في سابقة تركية، حُكم على البروفيسور “رنان بيك أونلو” الأستاذ الأكاديمي في كلية الفلك في جامعة إيجه التركية، بالسجن لعامين وشهر بتهمة منع طالبات محجبات من حقهن في التعلم.
وكان “رنان” قد قام بالوقوف أمام مبنى الكلية الذي يقع في مدينة إزمير في تركيا والتقط صور لطالبات محجبات بواسطة هاتفه لإثبات أنهن محجبات خارج الجامعة؛ ومن ثَمّ قام بمنعهن من حضور دروسه، لتقوم إحدى الطالبات لاحقا برفع دعوة قضائية ضده، خصوصًا بعد القرارات الأخيرة برفع حظر ارتداء الحجاب في الجامعات والمؤسسات العامة على أن يكون تنفيذ الحكم بداية من العشرين من شهر نوفمبر الجاري.
ويرجع ما فعله البروفيسور إلى العقلية التي كانت تسيطر على تركيا في القرن الأخير والتي بدأت منذ حوالي تسعين عامًا أي عند إنشاء الجمهورية على يد “مصطفى كمال أتاتورك” والذي حاول بشتى الطرق “علمنة” الدولة؛ فتم حظر ارتداء “الطربوش” للرجال وكذلك حظر “الحجاب” للسيدات مع تبرير هذه الخطوات بأن تلك الأشياء ما هي إلا مظاهر للرجعية والتخلف.
إلا أنه في السنوات القليلة الأخيرة بدأ “رجب طيب أردوغان” رئيس تركيا بتفعيل حزمة قرارات بشكل تدريجي لرفع حظر ارتداء الحجاب في المؤسسات التعليمية والعامة ليعود الحق للمرأة التركية أيًا كان زيها في ممارسة الأعمال التي تروق لها دون أن يعترضها دستور أو قانون.
وكان ارتداء الحجاب ممنوعًا في الهيئات الحكومية والمؤسسات العامة على الرغم من المحاولات العديدة على مدار التاريخ لرفعه من قِبَل “النورسي” الداعية الإسلامي التركي، و”نجم الدين أربكان” مؤسس حزب “الفضيلة” ورئيس وزراء تركيا الأسبق إلا أنهم لم يستطيعوا تغيير القانون.
واتسع قانون حظر الحجاب إلى الجامعات والمدارس وقاعات المحاكم والإدارات الحكومية، وشمل أيضًا منع ارتداء الحجاب داخل مدارس الأئمة والخطباء، كان ذلك عقب الانقلاب العسكري الذي نفذه الجنرال “كنعان أيفرين” عام 1980.
ترتب على ذلك خروج أكثر من أربعين ألف طالبة تركية لإكمال تعليمهن في الخارج بينما بقيت أُخريات في جامعاتهن لكن مع وضع القبعات أو الشعر المستعار في محاولة للتحايل على القانون.
وبوصول “أردوغان” إلى رئاسة الحكم في مطلع القرن الواحد والعشرين عمل على تهئية الرأي العام لتقبُّل رفع الحظر عن المحجبات حتى تتاح له فرصة رفع الحظر القانوني ومنح المحجبات الحق في التعليم والعمل بالتساوي مع غير المحجبات وذلك بعد أكثر من عشرة سنوات في سدة الحكم.
والجدير بالذكر أن ابنة “إردوغان” ذاتها كانت قد سافرت لإكمال تعليمها في الخارج عندما كان والدها رئيسًا للوزراء، حيث إنها محجبة وكان الحظر في حيّز التنفيذ آنذاك.
لكن نماذج كثيرة كالبروفيسور “رنان” لم تتقبل فكرة المحجبات بعد، ومازالت تقوم بالتضييق على الطالبات باعتبارهن الطرف الأضعف في المنظومة، وذلك رفضًا منهم للقرار الأخير بإعطاء الحرية للمحجبات في ممارسة حياتهن وأخذ حقوقهن كاملة دون نقصان.
ويأتي ذلك الحكم ليضع حدًا صارمًا للمسألة، ويؤكد أن منع أي مواطنة تركية أيًا كان مظهرها هو تعدي سافر على القانون يستوجب العقاب ولن يُستثنى منه أحد، حتى أساتذة الجامعات الأكاديميين.