لا يختلف حال البنية التحتية في شمال سوريا عن باقي المناطق في عموم البلاد، إلا أن الفارق الأبرز هو استمرار استهدافها بشكل ممنهج، في حين أن المناطق سواء التابعة لسيطرة النظام أم لقوات “قسد” لا تشهد عمليات استهداف نظرًا للظروف السياسية والدولية المرهونة باتفاق خفض التصعيد الموقع بين تركيا وروسيا في 5 مارس/آذار 2020، الذي لم يمنع من خروقات وتصعيد عنيف من الطيران الروسي والسوري يستهدف الأحياء المدنية والمخيمات والمنشآت.
تقدر مساحة مناطق المعارضة بنحو 11% من الجغرافيا السورية، إذ تتركز في إدلب وشمال حلب، ومنطقة تل أبيض ورأس العين في الرقة والحسكة، ومنطقتي الزكف والتنف (المنطقة 55) جنوب شرق البلاد، أي ما يقارب 20 ألف كيلومتر مربع وهو ما يساوي ضعف مساحة لبنان تقريبًا، في ظل اكتظاظ سكاني قدر بأكثر من 4 ملايين نسمة، يرافقه ضغط متزايد على شبكات البنية التحتية بسبب تراكم آثار الحرب المندلعة منذ 12 عامًا، واستمرارها مع الاستهدافات المركزة وضعف التمويل لترميمها.
منذ مطلع العام الحاليّ 2022، يركز نظام الأسد وحليفه الروسي استهدافاتهما على المنشآت الحيوية والبنى التحتية، فوفق تقرير “فريق منسقو الاستجابة” الصادر في يوليو/تموز 2022، تجاوز عدد منشآت البنية التحتية التي تستهدفها قوات النظام وحلفائه و”قسد” أكثر من 28 منشأةً ومخيمًا ومنطقةً خدميةً، في محاولة من هذه الأطراف لحرمان المدنيين شمال غرب سوريا من الفوز بأي مقومات للحياة المستقرة.
بالمقابل، لم تتوقف عجلة مشاريع البنية التحتية في إدلب وريفها الخاضعين لسيطرة هيئة تحرير الشام وذراعها المدنية المتمثلة بحكومة الإنقاذ، وفي ريفَي حلب والحسكة الخضعين لإدارة الحكومة المؤقتة، نظرًا إلى أهمية تنمية الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل القومي، بعد غياب المشاريع لسنوات عن المنطقة، وحصرها بيد فئة رأسمالية تحكمت بالاقتصاد، ما خلف ظروفًا استغلاليةً أكثر منها خدمية، تقوم على الاحتكار وإرهاق المدنيين ماديًا مع غياب سلطة مراقبة.
مدن صناعية تنعش الاقتصاد بريف حلب
بذلت الحكومة المؤقتة جهودًا لدعم وتطوير اقتصاد المناطق الشمالية الواقعة تحت إدارتها، من خلال إنشاء مدن ومناطق صناعية، نظرًا لدورها المهم في زيادة المنتج المحلي وخلق آلاف فرص العمل، وما يترتب على ذلك من ارتفاع مستوى المعيشة، فضلًا عما تأتي به تلك المدن والمناطق من تنفيذ مشاريع ملحقة من طرق رئيسة موصلة بين المناطق الصناعية ومناطق السوق، وطرق فرعية تربط المناطق ببعضها البعض، وشبكات مياه وكهرباء وشبكات صرف صحي وغيرها.
توجد 5 مناطق ومدن صناعية في ريف حلب الشمالي
– المدينة الصناعية جنوب جرابلس: تضم ورشًا صغيرةً وأصحاب الحرف والخبرات، بما يقارب من 200 محل وبمساحة هكتارين.
– المنطقة الصناعية في الراعي: تبلغ مساحتها نحو 350 ألف متر مربع، متوزعة على ورشات عمل ومعامل وهكتارات بمساحات متنوعة، وبتكلفة إجمالية بلغت 1.5 مليار ليرة تركية، إذ استطاعت المدينة مبدئيًا توفير نحو 3 آلاف فرصة عمل من أصل 20 ألفًا، وتهتم المدينة بمنتجات الأحذية والمواد الغذائية والألبسة والمنتجات البلاستيكية وإعادة تصنيع وتغليف المنتجات الزراعية وصهر الحديد وغيرها، وتصدِر عبر المعابر الحدودية إلى مناطق متنوعة في العالم.
– المدينة الصناعية في مارع: قدِرت مساحتها بـ130 ألف متر مكعب، وضمت 320 محضرًا، بينها 210 محاضر ما زالت قيد البناء، تضم 15 منشأةً صناعيةً متنوعةً، وتنتج أدوات التنظيف وقص الإسفنج والحُصر والحجر الصناعي، كما توجد مراكز لتخزين الخضراوات، ومن المتوقع مع نهاية العام الحاليّ افتتاح معامل أخرى تضم صناعات متنوعة.
– المنطقة الصناعية في أعزاز: تبلغ مساحتها 85 ألف متر مربع، تبعد عن معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا 11 كيلومترًا، وتتألف من عدة محاضر أصغرها بمساحة 1500 متر مربع وأكبرها 5 آلاف متر مربع، إضافة إلى مركز إدارة للمنطقة ومحطات وقود وإطفاء وكاميرات مراقبة.
– مدينة الباب الصناعية: أُسِست عام 2018 وتضم 30 معملًا ومصنعًا وورشةً، يعمل فيها أكثر من 500 عامل، تغطي أكثر من احتياجات السوق المحلي، وتعد مدينة الباب عمومًا أهم مركز أعمال حيوي، إذ سعت الحكومة التركية للاهتمام بها من خلال تطوير اقتصادها صناعيًا وتجاريًا بفضل عشرات المشاريع المنفَذة في مجالات الصحة والبنية التحتية والخدمات والتعليم، كما لعبت دورًا مهمًا في إعادة بناء 150 مدرسة تعليمية في قلب المدينة، يتلقى فيها نحو 150 ألف طالب وطالبة التعليم، ودعم عدد من المشاريع الصحية إلى جانب مشفى الباب الذي أُنشأ وسط المدينة، فضلًا عن مشاريع بناء المساجد بمساعدة وقف الديانة التركي.
وتعد هذه المدن والمناطق الصناعية طفرة تشجيعية لقطاعَي التجارة والصناعة، بعد تقديم الجانب التركي تسهيلات داعمة للصناعيين والتجار للاستثمار من جهة، وتشغيل اليد العاملة وتنشيط السوق الداخلي والخارجي من جهة أخرى.
مشاريع بالجملة والإحصاءات الدقيقة غائبة
بحسب تقرير لمركز “عمران للدراسات“، (مقره تركيا)، بشأن التعافي الاقتصادي المبكر في الشمال السوري، فقد جرى تنفيذ 5024 مشروعًا بين عامي 2018 و2022 في مناطق المعارضة، استحوذ قطاع التمويل على النسبة الكبرى للمشاريع المنفذة (319 مشروعًا) بنسبة 33% ثم قطاع التجارة (142 مشروعًا) وقطاع النقل والمواصلات (106 مشاريع) ومن ثم قطاع النزوح الداخلي (90 مشروعًا) وقطاعي الزراعة والثروة الحيوانية والإسكان والتعمير 80 مشروعًا لكل منهما.
وتناول التقرير مؤشرات التعافي الاقتصادي المبكر في النصف الأول من عام 2022، إذ نُفذ 954 مشروعًا ونشاطًا في مناطق المعارضة بالشمال، ريف حلب الشمالي والشرقي ومحافظة إدلب، بزيادة 24% عن النصف السابق أو بواقع 188 مشروعًا.
إذ حاز قطاع التمويل (319 مشروعًا) على نسبة 33% من إجمالي المشاريع المنفذة، وقطاع التجارة (142 مشروعًا) بنسبة 14% وقطاع النقل والمواصلات (106 مشاريع) بنسبة 11% وقطاع المياه والصرف الصحي في المرتبة الرابعة بواقع (91 مشروعًا) بنسبة 9%، وجرى تنفيذ النسبة الكبرى من المشاريع والنشاطات في ريف حلب بواقع 54% (511 مشروعًا) مقارنة بإدلب (443 مشروعًا).
وعلى الرغم من عدم توافر المتطلبات اللازمة والظروف الملائمة لترميم البنية التحتية، جراء الخوف من مخاطر عودة العنف واشتعال الجبهات بين الفينة والأخرى وغياب الموارد المالية لتمويل المشاريع وتوجيه الأموال والمشاريع نحو العمل الإغاثي لمساعدة النازحين، وحالة عدم الاستقرار الحاصلة بسبب تذبذب الوضع الأمني الداخلي، استطاعت المنظمات الفاعلة تحقيق بعض المشاريع للنهوض بالخدمات الأساسية للمدنيين بما يتناسب مع طبيعة الظروف والمقدرات المتاحة.
مشاريع لا تغطي الاحتياجات
لا يخفى أن الإنفاق الموجه لتعزيز البنية التحتية يعد عاملًا أساسيًا لتحقيق مزيد من الاستقرار والنمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات التي تعزز المشاريع اللوجستية والتشغيلية وتساهم بإقامة مشاريع صغيرة تحد من البطالة وتوفر فرص عمل للشباب، إذ تتسابق المجالس المحلية في شمال سوريا لتنفيذ مثل هذه المشاريع والقيام بنشاطات متنوعة تنموية لإيجاد بيئة آمنة للعمل والاستثمار بهدف خلق فرص عمل أكثر وتنشيط الطلب المحلي، إذ تركزت المشاريع في أغلبها بمدن: إدلب والباب وأعزاز وسرمدا والدانا وعفرين، بسبب احتوائها على عدد كبير من المخيمات فيها، وبالتالي وجود معظم المنظمات والمحلية والأجنبية، وهيمنتها على أسواق تجارية.
كما تحاول المجالس المحلية بالتعاون مع عدة منظمات فاعلة وضع خطط تنموية، أبرزها دعم قطاع زراعة القمح وتنظيم زراعة وتصريف المحصول، ما أدى لتوفير المنظمات والمجالس المحلية نحو 1148 فرصة عمل في النصف الأول للعام 2022، و1862 شاغرًا في النصف الثاني للعام 2021 معظمها عقود مؤقتة بين شهر و6 أشهر وسنة، وتركزت في القطاع الطبي والخدمي، من منظمات مثل “سيريا ريليف” و”تكافل الشام” و”المؤسسة الدولية للتنمية الاجتماعية” و”يدًا بيد للإغاثة والتنمية” وغيرها.
أما في إدلب فقد أعلن الاتحاد العام للفلاحين ومديرية زراعة إدلب متابعة تشكيل الجمعيات الفلاحية في المدن والبلدات والقرى لتنظيم عمل الفلاحين وزراعاتهم وحل مشاكلهم العالقة.
خلال تواصلنا مع عدد من المجالس المحلية في ريف حلب، للسؤال عن إحصاءات المشاريع المنفذة وقيد التنفيذ، كانت التأكيدات بعدم وجود إحصاءات وقواعد بيانات للمشاريع، كما نفى مدير مكتب وزير الخدمات والإدارة المحلية، أحمد ليلى، وجود هذه الإحصاءات، زاعمًا أن جمعها وإحصاءها يحتاج إلى فريق كامل ووقت طويل، لذا فإن الأرقام في المناطق الخاضعة للحكومة المؤقتة، تفتقر للدقة المطلوبة لتقييم اقتصاد المنطقة.
أيضًا تواصل فريق “نون بوست” مع وزير الخدمات والإدارة المحلية، محمد سعيد سليمان، للسؤال عن واقع البنية التحتية إلا أنه لم يتلق ردًا حتى تاريخ نشر هذا التقرير.
يوضح عبد الحكيم المصري، وزير الاقتصاد والمالية في الحكومة المؤقتة لـ”نون بوست”، أن “البنية التحتية كانت مدمرة بشكل كبير ومُنحت أولوية في شمال غرب سوريا، إذ تنوعت ما بين إنشاء وترميم أفران ومصانع المواد الغذائية ومعامل مواد البناء والورشات ومقالع الحجر وغيرها من مشاريع التنمية والخدمات، إلا أنها لم تستطع أن تغطي احتياجات المنطقة، خاصة في القطاعين المترابطين الصناعي والزراعي، ومشاريع الري بسبب الاعتماد على مياه الأمطار، ما أدى تلقائيًا لضعف القطاعين الزراعي والحيواني، فضلًا عن المعاناة الكبيرة في تأمين المياه لمناطق واسعة، وخاصة في مدينة الباب التي تعد اليوم مدينة عطشى وعلى شفا كارثة، واتجاه الآبار نحو الجفاف”.
مضيفًا “كثافة السكان في المنطقة أدت إلى ضعف قطاع المواصلات في تلبية الاحتياجات، رغم وجود عدد كبير من وسائل النقل وفتح باب استيرادها، فيما بقي قطاع الكهرباء غير متكامل، فكثيرًا من المناطق السكنية دون كهرباء حتى الآن”، حسب وصفه.
ولتوفير الخدمات الضرورية بهدف تمكين أو استدامة أو تحسين ظروف الحياة المجتمعية قدمت الحكومة المؤقتة عدة تسهيلات ضمن سياسة مبرمجة تهدف لتوفير الاحتياجات التنموية، وإعادة تفعيل خطوات تأهيلية لعدة منشآت تساهم بالناتج المحلي.
يؤكد المصري أن الحكومة المؤقتة قدَمت جملة من التسهيلات لدعم وتنفيذ مشاريع البنية التحتية، إذ استطاعت تأمين وتسهيل دخول المواد اللازمة عبر المعابر الحدودية التجارية، وتسهيل تصدير عدد من المنتجات وخاصة الزراعية، كما قدمت تسهيلات لإنشاء مناطق ومدن صناعية وتأمين بنية تحتية لازمة لها من طرقات ومرافق عامة وحفر الآبار وشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي.
صعوبات وتحديات
تواجه حركة المشاريع صعوبات عدة تتمثل في “غياب الاستقرار الأمني وصعوبة تسويق المنتج وتصديره، وهذان الأمران يؤديان إلى التردد في الاتجاه نحو المشاريع، إضافة إلى تشتت القرار وعدم المركزية وانعدام التنسيق بين عمل المنظمات والمجالس المحلية والحكومة المؤقتة، ما يؤدي إلى صرف أموال كثيرة والقيام بمشاريع مكررة وغير متناسبة مع طبيعة المنطقة واحتياجاتها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المنطقة إلى الآن ما زالت تعيش على المساعدات الخارجية التي لا تتناسب مع احتياجاتها”، يقول المصري.
يتفق مع هذا الرأي الخبير الاقتصادي عبد الرحمن أنيس، ويقول: “أغلب مشاريع البنية التحتية في الشمال السوري غير مجدية، لأنها لم تراع الاحتياج العام للمنطقة، كما أن غياب التخطيط العام والشامل لكل القطاعات ومراعاة تكامل البنى التحتية في كل القطاعات أدى لفشل تلك المشاريع، ومنها المشاريع الزراعية التي كان أثرها ضعيفًا جدًا، لأنها لم تحقق الأمن الغذائي وتستثمر كل الموارد في التشغيل الأمثل لهذا القطاع المهم”.
أوضح أنيس، أنه في عام 2019 نفَذت هيئة التخطيط الإستراتيجي بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي أربع إستراتيجيات قطاعية بالتعاون مع كل المجالس والوزارات والمديريات والمنظمات في عدة قطاعات، بهدف توحيد الجهود ضمن إستراتيجيات قطاعية موحدة وإشراك الجميع في تغطية الاحتياجات سعيًا للتكامل والتناغم وتوزيع الأدوار، لكن القائمين على الائتلاف ورئيس الحكومة المؤقتة الحاليّة عبد الرحمن مصطفى، أفشلوا استكمال تلك الرؤيا التي كانت تشكل فرصة لإدارة سليمة قطاعية للمنطقة وأُوقف العمل بتلك الإستراتيجيات وحل هيئة التخطيط، ليكون التخبط والفوضى عنوانين رئيسيين لإدارة المنطقة.
ورأى أنيس أنه لا وجود لإدارة عامة مركزية تحدد الخدمات المُحتاج لها، فالمجالس المحلية – حسب تعبيره – “غير قادرة على وضع خطة احتياجات كاملة، فمثلًا مشاريع الصرف الصحي في الباب لا تتكامل مع مشاريع الصرف الصحي في أعزاز، لأن كل مجلس المحلي يعمل على حدة، وهذا أمر في غاية الخطورة، كما قد تكون هذه المشاريع مكررة، كمشاريع الأفران وخاصة في أعزاز وإدلب التي بذخ عليها أموال طائلة رغم المعاناة في توفير المواد الأساسية لتشغيلها”.
وحمّل أنيس حكومة الإنقاذ في إدلب والحكومة المؤقتة بريف حلب والحسكة المسؤولية الكاملة في الفوضى الحاصلة، إذ لا يوجد أي مبرر لعدم تبعية المجالس المحلية لها، وفق قوله، داعيًا إلى تنظيم خطة معينة تجمع هذه الجهات الفاعلة لتقديم مشاريع أكثر تنظيمًا ودراسةً.
خصخصة مشاريع البنى التحتية بإدلب
لجأت حكومة الإنقاذ الجناح المدني لهيئة تحرير الشام إلى خصخصة بعض خدمات البنية التحتية، وهو ما وجدته حكومة الإنقاذ الأجدى لها في ظل التدمير الكبير الذي أصاب غالبية المشروعات جراء سياسات قوات النظام وحلفائه، فوفق معلومات حصل عليها “نون بوست” من المكتب الإعلامي لحكومة الإنقاذ، فقد وقعت وزارة الإدارة المحلية التابعة لحكومة الإنقاذ عددًا من مذكرات التفاهم مع الجهات الراعية والفعاليات الاقتصادية لترميم وتوسيع 12 دوارًا في المحرر، ما ساهم في تطوير البيئة الجمالية للمدن والبلدات لتكون محط أنظار المستثمرين، كما زودت الوزارة بالتعاون مع شركة الكهرباء 35 محطة مياه بالكهرباء التشغيلية، ونفذت الوزارة 6 مشاريع دورية لصيانة وإصلاح شبكات المياه منذ مطلع عام2022.
في حديث مع وزير الإدارة المحلية والخدمات في حكومة الإنقاذ بإدلب، قتيبة الخلف، أكد أن ضعف الإمكانات وارتفاع الكثافة السكانية والمخالفات الطرقية، كانت أهم عوائق تواجه المشاريع، إلا أن الإدارة المحلية أولت قطاع الخدمات اهتمامًا كبيرًا، إذ كانت البداية بعقدة المواصلات من طريق باب الهوى – إدلب، حيث وسع على مسافة 15 كيلومترًا وبعرض 28 مترًا، وبكلفة بلغت 7 ملايين دولار، كما رممت طريق حلب – باب الهوى الذي يربط مناطق ريف حلب بباب الهوى، بمسافة تجاوزت 3300 متر وبعرض 30 مترًا، وتكلفة بلغت مليون و800 ألف دولار، ما ساهم بحل العقد المرورية وتنشيط الحركة المرورية والتجارية، إضافة لربط سبعة خطوط ببعض المدن الرئيسية، إما بسرمدا كمنطقة اقتصادية أو إدلب كمنطقة إدارية للمحرر”.
الصحة والمياه.. عصب المشاريع
كان التركيز كبيرًا في افتتاح المراكز الصحية، رغم رفع الدعم مؤخرًا عن كثير منها، من المنظمات الداعمة، التي بدا ملاحظًا تجفيف منابع التمويل عن مشاريعها، فحسب معلومات مديرية الصحة، افتتحت وزارة الصحة خلال العام الحاليّ في جبل الزاوية ثلاثة مراكز صحية ومنظومة إسعاف، كما وفَرت عيادات متنقلة في بعض القرى والبلدات، وفي منطقة أريحا وجبل الأربعين تم افتتاح مستشفى أريحا المركزي، و3 مراكز صحية في مخيمات مشهد روحين، ومنطقة صلوة، وبلدة تفتناز لتخديم العوائل المهجرة في تلك المناطق وما حولها من القرى والبلدات المجاورة.
وحسب حديث الدكتور محمد مستت، مدير مديرية الرعاية الصحية الأولية بالوزارة، لـ”نون بوست”، فقد “أضافت هذه المشاريع الصحية فارقًا في تقديم الخدمات الطبية اللازمة والأدوية للأهالي، ما يخفف الأعباء عنهم ويساهم بشكل كبير في دعم ثباتهم، لا سيما القاطنين في المناطق الساخنة”، لافتًا إلى أن عمل الوزارة يبقى ضمن الإمكانات المتاحة التي تعتمد على الدعم الذاتي فقط، إضافة إلى أن القطاع الطبي العام هو قطاع مستهلك وأعباؤه ثقيلة على مختلف الحكومات في العالم.
بالمقابل، تم تأهيل 3 مضخات فقط من أصل 7 ضمن محطة ضخ عين الزرقا، وواحدة ضمن محطة ضخ البالعة، بهدف إيصال المياه لسهل الروج وسقاية الحقول، وبسعة 2500 متر مكعب في الساعة، وسقاية ما بين 750 إلى 2000 هكتار حاليًّا، كما صُرف نحو 30 ألف دولار لإعادة تشغيل المضخات وصيانة نفق عين الزرقا وصيانة الأقنية الرئيسية بالروج.
يرى محمد نعمة أمهان، رئيس الضابطة المائية، في حديثه لـ”نون بوست”، أنهم يولون القطاع المائي اهتمامًا كبيرًا جدًا، لكن المشكلة الأبرز تكمن بالحاجة إلى إعادة تأهيل محطات الضخ الأخرى، وهي عين الزرقا والبالعة والروج الشمالية والروج الجنوبية 1 والروج الجنوبية 2، بينما تحتاج الوزارة إلى أكثر من مليون ونصف المليون دولار لإعادة تأهيل هذه المحطات والأقنية في المشروع.
على الرغم من اختلاف مشروعات البنية التحتية وتفاوت تأثيراتها، كمشروعات توليد الطاقة الكهربائية والاتصالات التي تعد مشروعات رئيسية في تعزيز البيئة الاستثمارية، ووجود مشاريع متواضعة المساهمة الإنتاجية والتنموية كالملاعب الرياضية الضخمة والمباني ذات الغرض التجاري، فإن كلا النوعين متوقف على حجم التدفقات النقدية وقدرتها على تحديد أولوية الإنجاز من جهة، وجودته وأَمَديته، وهذا الذي يعتبر اليوم غير متوافر بالمعنى الذي يحدث نقلة نوعية وأسرع في تلبية متطلبات البنية التحتية الملائمة، وتحقيق منفعة تنشط الاقتصاد من جهة وتحقق تنمية مستدامة من جهة أخرى.