ترجمة وتحرير: نون بوست
تلقيت السنة الماضية رسالةً خاصةً على إنستغرام من صديقة من أيام الكلية كان قد مرّ على آخر حديث بيننا سنتان نظرًا لأن كلتانا تعيش في مدن مختلفة ونُزاول وظائف مختلفة، وبالطبع حال الوباء دون تفكيرنا في أي خطط حتى نتقابل. لذلك، فوجئت برؤية اسمها يظهر على شاشتي ولكن أكثر دهشتي كانت من محتوى رسالتها.
لقد كان محتوى الرسالة “وجهي”، وتحديدًا لقطة في إعلان لقصص إنستغرام أظهر فيه وأنا أضع مرطّب الشفاه. وفي ذلك المقطع، قمت بوضع المرطب على شفاهي وابتسمت للكاميرا. في الواقع، كنت مرتبكة فلم يسبق أن وافقت على الظهور في حملة اجتماعية على مستوى البلاد، وإلا ترُجم ذلك إلى أصفار أخرى بجانب رقم رصيدي في البنك. في ذلك الوقت، كنت أعمل في مجال الإعلام حيث أجد الشخصيات المؤثرة المناسبة للمشاركة في المقالات الترويجية. وقد أمضيت سنوات في اختيار المواهب والتفاوض على العقود لضمان تعويض عادل وحقوق استخدام مقبولة لكل من المؤثرين والعارضين والأشخاص الحقيقيين. بناءً على خبرتي، كان من الواضح أن صورتي تم استغلالها من قبل علامة تجاريّة تقدر بمليارات الدولارات.
تحدد حقوق الاستخدام من يمتلك صورةً أو أصلًا، وكيف وأين يُسمح له بالظهور تحديدًا، وإلى متى: ويكون الفيديو أغلى من الصورة، وتكلّف مدة شهر واحد أكثر من سنة كاملة، والرسوم التي تُفرض على علامة تجارية عالمية تكون أكثر بكثير مما يُفرض على شركة تحقق نموًا. واعتمادًا على الموهبة وحجم العميل وطول الحملة، يمكن أن يكلف الترخيص القياسي للصور على منصات التواصل الاجتماعي ما بين 250 إلى 20,000 دولار.
مع ذلك، سيخبرك أي شخص عمل في شركة إعلامية أن الموظفين غالبًا ما يتعرضون لضغوط للعمل كبديل أو مكمل لهؤلاء المؤثرين. كما أن هذه الحملات ليست جزءًا من الوظيفة ومن المحتمل أن لا يتم تعويضهم عن ذلك.
لقد تم تسريحي من منصبي في إحدى هذه الشركات وخرجت من مكتبها الفعلي منذ أكثر من السنة. تم إغلاق الاستوديوهات في كل مكان لوقف انتشار فيروس كوفيد-19، وألغى العملاء حملاتهم مشيرين إلى النقص في المحتوى الجديد للترويج لأحدث منتجاتهم. لكن الجزء العلوي من شاشة هاتفي أظهر أن إعلان إنستغرام يعود لمجموعة شركات دولية للعناية بالبشرة وعرفت على الفور مصدر الفيديو.
مع استمرار تطور شكل الثقافة والتكنولوجيا، فإن مثل هذا الاستغلال للأشخاص والصور التي نصنعها لن يستمر بالنمو
صُوّر الإعلان قبل انتشار الوباء، حيث طُلب مني المشاركة في جلسة تصوير تعرض فوائد المنتج العلاجية. ومع أن جلسة التصوير استغرقت كامل يوم عملي، لم أتقاضى عنه أجرًا وكان من المفترض أن تستمر الحملة نفسها لبضعة أشهر فقط على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي لصاحب العمل في ذلك الوقت. ونظرًا لأن زميلتي، التي تعيش على بعد مئات الأميال، كانت تشاهد هذا الفيديو بعد أكثر من سنة، فمن المحتمل أن صاحب العمل السابق أعطى هذا المحتوى مباشرة إلى شركة عملاقة لمنتجات العناية بالبشرة وسمح لهم بمواصلة استخدام وجهي دون إذن مسبق مني.
ليس لدي حضور كبير على مواقع التواصل الاجتماعي أو أي منصة بارزة ولكن حتى كشخص عادي، يمكن حساب التعويضات بآلاف الدولارات. لسوء الحظ، كانت مشاركتي في الحملة غير موثّقة لذلك عندما فكرت في الحدود المبهمة التي تأتي مع كوني موظفة في مجال الإعلام، لم يكن الأمر يستحق عناء اتخاذ إجراءات تجاهه. ولكن مع استمرار تطور شكل الثقافة والتكنولوجيا، فإن مثل هذا الاستغلال للأشخاص والصور التي نصنعها لن يستمر بالنمو إلا بسبب افتقارنا إلى المعلومات اللازمة لمنعه.
بصفة عامة، نحتفظ بحقوق التأليف والنشر على أي محتوى نقوم بتحميله على منصات التواصل الاجتماعي. ولكن عند إنشاء حساب فإننا نوافق على منح هذه المنصات ترخيصًا مجانيًا لاستخدام ما نشاركه من محتوى كما يحلو لهم. تعد الحملات الإعلانية الأخيرة على “تويتر” مثالًا رائعًا: الأفكار اليومية للأشخاص العاديين هي التي تغذي المنصة، وقد تم الترحيب على نطاق واسع بقرار عرض تلك التغريدات في الحملات التسويقية. ولكن بصفتي مستخدمة على تويتر، فإن عرض كلماتي الخاصة في إعلان في رحلة القطار إلى المنزل سيكون أمرًا رائعًا، حتى أتذكر أن شهرًا واحدًا من إعلانات مترو الأنفاق يمكن أن يكلف ما يصل إلى 75,000 دولار. ولكن، بناءً على الشروط والأحكام التي وافقت عليها، قد لا تصل أي من هذه الأموال إلي.
يعتبر المحتوى الخاص بنا أكثر قيمة للعلامات التجارية، التي تركز تدريجيًا على المستخدم العادي لوسائل التواصل الاجتماعي. في السابق، كانت كبرى الشركات تقوم بتوجيه معظم ميزانيتها التسويقية إلى واحد أو اثنين من المؤثرين البارزين ممن يملكون 500 ألف متابع أو أكثر. أما الآن أصبحت شركات مثل “هيلو فيش” و“كانون” تعطي الأولوية للفئات المتخصصة من جمهور صغار صانعي المحتوى. وتظهر الأبحاث أن المتسوقين يجدون صانعي المحتوى الأقل تأثيرا “أكثر أصالة” وقد حددت العلامات التجارية هؤلاء المبدعين على أنهم “أقل تكلفة”، مما يجعل توظيف الأشخاص العاديين مربحًا لجميع الأطراف وبالتالي زيادة المبيعات.
تمول “لوجيتيك”عمليات حماية حقوق التأليف والنشر لـ 10 من صناع المحتوى
مع استمرار تقلص حجم الجمهور المفضّل، من المهم فهم المخاطر المالية المرتبطة بإنشاء ملف شخصي عام. في هذا الصدد، شاركت لورين ماكغراث، مؤسسة شركة “نوفل بروجكتس” لاستشارات المواهب والمؤثرين مثالًا قائلة: “إذا كنت نادلًا محليًا، وكانت صورتك مرتبطة بعلامة “سبريتس” التجارية لفترة طويلة من الوقت، سواء كان لديك 500 أو 500000 متابع، فإن هذا التوافق سيكون له تأثير على ما يمكنك وما لا يمكنك فعله مع علامة تجارية أو صاحب عمل في المستقبل”.
لقد اعتادت هانا آن سلوس أن تُلتقط صورها كعارضة أزياء، ولكن مع فوزها في كانون الثاني/ يناير من السنة الماضية بالموسم الرابع والعشرين من سلسلة “ذا باشلور” التي تعرض على منصة “إيه بي سي”، أصبحت هذه الصور أكثر قيمة. فقد زعمت سلوس في دعوى قضائية في سنة 2021 ضد شركة “بروكتر آند غامبل”، أن عملاق السلع الاستهلاكية استحوذ على شعبيتها المكتشفة حديثًا على مستوى البلاد من خلال لصق صورة مخزنة لها على العديد من منتجات “داوني” غير المعتمدة حتى تموز/ يوليو 2020، على الرغم من انتهاء صلاحية ترخيص الاستخدام في تشرين الأول/ أكتوبر 2019.
وفقًا لماكغراث، فإن انتهاك حقوق الاستخدام على هذا المستوى يمكن أن يكون مكلفًا، موضحةً: “قبل سنتين، كانت خسارة من هذا النوع تكلف بضع مئات من الدولارات”. مستشهدةً بالتطور السريع لاقتصاد المبدعين والساحة الأعلى سعرًا لتسويق المنتجات، صرحت ماكغراث أنه “حتى لو لم تكن مؤثرًا، يمكن لصورتك ومظهرك تحقيق آلاف الدولارات على مدى عدة سنوات”.
يعرف صناع محتوى الرقص الذين انتشروا بسرعة هذا النوع من الخسارة عن قرب. ولا يمكن إنكار تأثير صناع المحتوى على صناعة الموسيقى خلال السنتين الماضيتين، مع اكتشاف 29 بالمئة من الموسيقى الجديدة على مواقع الفيديو أو الرقص مثل تيك توك. لكن لسوء الحظ، يتأخر تقدير وتعويض أولئك الذين ساهموا في هذا النمو تاركين صناع المحتوى مثل كيرا ويلسون التي ابتكرت “سافدج دانس” ذات الشعبية الضخمة، ويونغ ديجي الذي ابتكر “ذا ووه”، بشكل خاص دون دعم كافٍ.
عمِل مصمم الرقصات المشهور جاكويل نايت بجد على ضمان حقوق التأليف والنشر للحركات التي يؤديها في رقصته الأيقونية “سنغل ليديز”، عندما رأى فريق “لوجيتيك” فرصة لجعل هذا الإجراء الوقائي أكثر سهولة. وبالتعاون مع نايت، تمول “لوجيتيك”عمليات حماية حقوق التأليف والنشر لـ 10 من صناع المحتوى “الداعم للسود والسكان الأصليين والأشخاص الملونين”، بما في ذلك كيرا ويلسون ويونغ ديجي، مما يمهد الطريق لتعلم تحقيق الدخل من الإبداع وامتلاك صورتك.
تحدثت ميريديث فالياندو روجاس، الرئيسة العالمية للترفيه وتسويق المبدعين في “لوجيتيك”، حول شراكة الشركة مع نايت، قائلة: “حتى هذه اللحظة، يعتبر تصميم الرقصات عملا سريع الزوال وغير ملموس لذلك لا تتوفر له الحماية بموجب القانون”. ولكن هذا القانون القديم لا يواكب التطور المستمر الذي تشهده منصات التواصل الاجتماعي. وهذا يعني أن الأشخاص غير المعروفين نسبيًا الذين قد يحصدون ملايين المشاهدات على مقطع فيديو واحد يتم إعادة إنشاء آلاف التكرارات عن محتواهم وبالتالي اختلاسها في جميع أنحاء العالم.
على الرغم من أن البنود والشروط على منصات التواصل الاجتماعي قد تكون طويلة، إلا أنه من المفيد فحص ما تشترك فيه قبل مشاركة صورتك
من خلال حماية حقوق التأليف والنشر التي يعمل نايت ولوجيتيك على جعلها موضع التنفيذ، يمكن لصناع المحتوى متابعة الإسناد بأثر رجعي للفرص الضائعة؛ حيث سردت روجاس سيناريو صادفت فيه متجرًا يبيع قميصًا غير معتمد مرسوما عليه رقصة “ووه”، وأرسلوها إلى محاميهم نيابة عن يونغ ديجي.
عندما سُئلت روجاس كيف يمكن للأشخاص العاديين حماية أنفسهم في الوقت الحالي، ذكرت أن تعلم حقوق الاستخدام هو أثمن ما يملكه منشئ المحتوى، ذلك أن العديد من صناع المحتوى وغير صناع المحتوى ليسوا على دراية بالإجراءات الوقائية المتاحة لهم حاليًا. وتتمثل مهمة لوجيتيك في مشروع “# Creators4BIPOC” في تسليط الضوء على ما هو ممكن للمبدعين في حماية صورتهم والتعليق على التأثير الدائم لمثل هذا التعليم، لذلك “عندما تعرف حقوقك، فإنك تبدع بشكل مختلف – وذلك على حد تعبير روجاس.
لطالما مثّل تحديد من يمكنه استخدام اسمك وصورتك ومظهرك أولويةً بالنسبة لمديري المواهب في صناعات الإعلام والترفيه. وقد تم إنهاء عمليات إنتاج بملايين الدولارات لعدم تأمين الحقوق الصحيحة لفترة زمنية محددة، وبالنظر إلى السرعة التي يتم بها إغلاق مجال التأثير بين المشاهير وعامة الناس، سيكون من الحكمة تطبيق احتياطات مماثلة على حياتنا اليومية.
خذ وقتًا في مراجعة عرض العمل التالي الخاص بك، وتحديد المكان الذي قد يكون فيه صاحب العمل المحتمل قد استغل اللغة لمنح نفسه مزيدًا من الوصول إلى صورتك أكثر من اللازم. وبالمثل، على الرغم من أن البنود والشروط على منصات التواصل الاجتماعي قد تكون طويلة، إلا أنه من المفيد فحص ما تشترك فيه قبل مشاركة صورتك على هذه التطبيقات. ومع صعود صناعة المحتوى والوصول المتزايد إلى الإنترنت، لم تعد المخاوف بشأن حقوق الاستخدام تقتصر على المشاهير فقط، فبعد كل شيء قد يكون الوجه التالي لإحدى العلامات التجارية العالمية هو أنت.
المصدر: ماشابل