ترجمة وتحرير نون بوست
بدأت الحكومة البريطانية في إعادة تقييم مبيعات السلاح إلى إسرائيل مؤخرًا، خصيصًا بعد اكتشافها استخدام أسلحة بريطانية في القصف الأخير لقطاع غزة.
بدأت وزارة التجارة والإبداع (الوزارة المعنية بإصدار تراخيص تصدير السلاح) لجنة تحقيق داخلية بعد أن اكتشفت “احتمالية” استخدام مكونات وأسلحة بريطانية في حرب غزة، قرابة الاثنى عشرة مرة.
وقد زعمت الوزارة أنها تقيم كل رخصة تصدرها وفقًا لمجموعة من المعايير الدولية المتفق عليها، أي أنها تأخذ في الحسبان فيم ستستخدم هذه الأسلحة، وتاريخ استخدامات العميل (في هذه الحالة جيش الدفاع الإسرائيلي).
لكن اكتشفت الوزارة أن اثنتا عشرة رخصة قد أصدرتها لتصدير السلاح إلى إسرائيل قد تم استخدامها في القصف الذي استمر قرابة الشهرين في غزة، وأسفر عن وفاة ما يزيد على 2200 فلسطينيًا أغلبهم من المدنيين، و73 إسرائيليًا (64 منهم جنود).
https://www.youtube.com/watch?v=1vkUI7EUFKU
وقد أعلنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة مع بداية العدوان أنه خرق صارخ للقانون الدولي، فالتقارير المشيرة إلى الخسائر البشرية في صفوف المدنيين جراء استهداف المدنيين كلها تشير إلى عدم قانونية الحملة العسكرية.
وكانت المملكة المتحدة قد أنهت صفقة أسلحة كبيرة مع إسرائيل قبل بداية القصف في الثامن من يوليو بأيام، ويرجح أن عدد من المكونات في هذه الصفقة قد تم استخدامها في العملية المسماة بالجرف الصامد في الأوساط العسكرية الإسرائيلية، ففي الأشهر الستة الأولى للعام 2014 منحت وزارة التجارة إسرائيل رخص استيراد سلاح تقدر بـ 11 مليون دولار، واحتوت الشحنة على عدد من المعدات والمكونات العسكرية المتنوعة، وفقًا لتقرير للحملة الدولية ضد تجارة السلاح.
وبينما لم تخرج تكلفة الصفقة عن الحدود المعتادة لتجار السلاح بين البلدين (من 10 لـ 15 مليون دولار سنويًا)، إلا أن محتويات هذه الشحنة تحديدًا أثارت اهتمام عدد من النشطاء لما فيها من شبهة تواطؤ بريطانيا في حرب غزة.
فقد احتوت الصفقة على قطع غيار للطائرات النفاثة وأنظمة رادار عسكرية، وقد اعترفت الحكومة البريطانية باحتمالية استخدام هذه المعدات في الحرب ضد غزة، فيما أعرب “أندرو سميث” المتحدث باسم الحملة الدولية ضد تجارة السلاح عن عدم تفاجؤه بهذا، “فنحن نعلم تمامًا أن بريطانيا قد باعت ذات الأسلحة التي تحقق بخصوصها الآن إلى إسرائيل أثناء فترة استعداد الأخيرة لقصف غزة”، على حد قول سميث الذي استكمل قائلاً: “بريطانيا متواطئة فيما تفعله الحكومة الإسرائيلية، ويجب أن نحاول فهم الأسباب وراء ذلك”.
وبينما تضطلع وزارة التجارة بمسائل ترخيص تصدير السلاح، تشارك وزارة أخرى في التجارة العسكرية مع إسرائيل، فلدى وزارة الدفاع البريطانية عقد بقيمة مليار ونصف دولار مع شركة “البيت” الإسرائيلية العملاقة، ينص العقد المستمر منذ عام 2005 على أن تقوم الشركة بتصنيع عدد من الطائرات بدون طيار من طراز WK450 لبريطانيا، وجدير بالذكر أن الشركة دائمًا ما تعلن عن هذه الطائرات بفخر واصفة إياها “بنتائج تجارب حقيقية في أرض المعركة”، ويؤكد سميث أن هذه الصفقة تشكل إلى حد كبير شكل تجارة السلاح مع إسرائيل، مشككًا في قدرة وزارة التجارة على ضبط عملية التصدير بالشكل الكافي.
وردًا على ذلك أخبرتنا وزارة التجارة أن الصفقة “لا يوجد بها أي شبهة تضارب مصالح”، وأن “المملكة المتحدة تأخذ على عاتقها بكامل الجدية واجباتها لخلق تجارة سلاح تمتاز بالنزاهة والشفافية”.
ويشير عدد من النشطاء إلى الدور السلبي الذي تلعبه المملكة في محاولات السلام في فلسطين، إذ أن دعم صناعة السلاح الإسرائيلية كفيل بإثارة العنف في المنطقة، وإذ يبدو أن الحكومة البريطانية تكسب أموالاً من مبيعات السلاح إلى إسرائيل، فكيف لها أن تزعم أنها وسيط سلام؟
الشركات البريطانية تستثمر في القنابل العنقودية
يستمر الضغط على الحكومة البريطانية للوصل لتشريع أكثر إلزامًا فيما يخص تجارة السلاح، إذ كشف تقرير أخير أن المؤسسات المالية البريطانية مستمرة في تمويل الاستثمار في صناعة القنابل العنقودية المحرمة دوليًا، فقد حدد التقرير الذي أصدرته مؤسسة “باكس” للسلام العالمي سبع شركات تمويلية بريطانية ضخت استثماراتها في شركات تصنع القنابل العنقودية.
هذه النوعية من القنابل غالبًا ما تحتوي على أكثر من مائة قنبلة صغيرة تنفجر بعد انفجار القنبلة الأم بفترة، وهي المتسببة في مقتل آلاف المدنيين في سوريا بشكل يومي، على رغم من أن أكثر من 200 دولة حول العالم قد قامت بالتوقيع على الاتفاق الدولي لتحريم الذخائر العنقودية في عام 2008.
وكان السبب الرئيسي للوصول لهذا الاتفاق بالأساس هو الغضب الشديد الذي سببه استخدام الجيش الإسرائيلي لهذا السلاح في العدوان على لبنان عام 2006، إذ تفاخر أحد القادة الإسرائيليين وقتها أن جنوده قد أمطروا لبنان بما يزيد على المليون من هذه القنابل طوال شهر العدوان؛ وقد نتج عن ذلك قرابة الـ 1200 قتيلاً لبنانيًا.
طالب التقرير الدول الموقعة على الاتفاق ومنها بريطانيا نفسها أن تعلم هذه الشركات أن منع استخدام هذه القنابل يعني أيضًا منع الاستثمار فيها.
المصدر: ميدل إيست آي