هو أسوأ شيء يمكن أن يحدث؟ ما مدى احتمالية حدوث ذلك؟ ما هي النتيجة الأكثر احتمالًا؟ “.
تساعد هذه الأسئلة الأطفال على الموازنة فيما إذا كانت النتائج المحتملة سيئة بالفعل كما كانوا يتصورونها، ويمكن أن تكون هذه المعرفة الطريق إلى المستقبل.
6. احتفل بالإنجازات الصغيرة
يزيد الفشل المتكرر من اليأس، لكن الاعتراف بالنجاح، وإن كان بسيطًا، يعزز الأمل. أعد تعريف “النجاح” على أنه مكسب: وهو التحسن الطفيف في الأداء السابق بسبب الجهد المبذول، ثم ساعد طفلك في تحديد المكاسب الشخصية.
كأن تقول على سبيل المثال: “حصلت على تسع كلمات صحيحة في آخر مرة، واليوم حصلت على عشر، هذا مكسب” أو “لقد فزت بالأمس في جولة واحدة، واليوم فزت في اثنتين، هذا مكسب”.
7. تعزيز تأكيد الذات
يواجه الأطفال الذين يشعرون باليأس صعوبة في الدفاع عن أنفسهم، ويساعد التعلم على تأكيد الذات، وهو النقطة الوسطى بين السلبية والعدوانية، في زيادة الأمل والفاعلية.
تلعب لغة الجسد دورًا مهمًا أيضًا. علِّم أساسيات لغة الجسد الواثقة، كأن تقل: “يساعدك رفع رأسك عاليًا على الظهور بمظهر الواثق من نفسه. انظر دائمًا إلى عين الشخص المقابل”.
تبادل الأفكار بخصوص الردود المناسبة التي يمكن لطفلك استخدامها للدفاع عن نفسه مثل: “ليس جيدًا”، “هذا غير صحيح”، “لا أريد فعل ذلك”. مارس تلك المهارات حتى يتمكن طفلك من الدفاع عن نفسه.
8. إقامة طقوس العرفان بالجميل
يشعر الأطفال المتفائلون بالعرفان بالجميل، فقد بيّنت إحدى الدراسات أنه يشعر الأشخاص الذين يحتفظون بمذكرات الامتنان بمزيد من الأمل حيال حياتهم في مدة عشرة أسابيع فقط.
حافظ على تقليد وقت وجبات الطعام، بحيث يكشف كل فرد من أفراد الأسرة عن شيء واحد ممتن له حدث في ذلك اليوم. حدد طقسًا لوقت النوم بحيث يسمي كل فرد شخصًا يشعر تجاهه بالامتنان ولماذا؟. أو سجل امتنان أطفالك في دفتر يوميات العائلة لتذكر الجوانب الجميلة من حياتهم.
9. تبني الخدمة
يمكن أن يحدث اليأس مع كثرة المصائب؛ حيث تحفز عملية إقناع الأطفال أن لديهم القدرة على إحداث اختلافات في حياة الآخرين الأمل في نفوسهم وبناء الكفاءة الذاتية.
يمتلك الأطفال المتفائلون قدوات بالغة مهتمة بالأمل، ولهذا ضع صندوقًا خيريًّا عائليًّا يرمي فيه الأطفال الدمى والملابس والألعاب المستخدمة قليلاً، ثم قم بتسليمها إلى أسرة محتاجة حتى يرى الأطفال أثر اللطف.
ابحث عن الوسائل المصممة لتناسب شغف أطفالك وادعم جهودهم، يجب أن تكون مشاريعهم نتيجة دوافعهم الخاصة، وليست مصممة لتبدو جيدة في سيرهم الذاتية، وسر على نفس طريقتهم.
المصدر: سي إن بي سي