مباشرة إثر استقالة عبد العزيز بوتفليقة من رئاسة الجزائر بضغط من الحراك الشعبي، استقبلت سجون البلاد عشرات رجال الأعمال الذين حُكم على أغلبهم بالسجن بين عامين و20 عامًا ومصادرة أموالهم بتهم فساد منها تبييض الأموال والرشوة واستغلال النفوذ.
وكان من ضمن رجال الأعمال الذين تم القبض عليهم ومحاكمتهم نجد يسعد ربراب، لكن المثير للانتباه أن هذا الرجل لم يقبع كثيرًا في السجن، فسرعان ما تم تسوية وضعيته وترتيب خروجه الآمن من سجن “الحراش” شرقي الجزائر رغم إدانته.
ليس هذا فحسب بل تطورت تجارته، وازدادت ثروته أكثر- حتى إنه أصبح من أثرى أثرياء القارة الإفريقية – في الوقت الذي تنامت فيه معاناة الجزائريين في ظل فشل الدولة في إقرار منوال تنموي تستفيد منه من الثروات المالية والباطنية التي تمتلكها.
سنحاول في هذا التقرير الجديد لـ”نون بوست” ضمن ملف “الأوليغارشية العربية” أن نتعرف أكثر على يسعد ربراب – ثاني أغنى رجل في العالم العربي – وكيفية جني ثروته، وفضل السلطة عليه خاصة رجل المخابرات الأول الجنرال توفيق.
بدايات يسعد ربراب
وُلد يسعد ربراب يوم 27 مايو/أيار 1944 في قرية آيت محمود بولاية تيزي وزو بمنطقة القبائل في شمال شرق البلاد، لعائلة متواضعة تكاد تجد قوت يومها، يتحدث ربراب في إحدى المقابلات الصحفية عن كيفية عدم تمكنه من المشاركة في رحلة مدرسية لأن والدته لم تكن قادرة على شراء الوجبة التي أوصت بها المدرسة: “نصف خبز فرنسي وعلبة سردين”.
حصل يسعد ربراب على منحة دراسية مكّنته من متابعة دراسته في فرنسا، وهناك درس المحاسبة وأتقن فن إدارة الأعمال، إلى أن عاد إلى الجزائر بعد الاستقلال بست سنوات ليؤسس حينها مكتب محاسبة ويبدأ بذلك رحلة العمل.
خلال عمله في مكتب المحاسبة، تعرف يسعد ربراب على عميل عرض عليه الشراكة في مؤسسة صغيرة بمجال تصنيع أنابيب المصفاة وكان ذلك سنة 1971، أي بعد ثلاث سنوات من افتتاح مكتبه في الجزائر.
مكنت شركة “ميتال سيدار” لصناعة الفولاذ يسعد ربراب من دخول نادي كبار رجال الأعمال
تكونت الشراكة الجديدة من خمسة مساهمين وخمسة عمال مبتدئين، وتم تقسيم الأسهم بالتساوي، فحصل ربراب على 20% من الأسهم مقابل دفع مبلغ قيمته 27 ألف دينار. دخوله هذه الشراكة لم يجعله يترك مكتب المحاسبة إذ اختار الإبقاء عليه ومواصلة العمل فيه بالتوازي مع العمل الجديد.
لم تدم هذه الشراكة كثيرًا، فبعد ثلاث سنوات من انطلاقتها أي سنة 1974، اختار الشركاء فض الشركة التي أصبحت توظف عشرات الموظفين، خوفًا من التأميم، إذ عرفت الجزائر في تلك الفترة تأميم قطاع المحروقات بهدف تنمية البلاد.
بعد ذلك بسنة أسس يسعد ربراب أول شركة له وهي “بروفيلور” التي بدأت نشاطها بأربعة عمال وتخصصت في مجال تصنيع الأرفف المعدنية، وبعد أربع سنوات أصبحت توظف 200 موظف، وقد اعتمد ربراب إستراتيجية إعادة الاستثمار والبحث عن التجديد، واستغل رجل الأعمال الصاعد نجاح شركته الناشئة لشراء عدة شركات أخرى كلها في مجال تحويل الحديد.
في بداية التسعينيات اندلعت الحرب الأهلية في الجزائر بعد تدخل الجيش لإلغاء نتائج الانتخابات التي فاز بها الإسلاميون، وفي الوقت الذي كان فيه الجزائريون يتصارعون فيما بينهم كان ربراب يجني الأموال الكثيرة.
في تلك الفترة بدأت شركة “ميتال سيدار” التي أسسها سنة 1988 تؤتي أكلها، فقد حققت سنة 1992 رقم أعمال بلغ 6.4 مليار دينار أي ما يعادل آنذاك 300 مليون دولار، فيما بلغ الربح الصافي للشركة 33 مليون دولار. ومكنت الشركة لصناعة الفولاذ يسعد ربراب من دخول نادي كبار رجال الأعمال، فكان يوظف أكثر من ألف عامل و25 مناولًا كل واحد منهم يوظف 25 شخصًا، وهو رقم كبير مقارنة بحجم شركة ناشئة.
خلال سنوات قليلة، جنى يسعد ربراب أموالًا طائلةً وطور عمل شركته، إلا أن مجموعة مسلحة حولت ميتال سيدار إلى حطام ورماد، وكان ذلك في يناير/كانون الثاني 1995، حين اقتحم نحو 50 مسلحًا مقر المصنع الرئيسي وفجروه.
بالتزامن مع تفجير مصنعه، تلقى يسعد ربراب شخصيًا تهديدات بالقتل، وذلك بعد أن أسس جريدة “ليبرتي” في يونيو/حزيران عام 1992، التي تبنت خطًا تقدميًا وسط الأزمة الأمنية التي شهدتها الجزائر في التسعينيات.
تفجير مصنعه وتهديده بالقتل، أجبرا يسعد ربراب على الفرار من الجزائر ليستقر به المقام في فرنسا، وفق قوله في مقابلات صحفية، وقد مكنه ذلك من النهوض على ساقيه مجدد، إذ سمحت له دراسة المحاسبة برؤية العالم بالأرقام، الأرقام التي تخفي الثروة.
استثمر يسعد ربراب جزءًا من الثروة التي صنعها من تجارة الحديد في مصنع “إيسلا مونديال” للحوم الحلال، قبل أن يشتري أسهم شريكه في المصنع ويمتلكه بمفرده، واشترى قصابة حلال ثانية في مقاطعة لا بروتان غرب فرنسا.
وجوده في فرنسا لم يمنعه من مواصلة عمله في الجزائر، حيث استغلّ ربراب تحرير التجارة الخارجية سنة 1995 ودخل مجال استيراد السكر وحقق أرباحًا كبيرةً وأصبح في وقت قصير أهم مستورد سكر في البلاد، كما اشتغل أيضًا في مجال استيراد العلف، مستغلًا تخلي الديوان الوطني الجزائري للحبوب عن هذا الفرع.
احتكرت شركة “سيفيتال” صناعة وتجارة الزيت بنسبة 70% والسكر بنسبة 90%
أحسن ربراب استغلال الفرص الممنوحة له، وهذه المرة استغل الندرة والضغط الكبير على الزيت النباتي المعد للطعام، فاختار العمل فيه، ووجد التسهيلات الكبيرة لبناء مصنع في ميناء بجاية بدأ في طور الإنجاز سنة 1998، وانتقل الإنتاج بسرعة من 600 طن يوميًا إلى 1800 طن.
طور ربراب عمله من الزيت إلى إنتاج المارغرين وفتح أيضًا وحدة تكرير السكر، ووجه نسبة كبيرة من الإنتاج للتصدير الخارجي، وقد مكنته التسهيلات الكبيرة الممنوحة له من الدولة من مضاعفة عمله وتطويره والسيطرة على قطاع الزيت والسكر في البلاد.
الأغنى في الجزائر
في ظل تنامي تجارته، قرر ربراب إنشاء شركة “سيفيتال” المختصة في الصناعات الغذائية تحديدًا في صناعة الزيوت والمواد الدسمة وتكرير السكر، واتخذ ميناء بجاية مقرًا لها، وقد احتكرت الشركة صناعة وتجارة الزيت بنسبة 70% والسكر بنسبة 90% بشكل كلي، لدرجة أن ربراب بات يعرف في الجزائر بلقبه الجديد “إمبراطور الزيت والسكر”.
شيئًا فشيئًا تطورت أنشطة الشركة وتجاوزت المواد الغذائية، وأصبحت سيفيتال الشركة الخاصة الأكبر في البلاد، وأكبر مصدر للمواد غير الكربونية في الجزائر، وثاني أكبر مصدر في البلاد بعد شركة النفط الوطنية “سوناطراك”.
شملت أنشطة الشركة: الزراعة والخدمات الزراعية وتجارة مواد البناء وتقديم الخدمات اللوجستية والإلكترونيات والأجهزة الكهرومنزلية وصناعة الفولاذ وصناعة الزجاج المسطح والبناء المعدني ووسائل الإعلام.
اقتحم رجل الأعمال الأبرز في الجزائر أيضًا مجال تجارة السيارات، فأصبح وكيلًا لعلامة هيونداي للسيارات في الوقت الذي تبيع فيه ما يقرب من 40 ألف سيارة سنويًا في الجزائر، وهو أيضًا وكيل شركة فيات.
لدى المجموعة الآن 26 شركة تابعة لها في مقدمتها المجمع العسكري الصناعي الذي يعد الفرع الأكثر ربحية في المجموعة، وحافظت على معدل توسع بلغ 30% سنويًا، وهي حاضرة في 3 قارات، لا سيما في أوروبا (فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وأوكرانيا وسويسرا) فضلًا عن تونس والمغرب ومالي والبرازيل، وتشغل 18 ألف موظف ويقدر رقم أعمالها بـ4 مليارات دولار.
سنة 2013، اشترى ربراب شركة تصنيع الألومنيوم الفرنسية أوكسو SME Oxxo وأعاد إطلاق عملاق الأجهزة المنزلية Brandt France في سنة 2014، واستحوذ على مصنع لوشيني للصلب في إيطاليا Luccini المتخصصة في صناعة الصلب عام 2015، كما اشترى أيضًا شركة ألاس الإسبانية لصناعة الألومنيوم.
نتيجة تنامي أعمال سيتيفال أصبح ربراب أغنى رجل في الجزائر والثاني في العالم العربي والسابع في إفريقيا بمجموع ثروة قدرت بـ5.1 مليار دولار، وزادت ثروة الملياردير الجزائري بـ300 مليون دولار في سنة واحدة، وفق مجلة فوربس الأمريكية.
علاقات قوية مع المخابرات
لسائل أن يسأل عن الأسباب التي ساهمت في تنامي ثروة ربراب بهذا الشكل، وهو ابن العائلة المتواضعة التي لم تقدر ذات يوم على توفير وجبة مدرسية لابنها حتى يشارك بها في رحلة مدرسية، صحيح أن الرجل عمل واجتهد لكن علاقاته القوية مع النظام وخاصة رجل المخابرات الأول في البلاد الجنرال توفيق هي ما فتحت له الأبواب.
بداية قوة ربراب كانت زمن الحرب الأهلية، فقد استغل ربراب تلك الفترة وحاجة الأهالي للمواد الغذائية لتنمية تجارته، لكن الأهم من ذلك، استغل مصاهرته لرئيس الحكومة آنذاك، رضا مالك، ففتحت له هذه المصاهرة كل الأبواب.
طلبت السلطة القائمة في بداية التسعينيات من ربراب إطلاق صحيفة، فقد كان النظام يخشى من أن وسائل الإعلام الحاليّة لن تتعاطف مع الرواية التي يروجها للأحداث لفترة طويلة، هكذا أسس يسعد ربراب مع شركائه صحيفة “ليبرتي” اليومية.
سمح هذا الأمر ليسعد ربراب بالاقتراب من السلطة أكثر فأكثر، حتى لو ادعى عكس ذلك، هذا القرب من الحكومة خدم أعماله، فخلال السنوات التالية، أصبح أحد أهم الصناعيين في البلاد وأحد أبرز رجال النظام.
حصل ربراب على قروض بنكية في عز الأزمة الاقتصادية والأمنية التي عرفتها البلاد، في الوقت الذي كانت فيه السلطات تفاوض صندوق النقد لمنحها قرضًا، فالإنتاج شبه متوقف ولا عائدات مالية تُذكر من النفط.
انضمام الجنرال توفيق إلى صفوف المعارضة كان السبب الحقيقي وراء موقف يسعد ربراب الجديد
نسج ربراب شبكة علاقات مع مختلف أجهزة الإدارة والأمن خاصة كبار ضباط الجمارك، واستغل علاقته بالسلطة لاحتكار المواد الأساسية (زيت، سكر، لحوم..)، وكان ذلك تحت غطاء أمني حيث مُنع الاقتراب من حاويات ربراب.
لكن الصديق الأبرز لربراب كان دون شك رجل المخابرات الأول في الجزائر محمد الأمين مدين المعروف باسم الجنرال توفيق، وهو رئيس المخابرات الجزائرية منذ نوفمبر/تشرين الثاني 1990 إلى 13 سبتمبر/أيلول 2015، وكان الجنرال توفيق، حتى وقت قريب – وقبل الإطاحة به من منصبه عام 2015 ثم اعتقاله قبل سنتين – يُعرف بأنه أقوى رجال الجزائر.
يرجع الجنرال توفيق أيضًا إلى منطقة القبائل كما هو الشأن بالنسبة لربراب، وقد استفاد هذا الأخير كثيرًا من علاقته برجل المخابرات الأول في البلاد، حيث تم إعفاؤه من الضرائب ودعمه بالمال وتسهيل عملياته التجارية داخل البلاد وخارجها على حساب الشركات العمومية.
في سنة 1999، أصبح عبد العزيز بوتفليقة رئيسًا، حينها كان توفيق مدين وسعيد سعدي صديقان ليسعد ربراب وهما في الوقت ذاته مقربان من رئيس الدولة الجديد: الأول رعى ترشيحه والثاني دعا علانية لانتخابه.
يسمح وجود هاتين الشخصيتين لرجل الزيت والسكر بمواصلة إدارة عمله دون عوائق، من سنة 1999 إلى عام 2015، حيث نمت ثروته بمعدل غير مسبوق وزاد حجم مبيعات مجموعته من نحو أربعين مليون دولار عام 1999 إلى أربعة مليارات دولار بعد خمسة عشر عامًا.
الصراع مع أعمدة السلطة
في مايو/أيار 2014، استقال يسعد ربراب من منتدى رؤساء المؤسسات، وقال حينها إنه لا يمكنه البقاء والجلوس مع زملائه الذين يسعون إلى مزايا جديدة، بدلًا من محاولة العمل على تعزيز الاقتصاد الوطني، كما انتقد رجال الأعمال لدعمهم ترشيح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة رغم حالته الصحية المتدهورة.
في البداية لم يُعرف سبب هذا التغيير المفاجئ، لكن اتضح فيما بعد أنه توفيق مدين، صديقه المذكور أعلاه، قد توترت علاقته مع رئيس أركان الجيش، أحمد قايد صلاح، الذي سينجح في إقصائه من المشهد العام في عام 2015.
انضمام الجنرال توفيق إلى صفوف المعارضة كان السبب الحقيقي وراء موقف يسعد ربراب الجديد، وهو ما يؤكد الاعتقاد السائد بأن ربراب لم يكن إلا واجهة للإمبراطورية الاقتصادية لمخابرات مدين.
بعد هذا الموقف، بدأت تجارة ربراب في التراجع لفائدة مجموعة جديدة مرتبطة ببوتفليقة وفريقه الرئاسي مثل علي حداد، رئيس منتدى المؤسسات السابق والمعتقل حاليًّا، والأخوة كونيناف وغيرهم من الذين استفادوا بشكل أفضل من العقود الحكومية وخطط الدولة لتدوير العائدات النفطية في الاقتصاد غير النفطي.
استثمر بوتفليقة ولايته الرابعة في تفكيك شبكة محمد مدين وتقويض مراكز القوى التابعة له، وعلى رأسها إمبراطورية ربراب، إذ عمل نظام بوتفليقة على تقييد أنشطة إمبراطور الزيت والسكر في الجزائر، من ذلك تعطيل خطط ربراب لإقامة مصنع لتكسير البذور لإنتاج خام الزيت في مدينة بجاية الساحلية، وتعطيل استيراد معدات لمصنعه للأدوات المنزلية في مدينة سطيف، وتعطيل استيراد المعدات لمشروع تنقية المياه الخاص به والمعروف باسم إيفكون.
فضلًا عن ذلك، عرقل النظام خطط يسعد ربراب لشراء مصنع ميشلان للإطارات، كما منعه من الاستحواذ على مؤسسة الخبر الإعلامية بحجة أن القانون الجزائري يمنع أي شخص اعتباري من السيطرة على وسيلتين إعلاميتين معًا، في ظل امتلاك ربراب لصحيفة “ليبرتي” بنسختيها العربية والفرنسية.
كما قيّدت الدولة قدرته على نقل الأموال إلى الخارج، وصولًا للتلويح بإصدار مذكرة اعتقال ضده وهو ما دفعه للبقاء في فرنسا وتحريك علاقاته مع الدوائر السياسية في فرنسا وفي القلب منها الرئيسان السابق فرانسوا هولاند والحاليّ إيمانويل ماكرون، ما دفع الحكومة إلى الإعلان صراحة عن عدم وجود نية لتوقيفه أو اعتقاله.
الصراع بين نظام بوتفليقة وربراب، ظهر أيضًا في التلاسن بين رجل الأعمال ووزراء النظام على غرار ما حصل مع وزير الصناعة عبد السلام بوشارب، وكان دائمًا ما يقوم ربراب بتحريك عمال شركته نحو الشارع لمواجهة النظام.
لم ينس نظام بوتفليقة ما حصل سنة 2011، إذ كانت البلاد حينها على وشك أن تدخل موجة الربيع العربي مع أزمة فقدان السكر والزيت التي شهدتها، حينها كان ربراب يعتبر بارون هذه المواد، ويسيطر على الجزء الأكبر من السوق في ظل غياب تام للمنافسة.
حينها اتهمت حكومة بوتفليقة ربراب بتغذية التظاهرات الشعبية المعروفة إعلاميًا باسم “ثورة الزيت والسكر” وتحريكها بتحكمه في أسعار السكر، وذلك دعمًا لصديقه الجنرال توفيق الذي كان يسعى في ذلك الوقت إلى إعادة ترتيب أوراق النظام.
ضمن الصراع مع نظام بوتفليقة، اختار ربراب سنة 2019 دعم الجنرال المتقاعد علي غديري الذي قدّم نفسه بديلًا للنظام القائم، إلا أنه كان حينها مرشح ما يعرف في الجزائر بـ”شبكة المخابرات القديمة” التي يقودها مدير جهاز المخابرات السابق الفريق محمد مدين.
ارتدادات الحراك
كان يسعد ربراب ومن معه في جناح الجنرال توفيق يمنون النفس بأن ترجع لهم السلطة ويتمكنون من العودة بقوة إلى مفاصل الدولة في ظل تأكد عجز بوتفليقة عن مواصلة الحكم لفترة رئاسية خامسة نتيجة استفحال مرضه، لكن الحراك الشعبي أربك خططهم.
في فبراير/شباط 2019، اندلعت احتجاجات شعبية شملت مختلف مناطق الجزائر، في البداية كانت المطالب تتلخص في رفض العهدة الخامسة لبوتفليقة ثم ما لبثت إلى أن وصلت للمطالبة باستقالته وتنحيه عن الحكم، وهو ما حدث بالفعل بداية أبريل/نيسان من نفس السنة.
هذه الأحداث أربكت خطط ربراب وجماعته وعجلت بدخوله إلى السجن نهاية أبريل/نيسان 2019 بتهم تتعلق بـ”تصريح كاذب بخصوص حركة رؤوس أموال من وإلى الخارج” و”تضخيم فواتير استيراد عتاد مستعمل”.
في يناير/كانون الثاني 2020، حكم على ربراب بالسجن 18 شهرًا بينها ستة أشهر نافذة، إلا أنه تم الافراج عنه في نفس الليلة، إذ تم خصم فترة سجنه من العقوبة المنطوق بها من طرف المحكمة، على اعتبار أنه أدخل سجن “الحراش” بالعاصمة في 22 أبريل/نيسان.
غادر ربراب السجن وعاد إلى سالف عمله، واعتبر بذلك أكبر مستفيد من السجن، فبعد خروجه تم رفع الحجر عن كل مشاريعه المجمدة، ومنحه تسهيلات جديدة، حتى إنه استدعي للقاءات جمعت تبون برجال أعمال.
في يونيو/حزيران الماضي، قرر يسعد ربراب الانسحاب من الحياة العامة والتقاعد رسميًا، وترك المجال لأبنائه، لكن لا يعني ذلك أن طيفه سيغادر حقًا الحياة العامة في البلاد، فشخص مثل ربراب ليس من السهل أن يستقيل ويبتعد.