ترجمة حفصة جودة
مع مواجهة لبنان أسوأ أزمة اقتصادية له، تسببت الحرب الروسية على أوكرانيا في تصاعد الأوضاع المعيشية البائسة للدولة المطلة على البحر الأبيض المتوسط ذات الـ7 ملايين نسمة، يستورد لبنان معظم طعامه وكل ما يحتاجه من الوقود، كما أن 80% من القمح في البلاد يأتي من أوكرانيا وروسيا.
منذ بداية الحرب، حظر الكرملين صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، ما أدى إلى ارتفاع صاروخي في أسعار الخبز، لكن في الأسبوع الماضي، وقع الجانبان اتفاقية مدعومة من الأمم المتحدة تهدف إلى استئناف صادرات الحبوب في المنطقة.
ومع ذلك، أثار الهجوم الروسي على ميناء مدينة أوديسا الأوكرانية بعد أقل من 24 ساعة من توقيع الاتفاق تساؤلًا بشأن شرعية الاتفاق ورفع أسعار القمح مرة أخرى.
إذا نُفذ الاتفاق بنجاح، ستُنقل صادرات الحبوب الرئيسية عبر ممر بحري في البحر الأسود، ما قد يحد من من أزمة الغذاء المتصاعدة حول العالم.
كانت صوامع القمح اللبنانية قد دُمرت في انفجار مرفأ بيروت قبل عامين، ما أدى إلى استنزاف الدعم الاحتياطي الأساسي
قال فريق تحليل الأزمات اللبنانية في منظمة “Mercy Corps” إن أسعار دقيق القمح ارتفعت بنسبة 209% منذ بداية العدوان الروسي على أوكرانيا، وارتفعت بنسبة 330% منذ بداية الأزمة الاقتصادية في 2019.
ارتفع تضخم الطعام والشراب على أساس سنوي بنسبة 332% في يونيو/حزيران، كما ارتفع التضخم بشكل واسع إلى 210% في الشهر نفسه وفقًا للبيانات الحكومية.
قال وزير التجارة والاقتصاد اللبناني أمين سلام: “لقد أدركنا أن هناك تهديدًا قبل أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، كنا نعلم أن البلاد بحاجة إلى مجموعة من صوامع الغلال في البلاد لضمان عدم فقدان الاحتياطات في حال حدوث شيء ما”.
كانت صوامع القمح اللبنانية قد دُمرت في انفجار مرفأ بيروت قبل عامين، ما أدى إلى استنزاف الدعم الاحتياطي الأساسي، والآن تحاول حكومة تصريف الأعمال اللبنانية تأمين مصادر للقمح بما في ذلك التحدث مباشرة مع روسيا.
يهدف قرض البنك الدولي إلى تمويل واردات القمح الحاليّة لتجنب اضطراب الإمدادات على المدى القصير، والمساعدة في تأمين الخبز بأسعار معقولة للفقراء والمحتاجين
يقول سلام: “أعلم أن الحكومة من خلال وزير الشؤون الخارجية، أجرت عدة محادثات بشأن دعم لبنان وفتح بعض خطوط الشحن المقطوعة لأننا نواجه وقتًا عصيبًا، فالشحنات التي كانت تستغرق 10 أيام للوصول أصبحت تستغرق الآن 3 أسابيع، لكن الحكومة لم تتلق أي ردة فعل إيجابية من تلك المحادثات”.
حبل النجاة من البنك الدولي
منح البنك الدولي في مايو/أيار قرضًا للبنان قدره 150 مليون دولار، ووافق عليه البرلمان يوم الثلاثاء، تقول رسالة البنك: “يهدف هذا القرض إلى تمويل واردات القمح الحاليّة لتجنب اضطراب الإمدادات على المدى القصير، والمساعدة في تأمين الخبز بأسعار معقولة للفقراء والمحتاجين بمن فيهم النازحون واللاجئون في لبنان”.
“سيساعد المشروع أيضًا على تعزيز كفاءة الحكومة في قطاع القمح والمساهمة في وضع الزراعة ونظام الإنتاج العذائي على طريق الإصلاح ومزيد من المرونة”.
قال سلام إن قرض البنك الدولي سيستمر ما بين 6 إلى 9 أشهر وفقًا لأسعار القمح العالمية وأضاف “تراجعت الأسعار حتى الآن، وتقول التقديرات إن هذا القرض سيخدم البلاد لنحو 8 أشهر من الإمدادات”.
وفقًا للبنك الدولي، فإن انهيار الاقتصاد اللبناني يعد واحدًا من أشد 10 أزمات عالمية منذ القرن الـ19
أضاف سلام أنه يأمل خلال 8 أشهر أن يتحسن الموقف في لبنان، وربما تحصل الحكومة على قرض آخر قدره 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي أيضًا، وهي حزمة دعم طال انتظارها، لكن لم يُوافَق عليها بعد.
يشترط قرض صندوق النقد الدولي عدة إصلاحات سياسية ومالية، لكن الحكومة لم تنفذ غالبيتها بعد، يقول سلام: “ليس لدينا خيار آخر إلا طلب المساعدة من المجتمع الدولي، كان البنك الدولي متجاوبًا للغاية وسريعًا، فقد استغرقت المحادثات نحو 25 يومًا وكان القرض هو أسرع وأول قرض حصلنا عليه من أي دولة في العالم فيما يتعلق بالأمن الغذائي”.
وفقًا للبنك الدولي، فإن انهيار الاقتصاد اللبناني يعد واحدًا من أشد 10 أزمات عالمية منذ القرن الـ19، صُنف لبنان مرة أخرى كأقل اقتصاد متوسط الدخل من البنك الدولي، وهو أول سقوط لبيروت في مثل هذه التصنيفات منذ 1998.
وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي، فإن 22% من الأسر اللبنانية تعاني من انعدام الأمن الغذائي، كما أن عدد اللاجئين السوريين الذين يعانون من انعدام أمن غذائي متوسط أو شديد يصل إلى 1.3 مليون شخص، بينهم مليون يحصلون بالفعل على مساعدات.
المصدر: سي إن بي سي