ترجمة حفصة جودة
يعلم أحمدو ولد بخاري أن السلطات المحلية في باسكنو جنوب شرق موريتانيا، قد تستدعيه في أي وقت من اليوم نهارًا أو ليلًا، فقد أشعل أحدهم النيران في إحدى القرى الواقعة على أطراف الصحراء، فمتى يصل هو ورجاله هناك؟
يقود بخاري كتيبة مكافحة النيران، وهي قوة متطوعة مكونة من 500 لاجئ مالي يعيشون في مخيم أمبرة على الحدود مع مالي ويبعد 18 كيلومترًا عن بلدة باسكنو، عندما يأتيهم الاستدعاء يستعد فريق من 50 إلى 70 رجلًا ويركبون على ظهور الشاحنات الصغيرة ويخرجون من المخيم للتعامل مع الحريق، في بعض الأحيان يسافرون مسافة 20 ميلًا لإخماد النيران.
بالقليل من الفؤوس وفروع الأشجار، ساعدت الكتيبة في إخماد 36 حريقًا داخل وحول المخيم منذ أكتوبر/تشرين الأول وفي أثناء موسم الجفاف الأخير الذي امتد حتى شهر يونيو/حزيران، كانت النيران تندلع عادة بعد الأمطار حيث تتحول الأراضي العشبية الممتلئة بالحياة النباتية الخضراء، ببطء إلى بارود.
في سباق تدريبي مؤخرًا، انطلقت الشاحنات نحو الصحراء، وعندما توقفت قفز الرجال واتجهوا نحو شجيرة، وأخذوا يمررون فروعها الصغيرة بينهم ليستخدمونها كمكانس مؤقتة، يشكل الرجال خطًا ويبدأون في كنس الأرض كما لو أنهم يطفئون حريقًا حقيقيًا، تتصاعد الرمال والغبار في الهواء الساخن الممتلئ بصيحات الرجال، ربما تكون أدواتهم بسيطة، لكن استخدام فروع الأشجار بشكل صحيح كان كافيًا لإخماد العديد من الحرائق.
يقول ماين حمادة أحد قادة الكتيبة: “هناك بعض التعب والمخاطر، لكننا شجعان ولا نخاف، قد نخرج في منتصف الليل أو بعده مهما كان الوقت، ننطلق نحو الأدغال، هناك ثعابين ومخاطر أخرى، لكننا نهاجم الحرائق”.
تدفق آلاف اللاجئين هربًا من العنف المتصاعد وانعدام الأمان في مالي منذ مارس/آذار، ما أدى إلى انخفاض عدد الاستدعاءات هذا العام، فالماشية الجائعة التي أحضروها معهم أكلت العديد من تلك الشجيرات والأشجار التي تشكل خطر اندلاع الحرائق، تمكنت الفرق من إخماد 58 حريقًا ما بين أكتوبر/تشرين الأول 2020 ويونيو/حزيران 2021.
تأسست الكتيبة كمبادرة عام 2013 بين منظمة “SOS Desert” الموريتانية غير الحكومية والسلطات المحلية والمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتعد الكتيبة واحدة من ضمن عدد من المجموعات المتطوعة التي ظهرت في مخيم أمبرة منذ تأسيسه قبل 10 سنوات، يضم المخيم الآن نحو 80 ألف لاجئ من مالي.
بالإضافة إلى إخماد النيران، تحاول الكتيبة تخفيف مخاطر الحريق بقطع الأشجار والشجيرات واستخدامها كعازل للنيران بين مناطق الغطاء النباتي، تزرع الكتيبة كذلك أشجارًا بدلًا عن التي قُطعت لصنع المنازل وللطبخ في المخيم.
تساهم هذه الجهود في مشروع “السور الأخضر العظيم” وهو مشروع ضخم يهدف إلى زراعة حاجز نباتي طويل يبلغ طوله 4350 ميلًا لمكافحة الانحلال البيئي في منطقة الساحل.
يقول حمادة إن الكتيبة بأعجوبة لم تتعرض إلا لإصابة واحدة خلال الـ9 سنوات الماضية، فوسط الرياح الشديدة، تعثر أحد الرجال وسقط في النيران التي كان يحاول إخمادها، لكن زملاءه تمكنوا من سحبه إلى منطقة الأمان قبل أن يتضرر بشدة.
يقول المتطوعون إنهم قبلوا بهذا العمل الخطير الذي يتطلب بقاءهم في منطقة الحرائق لساعات، لأنهم يريدون حماية المنطقة التي يعيشون فيها، وأيضًا امتنانًا لجميل الموريتانيين الذين استضافوهم خلال تلك السنوات التي قضوها كلاجئين.
يقول بخاري: “يجب أن نساعد المتبنيين”، في إشارة إلى سكان موريتانيا المحليين إذ يرى أنهم تبنّوا الماليين بقبولهم لاجئين في بلادهم، ويضيف “إننا نتدخل لمساعدتهم لأننا لاجئون في بلادهم، لا أحد يطلب منا أن نفعل هذا أو ذاك إنها روح المبادرة”.
المصدر: الغارديان