ترجمة حفصة جودة
“إننا نعيش في الجحيم”، هكذا وصف أحد الأشخاص موجة الحر الأخيرة في باكستان، في بداية هذا العام، سجلت أستراليا أعلى درجة حرارة لها على ساحلها الغربي التي وصلت إلى 50.7 درجة سليزية، بينما سجلت دلهي في الهند أعلى درجة حرارة لها في مايو/أيار التي وصلت إلى 49 درجة سليزية.
في الوقت نفسه نشهد هذه الأيام ارتفاعًا مستمرًا في درجات الحرارة يغزو أوروبا وشمال إفريقيا ومساحات شاسعة من الولايات المتحدة.
التأثير المميت لموجات الحر
يمكن لموجات الحر أن تكون مميتةً خاصة مع كبار السن الذين هم أكثر عرضة للإجهاد الحراري وضربات الشمس، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فبين عامي 1998 و2017 توفي أكثر من 166 ألف شخص نتيجة موجات الحر، وفي المملكة المتحدة وحدها تسببت درجات الحرارة الخانقة في وفاة 2500 شخص في صيف 2020.
يتنبأ الخبراء بأن التغير المناخي سيزيد من تتابع وحدة الطقس شديد الحرارة، ويتوقع علماء المناخ أن تكون موجات الحر هي الوضع الطبيعي الجديد، فقد قال تقرير “World Weather Attribution” مؤخرًا إن تغير المناخ سيجعل درجات الحرارة المدمرة طويلة المدى في الهند وباكستان أعلى 30 مرة هذا العام.
مكيفات الهواء ليست الحل الأمثل، فبالنسبة للعاملين في الهواء الطلق، لا تمثل التكنولوجيا حلًا عمليًا، كما أنها ليست مناسبة للجميع من الناحية المادية
وبجانب الآثار الصحية الخطيرة، تزيد موجات الحر من احتمالات الجفاف وحرائق الغابات، مما يؤثر على الحيوانات والبشر.
موجات الحر قد تؤثر على الاقتصاد وكذلك البشر والحياة البرية
إضافة إلى تأثيرها المباشر على الحياة، يمكن لموجات الحر الشديدة أن تؤثر على الاقتصاد كذلك، يقول موقع “Phys.org”: “قد تؤدي موجات الحر الممتدة إلى المزيد من اللجوء للمستشفيات وانخفاض حاد في الإنتاج الزراعي والعمراني ونقص المحاصيل الزراعية وإلحاق ضرر مباشر بالبنية التحتية”.
عادة ما تقل إنتاجية الموظفين في الطقس الحار حتى لو كانوا يعملون على المكاتب، كما يعاني الأطفال في المذاكرة خلال الحر الشديد، ما ينتج عنه نقص مكتسبات الحياة الذي يؤدي بدوره إلى الإضرار بنمو الاقتصاد في المستقبل.
في الحقيقة، وجدت دراسة عام 2018 أن اقتصاد الولايات المتحدة يميل إلى النمو بوتيرة أبطأ في أثناء فصول الصيف الحارة، تقول الدراسة: “تكشف البيانات أن النمو السنوي يتراجع بنسبة ما بين 0.15 إلى 0.25 نقطة لكل درجة حرارة زائدة عن درجات الحرارة الطبيعية للولاية”.
وبالطبع، فمكيفات الهواء ليست الحل الأمثل، فبالنسبة للعاملين في الهواء الطلق، لا تمثل التكنولوجيا حلًا عمليًا، كما أنها ليست مناسبة للجميع من الناحية المادية.
بالنسبة لهؤلاء الذين يملكون خيار استخدام مكيفات الهواء، فهناك عواقب لذلك، إذ تتوقع دراسة أنه بحلول عام 2100 فإن الاستخدام المتزايد لمكيفات الهواء قد يزيد من استهلاك الطاقة السكنية بنسبة 83% عالميًا، وكما يقول تقرير “The Conversation”: “إذا كان مصدر هذه الطاقة الوقود الأحفوري، فسينتهي الأمر باتساع نطاق موجات الحر التي تسببت في زيادة الطلب في المقام الأول”.
التكلفة المالية لموجات الحر
يكشف الفحص الدقيق لتأثير درجات الحرارة الشديدة على الاقتصاد إحصاءات مثيرة للقلق، فعلى سبيل المثال، قدرت وكالة البيئة الأوروبية أنه بين عامي 1980 و2000، كلفت موجات الحر في 32 دولة أوروبية ما يصل إلى 71 مليار دولار، وذلك قبل موجات الحر المميتة التي بدأت في العقدين الماضيين.
في الوقت نفسه، تنبأت منظمة العمل الدولية بأنه بحلول عام 2030، ستقلل موجات الحر من ساعات العمل عالميًا بنسبة أكثر من 2%، بما يعادل 80 مليون وظيفة بدوام كامل وتكلفة 2.4 تريليون دولار، أي أكثر 10 مرات من الأرقام عام 1995.
هناك أيضًا فوائد لما يسمى “التخضير الحضري”، فيمكن للأشجار وغيرها من النباتات أن تساعد في تبريد المدن والقرى
ما الذي سيحدث لاحقًا؟
وفقًا للهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ “IPCC” فإن الآثار السلبية لتغير المناخ تتزايد بشكل أسرع من توقعات العلماء قبل عقد مضى، والتحذيرات رهيبة في ذلك الأمر، ليس أقلها اكتشاف الهيئة بأن ارتفاع الحرارة العالمية لأكثر من 1.5 درجة سليزية عن المستويات ما قبل الصناعية، قد يؤدي إلى تغير كارثي محتمل ودائم في العام، لذا يقول العلماء إن التحول السريع لمصادر الطاقة النظيفة أمر ضروري.
في الوقت نفسه، يقول الخبراء إنه من الممكن الاستعداد لموجات الحر، جسديًا واقتصاديًا، يعتقد عمار رحمن من مجموعة زيورخ للتأمين أن المفتاح الرئيسي لذلك هو “التكيف”، فمن بين توصياته للشركات يقول: “إنهم بحاجة إلى ملاءمة مبانيهم وبنيتهم التحتية وساعات العمل لتناسب درجات الحرارة العالية”.
هناك أيضًا فوائد لما يسمى “التخضير الحضري”، فيمكن للأشجار وغيرها من النباتات أن تساعد في تبريد المدن والقرى، وعلى المستوى الشخصي، فالحفاظ على تدفق الهواء في الغرف والمباني أمر ضروري، إضافة إلى الحفاظ على ترطيب الجسم.
المصدر: المنتدى الاقتصادي العالمي