ترجمة وتحرير: نون بوست
قالت موظفة في غوغل؛ والتي أصبحت أبرز مُعارضة لعقد الشركة مع الجيش الإسرائيلي؛ يوم الثلاثاء إنها ستستقيل بعد أن زعمت أن شركة “غوغل” حاولت الانتقام منها بسبب نشاطها.
وكتبت الموظفة أريل كورين؛ مديرة التسويق في قسم المنتجات التعليمية في شركة “غوغل” والتي عملت في الشركة لمدة سبع سنوات، مذكرة إلى زملائها تعلن عن نيتها لمغادرة الشركة في نهاية الأسبوع.
وأمضت كورين أكثر من سنة في التنظيم ضد مشروع “نيمبوز” وهو اتفاق بقيمة 1.2 مليار دولار بين شركة “غوغل” و”أمازون” لتزويد “إسرائيل” وجيشها بأدوات الذكاء الاصطناعي وخدمات الحوسبة الأخرى، وقد ساعدت السيدة كورين، التي تبلغ 28 سنة؛ في تعميم الالتماسات على المسؤولين التنفيذيين في جماعات الضغط، وتحدثت إلى المؤسسات الإخبارية، وكل ذلك في محاولة لحمل “غوغل” على إعادة النظر في الصفقة.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي؛ وصلها إنذار مفاجئ من “غوغل” يطالبها بالموافقة على الانتقال إلى ساو باولو، البرازيل، في غضون 17 يوم عمل أو فقدان وظيفتها.
وقامت السيدة كورين بتسويق المنتجات التعليمية لأمريكا اللاتينية في مكسيكو سيتي قبل أن تنتقل إلى سان فرانسيسكو أثناء الوباء، لكنها قالت إنه لم يكن هناك مبرر تجاري واضح لهذه الخطوة الإلزامية أو طابعها الملح، وأخبرها مشرف في البرازيل أن الموظفين في ساو باولو كانوا يعملون من المنزل بسبب الوباء، وقد حققت “غوغل” والمجلس الوطني لعلاقات العمل في شكواها ولم يتوصلا إلى أي مخالفة.
تُعتبر كورين الأحدث في سلسلة من موظفي “غوغل” الذين اتهموا الشركة بالانتقام من نشاطهم
ونشر 15 موظفًا آخر في “غوغل” شهادات صوتية على “يوتيوب” يوم الثلاثاء طالبوا فيها الشركة بعدم العمل مع “إسرائيل”، وانتقدوا معاملة “غوغل” للفلسطينيين والرقابة التي تفرضها على الموظفين الذين يدعمونهم، وقد تحدث جميع العمال، باستثناء اثنين، دون الكشف عن هويتهم، وأصدروا تصريحاتهم لتتزامن مع مغادرة السيدة كورين للشركة.
وجاء في الرسالة التي كتبتها كورين لتوضيح سبب استقالتها: “تُسكِت “غوغل” بشكل منهجي الأصوات الفلسطينية واليهودية والعربية والمسلمة التي تشعر بالقلق إزاء تواطؤ “غوغل” في انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطينية؛ لدرجة الانتقام رسميًا من العمال وخلق بيئة من الخوف”.
من جانبها؛ قالت شانون نيوبيري، المتحدثة باسم “غوغل”، في بيان:”إننا نحظر الانتقام في مكان العمل ونشارك علنًا سياستنا الواضحة للغاية”، وأضافت: “لقد حققنا بدقة في مطالبة هذه الموظفة، كما نفعل عندما تثار أي مخاوف”.
وتُعتبر كورين الأحدث في سلسلة من موظفي “غوغل” الذين اتهموا الشركة بالانتقام من نشاطهم. فقد استقالت موظفتان؛ وهما كلير ستابلتون وميريديث ويتاكر، في سنة 2019 وقالتا إنهما واجهتا عقوبة بعد تنظيم إضراب عمالي في سنة 2018 للاحتجاج على سياسات سوء السلوك الجنسي للشركة.
في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، فصلت “غوغل” أربعة موظفين شاركوا في مجموعة متنوعة من الجهود التنظيمية في الشركة، وتم فصل عامل خامس بعد فترة وجيزة لأنه أنشأ رسالة منبثقة على شبكة شركة “غوغل” لإعلام العمال بحقهم المحمي في التنظيم، وقال المجلس الوطني لعلاقات العمل إن شركة “غوغل” فصلت بشكل غير قانوني اثنين من العمال، وراقبت الآخرين وانتقمت منهم بشكل غير قانوني.
وطردت الشركة اثنين من الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي، وهما تيمنيت جيبرو ومارجريت ميتشل؛ حيث كان كلاهما جزءًا من فريق أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وانتقدا تكنولوجيا “غوغل” في ورقة بحثية، وقالت السيدة جيبرو بشكل منفصل إن جهود التنوع التي تبذلها الشركة غير كافية.
وعند سؤالها عن عمليات الفصل؛ كررت “غوغل” التصريحات السابقة بأنها لم تنتقم من العمال، وقالت إنه في بعض الحالات، انتهك الموظفون المفصولون سياسات أمن البيانات.
وقدمت غوغل أخبارًا مؤخرًا عن نوع مختلف من الفصل، وذلك بعد تخليها عن خدمات المهندس بلاك ليموان، في تموز/يوليو الماضي، بعد أن ادعى أن الذكاء الاصطناعي للشركة كان واعيًا وسرب وثائق الشركة.
وتُعتبر سمعة “غوغل” المتزايدة في معاقبة الموظفين الذين ينتقدون الشركة علنًا تغييرًا ملحوظًا للشركة التي غذت ذات يوم ثقافة صريحة في مكان العمل، فلطالما رحبت “غوغل” بالحوار واسع النطاق على لوحات الرسائل الداخلية عبر الإنترنت، وشجعت الموظفين على مناقشة قرارات المديرين التنفيذيين في الاجتماعات على مستوى الشركة والمنتديات الأخرى.
المتحدثة باسم الشركة: “نحن فخورون بأن الحكومة الإسرائيلية قد اختارت منصة “جوجل السحابية” لتقديم خدمات السحابة العامة للمساعدة في تعزيز التحول الرقمي للبلاد.
من جهتها؛ قالت السيدة ستابلتون في مقابلة أجريت مؤخرًا إن “غوغل” رسمت ما يكفي من الحدود الفاصلة”، والجدير بالذكر أن صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” نقلت في وقت سابق ادعاء كورين.
وقد عارضت كورين، وهي يهودية، مشروع “نيمبوز” بعد الإعلان عنه في نيسان/ أبريل 2021 لأنها كانت قلقة من أن تكنولوجيا “غوغل” يمكن أن تساعد جيش الدفاع الإسرائيلي في مراقبة الفلسطينيين وإلحاق الأذى بهم، وقد دخل العقد حيز التنفيذ في تموز/ يوليو 2021 ويمتد لمدة سبع سنوات.
ولم تذكر الشركة ولا “إسرائيل” تفاصيل القدرات التي ستحصل عليها “إسرائيل”، أو كيف سيتم استخدامها، لكن عرض شرائح “غوغل” لتدريب مستخدمي “نيمبوز” تضمن برنامجًا تدعي شركة “غوغل” أنه يمكنه التعرف على الأشخاص وقياس الحالات العاطفية من تعابير الوجه وتتبع الأشياء في لقطات الفيديو، وذكر موقع “ذا إنترسبت” في وقت سابق تفاصيل مجموعة الشرائح. (قالت متحدثة باسم الشركة إن الشركة لا تبيع تقنية التعرف على الوجه “للأغراض العامة”).
وقالت السيدة نيوبيري، المتحدثة باسم الشركة: “نحن فخورون بأن الحكومة الإسرائيلية قد اختارت منصة “جوجل السحابية” لتقديم خدمات السحابة العامة للمساعدة في تعزيز التحول الرقمي للبلاد. ويتضمن المشروع إتاحة منصة “جوجل السحابية” للوكالات الحكومية لأعباء العمل اليومية مثل التمويل والرعاية الصحية والنقل والتعليم، ولكن لا يتم توجيهه إلى أعباء العمل شديدة الحساسية أو المصنفة”.
كانت السيدة كورين وغابرييل شوبينر، وهو موظف يهودي آخر أصبح معارضًا علنيًا لمشروع “نيمبوز”، على قائمة بريدية لمجموعة موارد الموظفين اليهودية في “غوغل”، تسمى “جوغليرز”، وقد شاركوا مخاوفهم مع 3000 موظف في القائمة، وقالا إنهما وجدا استقبالًا عدائيًا من البعض.
لذلك، أنشأوا مجموعة فرعية في سنة 2020؛ تسمى الشتات اليهودي في التكنولوجيا، والتي تضم حاليا 500 عضو ولكن “غوغل” لم تعترف بها، وقد أصبحت المجموعة مركزًا للتنظيم المناهض لمشروع “نيمبوز”.
وقالت كورين إنها ذهبت في إجازة مرضية بسبب الاكتئاب والقلق والإرهاق في تموز/ يوليو 2021. وخلال إجازتها؛ كثفت جهودها لتنظيم مناهضة مشروع “نيمبوز”، مع تقديم التماس عام وآخر لموظفي “غوغل” وحملة بدعم من مجموعتين خارجيتين غير ربحتين.
وقبل أسبوعين من الموعد المقرر لانتهاء إجازتها؛ أجرت كورين مقابلة تلفزيونية مع قناة “إم إس إن بي سي” لمناقشة الاحتجاجات ضد مشروع “نيمبوز”، وقالت إنها عادت إلى العمل في تشرين الثاني/ نوفمبر، وقيل لها إن أمامها ثلاثة أسابيع لاتخاذ قرار بشأن الانتقال إلى البرازيل.
ووجدت كورين محاميًا وقدمت شكوى إلى قسم الموارد البشرية في شركة “غوغل”، بدعوى الانتقام، فيما وقالت “غوغل” إنها ستحقق في الأمر، مما أخر هذه العملية. كما قدمت شكوى انتقامية إلى المجلس الوطني لعلاقات العمل، الذي رفض القضية لعدم وجود أدلة كافية، وقالت كورين إن “غوغل” لم تسمح لمجلس الإدارة بالتحدث مع مديرها، بينما قالت الشركة إن الخطوة المخطط لها كانت مجرد قرار تجاري.
في شباط/ فبراير؛ ذهبت في إجازة نقص أهلية أخرى، ولم تعد إلى العمل أبدًا، فخلال إجازتها؛ وقع أكثر من 700 من زملائها على عريضة تفيد بأن “غوغل” انتقمت ظلمًا من السيدة كورين، ووقع ما يقرب من 250 ألف شخص على نسخة عامة من نفس العريضة.
في آذار/ مارس؛ قبل يوم من نشر جريدة لوس أنجلوس تايمز مقالًا حول ادعاءات السيدة كوين بمحاولات الانتقام، قالت؛ إنها تلقت بريدًا إلكترونيًا من قسم الموارد البشرية في غوغل، تقول فيه الشركة أنها على علم بأن السيدة كوين قدمت تساؤلاتها للمحكمة المختصة، وأضافت الشركة أنها يجب في المقابل أن تلتقي بالقسم. وقد صرحت غوغل للجريدة بأنها لم تجد أي دليل على الانتقام قبل أن تخبر السيدة كورين، على حد قولها.
وقالت إنها أجرت مشاورة عبر الفيديو في أبريل/ نيسان مع ممثل من الموارد البشرية، والذي أخبرها أن الانتقال إلى البرازيل تم تنفيذه على نحو غير سليم مما تسبب في ضرر – دون تحديد كيف – لكنه لم يرقى إلى مستوى الانتقام.
وقالت كورين في مقابلة: “على الرغم من أن غوغل أظهرت نمطًا واضحًا من السعي بقوة وراء العقود العسكرية والانتقام من الموظفين الذين يتحدثون علانية، فلا توجد طريقة يمكنك من خلالها أن تكون مستعدًا نفسيًّا”.
أشار الموظفون الذين سجلوا مقاطع “اليوتيوب” على أن تجربة السيدة كورين مؤشر على عدم استطاعتهم مناقشة آرائهم علانية مع الاحتفاظ بوظائفهم
وما يقول بعض العمال إنه حملة على نشاط الموظفين استمر في تغيير الأوضاع داخل الشركة، فوفقًا لتصريحات 15 موظفًا في غوغل، بالإضافة إلى لقاءات مع سبعة عمال؛ أكدوا أن الشركة تفرض على نحو غير منصف قواعد تعديل المحتوى الخاصة بها، مما يخلق معايير مزدوجة؛ حيث يُسمح بالخطاب الداعم للحكومة الإسرائيلية، بينما يتم الإبلاغ عن الخطاب الداعم للفلسطينيين وأحيانًا يعد مخالفة يعاقب عليها.
وقال ستة فلسطينيين؛ قدموا تصريحات مع إخفاء هوياتهم قرأها زملاؤهم بصوت عالٍ، إنهم لا يشعرون بالأمان للتعبير عن آرائهم في الشركة؛ حيث قال أحد العمال: “مشروع نيمبوس يجعلني أشعر وكأنني أكسب رزقي من اضطهاد عائلتي”.
وتذكر بعض الموظفين تعرضهم للعقاب أو التوبيخ بسبب ما ينظر إليه على أنه معاداة للسامية بعد أن قال بعض الزملاء إن التصريح بـ”دعم فلسطين” يعد معاداةً للسامية، فيما قال أحد الأشخاص إن أحد الزملاء اتهمهم بمعاداة السامية بسبب تعريفهم لأنفسهم على أنهم “فلسطينيون أمريكيون”.
وقال أحد الموظفين الذي طلب عدم الكشف عن هويته في مقابلة إنه أُجبر على مقابلة الموارد البشرية بعد أن أبلغ زملاؤه عنه بصورة متكررة على مدى عدة أشهر عن معاداته للسامية، حيث أدرج تعبيرًا في ملفه الشخصي قال فيه: “من النهر إلى البحر، ستكون فلسطين حرة”؛ وحذفه عندما طُلب منه ذلك، كما ناقش كذلك في المنتديات الداخلية النتائج التي توصلت لها الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية بالنسبة للسياسات الإسرائيلية؛ والحياة في غزة على حدود “إسرائيل” ومصر والتي يقطنها مليوني فلسطيني؛ وإيمانه بأن “إسرائيل” دولة فصل عنصري.
وقال إنه تلقى تحذيرًا رسميًا وقد تم تقييم أدائه بصورة ضعيفة حيث وصف بأنه “يحتاج إلى تحسين”، على الرغم من أنه لم يحصل على هذا التصنيف المنخفض من قبل، مما أفقده مكافأة تزيد عن 10 آلاف دولار، ويمكن أن يتعرض للطرد إذا تسبب في مخالفة أخرى، على حد قوله. وقد قيل له ألا ينشر أي شيء يمكن أن يسيء إلى زملائه في العمل، لذلك توقف عن مناقشة السياسة تمامًا.
وأشار الموظفون الذين سجلوا مقاطع فيديو “اليوتيوب” والذين تحدثوا مع صحيفة “النيويورك تايمز” على أن تجربة السيدة كورين مؤشر على عدم استطاعتهم مناقشة آرائهم علانية مع الاحتفاظ بوظائفهم، في حين لم تبدي شركة غوغل اهتمامًا مباشرًا لشكاواهم في بيانها.
ومع ذلك؛ أكدت السيدة كورين إن إظهار الدعم قد شجعها؛ حيث قالت: “عندما تنتقم غوغل أو أي جماعات من العمال، فإن الأمر يتعلق بخلق ثقافة الخوف”، مضيفة: “أعتقد أن العكس هو ما حدث في هذه الحالة – اتخذ المزيد من العمال موقفًا”.
المصدر: نيويورك تايمز