تخشى عدد من الحكومات العربية أن يصبح مشروع صحيفة العربي الجديد القطري لسان حال جديد لجماعة الإخوان المسلمين، التي يعتبرونها مهددة لاستقرار بلادهم.
فقناة الجزيرة التي تملكها قطر تُتهم بأنها منحازة للإخوان، وهو ما تنفيه المحطة باستمرار، لكنها فقدت الكثير من جمهورها على مدار العام الماضي، خاصة بعد الحملة ضد الحركة في مصر، وتراجع الإسلاميين في تونس وليبيا.
وفي شهر أبريل الماضي، أمر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بفتح تحقيق في أنشطة الإخوان المسلمين وصلاتها المزعومة بالتطرف، لكن ليس واضحا ما إذا كان التحقيق سيشمل المشاريع القطرية الإعلامية الجديدة.
“قطر فقدت هيبتها السياسية والإعلامية التي صنعتها الجزيرة على مدى عشرين عاما”، كما عبّر أحد الصحفيين المعروفين بقربهم من دوائر صنع القرار القطرية.
وفي مارس الماضي، سحبت مصر والسعودية والإمارات والبحرين سفراءها من الدوحة، متهمين قطر بدعم جهود الإخوان للإطاحة بأنظمتهم.
وافق الجميع – عدا مصر- مؤخرا على إعادة مبعوثيهم إلى الدوحة بعد التوصل إلى اتفاق يُعتقد أنه يضم التزامات خطية من قطر بوقف الحملات الإعلامية ضد تلك الدول.
لا تدخل
انطلق المشروع القطري الجديد في مارس الماضي، لأول مرة عبر موقع على الإنترنت يسمى العربي الجديد، وفي سبتمبر الماضي، بدأت العربي الجديد في نشر صحيفة يومية، تلتها نسخة إنجليزية من الموقع، وتستعد الآن لإطلاق قناة تليفزيونية.
يشرف الأكاديمي الفلسطيني العلماني عزمي بشارة على المشروع، وهو مقرب من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وعندما انطلق الموقع الإلكتروني كتب بشارة متحدثا عن الحاجة إلى مشروع جديد “لأننا نعيش في عصر عربي جديد، يحلم فيه الشباب العربي بالحرية والمساواة والحياة الكريمة”.
لكن بشارة لم يفسر الأسباب وراء احتياج قطر لمنصة جديدة بخلاف قناة الجزيرة، التي يظهر عليها بشكل منتظم كمعلق سياسي.
وفي كتاب كتبه عزمي بشارة عن الصراع السوري، اعترف بشارة أن الحكومة القطرية تدخلت في السياسة التحريرية للجزيرة.
لكن مع ذلك، يقول إسلام لطفي، الرئيس التنفيذي لقناة العربي الجديد، إن “الجزيرة طرف في معركة سياسية، لكننا لسنا كذلك”. وتابع قائلا “حتى اللحظة، لم تتدخل قطر في سياستنا التحريرية”.
ومن المقرر أن تنطلق قناة العربي في لندن بيناير المقبل، هدفها الرئيسي، يقول لطفي، هو “مخاطبة الشباب في بلدان الربيع العربي”.
تنوع الثقافات والخلفيات لموظفي المشروع الجديد هو أمر ظاهر تماما في غرفة أخبار القناة، لكن هذا لا يكفي لتبديد شكوك البعض، مثل شادي صلاح الدين، مدير مكتب لندن لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية.
“هل سيكونون قادرين على انتقاد سياسات قطر؟” تساءل شادي قبل أن يضيف “إن الجماهير العربية لم تعد ساذجة”.
وبحسب صلاح الدين، فإن استنتاجه ذلك نتج عن متابعته لموقع وصحيفة العربي الجديد. وتابع في إصرار “إنهم تماما مثل الجزيرة في الطريقة التي يغطون بها القضايا الرئيسية في العالم العربي”.
وفي شارع إدجوير، الذي يضم عددا كبيرا من المحال التجارية العربية، يقع مقر العربي، وكان واضحا أن الصحيفة لم تحصل على شعبية كبيرة بعد.
قال بائع جرائد عربي إنه حتى لا يبيع نسخة واحدة في اليوم، على الرغم من أن الصحيفة تُطبع منذ ثلاثة أشهر من الآن.
الرئيس التنفيذي للصحيفة، عبد الرحمن الشيال صرّح قائلا “إن الصحيفة لا تزال جديدة في السوق”، رافضا أن تكون “الأجندة السياسية للصحيفة” هي السبب وراء عدم شعبيتها. وتابع “فأداء الموقع الإلكتروني للصحيفة جيد جدا”.
ووفقا لموقع أليكسا، الذي يقيس عدد الزيارات على موقع ما، كان ترتيب موقع العربي الجديد 6967 خلال الأسبوع الماضي. وعلى الرغم من أن الصحيفة لا تعمل رسميا في مصر، إلا أن 44% من زوار الموقع أتوا من مصر.
الرئيس المصري، الجنرال عبدالفتاح السيسي، اتهم المشروع باستهداف استقرار مصر، وهو اتهام تنفيه إدارته.
ومع ذلك، يبدو أن تغطية الموقع لأخبار مصر لم تعجب حكامها الجدد، فالتقارير التي تنقل الأخبار من مصر تتحدث عن “القمع”، و”الفساد” الذي يميز “قادة الانقلاب”.
رئيس تحرير الصحيفة هو المصري وائل قنديل، وهو يهاجم السيسي في عموده بشكل يومي تقريبا.
قنديل ليس عضوا في الإخوان المسلمين، لكنه قريب من الحركة.
شادي صلاح الدين يقول إن “الأمر ليس متعلقا فقط بمصر، فمواقف الصحيفة تبدو مؤيدة للإخوان حيثما حلوا”.
ويقول مراقبون إن ذلك الموقف وثيق الصلة بسياسات قطر في الشرق الأوسط.
ويقول الصحفي المقرب من صناع القرار القطريين، والذي لم يشأ الكشف عن هويته إنه “لا مستقبل لهذا المشروع الإعلامي الجديد، بدون دعم حركات الإسلام السياسي. قطر لا يمكنها أن تتخلى عن تلك السياسة، وإلا فإنها ستصبح بلا أي وزن سياسي على الإطلاق”.
المصدر: بي بي سي الإنجليزية / ترجمة: عربي 21