ترجمة وتحرير: نون بوست
الشمس مشرقةٌ في سماء مصر الصافية معظم أوقات السنة مما يجعل موقعها مثاليًا لتوليد الطاقة الشمسية. وبما أن العديد من المصريين يستخدمون أجهزة تكييف الهواء لمكافحة حرارة الطقس في النهار، فإنها توفر الطاقة التي تشتد الحاجة إليها.
حسب الوكالة الدولية للطاقة، فإن مصر واحدة من أفضل مناطق العالم للاستثمار في مجال الطاقة الشمسية. وتشاطرها الرأي بعض الشركات التي استثمرت في مشاريع مثل محطة بنبان للطاقة الشمسية، أحد أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم، التي تقع على بعد 650 كيلومترًا (400 ميل) جنوب القاهرة.
كما تعمل الحكومة المصرية على تشجيع تركيب ألواح الطاقة الشمسية على الأسطح من خلال تقديم حوافز سخية لأصحاب المنازل. وعلى الرغم من أن مصر ستستضيف القمة الدولية لهذه السنة حول تغيّر المناخ، إلا أن مصادر الطاقة الأكثر قذارة لا تزال تطغى على الطاقة الشمسية.
في سنة 2016، حدّدت مصر هدفًا لإنتاج 20 بالمئة من طاقتها الكهربائية من مصادر متجددة بحلول سنة 2020 المتأتي معظمها من الشمس والرياح. ولكن حتى آذار/ مارس 2021، لم تشكل مصادر الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة المائية، سوى 12 بالمئة فقط من إنتاج الطاقة مع مساهمة الطاقة الشمسية بنسبة أقل من 3 بالمئة.
تكافح الطاقة المتجددة لمواكبة الزيادة الهائلة في الطلب على الكهرباء بسبب عدد السكان المتزايد (الذي يبلغ حاليا حوالي 105 ملايين نسمة). وتشير تقديرات الوكالة الدولية للطاقة إلى أن استهلاك الكهرباء في مصر قد ارتفع ثلاثة أضعاف تقريبًا في العقدين الماضيين. ولكن خلال معظم تلك الفترة حتى سنة 2017، بالكاد ارتفعت قدرتها من إنتاج الطاقة الشمسية بينما سُجّلت قفزة بمقدار ثلاثة أضعاف في استهلاك الغاز الطبيعي، الذي تفضل مصر تصديره حاليا بأسعار مرتفعة.
وجدت الحكومة المصرية صعوبةً في إقناع مواطنيها بمزايا تركيب ألواح الطاقة الشمسية. وفي سنة 2014، أدخلت تعريفة “التغذية” الكهربائية ووعدت بالدفع لأصحاب المنازل والشركات مقابل فائض الطاقة الشمسية التي ينتجونها. لكن بعد مرور ثماني سنوات، لم يتم تركيب سوى 749 وحدة شمسية على الأسطح.
انتهز أيمن نحاس، وهو مدرس يبلغ من العمر 58 سنة من قرية تقع شمال القاهرة، الفرصة لخفض ما أسماه فواتير الكهرباء “المثيرة للذعر” التي قد تصل تكلفتها لحوالي 5000 جنيه مصري (260 دولارا) شهريًا على مبنى سكني وورشة عمل يمتلكها. وهو يقول إن 200 ألف جنيه التي أنفقها كانت قرارًا ماليًا ممتازًا، ناهيك عن أنه وضع حدًا لانقطاع التيار الكهربائي المتكرر الذي كان يعاني منه.
لكن النفقات الأولية تثني الكثيرين عن اتخاذ خطوة مماثلة. حيال هذا الشأن، يقول وائل النشار، رئيس شركة “أونيرا” لأنظمة الطاقة التي تقوم بتركيب ألواح شمسية على الأسطح، إن وحدة الطاقة الشمسية القادرة على إنتاج طاقة كافية لعائلة مكونة من خمسة أفراد بتكلفة تقدر بـ 65 ألف جنيه؛ موضحا أن “هذه الأرقام تفوق قدرة معظم المصريين”. كما أن ضُعف العملة المحلية يجعل الوحدات المستوردة بعيدة المنال.
تُمثل البيروقراطية عائقًا آخر، حيث يتعيّن على الأشخاص الذين يتقدمون للحصول على إذن الحكومة لتركيب الألواح الشمسية وربطها بالشبكة الوطنية أن يمتلكوا شهادة ملكية لعقاراتهم والتأكد من عدم وجود عقبات تخطيط معلقة. وتستبعد مثل هذه الشروط ملايين المباني. وقد يكلف تحضير الوثائق اللازمة آلاف الجنيهات. علاوة على ذلك، يعيش حوالي 20 مليون شخص في القاهرة الكبرى، معظمهم في شقق حيث لا توجد مساحة خاصة بهم على السطح لوضع الألواح الشمسية.
عادة ما تكون حوافز الإصلاح ضعيفة لأن مصر لديها فائض في طاقة التوليد من محطات الطاقة التي تعمل بالغاز. ومع ذلك، نادرًا ما ينظر الأثرياء الذين لديهم المال اللازم لتبني الطاقة النظيفة إلى الوراء. وكثيرًا ما أدى انقطاع التيار الكهربائي في متجر الخضار التابع لموسى الزناتي إلى تعفن منتجاته، وكان عليه أن يبيع ذهب زوجته ليجمع المال لشراء الألواح الشمسية، التي يقول إنها “أنقذت مورد رزقه”.
المصدر: الإيكونوميست