ترجمة نون بوست
تفرض مصر حظر السفر على عدد من العاملين في المجتمع المدني دون أساس قانوني، ما يدمر حياتهم، وفقًا لتقريرين لمراقبي حقوق الإنسان، كان تقرير مشترك لمنظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة فير سكوير – نُشر الأربعاء الماضي – قد حقق في حالات 15 مصريًا مُنعوا من السفر لفترات تصل إلى 6 سنوات.
عادة ما يكون هذا الحظر استبداديًا ويُفرض دون إخطار مسبق ولا يكتشفه الأفراد إلا عندما يحاولون السفر خارج البلاد.
وجد تقرير آخر لمبادرة حرية ومعهد التحرير لدراسات الشرق الأوسط – نُشر يوم الثلاثاء – أنه لا توجد قوانين حاليًّا تنظم تطبيق حظر السفر، ما يخلق فراغًا قانونيًا تستغله الهيئات القضائية والأمنية.
وجدت التقارير أيضًا أن مرسوم وزارة الداخلية رقم 2214 لعام 1994 وتعديلاته أعوام 2012 و2013 و2014 يمكن السلطات القضائية والأمنية من طلب فرض حظر السفر لثلاث سنوات من مصلحة الجوازات ويمنحهم حرية تمديد هذا الحظر إلى ما لا نهاية، في الوقت نفسه، عادة ما تفشل محاولات إنهاء الحظر لغياب أي وسائل قانونية لتحديهم في المحاكم.
يقول جيمس لينش، مدير منظمة فير سكوير: “حظر السفر التعسفي الذي لا نهاية له، يُمكّن السلطات المصرية من فرض نظام عقاب يقلب حياة المرء ونادرًا ما يراه إلا من تتأثر حياتهم به، هذا الحظر يسمح لمصر بقمع منتقديها دون إثارة غضب داعميها ومانحيها في لندن وباريس وواشنطن، إن مصر بحاجة إلى إنهاء تلك الممارسة الفاسدة التعسفية فورًا”.
اختيار مصر كدولة مضيفة قرار غير حكيم نظرًا للقيود المفروضة على المجتمع المدني في البلاد والقوانين التي تُجرم التجمعات السلمية التي تعد جزءًا مهمًا من القمة
قالت هيومن رايتس ووتش وفير سكوير إن حظر السفر في بعض الحالات يصاحبه تجميد الأصول الذي يمنع ضحاياه عن النظام المصرفي، كانت الخسائر الشخصية لحظر السفر وتجميد الأصول مدمرة على المدى الطويل، فكل من قابلوهم تحدثوا عن خسارة فرص عمل وخسارة الدخل.
كما تحدث البعض عن التأثير النفسي لعدم معرفة متى تنتهي هذه القيود التعسفية، الأمر الذي كان له تأثير خطير على صحتهم النفسية، أضاف التقرير أن الحظر له تأثير شديد على مناصرة حقوق الإنسان، فهو يمنع الأفراد عن انتقاد الحكومة.
تأتي هذه التقارير مع إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي لعام 2022 بأنه “عام المجمتع المدني” تزامنًا مع استضافة الحكومة لقمة المناخ العالمية “COP27” في نوفمبر/تشرين الثاني.
قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير سابق لها، إن اختيار مصر كدولة مضيفة قرار غير حكيم نظرًا للقيود المفروضة على المجتمع المدني في البلاد والقوانين التي تُجرم التجمعات السلمية التي تعد جزءًا مهمًا من القمة.
اتهمت هيومن رايتس ووتش إدارة السيسي – التي تحكم البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق المنتخب ديمقراطيًا محمد مرسي في انقلاب 2013 – بالإشراف على أسوأ أزمة لحقوق الإنسان في تاريخ البلاد الحديث.
This morning FairSquare published, with @hrw, new research on the devastating impact of arbitrary travel bans on lawyers, researchers and activists in Egypt. https://t.co/KTHdf1f8PZ (1/) pic.twitter.com/6MoHA5P189
— FairSquare (@fairsqprojects) July 6, 2022
يقبع نحو 65 ألف من معارضي السيسي في السجون المصرية، بينما مات بعضهم في أثناء احتجازهم نتيجة الإهمال الطبي ومن بينهم الرئيس السابق مرسي.
مكتئبون ومنعزلون
قالت الجماعات الحقوقية إن حظر السفر يعيق عمل أفراد المجتمع المدني الذين تعتمد وظائفهم على السفر إلى الخارج والتواصل مع مسؤولين في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
استشهد التقرير بحالة محمد زارع، المدير المصري لمعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الذي حُظر من السفر منذ عام 2016، بالإضافة إلى محامية حقوق الإنسان ماهينور المصري التي صُودر جواز سفرها عام 2018.
منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020، حُظر من السفر فريق المبادرة المصرية للحقوق الشخصية “EIPR” حتى بعد إطلاق سراحهم من فترة الاعتقال الوجيزة، ومن بينهم المدير آنذاك جاسر عبد الرازق وزملاؤه كريم عنارة ومحمد بشير، ولم يتمكن أي منهم من استئناف قرار حظر السفر.
تعرض أيضًا مؤسس المبادرة ومديرها الحاليّ حسام بهجت إلى حظر السفر وتجميد الأصول منذ 2016، يقول بهجت: “لا يتصدر الأمر عناوين الأخبار مثل صور الأشخاص المقيدين في الأصفاد أو خلف القضبان، وليس هناك أي حالة غضب عارم بعد حظر السفر”.
تأثرت حياة عنارة الشخصية بشدة نتيجة الحظر، فقد كان يخطط للانتقال إلى لندن للانضام لزوجته البريطانية صانعة الأفلام جيس كيلي قبل الحظر، والآن يضطران للعيش في علاقة عن بُعد منذ ذلك الحظر.
أعلن جمال عيد في يناير/كانون الثاني أن المجموعة ستغلق عملياتها نظرًا لاستحالة الاستمرار في أعمال حقوق الإنسان تحت قوانين الدولة المقيدة للمنظمات غير الحكومية
يقول عنارة إن هذه القيود جعلته يشعر بالوحدة بسبب بعده عن زوجته، لكنه يشعر أكثر بالذنب معظم الوقت، كما أن تجميد أصوله يعني حظره من الوصول إلى النظام المصرفي.
يضيف عنارة “في بعض الفترات أشعر بالاكتئاب والعزلة، ففقدان القدرة على العمل مدمرة تمامًا، إنها حالة دائمة من الإهمال المالي والقانوني، تمكنت من الحصول على عدة فرص عمل، لكنهم يتراجعون عن عرضهم بعد اكتشاف تجميد أصولي”.
تعرض أيضًا جمال عيد الناشط الحائز على جائزة ومؤسس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان لحظر السفر منذ عام 2016، وقد أعلن في يناير/كانون الثاني أن المجموعة ستغلق عملياتها نظرًا لاستحالة الاستمرار في أعمال حقوق الإنسان تحت قوانين الدولة المقيدة للمنظمات غير الحكومية.
ومثل عنارة، دمر الحظر حياة عيد الشخصية، فزوجته مواطنة أمريكية وقد انتقلت مع ابنتها إلى نيويورك عام 2017، وبسبب الحظر لم يتمكن من زيارتهما منذ ذلك الحين، كما انتهت صلاحية بطاقته الأمريكية الخضراء وفقد الكثير من دخله نظرًا لتجميد أصوله، يقول عيد: “هناك الكثير من الفرص، لكن لا يمكنني العمل”.
بالمثل، تعرضت عزة سليمان المحامية البارزة ومؤسسة مركز المساعدة القانونية للمرأة المصرية، لحظر السفر وتجميد أصولها منذ 2016، تأثرت ظروفها المالية بشدة منذ ذلك الحين، فلم يعد بإمكانها العمل لصالح الأمم المتحدة بعد حظرها من النظام المصرفي ولا يمكنها حتى بيع سيارتها لأنها جزء من الأصول المجمدة.
بعد 6 سنوات، رُفع الحظر أخيرًا عن سليمان وتمكنت من السفر منذ فبراير/شباط 2022، لكن أصولها ما زالت مجمدة وفقًا لتقرير مبادرة حرية.
المصدر: ميدل إيست آي