استضاف المغرب، أمس الخميس، “المنتدى العالمي لحقوق الإنسان”، والذي يعتبر أكبر تجمع دولي لحقوق الإنسان في العالم، الأمر الذي اعتبرته الحكومة اعتراف بالتقدم في مجال حقوق الإنسان في المغرب منذ الاحتجاجات الواسعة التي عمت البلاد في 2011.
إلا أن عددا من مقاعد المؤتمر بقي فارغا، بعد أن انسحبت 8 مجموعات حقوقية مغربية من المنتدى، وذلك احتجاجًا على تزايد القيود المفروضة على أنشطتهم من قبل السلطات المغربية.
وكانت “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” قد قررت، الإثنين الماضي، مقاطعة “المنتدى العالمي لحقوق الإنسان” المنعقد في مراكش بسبب “عدم استجابة الدولة لمطلبها في تصفية الأجواء السياسية قبل انعقاد المنتدى، بل وإمعانها في الاعتداء على المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان”.
كما قررت “العصبة المغربية لحقوق الإنسان”، إحدى أقدم الجمعيات الحقوقية، “إلغاء مشاركتها في فعاليات المنتدى”.
وقد طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” مطلع نوفمبر الجاري، السلطات المغربية بـ “التوقف عن العرقلة التعسفية للأنشطة السلمية لجماعات حقوق الإنسان المستقلة في البلاد، والسماح لها بالعمل بحرية”.
قرار المجموعات هذا بالانسحاب جاء جنبًا إلى جنب مع إعلان “منظمة العفو الدولية” بأن أنشطتها كذلك تم تقليصها؛ مما أثر على مصداقية المنتدى وإعادة تركيز جهود الملك في الإصلاح.
وبدأ مسلسل المنع وعرقلة عمل المنظمات الحقوقية، بعد أن اتهم وزير الداخلية “محمد حصاد” في كلمة ألقاها حول مكافحة الإرهاب في البرلمان، جماعات حقوق الإنسان بقولها ادعاءات – لا أساس لها – عن انتهاكات ارتكبتها قوات الأمن بطريقة يمكن أن تمس بصورة وأمن المغرب، كما اتهمها بـ “تلقي تمويلات لخدمة أجندة خارجية”.
وهذه هي الدورة الثانية من “المنتدى العالمي لحقوق الإنسان”، وتستضيفه مراكش في الفترة بين 27 و30 نوفمبر، حيث يجتمع أكثر من 5000 شخصًا من 94 دولة يمثلون دول ومنظمات وهيئات حقوقية ومنظمات مجتمع مدني، وقد عُقدت الدورة الأولى في برازيليا في ديسمبر الماضي.
السياسيون المغربيون أشادوا باستضافة مؤتمرات لحقوق الإنسان في المغرب، كعلامة على تقدم المغرب وتزايد الدعم الدولي للملك محمد السادس، السفير المغربي لدى الأمم المتحدة “عمر هلال” قال: “يبدو كما لو أن العالم يعترف بإنجازاتنا في مجال حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني”، إلا أن النشطاء رفضوا المؤتمر، معتبرين أنه مخطط من الدول الاستبدادية لتلميع صورتها.
ناشط مغربي رفض الكشف عن اسمه قال: “لازال لدينا المئات من السجناء السياسيين، مؤتمرات صحفية ونشاطات ثقافية وتجمعات لحقوق الإنسان وتظاهرات، كل هذا مازال يُحظر، هل هذا النظام مضياف مناسب لحقوق الإنسان؟”، مضيفًا: “استضافة منتدى عالمي لحقوق الإنسان في دولة استبدادية يعني التغطية على انتهاكاتها فقط”.
A Human Rights Forum in Morocco?https://t.co/Srk5GHf6Iv
— M. Marwan Elhajjami (@M_ELHAJJAMI) November 21, 2014
وقال حقوقيون إن المنظمين أرادوا إشراك الجمعيات الحقوقية المعارضة بطريقة صورية فقط وهو ما نفته جهات رسمية، حيث قال “المعطي منجب” رئيس المكتب التنفيذي للجمعية الحقوقية “الحرية الآن” – وهي جمعية غير مرخصة -: “المنظمون أرادوا أن نلتحق بالمنتدى دون استعداد، تركوا لنا خيار المشاركة دون تنسيق أو المقاطعة عملاً بالمقولة كم حاجة قضيناها بتركها”، ثم تساءل: “كيف سنكون مسؤولين عن تسيير ورشات ولم يتم التنسيق معنا ولا الاتصال بنا”.
ومن جهته قال الحقوقي “أحمد عصيد”: “السلطات أرادت أن نشارك كلافتات فارغة”.
من جهته قال “إدريس اليزمي” رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو هيئة رسمية: “إن الجمعيات المقاطعة حضرت الاجتماعات التحضيرية في يونيو و الماضيين، مضيفًا أن عدد الجمعيات التي حضرت هذه الاجتماعات يزيد عن 400 جمعية، وعقدنا مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والعصبة المغربية لحقوق الإنسان سبعة اجتماعات ثنائية، وتم قبول جميع الأنشطة، وزيادة على ذلك كانوا طرفًا في جميع الأنشطة الموازية”.
وعن الانتقادات بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب قال اليزمي “لن ننتظر حتى يكون المغرب جنة في حقوق الإنسان لننظم منتدى عالمي، حتى الدول المشاركة ستأتي كل بمشاكها في ميدان حقوق الإنسان”، وأضاف “حقوق الإنسان أفق يتطلع إليه الإنسان من أجل الأفضل”.
على جانب آخر قالت “خديجة الرياضي”، الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان والحائزة العام الماضي على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: “لم يكن هدفنا هو المقاطعة والتحريض، نحن عبرنا عن موقف”، وأضافت “هدفنا هو صوت يقول بأن أوضاع حقوق الإنسان في المغرب متردية”.
وكانت الجمعيات التي قاطعت ذات توجهات إسلامية ويسارية، منها ما هو مرخص ومنها غير ذلك، وهي: “أطاك المغرب” وهي غير مرخص لها، “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان”، “العصبة المغربية لحقوق الإنسان”، “جمعية العقد العالمي للماء”، “المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات”، “الهيئة الحقوقية للعدل والإحسان” وهي جمعية إسلامية غير مرخص لها، “تنسيقية الرباط لحركة 20 فبراير”، و”الحرية الآن” وهي جمعية غير مرخصة.