ترجمة وتحرير: نون بوست
وفقا لما كشف عنه مُبلّغ عن المخالفات حصريًا لكل من شبكة “سي إن إن” وصحيفة “واشنطن بوست”، تواجه منصة تويتر مشاكل أمنية كبيرة تشكل تهديدًا للمعلومات الشخصية لمستخدميها، والمساهمين في الشركة، والأمن القومي، والديمقراطية على حد سواء.
يصور هذا الإفصاح، الذي اُرسل الشهر الماضي إلى الكونغرس والوكالات الفيدرالية، بيئةً فوضوية ومتهوّرة في شركة سيئة الإدارة تسمح للعديد من موظفيها بالوصول إلى الضوابط المركزية والمعلومات الأكثر حساسية دون وجود إشراف كاف. كما يزعم أن بعض كبار المديرين التنفيذيين في الشركة حاولوا التستر على الثغرات الأمنية الخطيرة على المنصة، وأن موظفًا أو أكثر من الموظفين الحاليين يعملون لصالح جهاز استخبارات أجنبي.
كان المُبلّغ عن المخالفات الذي وافق على الكشف عن هويته علنًا – بيتر زاتكو الملقب بـ “مودج” الذي كان سابقًا رئيس أمن المعلومات في الشركة – مسؤولًا أمام الرئيس التنفيذي. وهو يزعم أن قيادة تويتر ضللت مجلس إدارتها والهيئات التنظيمية الحكومية بشأن ثغراتها الأمنية، بما في ذلك تلك التي تفسح المجال لحملات التجسس أو التلاعب الأجنبية والقرصنة وحملات التضليل.
كما يقول المُبلّغ عن المخالفات إن تويتر لا تقوم بحذف بيانات المستخدمين بشكل موثوق بعد إلغاء حساباتهم لعدة أسباب من بينها فقدان أثر المعلومات، وأنها تعمدت تضليل المنظمين حول حذفها للبيانات كما هو مطلوب منها. ويضيف المُبلّغ عن المخالفات أن المديرين التنفيذيين في تويتر ليس لديهم الموارد لفهم العدد الحقيقي لحسابات الروبوتات على المنصة بشكل كامل، ولم يشجعوا على ذلك.
ومؤخرا، أصبحت حسابات الروبوتات حجة محورية في محاولات إيلون ماسك التراجع عن صفقة شراء الشركة بقيمة 44 مليار دولار(على الرغم من أن تويتر تنفي مزاعم ماسك).
طردت تويتر زاتكو في كانون الثاني/ يناير بسبب ما تدعي أنه أداء ضعيف. وفقًا لزاتكو، يأتي الإبلاغ العلني عن المخالفات بعد محاولته إبلاغ مجلس إدارة تويتر بالثغرات الأمنية ومساعدة الشركة على إصلاح سنوات من أوجه القصور التقنية وعدم الامتثال المزعوم لاتفاقية خصوصية سابقة مع لجنة التجارة الفيدرالية. تمثّل منظمة مساعدة المبلغين عن المخالفات زاتكو، وهي نفس المجموعة التي مثلت فرانسيس هوغن.
قال جون تاي، مؤسس “منظمة مساعدة المبلغين عن المخالفات” ومحامي زاتكو، إن موكّله لم يكن على اتصال مع ماسك وأن عملية الإبلاغ عن المخالفات سبقت وجود أي مؤشر على تعامل ماسك مع تويتر. ومن جهتها، سعت شبكة “سي إن إن” للحصول على تعليق من تويتر على أكثر من 50 سؤالًا محددًا بخصوص هذه المزاعم.
أخبر متحدث باسم تويتر شبكة “سي إن إن” بأن الأمن والخصوصية من الأولويات المتأصلة في الشركة. وقالت شركة تويتر إنها توفر أدوات واضحة للمستخدمين للتحكم في الخصوصية واستهداف الإعلانات ومشاركة البيانات. وأضافت أنها أنشأت تدفقات عمل داخلية لضمان معرفة وقت إلغاء المستخدمين لحساباتهم، لتشرع بذلك في عملية إلغاء تنشيط الحسابات ومن ثم عملية الحذف. وقد رفضت تويتر الإفصاح عن استكمال هذه العملية من عدمها.
ذكر المتحدث باسم تويتر: “عُزل زاتكو من منصبه التنفيذي الأول في تويتر بسبب الأداء الضعيف والقيادة غير الفعالة على مدار ستة أشهر. وعلى الرغم من أننا لم نتمكن من الوصول إلى الادعاءات المحددة التي تتم الإشارة إليها، إلا أن ما رأيناه إلى الآن هو سرد لممارسات الخصوصية وأمن البيانات مليئ بالتناقضات وعدم الدقة وغياب السياق المهم. ويبدو أن ادعاءات زاتكو والتوقيت الانتهازي هدفهما جذب الانتباه وإلحاق الضرر بتويتر وعملائها ومساهميها. ولطالما كان الأمن والخصوصية من أولويات الشركة وما زال أمامنا الكثير من العمل للقيام به”.
تنبع بعض أكثر ادعاءات زاتكو إدانةً من علاقته المتوترة مع كبير الخبراء التقنيين السابق للشركة باراغ أغراوال الذي تم تعيينه رئيسًا تنفيذيًا بعد تنحي جاك دورسي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. ووفقا لما كشف عنه زاتكو، قام أغراوال ومساعدوه بثني زاتكو مرارا وتكرارا عن تقديم سرد كامل بشأن مشاكل تويتر الأمنية إلى مجلس إدارة الشركة، حيث يُزعم أن الفريق التنفيذي للشركة قد أمر زاتكو بتقديم تقرير شفوي عن النتائج الأولية التي توصل إليها بشأن الحالة الأمنية للشركة إلى مجلس الإدارة بدلا من بيان خطي مفصل، وبتقديم بيانات منتقاة ومضللة عن قصد لإنشاء تصور خاطئ فيما يتعلق بالتقدم المحرز في قضايا الأمن السيبراني العاجلة. وقد تم إلغاء تقرير شركة استشارية خارجية لإخفاء المدى الحقيقي لمشاكل الشركة.
عمومًا، يعد الكشف أقل حدة مع دورسي الذي وظف زاتكو الذي يعتقد أنه كان يود إصلاح المشكلات داخل الشركة، إلا أنه صوره على أنه كان شخصًا منفصلا جدًا في الأشهر الأخيرة عن قيادته لمنصة تويتر – لدرجة أن بعض كبار الموظفين فكروا في احتمال أن يكون مريضا.
اُرسل الكشف اللاذع، الذي يتكون من حوالي 200 صفحة بما في ذلك العناوين الداعمة، خلال الشهر الماضي إلى عدد من الوكالات الحكومية الأمريكية ولجان الكونغرس، بما في ذلك لجنة الأوراق المالية والبورصات، ولجنة التجارة الفيدرالية، ووزارة العدل. ولم يتم الإبلاغ سابقًا عن وجود الكشف وتفاصيله. وقد حصلت “سي إن إن” على نسخة منه من قبل أحد كبار المساعدين الديمقراطيين في الكابيتول هيل؛ وهو ما رفضت لجنة الأوراق المالية والبورصات ووزارة العدل ولجنة التجارة الفيدرالية التعليق بشأنه. وقالت راشيل كوهين، المتحدثة باسم اللجنة، إن لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ التي تلقت نسخة من التقرير تأخذ الكشف على محمل الجد وتحدد اجتماعًا لمناقشة الادعاءات.
تعهد السناتور ديك دوربين، الذي يرأس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ والذي تلقى التقرير أيضا، بالتحقيق “واتخاذ المزيد من الخطوات حسب الحاجة للوصول إلى حقيقة هذه الادعاءات المقلقة”. وفي بيان لشبكة “سي إن إن”، أعرب العضو الجمهوري والمستخدم الشغوف لتويتر، السيناتور تشاك غراسلي، عن قلقه العميق بشأن هذه المزاعم.
قال غراسلي: “خذ منصة تكنولوجية تقوم بجمع كميات هائلة من بيانات المستخدم مع ما يبدو أنه بنية تحتية أمنية ضعيفة، ثم ادمجها مع جهات حكومية أجنبية فاعلة لها أجندة، وستكون لديك كارثة. تُثير المزاعم التي تلقيتها من أحد المبلغين عن المخالفات على تويتر مخاوف خطيرة تتعلق بالأمن القومي بالإضافة إلى قضايا تتعلق بالخصوصية يجب التحقيق فيها بشكل أكبر”.
المُبلّغ عن المخالفات
لفت زاتكو الانتباه الوطني لأول مرة في سنة 1998 عندما شارك في جلسات الاستماع الأولى في الكونغرس حول الأمن السيبراني. وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال في مقابلة مع شبكة “سي إن إن”: “طوال حياتي، كنت أبحث عن أماكن يمكنني الذهاب إليها وإحداث فرق. وهذا ما مكنني منه مجال الأمن السيبراني. هذا هو المحرك الرئيسي”.
إن أحداثًا مثل الاختراق المدمّر الذي وقع سنة 2020 لحسابات بعض أشهر الشخصيات في العالم، بما في ذلك المرشح الرئاسي آنذاك جو بايدن، والرئيس السابق باراك أوباما، وكيم كارداشيان وإيلون ماسك دفعت زاتكو إلى أن يصبح مُبلغًا عن المخالفات قبل أن يعمل في تويتر. وردًا على هذا الحادث، أخبرت تويتر “سي إن إن” بأن الشركة بدأت في منع الوصول إلى أدوات دعم العملاء.
بعد هذا الهجوم، قام دورسي بانتداب زاتكو وهو “مخترق أخلاقي” معروف أصبح مطلعًا على الأمن السيبراني ومديرًا تنفيذيا، وشغل سابقا مناصب عليا في غوغل وسترايب ووزارة الدفاع الأمريكية، وقد أخبر “سي إن إن” بأنه عُرض عليه منصب كبير في الأمن السيبراني منذ اليوم الأول في إدارة بايدن.
يقول زاتكو إنه وجد ممارسات أمنية سيئة للغاية، بما في ذلك منح الآلاف من موظفي الشركة – أي ما يقارب نصف القوى العاملة في الشركة – إمكانية الوصول إلى بعض الضوابط الحرجة للمنصة. ويصف كشفه للنتائج التي توصل إليها بشكل عام “أوجه قصور فادحة وإهمالا وتجاهلا متعمدا وتهديدات للأمن القومي والديمقراطية”.
بعد تمرد 6 كانون الثاني/ يناير، كان زاتكو قلقًا بشأن احتمال محاولة شخص ما داخل تويتر التعاطف مع المتمردين الذي يتلاعبون بمنصة الشركة الأمر الذي جعله يسعى إلى تضييق الخناق على إمكانية الوصول الداخلي الذي يسمح لمهندسي تويتر بإجراء تغييرات على النظام الأساسي المعروف باسم “بيئة الإنتاج”.
ولكن يقول الكشف إن زاتكو سرعان ما عرف أنه “من المستحيل حماية بيئة الإنتاج، نظرًا لتمتع جميع المهندسين بإمكانية الوصول. كما أنه لا يوجد أي سجل عن من دخلها أو ما فعله… ولا أحد يعرف مكان تخزين البيانات أو مدى أهميتها، وقد تمتع جميع المهندسين بشكل من الوصول الحرج إلى بيئة الإنتاج”. كما يدعي زاتكو، مستشهدا بتقارير الأمن السيبراني الداخلية التي تقدر أن 4 من كل 10 أجهزة لا تفي بمعايير الأمان الأساسية، أن تويتر تفتقر إلى القدرة على محاسبة العاملين على ثغرات أمن المعلومات لأنها لا تتمتع إلا بقدر ضئيل من التحكم أو الرؤية في أجهزة حاسوب العمل الفردية للموظفين.
وفقا للرسالة الموجهة إلى المنظمين والبريد الإلكتروني الذي أرسله زاتكو في شباط/ فبراير إلى عضو مجلس إدارة تويتر باتريك بيكات، تُعتبر البنية التحتية الهشة لخوادم تويتر نقطة ضعف تبدو خطيرة رغم انفصالها؛ حيث يعمل حوالي نصف خوادم الشركة البالغ عددها 500 ألف على برامج قديمة لا تدعم ميزات الأمن الأساسية مثل تشفير البيانات المخزنة أو تحديثات الأمن المنتظمة من قبل البائعين.
يقول كشف زاتكو إن الشركة تفتقر أيضًا إلى عمليات التكرار والإجراءات الكافية لإعادة التشغيل أو التعافي من أعطال مركز البيانات، مما يعني أنه حتى الانقطاعات الطفيفة للعديد من مراكز البيانات في نفس الوقت يمكن أن تؤدي إلى تعطيل خدمة تويتر بأكملها، وربما يحدث ذلك للأبد.
لم ترد شركة تويتر على الأسئلة المتعلقة بمخاطر انقطاع مركز البيانات، ولكنها أخبرت “سي إن إن” بأن الأشخاص في فرق الهندسة والمنتجات في تويتر مخولون للوصول إلى بيئة الإنتاج إذا ما كان لديهم مبرر محدد للقيام بذلك. وأضافت الشركة أن موظفيها يستخدمون الأجهزة التي تشرف عليها فرق أخرى لتكنولوجيا المعلومات والأمن قادرة على منع الجهاز من الاتصال بأنظمة داخلية حساسة إذا ما كان يعمل ببرامج قديمة.
وقالت الشركة إنها تستخدم فحوصات آلية لضمان عدم وصول أجهزة الحاسوب المحمولة التي تعمل ببرامج قديمة إلى بيئة الإنتاج، وأنه لا يمكن للموظفين إجراء تغييرات على منتج تويتر المباشر إلا بعد أن يلبي الرمز متطلبات معينة لحفظ السجلات والمراجعة.
وفقا لشخص مطلع على فترة عمل زاتكو في الشركة، تمتلك تويتر أدوات أمن داخلية يتم اختبارها من قبل الشركة بانتظام، وكل سنتين من قبل مدققين خارجيين. وأضاف الشخص أن بعض إحصائيات زاتكو المتعلقة بأمن الجهاز تفتقر إلى المصداقية وتوصل إليها فريق صغير لم يقم بتفسير الإجراءات الأمنية الحالية في تويتر بشكل صحيح.
ظهرت مخاوف تويتر الأمنية للعلن قبل سنة 2020. ففي سنة 2010، قدّمت لجنة التجارة الفيدرالية شكوى ضد تويتر على خلفية سوء تعاملها مع المعلومات الخاصة بالمستخدمين وتمكين عدد كبير من الموظفين من الوصول إلى الضوابط المركزية على المنصة. وقد نتج عن هذه الشكوى أمر من لجنة التجارة الفيدرالية تم استكماله في العام التالي تعهدت بموجبه تويتر بسد الثغرات الأمنية في نظامها بما ذلك إنشاء “برنامج شامل لأمن المعلومات” والالتزام به.
يزعم زاتكو أنه رغم ادعاءات الشركة عكس ذلك، إلا أنها في الحقيقة “لم تمتثل قط” لما طلبته لجنة التجارة الفيدرالية منذ أكثر من 10 سنوات. ونتيجة إخفاقاتها المزعومة في معالجة هذه الثغرات الأمنية بالإضافة إلى أوجه القصور الأخرى، تعاني تويتر – على حد تعبيريه – من “معدل حوادث أمنية مرتفع بشكل غير عادي”، أي تسجيل حوالي حادث واحد خطير على الأقل أسبوعيًا بما يكفي للكشف عنه للوكالات الحكومية. وكتب زاتكو في شباط / فبراير رسالة إلى مجلس إدارة تويتر بعد طرده من الشركة في كانون الثاني/ يناير: “استنادًا إلى خبرتي المهنية، فإن الشركات النظيرة ليس لديها هذا الحجم من الحوادث”.
ينطوي ما كشف عنه زاتكو على مخاطر كبيرة، منها التعرّض لغرامات جديدة بمليارات الدولارات إذا تبين أن الشركة انتهكت التزاماتها القانونية، وذلك وفقًا لجون ليبوفيتز الذي كان رئيسًا للجنة التجارة الفيدرالية عندما صدر أمر الموافقة الأصلي الخاص بتويتر لسنة 2011. وأضاف ليبوفيتز أن الوكالة أمامها الآن فرصة أخرى لتُظهر لشركات التكنولوجيا أنها جادة في محاسبة هذه المنصات بعد أن اختار المسؤولون عدم ذكر أسماء كبار المسؤولين التنفيذيين في فيسبوك بما في ذلك مارك زوكربيرغ وشيريل ساندبيرغ في تسوية الخصوصية التي أبرمتها لجنة التجارة الفيدرالية بقيمة 5 مليارات دولار مع الشركة في سنة 2019.
قال ليبوفيتز في مقابلة مع شبكة “سي إن إن”: “تمثلت إحدى خيبات الأمل الكبيرة في قضية انتهاك أوامر فيسبوك في أن لجنة التجارة الفيدرالية تركت المديرين التنفيذيين بعيدًا عن المشكلة بينما كان يجب أن يتم ذكر أسمائهم. وفي حال وجود انتهاك هنا – أو إذا حدث – فأعتقد أن لجنة التجارة الفيدرالية يجب أن تنظر بجدية ليس فقط في تغريم الشركة وإنما أيضًا في محاسبة المسؤولين التنفيذيين أمام القضاء”.
أخبرت تويتر شبكة “سي إن إن” بأن سجل الامتثال للجنة التجارة الفيدرالية يتحدث عن نفسه، مشيرًا إلى عمليات تدقيق من طرف ثالث تم تقديمها إلى الوكالة بموجب أمر الموافقة لسنة 2011 الذي ورد فيه أن زاتكو لم يشارك فيها. كما قالت تويتر أيضًا إنها تمتثل لقواعد الخصوصية ذات الصلة وأنها كانت شفافة مع المنظمين بشأن جهودها لإصلاح أي ثغرات في أنظمتها.
تستند مزاعم زاتكو جزئيًا إلى الفشل في فهم كيفية عمل برامج وعمليات تويتر الحالية لتحقيق التزاماتها تجاه لجنة التجارة الفيدرالية، وذلك حسب ما قاله شخص مطلع من فترة وجود زاتكو في الشركة لشبكة سي إن إن، مشيرا إلى أن سوء الفهم دفعه إلى تقديم ادعاءات غير دقيقة حول مستوى امتثال الشركة.
التهديدات الخارجية
يظهر هذا الكشف أن تويتر معرّضة بشكل استثنائي لاستغلال الحكومات الأجنبية بطرق تقوّض الأمن القومي للولايات المتحدة، وقد يكون لدى الشركة جواسيس أجانب حاليًا حسب كشوف مرتّباتها.
ورد في تقرير المبلّغين عن المخالفات أن الحكومة الأمريكية قدمت أدلة محددة إلى تويتر قبل فترة وجيزة من إقالة زاتكو حول عمل أحد موظفيها على الأقل وربما أكثر لصالح جهاز استخبارات حكومي آخر. لم يذكر التقرير ما إذا كانت تويتر على علم بالفعل بذلك أو ما إذا كانت قد تصرفت فيما بعد بناءً على هذه المعلومات.
خلال السنة الماضية، وقبل الغزو الروسي لأوكرانيا، اقترح أغراوال – رئيس الخبراء التقنيين السابق – على زاتكو خضوع تويتر للمطالب الروسية التي قد تؤدي إلى فرض رقابة واسعة النطاق أو مراقبة على المنصة، وذلك حسب مزاعم زاتكو.
وتجدر الإشارة إلى أن ما كشف عنه زاتكو لم يتضمن المزيد من التفاصيل حول ما اقترحه أغراوال. مع ذلك، أقرّت روسيا في الصائفة الماضية قانونًا يضغط على منصات التكنولوجيا لفتح مكاتب محلية في البلاد أو مواجهة حظر إعلانات محتمل، وهي خطوة نبّه خبراء أمنيون غربيون من أنها تهدف إلى منح روسيا نفوذًا أكبر على شركات التكنولوجيا الأمريكية.
وفي حين تم تجاهل اقتراح أغراوال في نهاية المطاف، فإنه يظل علامة مقلقة على مدى استعداد تويتر للتمادي سعيًا لتحقيق النمو، وذلك وفقًا لما أفاد به زاتكو. ويقول زاتكو في بيان له: “حقيقة أن الرئيس التنفيذي الحالي لتويتر اقترح أن تتواطأ الشركة مع نظام بوتين تدعو للقلق بشأن تأثيرات المنصّة المحتملة على الأمن القومي للولايات المتحدة”. وسرعان ما أصبح تقرير زاتكو علنيًا بعد أسبوعين فقط من إدانة مدير سابق في تويتر بالتجسس لصالح المملكة العربية السعودية.
تؤكد القضية السعودية مدى خطورة مزاعم زاتكو الحالية حول تويتر. ومن شأن تقريره مزيد تأجيج مخاوف الحزبين في واشنطن بشأن الخصوم الأجانب وتهديدات الأمن السيبراني التي يشكلونها على الأمريكيين، انطلاقا من سرقة بيانات المواطنين الأمريكيين إلى التلاعب بالناخبين أو سرقة التكنولوجيا والأسرار التجارية. وتجدر الإشارة إلى شركة تويتر لم تعلق على الأسئلة المتعلقة بنقاط ضعفها أمام المخابرات الأجنبية.
تدخل إيلون ماسك
مثّل ما كشف عنه زاتكو لحظة حاسمة بالنسبة لماسك الذي يخوض معركةً قانونيةً مع تويتر بعد تراجعه عن صفقة شراء الشركة. وقد اتّهم ماسك تويتر بالكذب بشأن عدد الحسابات العشوائية على المنصة وهي مشكلة يدّعي أنها مبرر لإنهاء الصفقة.
لم تتضمن اتفاقية الاستحواذ الملزمة التي تم توقيعها بين ماسك وتويتر في نيسان/ أبريل أي إعفاءات متعلقة بالحسابات العشوائية، لكن يدعي الملياردير أن عددها على المنصة يؤثر على تجربة المستخدم وبالتالي يمكن أن يضر بقيمة الشركة على المدى الطويل. بعد أن اتخذ ماسك خطوة لإلغاء صفقة الشراء، ردّت تويتر برفع دعوى قضائية تزعم فيها أنه يستخدم الحسابات العشوائية كذريعة للتهرب من صفقة يستهجنها المشترون بعد التراجع الأخير الملحوظ في السوق الأسهم، وهي تطلب من المحكمة إجباره على إنهاء الصفقة. ومن المقرر البت في القضية في محكمة ديلاوير تشانسري في تشرين الأول/ أكتوبر.
تمثّل أعداد المستخدمين معلومات حيوية بالنسبة لأي منصة تواصل اجتماعي ذلك أن عائدات الإعلانات تعتمد على عدد الأشخاص الذين يمكن أن يشاهدوا الإعلان. لكن من المعروف أن الإحصاءات المتعلقة بعدد مستخدمي خدمة معينة أو عدد الأشخاص الذين يشاهدون إعلانًا معينًا على موقع ما لا يمكن الاعتماد عليها بشكل ملحوظ في صناعات التكنولوجيا والوسائط بسبب إمكانية التلاعب وهامش الخطأ
من بين جميع منصات التواصل الاجتماعي، وحدها تويتر تُبلّغ المستثمرين والمعلنين بأرقام مستخدميها بناء على مقياس يسمى “عدد المستخدمين النشطين يوميًا الذين يمكن تحقيق الدخل منهم”. في المقابل، يقوم منافسوها ببساطة بحساب العدد الإجمالي للمستخدمين النشطين والإبلاغ عنه؛ وهو ما اعتمدته تويتر حتى سنة 2019. لكن هذا الأمر يعني أن أرقام تويتر كانت عرضة لتقلبات كبيرة في حالات معينة بما في ذلك خلال عمليات إزالة شبكات الحسابات العشوائية الرئيسية، لذلك تحولت إلى مقياس “عدد المستخدمين النشطين يوميًا الذين يمكن تحقيق الدخل منهم” الذي يحصي جميع المستخدمين الذين يمكن أن يشاهدوا إعلانًا على المنصة – مع استثناء جميع الحسابات التي لا يمكنها ذلك لسبب ما، مثل كونها روبوتات ولها تصنيف مختلف، وذلك حسب ما أفصح عنه زاتكو.
ذكرت الشركة مرارًا وتكرارًا أن عدد الحسابات المزيفة أو العشوائية يمثل أقل من 5 بالمئة من حسابات “المستخدمين النشطين يوميًا الذين يمكن تحقيق الدخل منهم”، وهو تقييم أكده شخص مطلع لشبكة “سي إن إن” هذا الأسبوع مشيرا إلى ما كشف عنه مستثمرون آخرون بشأن حقيقة أن الرقم يعتمد على حكم مهم قد لا يعكس الواقع بدقة. لكن يجادل زاتكو بأنه من خلال الإبلاغ عن عدد الحسابات العشوائية من خلال نسبة مئوية من “عدد المستخدمين النشطين يوميًا الذين يمكن تحقيق الدخل منهم” وليس كنسبة مئوية من إجمالي عدد الحسابات على المنصة، تُخفي تويتر النطاق الحقيقي للحسابات المزيفة والبريد العشوائي على المنصة وهي خطوة يدعي زاتكو أنها مضللة بشكل متعمّد.
يقول زاتكو إنه بدأ الاستفسار عن مدى انتشار حسابات الروبوتات على تويتر في أوائل 2021، وأخبره المسؤول عن نزاهة المنصة بأن الشركة لا تعرف العدد الإجمالي لحسابات الروبوتات. وقد خلص من المحادثات مع فريق النزاهة إلى أن الشركة “ليس لديها الرغبة في قياس مدى انتشار الروبوتات بدقة”، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنه إذا أصبح الرقم الحقيقي متاحًا للعامة فقد يضر بقيمة الشركة وسمعتها.
تشكيكًا في قدرة تويتر على تقدير العدد الحقيقي للحسابات المزيفة والعشوائية، يمكن لمزاعم زاتكو أن توفر حججًا تدعم ادعاء ماسك الرئيسي بأن العدد الفعلي لهذه الحسابات أعلى بكثير مما أفصحت عنه تويتر.
يوضح خبراء السلوك غير الحقيقي على الإنترنت إنه قد يكون من الصعب تحديد “الروبوتات” نظرًا لعدم وجود تعريف متفق عليه على نطاق واسع لهذا المصطلح، ولأن الجهات الفاعلة السيئة تغير تكتيكاتها باستمرار. هذا إلى جانب وجود العديد من حسابات الروبوتات غير الضارة على المنصة (وعبر الإنترنت) مثل حسابات الأخبار الآلية، ناهيك عن تقديم تويتر ميزة الاشتراك للسماح لمثل هذه الحسابات بتسمية نفسها بشفافية على أنها “آلية”.
أخبرت تويتر شبكة “سي إن إن” بأن الادعاء بأنها تجهل عدد حسابات الروبوتات على المنصة أخرِج من سياقه، مؤكدةً أنه لا يمكن اعتبار جميع الروبوتات سيئة وأن التركيز على عددها الإجمالي سيشمل تلك التي ربما تكون الشركة قد حددتها بالفعل واتخذت إجراءات ضدها. وقالت الشركة إنها لا تعتقد أيضًا أنها تستطيع رصد كل حساب عشوائي على المنصة، لهذا السبب أبلغت عن رقمها الذي يقل عن 5 بالمئة، وهو ما يعكس تقديرًا تقريبيًا في ملفاتها المالية.
لكن زاتكو أخبر شبكة “سي إن إن” بأنه يعتقد أن محاولة تحديد العدد الإجمالي للحسابات الآلية المزيفة أو غير المرغوب فيها أو التي من المحتمل أن تكون ضارة على المنصة تظل قيّمة. وهو يوضح أن “الفريق التنفيذي ومجلس الإدارة والمساهمون والمستخدمون يستحقون جميعهم إجابة صادقة حول ما يستهلكونه من بيانات ومعلومات ومحتوى [على المنصة]. ومن وجهة نظري على الأقل، أريد الاستثمار في شركة أعرف ما يحدث فيها بالفعل لأنني أريد الاستثمار بشكل استراتيجي في القيمة طويلة الأجل للمؤسسة”.
من جهتها، تقرّ تويتر بأنها تسمح بوجود حسابات للروبوتات على منصتها، لكن قواعدها تحظر الحسابات التي تنخرط في التلاعب بالمنصة. لكن كما هو الحال مع جميع قواعد منصات التواصل الاجتماعي، يكمن التحدي غالبًا في ضمان تطبيق سياساتها.
تؤكد الشركة أنها تقوم بانتظام بحظر وتعليق وإزالة حسابات البريد العشوائي التي تحاول التلاعب بالمنصة، بما في ذلك إزالة أكثر من مليون حساب بريد عشوائي يوميًا. وهي تقول إن العدد الإجمالي للروبوتات على المنصة ليس رقمًا مفيدًا. كما رفضت الشركة الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالعدد الإجمالي للحسابات على المنصة أو متوسط عدد الحسابات الجديدة المضافة يوميًا في إطار سياق عدد حسابات الروبوتات المحذوف يوميًا.
تشكيكًا في قدرة تويتر على تقدير العدد الحقيقي للحسابات المزيفة والعشوائية، يمكن لمزاعم زاتكو أن توفر حججًا تدعم ادعاء ماسك الرئيسي بأن العدد الفعلي لهذه الحسابات أعلى بكثير مما أفصحت عنه تويتر.
يعتقد زاتكو أنه من خلال الإبلاغ علنًا عن هذه المخالفات يؤدي الوظيفة التي تم تعيينه للقيام بها من أجل منصة يقول إنها تكتسي أهمية بالنسبة للديمقراطية. وهو يقول إن جاك دورسي تواصل معه وطلب منه أداء مهمة حاسمة في تويتر. لقد وقّعت عقدا للقيام بذلك وأعتقد أنني ما زلت أؤدي هذه المهمة.
المصدر: شبكة سي إن إن