ترجمة وتحرير: نون بوست
سجل الاقتصاد التركي نموًّا بمعدل أسرع من المتوقع؛ حيث دفع أعلى معدل تضخم مسجل في 24 سنة المستهلكين إلى تقديم عمليات الشراء تحسبًا لارتفاع الأسعار في المستقبل.
وارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.6 بالمئة سنويًا في الربع الثاني، مرتفعًا من زيادة معدلة بنسبة 7.5 بالمئة في الأشهر الثلاثة السابقة، وأعلى قليلاً من متوسط التقديرات في استطلاع أجراه خبراء اقتصاديون لموقع “بلومبيرغ”، وتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي الفصلي إلى 2.1 بالمئة في الفصول المعدلة موسميًّا، وذلك يعتبر أسرع من أي توقعات تحليلية في استطلاع آخر.
وكان ازدهار الطلب المحلي؛ إلى جانب الصادرات، المحرك الرئيسي للاقتصاد، مما ساعد على تعويض ركود النمو في الاستثمار؛ حيث توسع الاستهلاك المنزلي بنسبة 22.5 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية، وذلك وفقًا لبيانات نشرت يوم الأربعاء.
وعلى الرغم من أن الارتفاع قد يكون قصير الأجل، مع توقع حدوث تباطؤ بالفعل هذا الربع، إلا أن التسارع جعل اقتصاد تركيا الذي تبلغ قيمته 800 مليار دولار من بين الأسرع نموًا في مجموعة العشرين.
وفي مواجهة الموازنة بين النمو والتضخم قبل الانتخابات المُزمع عقدها السنة المقبلة؛ دافع الرئيس رجب طيب أردوغان عن نموذج اقتصادي يعطي الأولوية للصادرات والإنتاج والتوظيف على حساب استقرار الأسعار والعملة
ويعتمد أقدم زعيم في تركيا – وهو من المدافعين عن أسعار الفائدة المنخفضة – على مرونة الأسر والشركات في التعامل مع نمو الأسعار السنوي الذي من المحتمل أن يصل إلى ذروته ويتجاوز 80 بالمئة في ظل تراجع قيمة الليرة إلى مستوى قياسي.
ما يقوله الخبراء الاقتصاديون في بلومبيرغ
ويقول الخبير الاقتصادي، سيلفا بحر بازيكي، إن “بيانات الناتج المحلي الإجمالي في تركيا للربع الثاني فوجئت بمعدل نمو أعلى من المتوقع كان مدفوعًا بارتفاع معدل استهلاك الأسر. ونتوقع أن يتباطأ الاقتصاد بشكل كبير في النصف الثاني؛ حيث يؤثر ارتفاع التضخم على الاستهلاك ويؤدي ضعف النمو في أوروبا إلى إضعاف الصادرات”.
وفي محاولة لمكافحة التضخم عبر الإنفاق الاستهلاك؛ أعلنت الحكومة في تموز/ يوليو الماضي عن زيادة مؤقتة في الحد الأدنى للأجور لأول مرة منذ ست سنوات؛ حيث رفعت الأجور بنحو 30 بالمئة، وكانت تركيا قد عززت بالفعل الحد الأدنى للأجور بنسبة 50.5 بالمئة في كانون الثاني/ يناير.
وقال وزير الخزانة والمالية نور الدين نبطي هذا الشهر “نحن لا نتنازل عن النمو”، وأضاف متحدثًا في مقابلة تلفزيونية: “عندما لا نتنازل عن النمو، فإن مكافحة التضخم تستغرق وقتًا”.
النمو التضخمي
وتكمن المخاوف في أن هذه الجهود سوف تأتي بنتائج عكسية من خلال التخلص من ضغوط التكلفة، وسيؤثر التضخم في نهاية المطاف على المستهلكين؛ حيث نشر جيزيم أوزتوك ألتينساك، كبير الخبراء الاقتصاديين في جمعية رجال الأعمال الأتراك “توسياد”، تغريدة على تويتر قال فيها إن “الاستثمارات ضعيفة وبالتالي فإن النمو تضخمي”.
وبدلًا من العمل على كبح جماح الأسعار، امتنع محافظ البنك المركزي، شهاب كافشي أوغلو، عن التشديد النقدي منذ خفض أسعار الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس في أواخر السنة الماضية. وقد أدى خفض معدل الفائدة المفاجئ هذا الشهر إلى رفع المؤشر القياسي في تركيا إلى حوالي 67 بالمئة تحت الصفر عند تعديله وفقًا للتضخم، وهو أكثر معدلات السياسة السلبية في العالم.
ولقد دعم التحفيز النقدي الطلب والإقراض في اقتصاد يمثل فيه إنفاق الأسر أكثر من نصف الناتج، وشهد استخدام بطاقات الائتمان التركية للتسوق زيادة تجاوزت 112 بالمئة في الفترة من نيسان/ أبريل إلى حزيران/ يونيو مقارنة بالسنة الماضية، وذلك وفقًا لبيانات مركز “إنتربنك كارد” .
تفاصيل أخرى من تقرير الناتج المحلي الإجمالي التركي للربع الثاني
• نما الناتج المحلي الإجمالي السنوي إلى 828 مليار دولار أمريكي في الربع الثاني مقارنة بـ 793 مليار دولار أمريكي خلال فترة الثلاثة أشهر السابقة.
• نمت الصادرات بنسبة 16.4 بالمئة على أساس سنوي، وارتفعت الواردات بنسبة 5.8 بالمئة.
• ارتفع الإنفاق الاستهلاكي الحكومي بنسبة 2.3 بالمئة عن السنة السابقة.
• ارتفع إجمالي تكوين رأس المال الثابت، وهو مقياس للاستثمار من قبل الشركات، بمعدل سنوي قدره 4.7 بالمئة.
• انخفض نصيب تعويضات العمالة في الناتج المحلي الإجمالي من 32.6 بالمئة في السنة الماضية إلى 25.4 بالمئة، وقال اتحاد العمال “دسيك” إن الانخفاض كان مدفوعًا بالتضخم ووباء كوفيد-19.
وحقق ازدهار قطاع السياحة دفعة أخرى؛ حيث ارتفع عدد الوافدين والإنفاق من قبل الأجانب بنسبة تزيد عن 100 بالمئة حتى الآن هذه السنة، وبلغ النمو السنوي في الخدمات في الربع الثاني 18.1 بالمئة، وذلك وفقًا لبيانات معهد الإحصاء التركي.
ومع ذلك؛ فإن طفرة النمو في تركيا قد تكون على وشك الانتهاء، فقد أشار مسح منفصل للمحللين هذا الشهر إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي قد ينخفض إلى 3.3 بالمئة هذا الربع و1.3 بالمئة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة.
وظهرت بالفعل علامات تباطؤ في الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة، في ظل تدهور ظروف العمل بين الشركات التركية المصنعة الشهر الماضي إلى أقصى حد منذ الموجة الأولى من جائحة فيروس كورونا.
“فقدان الزخم”
ويشكل خطر حدوث ركود في أوروبا مصدر قلق بشكل خاص لأنها الوجهة الرئيسية للصادرات التركية؛ حيث أشار البنك المركزي بالفعل إلى “فقدان بعض الزخم” في الاقتصاد كأساس منطقي لخفض سعر الفائدة هذا الشهر.
ويمكن للسياسات الفضفاضة للغاية أن تعود لتلاحق تركيا، فقد حذر الخبراء الاقتصاديون في مجموعة “إي إن خي” من أن “المخاطر المرتفعة في الأسواق المالية ومخاطر الاستقرار الكلي المتزايدة قد تؤثر على الطلب المحلي”، وفقًا لأحد التقارير.
وقال محمد مرجان، كبير الاقتصاديين في تركيا في مجموعة “إي إن خي”، إن “الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني يعكس طلبًا استهلاكيًّا قويًّا ودعمًا مستمرًا من الطلب الخارجي. ومع ذلك؛ فإننا نرى فقدانًا في الزخم في النشاط في النصف الثاني من هذه السنة على خلفية تدهور القوة الشرائية وخلفية عالمية أقل دعمًا”.
المصدر: بلومبيرغ