ترجمة وتحرير: نون بوست
بالنسبة لأي شخص مهتم بالعلاقة بين التمرين والحياة لفترة أطول؛ فإن أحد الأسئلة الأكثر إلحاحًا هو مدى حاجتنا حقًا للبقاء بصحة جيدة، وهل 30 دقيقة من التمارين الرياضية في اليوم كافية؟ وهل يمكننا تقليص المدة؟ وهل يجب أن نمارس كل التمارين كلها في حصة واحدة، أم يمكننا توزيعها على مدار اليوم؟ وعندما نتحدث عن التمرين، هل يجب أن نمارس الكثير من التمارين؟
على امتداد سنوات؛ حاول علماء التمرينات تحديد “المدة” المثالية من التمارين لمعظم الناس، وقد توصلوا أخيرا إلى إجماع واسع النطاق في سنة 2008 مع إرشادات النشاط البدني للأمريكيين، والتي تم تحديثها في سنة 2018 بعد مراجعة شاملة للعلوم المتاحة حول الحركة والجلوس والصحة، وفي كلا الإصدارين، نصحت الإرشادات أي شخص يتمتع بصحة جيدة على ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة لمدة 150 دقيقة أسبوعيًا، ونصف هذه المدة إذا كانت التماريم شديدة.
ولكن ما هي أفضل طريقة للمباعدة بين تلك الدقائق الأسبوعية؟ وماذا تعني كلمة “معتدل”؟ وفيما يلي، أهم ما قاله بعض الباحثين البارزين في علم التمارين حول عدد الخطوات اللازمة، والسلالم، ومحاربي عطلة نهاية الأسبوع، وطول العمر، ولماذا تعتبر التمارين الصحية الشديدة مهمة.
اهدف إلى ممارسة التمارين الرياضية لمدة 150 دقيقة
من جانبه؛ قالت الدكتورة آي مين لي، أستاذ علم الأوبئة في كلية تي إتش تشان للصحة العامة في جامعة هارفارد: “من الواضح أن ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة أو الشديدة لمدة 150 دقيقة في الأسبوع يكفي لضمان طول العمر”، ولقد درست الدكتورة آي مين لي على نطاق واسع الحركة والصحة وساعدت في صياغة المبادئ التوجيهية الوطنية الحالية للنشاط البدني.
ولأغراض عملية؛ غالبًا ما يوصي علماء التمارين بتقسيم تلك 150 دقيقة إلى جلسات مدتها 30 دقيقة من المشي السريع أو نشاط مشابه خمس مرات في الأسبوع.
حاول المشي بسرعة إذا كنت تنوي التنزه، لكن لا تشعر أنك مضطر للعدو السريع
وقال أولف إيكلوند، الأستاذ المتخصص في علم أوبئة النشاط البدني في المدرسة النرويجية لعلوم الرياضة في أوسلو، والذي قاد العديد من هذه الدراسات، إنه “يتضح تمامًا من خلال العديد من الدراسات الوبائية واسعة النطاق والتي أجريت بشكل جيد أن ممارسة التمارين الرياضية الشديدة لمدة 30 دقيقة في معظم الأيام تقلل من خطر الوفاة المبكرة والعديد من الأمراض، مثل السكتة الدماغية والنوبات القلبية والسكري من النوع 2 والعديد من أنواع السرطان”.
وتابع أن التمارين المعتدلة تعني “الأنشطة التي تزيد من معدل تنفسك وضربات القلب، لذلك فإن الجهد المبذول يشبه خمسة أو ستة على مقياس من واحد إلى 10“. بعبارة أخرى، حاول المشي بسرعة إذا كنت تنوي التنزه، لكن لا تشعر أنك مضطر للعدو السريع.
احرص على تناول وجبات خفيفة خاصة بالتمارين الرياضية
يمكنك أيضا تقسيم التمرين إلى أجزاء أصغر؛ حيث يقول إيمانويل ستاماتاكيس، عالم التمرينات بجامعة سيدني في أستراليا الذي يدرس النشاط البدني والصحة، إن الدراسات الحديثة تظهر بأغلبية ساحقة أنه يمكننا ممارسة التمارين الرياضية لمدة 150 دقيقة أسبوعيًّا بأي طريقة تناسبنا بشكل أفضل.
وأضاف ستاماتاكيس: “قد يجد العديد من الأشخاص أنه من الأسهل والأكثر إفادة تخصيص بضع فترات المشي لمدة دقيقة أو دقيقتين بين مهام العمل”، أو أي من الالتزامات الأخرى، إذ أنه “لا يوجد حل سحري للحصول على جلسة تمارين متواصلة لمدة 30 دقيقة” وتوفّر معظم الفوائد الصحية.
وقال ستاماتاكيس إنه يجب التفكير في هذه التمرينات الصغيرة كأنها “وجبات خفيفة” من التمارين الرياضية، إذ “توفر الأنشطة مثل المشي السريع جدًا وصعود الدرج وحمل أكياس التسوق فرصا ممتازة للتمتع بالتمرينات الصغيرة أثناء التنقل”، وأضاف أنه لتكثيف الفوائد الصحية لهذه التمارين الرياضية، عليك الحرص على أن تكون شدتها عالية نسبيا، حتى تشعر بالإجهاد إلى حد ما.
علاوة على ذلك؛ يمكنك أيضًا جمع جميع تمريناتك في تدريبات طويلة يومي السبت والأحد؛ ففي دراسة أجريت عام 2017 من قبل الدكتور ستاماتاكيس وزملاؤه، كان الأشخاص الذين أفادوا بممارسة التمارين الرياضية بالكامل تقريبًا في عطلات نهاية الأسبوع أقل عرضة للوفاة المبكرة من أولئك الذين قالوا إنهم نادرا ما كانوا يمارسون الرياضة على الإطلاق، لكن التعرّض لضغط كبير في عطلة نهاية الأسبوع له عيوبه.
عدد الخطوات الأمثل للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 60 عامًا بين 8000 و10000 في اليوم
وقال الدكتور ستاماتاكيس: “من المؤكد أنه ليس من المثالي أن تقضي أسبوع العمل دون أي نشاط ثم تحاول تعويضه” خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأضاف أنك بهذه الطريقة تخسر العديد من الفوائد الصحية للتمارين الرياضية المنتظمة، مثل تحسين التحكم في نسبة السكر في الدم وتحسين الحالة المزاجية في الأيام التي لا تمارس فيها الرياضة، كما أنك تزيد من خطر تعرضك للإصابات المرتبطة بالتمارين الرياضية.
قم بعد خطواتك
تبقى التوصيات الخاصة بالتمارين كما هي إذا كنت تقيس التمرين بالخطوات بدلا من الدقائق، وفي هذا الشأن قال الدكتور لي، إنه بالنسبة لمعظم الناس فإن “150 دقيقة من التمارين في الأسبوع تعادل ما بين 7000 و8000 خطوة في اليوم”.
وكشفت دراسة جديدة واسعة النطاق أجرتها الدكتورة لي والدكتور إكلوند حول العلاقة بين الخطوات وطول العمر، والتي نُشرت في آذار/مارس الماضي في مجلّة “ذا لونسات”، كان عدد الخطوات الأمثل للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 60 عامًا بين 8000 و10000 في اليوم، وبالنسبة لمن في سنّ 60 وما فوق، كان العدد يتراوح بين 6000 و8000 يوميًّا.
اعتمد المزيد من التمارين
وتركز هذه التوصيات الخاصة بالخطوات والدقائق على الصحة ومتوسط عمر الفرد وليس الأداء البدني. قال الدكتور إكيلوند: “إذا كنت ترغب في خوض ماراثون أو سباق 10 كيلومترات بأسرع ما يمكن، فأنت بحاجة إلى مزيد من التمارين“.
بالإضافة إلى ذلك؛ قد تكون الـ 150 دقيقة الموصى بها أسبوعيًّا قليلة جدًا لتفادي زيادة الوزن مع تقدم العمر، ففي دراسة أجريت عام 2010 على ما يقارب 35000 امرأة بقيادة الدكتورة لي، تبين أنه فقط أولئك الذين يمشون أو يمارسون الرياضة بشكل معتدل لمدة ساعة تقريبًا في اليوم خلال منتصف العمر هم من تمكنوا من الحفاظ على وزنهم مع تقدمهم في السن.
وقالت الدكتورة لي والعلماء الآخرون إنه إذا كان لديك الوقت الكافي والرغبة، حاول التحرك لأكثر من 30 دقيقة في اليوم. وبشكل عام، ووفقًا لأبحاثها وبعض الدراسات الأخرى، كلما زاد نشاطنا وتجاوز 30 دقيقة في اليوم، انخفضت مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة وطالت حياتنا، لكن القيام بأي نشاط أفضل من عدمه؛ حيث قال الدكتور إكلوند: “كل دقيقة مهمة، فصعود الدرج له فوائد صحية، حتى لو استمر لمدة دقيقة أو دقيقتين فقط، إذا كنت تكرره بانتظام”.
المصدر: نيويورك تايمز