ترجمة وتحرير: نون بوست
في شباط/ فبراير، نفدت من عندي شماعات الملابس لكن ذلك كان متوقعًا إلى حد ما – فلمدة سنة على الأقل، كنت أعيد ترتيب خزانتي في محاولة لتأخير ما لا مفر منه. وكنت أعلق على الشماعة الواحدة اثنين أو ثلاثة قمصان أو فساتين صيفية، وأعيد كل شيء بعناية إلى أدراج الخزانة لزيادة سعتها إلى الحد الأقصى. في المقابل، تركت القطع التي كثيرًا ما أرتديها على كرسي غرفة النوم بدلاً من وضعها في خزانة الملابس ولم أشترِ أي قطعة جديدة إلا إذا كنت في حاجة ماسة إليه. مع ذلك، كنت بحاجة إلى شراء بعض الأشياء في النهاية ولم يكن لدي أي مكان لأضعها فيه.
إن إدراك استنفاذك لحدود خزانة ملابسك حالة إذلال منزلي منخفض الدرجة أصبحت مألوفةً لدى العديد من الأمريكيين. وقد أظهر استطلاع لسنة 2021 أن 14 بالمئة فقط من المستجيبين كانوا راضين تمامًا عما كان في خزائنهم، وأراد جميع من عداهم التخلص من بعض الأشياء على الأقل، أو فعلوا ذلك في الماضي القريب. وفي الوقت نفسه، توسعت شهية الدولة للملابس الجديدة بسرعة خلال العقدين الماضيين بعد أن أصبحت الملابس أرخص وأكثر وفرة وأسهل في الشراء من أي وقت مضى، والفضل في ذلك يعود إلى حد كبير إلى انتشار الموضة السريعة والتسوق عبر الإنترنت. كما أصبح تسويق الأزياء منتشرًا في كل مكان، حيث يتم ضبطه بشكل خوارزمي أكثر من أي وقت مضى من خلال جمع البيانات على نطاق صناعي لتحفيز نقاط الضعف في عقلك.
في مرحلة ما، أصبح التعامل مع فوضى خزانتي أمرا لا يمكن تأجيله، فقد مرت ثماني سنوات تقريبًا منذ آخر مرة قمت فيها بتنظيفها. ولكن انتظاري لما يقارب عقدا من الزمان لفرز ملابسي لم يكن بسبب تعلقي بها كثيرًا ما حال دون التخلى عنها، أو لأنني اعتقدت أنني قد أحتاج فعليًا إلى أي شيء في خزانة ملابسي. كان الكثير من محتواها عبارة عن أشياء كنت متأكدة من أنني لن أرتديها مرة أخرى أبدًا هذا إذا ارتديتها في المقام الأول – من أطقم العمل غير الرسمية التي اشتريتها من أجل مقابلات العمل منذ فترة طويلة، إلى الفساتين غير المناسبة التي نسيتها وبعض الأشياء الرخيصة للغاية التي من الواضح أنها لن تنجو من الغسيل في الغسالة وسيكلف تنظيفها الجاف أكثر من ثمن شرائها. بدلاً من ذلك، كانت مشكلتي الرئيسية أكثر عملية: ما الذي يجب أن أفعله فعلاً بكل هذه الثياب؟
اسمحوا لي أن أخبركم بالجزء الصعب مقدمًا: لا توجد إرشادات سهلة وعالمية لأفضل طريقة صديقة للبيئة أو خالية من المتاعب أو جيدة اجتماعيًا للتخلص من ملابسك القديمة ببساطة. السبب ليس نقص الخيارات وإنما لأن الأمريكيين ينتجون كميات هائلة لا حصر لها من نفايات المنسوجات التي قُدّرت وفقًا لوكالة حماية البيئة بـ 11.3 مليون طن في سنة 2018، مقارنة بـ 1.7 مليون طن في سنة 1960. كما أنشأنا أيضًا عددًا متزايدًا من الخدمات التي تعد بالتخلص من ملابسك القديمة دون الشعور بذنب شراء الكثير منها في المقام الأول.
إلى جانب الطرق التقليدية مثل التبرعات الخيرية ومخازن البضائع، يمكنك أيضًا تسليم المنسوجات الخاصة بك لإعادة التدوير إما لبرنامج محلي أو شركة ربحية، التي سيرسل لك بعضها حقيبة مدفوعة الأجر لملئها في وقت فراغك. أما بالنسبة لصناديق التبرعات التي تنتشر الآن في المدن والعديد من الضواحي، فبعضها شرعي وبعضها مملوك لشركات ربحية تبحث عن مخزون مجاني لبيعه بكميات كبيرة. كما ازدهر اقتصاد إعادة البيع أيضًا، حيث يمكنك العثور على مشترين جدد لملابسك القديمة على عدد كبير من مواقع الويب والتطبيقات الخاصة بإعادة البيع، مثل “إيباي” و”بوش مارك” و”ديبوب” ومتجر فيسبوك.
تقدم كل هذه الخدمات الكثير من الوعود حول الاستدامة وتقليل الهدر، ولكن ما لا يمكن أن تعد به هو عدم انتهاء المطاف بملابسك القديمة في مكب النفايات على أي حال. في جميع الاحتمالات، سيحدث ذلك للكثير منها – إن لم يكن معظمها. إن صناعة الملابس، حتى على المستوى الصناعي، عملية كثيفة العمالة. فلا توجد آلة حتى الآن قادرة على مطابقة أيدي الإنسان في ماكينة الخياطة، وتوجيه الوصلات الفردية بعد الإبرة. وبمجرد تصنيعها، تصبح إزالة الملابس من العالم أكثر صعوبة.
تُعد مشكلة نفايات الملابس مشكلة حديثة تمامًا، فقد كانت معظم الملابس تُصنع في المنزل على مدار جزء كبير من التاريخ الأمريكي، وكان معظم السكان يعتبرون التراكم اللامتناهي للسلع المادية أمرًا غير لائق. ووفقًا لما ذكرته جينيفر لو زوت، المؤرخة في جامعة نورث كارولينا في ويلمنغتون ومؤلفة كتاب “من الرضا حتى القذارة: تاريخ من الأساليب المستعملة والاقتصادات البديلة”، كان ظهور الملابس الصناعية في نهاية القرن التاسع عشر يعني أن هذه المفاهيم بحاجة إلى تغيير. أصبحت الملابس الجاهزة فجأة أرخص وأكثر وفرة من أي وقت مضى ، وبدأت النخبة الصناعية في البلاد البحث عن طرق للحث على زيادة الطلب على خزانات الملابس الأكبر ومستمرة التغير، ولكن حتى مع ولادة ثقافة التسوّق الحديثة في نهاية القرن التاسع عشر، بقي التمسّك بقيم التوفير البروتستانتية مستمرًا، وظل وجود فائض أمرًا قاصرًا على أقطاب الصناعة المحتكرين، لا على العمال الجيدين المستقيمين.
ثم جاءت مخازن الملابس المستعملة. ومثلما تحولت تجارة الملابس إلى صناعة، بدأت الملابس المستعملة تحصل على تحول من شركات الملابس المستعملة الخيرية مثل “صناعات غودويل” و”سالفيشن آرمي”، التي تأخذ التبرعات من الملابس المستعملة والسلع المنزلية الأخرى وتبيعها لعامة الناس من أجل تمويل الأعمال الخيرية والبرامج الدينية. أوضحت زوت أن هذه الشركات غيرت شعور الأمريكيين تجاه ملابسهم القديمة. أولاً، جعلوا التخلص من الأغراض القديمة أمرًا مفيدًا، ولم تكن تهدر الموارد ولكن توفرها لمن هم أقل حظًا. ثانيًا، قاموا بتغيير شعور الجمهور حيال شراء الملابس المستعملة، مما أدى إلى توسيع سوق مبيعاتهم المحتمل، وجعل نموذج أعمال التوفير مستدامًا.
لقد فعلوا ذلك من خلال إلصاق منظماتهم بالمسيحية الإنجيلية، وذلك وفقًا لما ذكرته لي زوت. كانت تجارة الملابس المستعملة سابقًا مجال المهاجرين اليهود في الغالب، وكانت المواقف تجاه إعادة البيع مليئة بالصور النمطية المعادية للسامية حول النظافة والجودة الاجتماعية المرغوبة، ومن خلال جعل الملابس القديمة فضيلة مسيحية تمكنت شركات الملابس المستعملة من جذب المزيد من التبرعات والمزيد من المشترين، وتوسيع نطاق التجارة صناعيًا، وفتح بعض أولى سلاسل المتاجر في البلاد.
واليوم، لا يزال نموذج التوفير المؤسسي مزدهرًا، حيث تمتلك “غودويل” وحدها آلاف المتاجر في جميع أنحاء أمريكا الشمالية. تجعل شركات الملابس المستعملة هذه العملية خالية من الاحتكاك قدر الإمكان؛ حيث يمكنك إلقاء أكياس من الأشياء غير المفروزة، والحصول على قسيمة صغيرة للإعفاء الضريبي، ثم تذهب شاعرًا بأنك فعلت الشيء الصحيح.
أتمنى لو أن الأمر بسيط جدا كما يبدو. وفقًا لماكسين بيدات، مؤسس معهد نيو ستاندرد ومؤلف كتاب “كشف المستور: بداية دورة حياة الملابس ونهايتها”؛ تتلقى جمعيات الملابس المستعملة الخيرية واسعة النطاق تبرعات أكثر بكثير مما يمكن أن تبيعه فعليًا في متاجرها. ولا يوجد عدد كافٍ من المشترين لجميع الملابس الجديدة التي يتم إنتاجها سنويًا، ناهيك عن كل الأشياء غير المرغوب فيها الموجودة بالفعل في خزائن الناس.
أخبرني بيدات أن الكثير مما يتم التبرع به غير مرغوب فيه، فالناس الذين يشعرون بالراحة لفكرة أن القمامة هي كنز لشخص آخر يميلون إلى عدم التمييز بين الملابس الجيدة الصالحة للاستخدام والقمامة الفعلية عند ملء صناديق التبرعات. وإذا لم تقم بإزالة البقع وإصلاح الرقع على أغراضك قبل التبرع بها، فمن المحتمل ألا تصل إلى أرض المبيعات، حتى إذا كان هناك الكثير فيها يمكن الاستفادة منه. وإذا لم يتم بيع الثوب بسرعة – عادة في غضون شهر، ولكن في بعض الأحيان في أقل من أسبوع – فمن المحتمل أن يتم سحبها من الرفوف وإرسالها إلى أحد منافذ البيع، حيث تحصل القطعة على فرصة أخيرة قبل التخلص منها – فبعد كل شيء، هناك تبرعات جديدة تأتي باستمرار.
قال بيدات إن “حوالي 80 بالمئة من تلك الأشياء التي يتم التبرع بها هناك لا يتم بيعها لعامة الناس. وسينتهي الأمر بها إما ببيع الملابس كخرق بالية، أو التخلص منها، أو تجميعها للبيع فيما بعد إلى الجنوب العالمي، أو إلى أوروبا الشرقية إذا كانت ملابس شتوية “. من الناحية النظرية، سيتم إعادة بيع الملابس التي يتم تصديرها إلى عملاء جدد في البلدان منخفضة الدخل، ولكن ما يحدث لأي مجموعة معينة من الملابس المستعملة بمجرد خروجها من البلاد يصعب على الجهات الرقابية الصناعية تتبعه.
هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن الكثير مما بدأ كتبرعات خيرية سينتهي به المطاف في القمامة، فالبلدان التي تقبل كميات كبيرة من واردات المنسوجات المستعملة من الولايات المتحدة، مثل غانا وتشيلي، لديها الآن مشاكل هائلة في نفايات المنسوجات. وفي صناعة مليئة بالإفراط، لا يمكن للنوايا الحسنة للأفراد أن تحقق أي شيء.
من ناحية أخرى، لا يزال لديك بعض الملابس التي تريد أن تخرجها من خزانتك وتريدها أن تصل إلى الأشخاص الذين يحتاجونها بالفعل. في هذه الحالة، لا تتشابه جميع التبرعات مع بعضها. إن التبرع للمنظمات المحلية الصغيرة يزيد من احتمالات وصول أغراضك إلى مالك جديد يمكنه استخدامها بالفعل حسب بيدات، لأن هذه المجموعات تعمل بشكل مباشر مع الأشخاص الذين يحتاجون إلى ملابس عمل جديدة أو أحذية مريحة أو معطف شتوي جيد على سبيل المثال. لكن هذه المنهجيات الصغير الخاصة بالتبرع والأكثر استهدافًا قد تفتقر إلى سهولة حصول المستهلك على صناديق كبيرة من الملابس المستعملة؛ لا يمكنك التوقف على الرصيف ورمي مجموعة من أكياس القمامة عبر الباب. قد ترفض هذه المجموعات أخذ بعض أو جميع أغراضك إذا كانت ذات نوعية رديئة أو غير مناسبة تمامًا للسكان الذين تخدمهم. وبدلاً من دفع عمال التجزئة للقيام بالفرز عليك أن تفعل ذلك بنفسك – وأن تكون صادقًا مع نفسك بشأن ما تحاول فرضه على الآخرين. يقول بيدات: “إذا لم تجد في أغراضك أي قيمة فهناك احتمال قوي بأن الآخرين سيكون لهم نفس الرأي”.
يوجد خيار آخر أقل نبلاً وهو بيع الأغراض. لكن الخبر السار هو أن ذلك لم يكن أسهل في أي وقت مضى مع انتشار الأسواق الرقمية الخاصة بالملابس مثل “بوشمارك” و “ديبوب” و”ثريد أب” خلال العقد الماضي، كما أن منصات إعادة البيع العمومية مثل “إيباي” و”متجر فيسبوك” و”ميركاري” مليئة أيضًا بالملابس. وفي حال كان هدفك الرئيسي إيصال ملابسك لشخص آخر يحتاجها بالفعل فإن تطبيقات إعادة البيع هي طريقة جيدة جدًا للقيام بذلك. بالعودة إلى شهر شباط/ فبراير، كان هذا هو المسار الذي سلكته حيث أدرجتُ عشرات الثياب في شركة “بوشمارك” واحدًا تلو الآخر، وكنت دائمًا ما أتعثر بحاوية تخزين ضخمة للملابس القديمة على أرضية غرفة نومي بينما كنت أنتظر بيع تلك الأشياء. وثلاثة أرباعهم فعلوا ذلك في النهاية.
أحد الجوانب السلبية التي سرعان ما اكتشفتها هو أن تطبيقات إعادة البيع تتطلب الكثير من العمل للبائعين. في كل مرة أبيع فيها شيئًا ما أقوم بتعبئة الصندوق على أكمل وجه وأنقله إلى مكتب البريد لمسافة نصف ميل. كنت في بعض الأحيان أكرر تلك الرحلة ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع – ورغم أنها استراحة لطيفة في منتصف النهار أثناء الطقس الجيد، ولكنها ليست مهمة روتينية مثالية لأي شخص يريد فقط التخلص من ملابسه القديمة بعيدًا عن أنظاره.
يمكن لمتاجر إعادة البيع أو الشحنات المحلية أن تخفف بعض الإجراءات الروتينية لهذه العملية، ويمكن أن تمنحك بضعة دولارات في المقابل. لكن المعضلة الأكبر التي حذر منها كل من ليزوت وبيدات هي أن تطبيقات وخدمات إعادة البيع ليست في الحقيقة حصنًا ضد الاستهلاك المفرط، رغم إدراكهم لهذا الأمر (ورغم أنهم في الغالب يُسوِّقون على هذا النحو). إن شراء الأشياء المستعملة هو بالتأكيد أفضل من شراء أشياء جديدة تمامًا ثم التخلص منها، ولكن إذا كنت ممن يُبدّل الملابس ويتابع الميول السائدة فأنت لا تزال عالقًا في نظام الموضة مثلنا تمامًا. وفي حال كنت لست بحاجة فعلية إلى المال الذي ستحصل عليه من إعادة بيع ملابسك، فإن بيدات يلاحظ أن الملابس الأكثر شيوعًا في عملية إعادة البيع هي الملابس المستعملة جيدة النوعية شبه الجديدة، أو التي لا تزال تحتفظ بالملصقات المرفقة، فإنها من المحتمل أيضًا أن تحظى باستحسان أكبر من قبل مؤسسة خيرية محلية.
تبرع محليًا إن استطعت ذلك، وامض قدمًا واستمتع ببيع أغراضك في حال رغبت في ذلك – فقط كن واقعيًا بخصوص مقدار الخير الذي يمكن فعله لمعالجة الهدر ملابس لا تزال جيدة. وبمجرد أن تتبرع أو تعيد بيع أفضل الأشياء التي اخترتها، فإنه لا يزال يتعين عليك معرفة ما يجب فعله بالأشياء التي لا يرغب أحد بأخذها، مثل القميص القديم الذي استخدمته لإعادة طلاء غرفة نومك والجوارب المثقوبة، حيث تشتري شركة “شين” هذه الأشياء بعد غسلها ثانية.
إن إعادة تدوير المنسوجات خيار جيد بالنسبة لبعض الملابس، وكل ما عليك فعله هو إلقاء ملابسك القديمة في صندوق تبرعات البلدية أو ملء حقيبة مدفوعة الرسوم البريدية لإرسالها إلى شركة إعادة تدوير تسعى لتحقيق الربح. وفي أفضل السيناريوهات – حسب بيدات – سيتم بعد ذلك تقطيع ملابسك جيدًا من أجل إعادة غزلها في خيوط وصنع منسوجات جديدة منها، ويتم ذلك باستخدام مواد خام أيضًا لتحسين جودة القماش. لكن هذه السلسلة من الأحداث لا يمكن أن تحدث إلا إذا كانت الملابس التي أعيد تدويرها مصنوعة بالكامل من مواد طبيعية نقية ومن القطن المثالي.
عندما يكون محتوى ألياف النسيج غير مناسب كفايةً، يمكن تمزيق بعض الملابس وإعادة استخدامها لأغراض مثل العزل أو حشوات للتنجيد. لكن هذا له حدوده أيضًا، انتبه إلى الملابس الموجودة في خزانتك إذا كانت تحوي أزرار وسحابات وتطريزات وأقمشة من أنواع مختلفة أو مطبوع عليها.
يمكن لطبيعة الملابس أن تجعل عملية إعادة تدويرها غير فعالة أو مستحيلة، لأن العمل المطلوب لفصل مكونات أي ثوب واحد سيكون صعبًا ومكلفاً للغاية لتبريره. استخدم بيدات حمالات الصدر كمثال – قد تحتوي أحدها على قطع معدنية أو بلاستيك أو نايلون أو إيلاستين أو وبوليستر، وكلها محبوكة أو مخيطة معًا في مكونات دقيقة تجعل الملابس الجديدة تعمل على النحو المقرر.
إن التراجع عن هذا العمل من أجل حشو بضع قطع صغيرة من القماش في بعض الوسائد ليس فعالًا من حيث التكلفة، وحمالات الصدر المستعملة في الغالب غير مرغوب فيها في سوق الملابس المستعملة. تمثل الأحذية المستعملة، بمزيجها من المطاط والجلد والصمغ والبوليستر والبلاستيك والمعادن، مشكلة صعبة مماثلة للعاملين في إعادة التدوير.
إذا كانت قراءة كل هذا تجعلك ترغب في إلقاء ملابسك القديمة مباشرة في سلة المهملات والتوقف عن التفكير فيها، فأنا لا ألومك. في حالات معينة – عندما يحتوي الثوب على بقع كبيرة أو إذا كان رثّا بالكامل – قد يكون هذا هو الخيار الأفضل.
وفقاً لبيدات، فإن الاعتراف بأن شيئًا ما هو عبارة عن قمامة بينما لا يزال بحوزتك يعني أنه من المحتمل أن يتم نقله إلى مكب نفايات محلي يتوافق على الأقل مع بعض اللوائح المتعلقة بحماية البيئة. هذا أفضل من فشلك بالاعتراف بالحقيقة لنفسك وإرسال القمامة إلى خارج بلدك لأشخاص آخرين لديهم موارد أقل بكثير في ظروف أكثر سوءًا. إذا كنت قد استفدت حقًا من كل جزء من ملابسك، فعندئذ نعم، ربما يجب عليك التخلص منها، وقد لا يوجد خيار أفضل.
إذا تحدثت مع عدد كافٍ من الأشخاص الذين يعملون في قضايا النفايات المادية والتلوث، فستمع عبارة مماثلة مرارًا وتكرارًا: إن شعار “تقليل الاستخدام، إعادة الاستخدام، إعادة التدوير” يتضمن أول كلمتين لسبب ما، حتى لو كان الناس يتجاهلون عادةً الكلمة الثالثة.
بمجرد أن يقوم الأشخاص بتنظيف خزاناتهم – مهما كانت الطريقة – اتفق كل من تحدثت معه بخصوص هذه القصة على أن أفضل شيء يمكنهم فعله هو عدم ملئها مرة أخرى، الأمر الذي يتطلب الحصول على أقصى استفادة ممكنة من الأشياء التي تشتريها. بالنسبة للعديد من الأشخاص، يعني ذلك تعلم بعض المهارات واعتماد بعض العادات التي أصبحت مؤخرًا من الطراز القديم: خياطة زر ودرز سروال وإصلاح قطبة ممزقة وإصلاح حذاء. قد يعني أيضًا تعديل فهمك لما يجب أن تكلفه الملابس، لأن شراء شيء جيد الصنع وقابل للإصلاح على المدى الطويل سيكون بالضرورة أكثر تكلفة من شراء فستان حفلة للاستخدام لمرة واحدة.
يتمتع قِطاع صناعة الملابس بمصلحة راسخة في التأكد من أن البقية منا يعتقدون أن الملابس يمكن التخلص منها، أو على الأقل قابلة للتبديل. ينطبق هذا بشكل خاص على الشركات التي تعمل في مجال الأزياء السريعة وينطبق أيضًا على العلامات التجارية الفاخرة حتى لو قامت بتسويق منتجاتها مع وعد بأنها ستستمر مدى الحياة.
إذا احتاجت أي شركة ملابس إلى أن تنمو منتجاتها بشكل مستمر من أجل إرضاء المساهمين، فإنها بحاجة إلى إيجاد طرق للتلاعب بالعملاء لشراء المزيد من منتجاتها، بغض النظر عما يمتلكونه بالفعل. إن التقادم المخطط الذي وصفته الناقدة في مجال الموضة في صحيفة نيويورك تايمز فانيسا فريدمان مؤخرًا بأنه “فرضية أساسية” لصناعة الأزياء لم تسر بهذه السرعة أبدًا. ولكن حتى لو كانت ملابسك القديمة بعيدة عن الأنظار، فإنها نادراً ما تختفي.