ترجمة حفصة جودة
مر أسبوعان على إبحار أول سفينة من ميناء أوديسا تحمل 26 طنًا من الذرة الأوكرانية بموجب الاتفاق الروسي الأوكراني بوساطة تركيا والأمم المتحدة، رحب الجميع بهذه الخطوة باعتبارها ستخفف من أزمة الغذاء العالمية وإنهاء الجوع في البلاد الفقيرة.
تملك أوكرانيا نحو 20 مليون طن من الحبوب المتبقية من محصول العام الماضي، بينما يُقدر محصول القمح هذا العام بـ20 مليون طن أيضًا.
لكن بدلًا من التوجه إلى الجنوب العالمي، أبحرت السفن التي تحمل زيت حبوب الذرة وعبّاد الشمس إلى دول مثل تركيا والمملكة المتحدة وأيرلندا والصين، فلماذا؟
قال مسؤول أوكراني مطّلع على الوضع، إن غالبية السفن التي تحمل البضائع تقف في موانئ أوديسا وجورنومورسك ويوزهني منذ بداية الحرب في فبراير/شباط الماضي، ولهذا تحمل الذرة وليس القمح.
أضاف المسؤول “تفاوض المورّد والمشترون على وجهة هذه البضائع، فهي أنشطة تجارية بالكامل ولا يمكننا أن نقرر أين تذهب، إنها سوق حرة”، وقال إن برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة سيشتري الحبوب الأوكرانية مباشرة ليرسلها إلى الجنوب العالمي والدول المنكوبة بالمجاعات.
تقف 12 من أصل 18 سفينة على أرصفة الموانئ الأوكرانية، بالإضافة إلى 4 سفن خارج أوكرانيا، تحمل 379 ألف طن من الذرة و6 آلاف طن من زيت عباد الشمس و3 آلاف طن من حبوب عباد الشمس و11 ألف طن من الصويا و50300 طن من لب عباد الشمس، الذي يُستخدم عادة كوقود أو طعام للحيوانات.
معظم السفن الحديثة القادمة من خارج أوكرانيا متجهة إلى تركيا، لأن الترتيبات الأمنية تعني أن هناك توقعات بألا تهاجم روسيا البضائع المتوجهة إلى تركيا
تقول يوفجينيا جابر، مستشارة أوكرانية سابقة وزميل كبير في مركز الدراسات التركية الحديثة بجامعة كارلتون في أوتاوا بكندا: “يعتمد الكثيرون على السفن الموجودة بالفعل في الموانئ – حسب الدول الموقعة على العقود – والأولوية لهم”، وتضيف “كما أنها مسألة فنية تتعلق بإعداد الوثائق، بعد 5 أشهر من وقوفها هناك، يجب أن نتأكد من صلاحيتها وأن السفن كاملة، يؤثر ذلك على عملية تشكيل تلك القوافل بالكامل”.
كان هناك نحو 2000 بحّار من جميع أنحاء العالم في الموانئ الأوكرانية عند بداية الحرب، من المتوقع أن يصبح العدد الآن أقل من 450 بحّارًا.
تقول جابر إن معظم السفن الحديثة القادمة من خارج أوكرانيا متجهة إلى تركيا، لأن الترتيبات الأمنية تعني أن هناك توقعات بألا تهاجم روسيا البضائع المتوجهة إلى تركيا، تشير البيانات التي نشرتها وزارة الدفاع التركية إلى أن 129 ألف طن من الذرة – أكثر من نصف كمية الذرة المصدرّة – فُرّغت في تركيا.
قال وزير الزراعة التركي فاهيت كيريشجي للصحفيين في يونيو/حزيران إن أنقرة تسعى للحصول على تخفيض 25% على الحبوب الأوكرانية، بينما نفى المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك هذا الادعاء في أثناء مؤتمر إعلامي.
وقال دوجاريك: “لقد أجرينا بعض الأبحاث قدر الإمكان، ويمكنني القول إنه لا توجد أي تخفيضات في اتفاقية مباردة حبوب البحر الأسود التي وُقّعت في إسطنبول، الأكثر من ذلك، ليس لدينا علم بأي اتفاقات أخرى قد تضمن مثل هذا التخفيض”.
مع ذلك، تتمسك المصادر التركية برأيها الذي يقول إن البيع المباشر بين المورد الأوكراني والمشترين في تركيا قد يوفر مثل هذا الخصم.
!function(e,i,n,s){var t=”InfogramEmbeds”,d=e.getElementsByTagName(“script”)[0];if(window[t]&&window[t].initialized)window[t].process&&window[t].process();else if(!e.getElementById(n)){var o=e.createElement(“script”);o.async=1,o.id=n,o.src=”https://e.infogram.com/js/dist/embed-loader-min.js”,d.parentNode.insertBefore(o,d)}}(document,0,”infogram-async”);
تعاني تركيا من ارتفاع معدل التضخم حيث أدى الصراع في أوكرانيا إلى تفاقم أزمة عملة البلاد، ارتفعت أسعار الغذاء بنسبة 91.6% في مايو/أيار وفقًا للبيانات الرسمية، وقال المسؤول الأوكراني إن تركيا لها الأولوية بفضل دورها في وساطة اتفاقية الحبوب.
وأضاف “بالفعل كانت البضائع في البداية ذرة فقط بسبب السفن التي كانت متوقفة في الموانئ، ولن تذهب إلى دول العالم الثالث ذات الأزمة الغذائية، لكنهم بالفعل خفضوا أسعار الغذاء مما كان له تأثير مهم”.
شراء الحبوب ثم إعادة تصديرها
تقول جابر إن معظم المشترين العالميين مثل المملكة المتحدة وأيرلندا وإيطاليا يعيدون بيع واردات بضائع الحبوب، ما يعني أن المطاف قد ينتهي بها في الدول الفقيرة، وتضيف “في حالة تركيا مثلًا، فمعظم الحبوب التي تشتريها تركيا من أوكرانيا ليست للاستهلاك المحلي، لكنها تعيد تصديرها لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
قال تقرير رويترز إن 3 موانئ من تلك الموجودة في الاتفاقية تتضمن قدرتها الإجمالية نقل نحو 3 ملايين طن في الشهر، ويتوقع البعض تحقيق هذا المستوى من الصادرات في أكتوبر/تشرين الأول.
هناك أيضًا أبعاد سياسية للمشهد منذ أن ظهرت شكوك بأن روسيا تضغط على دول المنطقة لعدم شراء القمح الأوكراني، تقول جابر: “روسيا تدخل في الأمر، فمصر ألغت عقدًا ضخمًا مع أوكرانيا بعد زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى إفريقيا”.
في بعض الأحيان أيضًا يُعاد التفاوض على بعض الشحنات لأنها قضت 5 أشهر في الموانئ، ما يثير القلق بشأن جودة الحبوب نتيجة التأخير 5 أشهر في الشحن، فقد رفض المشتري اللبناني استقبال سفينة رازوني التي كانت أول سفينة تنطلق من الميناء الأوكراني في البحر الأسود.
إن أصحاب السفن سيرغبون في رؤية معدلات شحن أعلى والمزيد من الضمانات قبل إرسال سفنهم إلى البحر الأسود
لكن الموردين وجدوا مشتريًا جديدًا، وستقوم السفينة بإفراغ حمولة 1500 طن من الذرة في تركيا قبل أن تذهب إلى مصر ببقية البضاعة البالغ حجمها 27 ألف طن.
قال أحمد الفارس من وكالة أشرم البحرية هذا الأسبوع إن عدد السفن الداخلة إلى أوكرانيا والخارجة منها ما زال منخفضًا، وأضاف “الوضع ليس جيدًا، فكل أسبوع تتحرك سفينتان أو ثلاث فقط، ما زالت الاتفاقية ضعيفة”.
يقول فارس إن أصحاب السفن سيرغبون في رؤية معدلات شحن أعلى والمزيد من الضمانات قبل إرسال سفنهم إلى البحر الأسود، بدأت شحنات القمح أيضًا يوم الجمعة وفقًا لبيانات من وزارة الدفاع التركية.
غادرت سفينة سورموفكسي ميناء جورنومورسك بحمولة 3500 طن من القمح متجهة إلى مدينة تكيرطاغ، ما يجعل تركيا أول مشترٍ للقمح وفق هذه الاتفاقية.
قالت وكالة رويترز إن هيئة تأمين “Lloyd’s of London” وشركة الوساطة التأمينية “Marsh” أطلقتا منشأة لتوفير 50 مليون دولار لتغطية شحنات القمح الخارجة من أوكرانيا، لكن إجمالي تكلفة تأمين السفن ما زالت منخفضة بشدة.
أسست الاتفاقية الروسية الأوكرانية مركز تنسيق مشترك، للإشراف على تنسيق السفن التي تنقل الحبوب، ويمتلئ المركز بعاملين من الأتراك والروس والأوكرانيين والأمم المتحدة، وحتى الآن يعمل دون مشاكل كبيرة.
يأمل المسؤولون الأتراك أن تخفف الاتفاقية من أزمة الغذاء العالمية، وكذلك زيادة مكانة تركيا كوسيط.
المصدر: ميدل إيست آي