حين سُئل الناخبون في الولايات المتحدة عن أهم القضايا السياسية في بلادهم، جاءت قضية الإجهاض في مقدمة أذهان معظم الأمريكيين، في الواقع، لم تكن معارضة أو تأييد الإجهاض من حيث المبدأ “قضية سياسية”، ولم تكن جزءًا من البرامج والأجندة والحملات الانتخابية لذلك الحزب أو غيره، فكيف دخلت قضية الإجهاض في الأجندة السياسية واستخدمت لحشد دعم الناخبين للفوز في الانتخابات؟
الموجة الثانية من النسوية
في أوائل القرن العشرين، كانت الحركة النسوية الأمريكية في صراع مع النظام السياسي والاجتماعي في البلاد من أجل تغيير وضع النساء في المجتمع، وشهدت العديد من المعارك مع المحكمة العليا التي بُنيت على رفات الحركة النسوية، فمبنى المحكمة العليا لم يكن دائمًا في مكانه الحاليّ، ففي العام 1935 عندما حاولت الحكومة البحث عن مكان جديد للمحكمة العليا، استولوا على مقر حزب المرأة الوطني وبنوا عليه المحكمة.
كانت قضية “الحق في الإجهاض” إحدى أهم قضايا النسوية في الستينيات والسبعينيات، ورأت المحكمة العليا أن هناك تعارضًا بين مصلحة المرأة في التحكم في قراراتها الإنجابية ومصلحة الجنين، وبالطبع لا يمكن للجنين أن يدافع عن نفسه، لذا فالدولة ترعاه وتدافع عنه نيابة عن الأم.
سمحت بعض الولايات بإجراء الإجهاض في حالة أن تكون حياة الأم في خطر أو في حالة الاغتصاب، وفي استثناءات أخرى، تعين على النساء الذهاب إلى لجنة من الأطباء الذكور لطلب الإجهاض، وكان على الأطباء النظر في سبب الإجهاض، الذي على أساسه يتم تقرير إجراء أو رفض العملية.
أسفرت عمليات الإجهاض غير القانونية عن مضاعفات وارتفاع في عدد الوفيات، هناك العديد من الحالات لنساء حاولن استخدام المقصات والسكاكين لإنهاء الحمل بأنفسهن، وتشير بعض الإحصاءات إلى أن أكثر من 350 ألف امرأة عانين سنويًا في فترة الستينيات والسبعينيات من مضاعفات جانبية بسبب الإجهاض غير القانوني، وخمسة آلاف امرأة لقين حتفهن.
في ولاية كونيتيكت، كان يوجد قانون يحظر استخدام وسائل منع الحمل، خاضت إستيل غريسوولد المدير التنفيذي لرابطة الأسرة، حربًا طويلة لإبطال هذا القانون، وفتحت عيادة لتحديد النسل ووزعت منشورات قالت فيها: “هل تريدين حجاب منع الحمل، أو حبوب منع الحمل، نحن ننصح ونوزع ونخترق القانون”.
تم القبض على إستيل غريسوولد، وذهبت قضيتها إلى المحكمة العليا عام 1965، واعتبر القاضي وليام دوغلاس أن القضية تتعلق بالخصوصية الزوجية، ولا يحق للولاية منع وسائل الحمل.
ثم في أوائل السبعينيات، ذهبت نورما جين ماكورفي، إلى طبيب لإجراء عملية إجهاض، لكنه أخبرها أن عمليات الإجهاض في تكساس جريمة قتل مخالفة للقانون، فعثرت على محامٍ يتولى قضيتها، وعلى أساس التعديل 14 للدستور، رفعت دعوى على ولاية تاكسس بسبب ما اعتبرته انتهاكًا لحقها في الإجهاض طوال فترة حملها، وذهبت قضيتها إلى المحكمة العليا عام 1973، وهي القضية المعروفة باسم “رو ضد وايد”.
تسييس الإجهاض
تحولت قضية “نورما جين ماكورفي” إلى دعوى جماعية، جين رو وآخرون ضد هنري وايد (المدعي العام للقضية)، وكانت المفاجأة أن أصدرت المحكمة العليا عام 1973 قرارًا بتشريع الإجهاض وأصبح قانونيًا في جميع أنحاء البلاد، وذلك باعتبار أن حق المرأة في الخصوصية يشمل حقها في أن تقرر إنهاء حملها، كما نص حكم المحكمة بأن الولايات لا يمكنها الموافقة على أي تشريع ضد الإجهاض خلال الأشهر الثلاث الأولى من الحمل، وخلصت المحكمة إلى أن الجنين يمتلك “حياة محتملة” وبالتالي حماية الدولة لـ”الحياة المحتملة” ليست مقنعة لدى المحكمة، مما حدا بالبعض إلى تسمية قرار المحكمة بـ”قانون الإجهاض عند الطلب”.
إلى ذلك الوقت، لم يكن الإجهاض قضية سياسية أو حزبية، كان مشكلة طبية واجتماعية ودينية، إلا أن حكم المحكمة أحدث هزة في المجتمع وأثار ردة فعل أيديولوجية، وصرخة حشد من الإنجيليين الذين أسسوا لجنة “الحق في الحياة” لمعارضة الإجهاض، وخرجت مسيرة بها أكثر من 100 ألف شخص للتنديد بحكم المحكمة، وهي أكبر مظاهرة ضد الإجهاض.
“محكمة فاسقة”
كذلك ظهرت حركة “ردة نسوية” تقودها فيليس شلافلي، كرد على الإجهاض وما اعتبرته مساواةً مع الرجال أكثر من اللازم، واستطاعت حشد الناخبين حول المرشحين المعارضين للإجهاض، تقول شلافلي: “نحن لا نعامل الناس بالتساوي، وسيكون من الظلم أن نعاملهم بالتساوي.. أنا بالطبع أعارض الإجهاض لأنني أومن أنه يقتل طفلًا لم يولد بعد.. الحركة المؤيدة للأسرة والشعب الأمريكي لا يرغبان في فرض أيديولوجية تحرير المرأة على جميع النساء”.
ازداد دور الإنجيليين في الحملات الانتخابية لمرشحي الحزب الجمهوري، واعتبر الكثيرون أن ردة الفعل تجاه حكم المحكمة، هي إعادة ميلاد أخلاقي جديد للمجتمع، يقول بات روبرتسون: “القضية هي واجب أخلاقي من الله القدير، لإنقاذ أولئك الذين انقادوا إلى الذبح”، تستند الكنيسة في معارضة الإجهاض على سفر الأمثال إصحاح 11، أية 24، التي تقول: “أنقذ المُنقادين إلى الموت، والممدودين للقتل”.
وفي منتصف السبعينيات، بدأت قيادة الكنيسة الكاثوليكية بتشكيل تحالف مع الناخبين والكنائس الأسقفية (الإنجيليين) والجماعات المحافظة الأخرى، وأدى ذلك إلى صعود الحزب اليميني إلى سدة السلطة بدءًا من انتخاب رونالد ريغان عام 1980.
تبنى ريغان موقفًا مناهضًا للإجهاض، وأكد دعمه لكل ما تمثله الحركة المناهضة للإجهاض، رغم أنه أول من وقع على مشروع قانون يسمح بالإجهاض عندما كان حاكمًا لولاية كاليفورنيا، – قانون كاليفورنيا للإجهاض العلاجي – وفي حملته الانتخابية الرئاسية عام 1980 اعتذر للناخبين لتوقيعه قانونًا ليبراليًا للإجهاض في كاليفورنيا، بحجة أن القانون وضعه الأطباء، يقول ريغان: “أعتقد أنه عندما تُنهي المرأة حملها، فإنها تسلب بذلك حياة بشرية، وقد لاحظت أن كل من يؤيد الإجهاض قد ولد بالفعل”.
يُعد نظام تعيين قضاة المحكمة العليا مبنيًا على أساس سياسي، لذلك حاول كل طرف التلاعب بالمحكمة من خلال تعيين قضاة يؤيدون أو يعارضون الإجهاض، وظلت القضية مرتبطة بشكل أساسي بتعيين الرئيس لقضاة المحكمة، وبالتالي حدث تغيير في حيثيات الحكم طبقًا للتغير السياسي، كون الإجهاض أصبح مشكلة حزبية في المقام الأول، وأدى هذا الأمر إلى أن قرار المحكمة يمكن أن يتغير في أي وقت.
حزب الأخلاق
عمل قسمًا من سياسيي الحزب الجمهوري، مع الجناح الأصولي الديني في حملة مستمرة لقلب حكم 1973، ورغم تبني الجمهوريين لمفهوم الحرية الفردية، فإن تداعيات قرار تأييد الإجهاض ساعدت على تغيير الحزب الجمهوري، وبدأت القضية تأخذ منحى سياسي ساخن، إلى حد استخدام الإجهاض كقضية انتخابية، كما أصبح موقف المرشح من الإجهاض جانبًا مهمًا من حملته الانتخابية، ففي ولاية تكساس، يفرض الحزب الجمهوري على أعضائه أن يبدوا موافقتهم على مبادئ معارضة الإجهاض.
وبالتالي استخدمت جماعات الضغط الدينية نفوذها للتأثير على السياسيين الجمهوريين، فكانت إحدى القضايا التي انتخب الحاكم بيفن على أساسها، هي إغلاق عيادات الإجهاض، كذلك وعد الحاكم ريك بيري في حملته الانتخابية القضاء على كل مراحل الإجهاض.
وأبرزت الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 الاتجاه القوي المعارض للإجهاض في الحزب الجمهوري، ففي مناظرة بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، احتدم الجدل بينها بشأن الإجهاض، فقد عارض ترامب كل أشكال الإجهاض، رغم موقفه القديم الداعم بشدة للإجهاض، كما وعد إذا ما تم انتخابه رئيسًا، بأنه سيعين قضاة محافظين في المحكمة العليا من أجل قلب قضية “رو ضد وايد”، بينما دافعت كلينتون عن الإجهاض، معتبرة أنه حق من حقوق المرأة.
زلزال قضائي
بعد مرور ما يقرب على الخمسين عامًا من إحداث ثورة في قانون الإجهاض بأمريكا، انقلبت المحكمة العليا في 24 يونيو/حزيران 2022، نحو اتجاه المعارضين للإجهاض، وألغت حكم “رو ضد وايد 1973” الذي منح المرأة الحق في الإجهاض، وأودى بحياة أكثر من 65 مليون طفل قبل الولادة، كما اعتبرت المحكمة العليا أن الحكم القديم خطأ فادح وفي مسار تصادمي مع الدستور، وهو أمر نادر الحدوث عندما تلغي المحكمة العليا قانونًا تم وضعه منذ ما يقرب من 50 عامًا.
أعرب مؤيدو الإجهاض عن استيائهم وتعهدوا بالقتال من أجل استعادة ما اعتبروه حقهم، بينما رحبت الجماعات المناهضة للإجهاض والقوميين المسيحيين والجمهوريين بحكم المحكمة، واعتبره تتويجًا لعقود من الجهود التي بذلوها، تقول ليندا جرينهاوس مؤرخة الإجهاض: “استغرق الأمر سنوات من التدريب بواسطة إستراتيجيين جمهوريين أذكياء لتأسيس الوضع الحاليّ”.
ويرى البعض أن قرار المحكمة الأخير، كان نتيجة التعديلات التي أدخلها دونالد ترامب في المحكمة عندما كان رئيسًا، حين عين ثلاثة قضاة محافظين: نيل جورسوش وبريت كافانو وإيمي كوني باريت، ما أدى إلى الانعكاس الحاليّ، بجانب الضغط الجمهوري والديني الذي شهد هذه النتيجة.
اللافت أن ترامب أشاد بقرار المحكمة ووصفه بأنه “انتصار مدى الحياة”، في حين شعر بايدن بخيبة أمل وقال: “إنه يوم حزين للمحكمة وللبلد.. إن صحة وحياة نساء أمتنا في خطر الآن”، كما حث الناخبين على جعل الإجهاض قضية حاسمة في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، معلنًا أن هذا القرار يجب ألا يكون الكلمة الأخيرة.
إضافة إلى توقيع 83 عضوًا من الكونغرس على رسالة يحثون فيها بايدن على إعلان حالة الطوارئ الصحية العامة، وبالتالي أصبحت القضية نفسها أداة سياسية فعالة للغاية، وتستخدم للخطاب الشعبوي ولتعزيز الأجندات السياسية.
ماذا يوجد في الرحم؟
يعتبر البعض أن تقييد الدولة للإجهاض، هو سيطرة وعبث بجسد المرأة، يمحو استقلاليتها ويضر بحقوقها الإنجابية، فيما يصر البعض الآخر على أن الجنين جسم منفصل وشكل جديد من أشكال الحياة يستحق اهتمامنا الأخلاقي وحمايتنا له.
إن جوهر المعركة القانونية يدور حول ما إذا كان الجنين قبل الولادة إنسانًا أم لا، ومتى تبدأ حياة الجنين؟ وماذا يعني أصلًا أن يكون للجنين حياة؟ وما الحقوق التي يجب أن يتمتع الجنين بها؟ وفي أي شهر تكون حياته تحت حماية دستور الولايات المتحدة؟ رغم أن الدستور يضمن عدم حرمان أي شخص من الحياة، فإنه لا ينص بوضوح على ضمان حياة من لم يولدوا بعد.
يقول الأشخاص المؤيدون للإجهاض، أن حماية الجنين تكون عند ولادته، أي خارج أرحام الأمهات، بينما يقول العديد من الأطباء والأشخاص المعارضين للإجهاض، إن حياة بشرية جديدة تبدأ عند الحمل، وبالتالي يرى هذا الفريق أن الحماية تقع في لحظة الحمل، أيضًا هناك فريق ثالث يذهب إلى أن الحماية تكون بعد الأشهر الثلاث الأولى.
اقتلني من أجلك: جسدي.. اختياري
في الولايات المتحدة، يتقاطع الدين مع قضية الإجهاض بشكل كبير، ومما يزيد الأمر تعقيدًا، أن كل طرف يضع قيمًا في وجه الآخر، المساواة والاستقلالية والنجاح الوظيفي للمرأة من ناحية والمعتقدات والأسس الأخلاقية من ناحية أخرى.
قبل أن يطرح السؤال عما إذا كان يجب أن يكون الإجهاض حقًا أم لا؟ هناك بعض الأسئلة الأساسية التي بحاجة إلى التفكير فيها، لماذا تجري النساء عمليات إجهاض؟ أو ما الذي يجعل الإجهاض حقًا مهمًا؟ هل ساعد الوصول إلى الإجهاض في دفع مساواة المرأة إلى الأمام؟ هل تستحق المرأة خيارات أفضل من الإجهاض؟ هل الاستقلال الجسدي حق مطلق؟ مع ملاحظة أن الحق المطلق غير محدد بوضوح في الدستور الأمريكي، ولا توجد إشارة إلى خصوصية منع الحمل أو أي شيء من هذا القبيل.
يرى مؤيدو الإجهاض بأن الفريق الآخر يسعى إلى تمرير القوانين لصالح تعصبهم الديني بغض النظر عن وجود حقائق علمية وأبحاث طبية فيما يتعلق بالإجهاض والحقوق الإنجابية، بينما يرى معارضو الإجهاض، أن الفريق الآخر يستخدم العلم ليس بهدف البحث عن الحقيقة، وإنما لإثبات صحة الادعاءات، مثل الجدال بأن مساواة المرأة مرتبطة بحريتها في الإجهاض، وأن سيطرتها على الإنجاب، يرفع من إمكاناتها التعليمية والاقتصادية في الحياة، في حين أنه لا يوجد دليل علمي اجتماعي يدعم هذا الادعاء.
كما أن هناك العديد من النسويات معارضات للإجهاض، ويهتممن كذلك بمساواة المرأة، مثل آبي جونسون وديستني هيرندون، لكن وسائل الإعلام تميل إلى تسليط الضوء على قصص إجهاض المشاهير واعتبار الإجهاض وسيلة للتقدم الوظيفي أو حلًا للظروف الصعبة.
وحتى مع حق المرأة في السيطرة المطلقة على جسدها، ألن ينطبق هذا الحق أيضًا على الدعارة، حيث يمكن للمرأة أن تستأجر خدماتها بالشكل الذي تراه مناسبًا، وإذا كان الرجل ساعد في خلق الحياة للجنين، فلماذا لا يكون مسؤولًا أيضًا، ويمنح الفرصة في النفس التي شارك فيها.
الإجهاض المحاصر
تعتبر الحركات المناهضة للإجهاض، أن الإجهاض جريمة قتل، فيقول أحدهم: “إنهم يزهقون الأرواح كوظيفة، لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي، ونسمح بحدوث ذلك بحجة أن هذا حرية قرارهن”.
“يموت أكثر من مليون شخص كل عام بلا داع”
بشكل منتظم، حاصرت مجموعات معارضة للإجهاض، العيادات التي أجريت فيها عمليات الإجهاض، وفجرت بعضها، كما لم تتردد في مهاجمة الأطباء جسديًا، بل قتلت العديد منهم، مثل الدكتور جورج تيلر – George Tiller، إضافة للمضايقات التي تتعرض لها المرأة التي تختار الذهاب إلى هناك.
ومع الوقت أصبح عدد المجهضين أقل من السابق، وتشير بعض الإحصاءات إلي أن هناك عدة ولايات في جميع أنحاء الولايات المتحدة بها عيادة إجهاض واحدة، يقول توري نيومان – أحد معارضي الإجهاض -: “أغلقنا المئات من عيادات الإجهاض، وهذا أكثر ما نفخر به، لقد كنا فاعلين للغاية في استهداف أطباء الإجهاض”.
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، ففي العام 2019، تم إجراء نحو 860 ألف عملية إجهاض في أمريكا، ومعظم النساء اللواتي يخضعن للإجهاض غير متزوجات، و92.8% من عمليات الإجهاض تتم خلال الأشهر الثلاث الأولى من الحمل، وفيما يتعلق بحمل المراهقات، فإن 350 ألف مراهقة أمريكية دون سن 18 عامًا تحمل كل عام، و82% من حالات الحمل غير مقصودة.
يلعب تقاطع الفقر أو الحالة الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة والعرق دورًا في عملية الإجهاض، تشير بعض الإحصاءات إلى أن أكثر من 75% من النساء اللاتي يخضعن لعملية إجهاض، هم من الفقراء ذوي الدخل المنخفض، والغالبية منهم من أصل إفريقي.
إضافة إلى أنه لا توجد رعاية صحية مجانية وإجازة أمومة مدفوعة الأجر في الولايات المتحدة، حيث تواجه نصف النساء تقريبًا صعوبة في دفع الفواتير الطبية، وواحدة من كل 5 أمهات تعود إلى العمل في غضون 10 أيام من الولادة.
غالبًا ما يكون للإجهاض علاقة بعدم امتلاك الموارد الاقتصادية اللازمة لرعاية الطفل، لذا فإن البعض يرجح بأن عواقب حظر الإجهاض ستزداد، لكن النساء الثريات يستطعن عمومًا تحمل تكاليف السفر إلى الخارج، بينما الطبقات الأقل امتيازًا سيحاولن الالتفاف حول القانون عبر الذهاب إلى ولاية أخرى أكثر تساهلًا لإجراء عملية الإجهاض، وبالتالي سيرفع هذا الأمر من تكلفة الإجهاض عن السابق.
واحدة من ضمن القضايا التي لا تزال حية في الوقت الحاليّ، هي ما إذا كان من حق الولاية التي تحظر الإجهاض أن تمنع الأشخاص من الذهاب إلى ولاية أخرى من أجل الحصول على الإجهاض.
وتذكر دكتورة الإجهاض كولين مكنيكولاس – Colleen McNicholas: بأن واحدة من كل أربع سيدات في الولايات المتحدة تخضع لعملية إجهاض في حياتها، لذلك يرى البعض أن الحظر التام يتجاهل تعقيدات الجوانب الأخرى لمسألة الإجهاض، إضافة إلى أن إلغاء الإجهاض القانوني لن يمنع من حدوث عمليات الإجهاض، بل سيجعلها أقل أمانًا من خلال دفع النساء مرة أخرى إلى الأزقة الخلفية.
من المحتمل أن يستمر الجدل بشأن الإجهاض، طالما أن هناك محاولة لاستغلاله لأغراض سياسية، وعدم النظر إليه بشكل شامل، وأيضًا ارتباط مشروعية الإجهاض بتغيير الرؤساء السياسيين لقضاة المحكمة العليا، ولعبة القط والفأر بين الجانب المؤيد والمعارض.
يتنبأ البعض بأن القضية ستكون دعوة حاشدة في انتخابات منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني، إذ سيحاول الطرفان استخدام قرار المحكمة النهائي كصرخة حشد للناخبين، وفي حالة الديمقراطيين، قد يعني ذلك فرصة لكسب الناخبين المستقلين المؤيدين للإجهاض وخاصة النساء، ما قد يزيد من فرص تمسك الديمقراطيين بكلا مجلسي الكونغرس، رغم انخفاض نسبة تأييد الرئيس جو بايدن التي تقل عن 40%.