ترجمة وتحرير: نون بوست
حواء مراهقة شابة تعيش في ريف بنغازي في الستينيات نجت من عدة حالات حمل بعد أن تزوجت من سائق شاحنة يدعى آدم، وهي تناضل من أجل حريتها وحقوقها الإنجابية. هذه القصة من رواية “وبر الأحصنة” للأكاديمية والروائية الليبية نجوى بن شتوان، مقتبسة من قصة الخطيئة الأصلية التي أعيد سردها بروح الدعابة على لسان طفل لم يولد بعد يقود القارئ عبر المسارات المأساوية التي عاشها الوالدان.
يذكرنا الكتاب بالقصص النسوية مثل “سيرسي”، وهي رواية من سنة 2018 وظّفت فيها الروائية الأمريكية مادلين ميلر الأساطير اليونانية من وجهة نظرِ ساحرة عادة ما تُصوَّر على أنها شريرة. وعلى نحو مماثل، تعيد شتوان من خلال أعمالها الأدبية تصوير التاريخ الليبي في القرنين التاسع عشر والعشرين بعدسة أنثوية.
كتبت الصحفية أورنا هير في المجلة الأدبية العالمية “مؤشّر الرقابة” أن “أوصاف بن شتوان لكاتبات خاضعات على وجه التحديد للرقابة المجتمعية في ليبيا تشير إلى أن إقدام المرأة على الكتابة يعدّ عملا ثوريًا”.
تنتمي شتوان إلى عدد متزايد من الكاتبات الليبيات اللواتي يعطين مساحة أكبر لوجهة نظر جنسانية في الأدب، مما يمثّل تغييرًا مهما في المشهد الأدبي الليبي الذي لا يزال ضيقًا. ومن خلال بناء شخصيات نسائية معقدة، يقوم عدد متزايد من الكاتبات الليبيات بالتعبير عن أفكارهن حول المساواة بين الجنسين بهدوء.
كان الأدب الليبي التقليدي خاضعًا لهيمنة المؤلفين الذكور، الذين استخدموا نماذجهم الأصلية لوصف مفترق طرق تاريخي وفهم واقعهم الحالي. وتشمل الأمثلة البارزة شاعر بنغازي خالد مطاوع المعروف بسرد الأساطير واللحظات المحورية في التاريخ بذوق فريد، وأليساندرو سبينا الذي تعمق في ماضي ليبيا من خلال سلسلة من الروايات من بينها “قيود الظل”.
لكن في السنوات الأخيرة، تدخلت الكاتبات اللاتي كن إما ليبيات أو إيطاليات مولودات في طرابلس لإعادة سرد تاريخ البلاد بداية من القرن العشرين من وجهة نظر شخصيات نسائية. ومن بينهن ألما أباتي، التي بحثّت في بروز المستبد الراحل معمر القذافي من خلال عيون سارة في رواية “ألتيما إستيت إن سيول دامور”، أو مريم سلامة التي كتبت عن الزواج بين الأعراق في القرن العشرين بصوت الممرضة الشابة فاطمة في رواية “من باب إلى باب”.
في نظرتهن إلى التاريخ تحاول هاته الكاتبات التخلّص من معاملة النساء كأجساد خاملة. وقد رصدت صفاء النايلي، الأستاذة المساعدة في قسم اللغة العربية بجامعة ألاباما، هذا التوجّه أثناء بحثها في قصص قصيرة منشورة على موقع ليبي شهير يسمى “المستقبل”. إندهشت النايلي بالحضور المتمركز للمرأة في هذه الروايات، وهو شيء جديد على الشريعة الأدبية الليبية، حيث قالت: “تتم مناقشة هذه القصص من خلال الدور الذي تضطلع به الشخصية الأنثوية في السرد وعلاقتها بأفراد الأسرة والمجتمع والسياق الاجتماعي والسياسي”.
في السنوات الأولى من حكم القذافي في السبعينيات، أنشأت الحكومة الجديدة دار نشر واحدة، وطُلب من جميع المؤلفين أن تشمل كتاباتهم دعما للسلطات، وكل من رفض ذلك سُجن أو أُجبر على الهجرة أو اضطر إلى ترك الكتابة نهائيا.
في سنة 2013، أي بعد عامين من اندلاع الثورة التي أطاحت بالقذافي، كتبت الروائية والشاعرة الطرابلسية مريم سلامة قصيدة تصف فيها إشعال قطعة من الألعاب النارية. ونظرا لعدم توفر دار نشر، قامت سلامة بنشر قصيدتها على صفحتها على الفيسبوك، وبعد ساعات قليلة، علق أحد الأصدقاء قائلا: “شكرا لك. ما زلت أبكي بفرحة شديدة داخل منزل ميت”.
بقيت هذه الصورة راسخة في ذهن سلامة، التي استخدمت منذ ذلك الحين قصة طائر الفينيق للإشارة إلى بلدها، وقالت في مكالمة فيديو: “ليبيا لا تزال قيد الإنشاء. لم ينهض هذا الطائر العظيم من بين الرماد بعد. ليبيا، الأرض، تنتظر أن يتحمل الشعب الليبي مسؤولية أن يصبح الشعب العظيم لهذه الأرض العظيمة، لذلك يجب أن يقرؤوا، وأن يوسعوا معرفتهم، وأن يتصرفوا وفقا لذلك”.
القذافي يمحو الثقافة
تعدّ هذه العملية حاسمة بشكل خاص في بلد أعاد فيه القذافي كتابة التاريخ الليبي ليناسب أجندته. وإلى جانب سيطرته على صناعة النشر، فقد قضى أيضا على أي تهديد لرؤيته التي تتمثّل في المحافظة على ليبيا كمجتمع عربي متجانس. كما حظر استعمال اللغة والكتابة الأمازيغية أو تدريسها في المدارس، وأولئك الذين حاولوا الترويج للثقافة والحقوق الأمازيغية تعرضوا للاضطهاد والسجن وحتى القتل، وقد أدى كل ذلك إلى كبح التنوع الثقافي.
قال الناشر المقيم في طرابلس، غسان فرجاني، وهو في السبعينيات من عمره: “لقد خلقت التعديلية التاريخية التي رسّخها القذافي ثقبا أسود في مخطط توزيع… الليبيين. ولد 90 بالمئة من الليبيين إما في وقت قريب من وصول القذافي إلى السلطة أو بعد ذلك، حيث تشمل رواية القذافي لتاريخ ليبيا أن كل شيء بدأ فقط بعد وصوله إلى السلطة”.
خلال الخمسينيات، وهو العقد الذي حصلت فيه ليبيا على استقلالها، افتتح والد فرجاني، محمد بشير فرجاني، ثلاث مكتبات ناجحة في طرابلس، بينما أسس أيضا دار الفرجاني للنشر. وبعد وصول القذافي إلى السلطة في 1969، أغلقت السلطات هذه الشركة فهاجرت العائلة إلى المملكة المتحدة. وفي لندن، كرس والد فرجاني مجهوده للبحث عن طبعات قديمة وكتب نادرة من ليبيا والعالم العربي وأعاد طبعها من خلال شركته الجديدة، دارف للنشر.
واليوم ينشر ابن فرجاني لعديد الكتاب، من بينهم سلامة البالغة من العمر 56 عاما، التي تركز كتبها على وضع المرأة في المجتمع الليبي، والتي أشاد بها النقاد على الصعيد الدولي بوصفها نجمة رائدة في الجيل الجديد من الكاتبات الليبيات.
أوضحت سلامة أن القذافي عزز الشعور بانعدام الأمن بين الليبيين من خلال نشر معلومات مغلوطة. وقبل سيطرة القذافي، كان لدى الكتاب فرصة للتطور بشكل طبيعي والتقدم واعتماد أساليب جديدة للتعامل مع التقاليد الليبية وإنتاج ثقافة جديدة ومعاصرة. قالت سلامة بجدية: “لقد كانت هذه الفرصة الطبيعية مقيدة بقبضة الأخ الأكبر. لقد نشأنا في أقفاص حديدية، ولا نعرف أكثر مما يريدنا أن نعرفه، ولا نستطيع التحرك أبعد من تعليماته، والنساء الليبيات هن من تعرضن لأكبر قدر من الضرر”.
بينما كنت أتحدث مع سلامة عبر مكالمة فيديو، منحتني جولة افتراضية بين أرفف الكتب المجاورة، وأضاء وجهها عندما التقطت نسخا من كتبها باللغتين العربية والإنجليزية، فقالت مازحة: “هذا ليس تفاخرا، بل فقط لأريك كيف تبدو هذه الكتب”. تعمل هذه المؤلفة في نفس الوقت على مشروع ترجمة كتاب، واستضافة برنامج صباحي متنوع على محطة إذاعية محلية، بالإضافة إلى إعداد برنامج إذاعي جديد عن الأدب.
المرأة في ليبيا في طور التغير
كانت رسائل القذافي متضاربة فيما يخص النساء، إذ كان يعرف بإحاطة نفسه بحارسات شخصيات يطلق عليهن اسم “الحارسات الأمازونيات”، في إشارة إلى الموطن الأسطوري للأمازون في ليبيا، ولكن ورد أيضا أن هؤلاء النساء تعرضن للمضايقة وإساءة المعاملة من قبل القذافي.
أنشأ القذافي تدريبا عسكريا للنساء في المدارس الثانوية، لكن وفقا لسلامة التي تحملت هذه التعليمات في شبابها، لم يكن الهدف من ذلك تعزيز المساواة، بل كان ذريعة لاستبعاد النساء من التعليم المناسب، لأن التدريب العسكري يتم على حساب دراسة مواضيع أخرى.
قالت الكاتبة محبوبة خليفة، في حديثها عبر مكالمة فيديو من منزلها في تونس، أين تعيش عائلتها الآن بعد سنوات من العيش خارج البلاد لأسباب أمنية، إن النساء في ليبيا لطالما واجهن في حياتهن اليومية العديد من التعقيدات نتيجة سياسات القذافي، مضيفة: “لقد ضاعفت النساء في بلدي جهودهن لتحقيق التوازن بين أملهن وتطلعاتهن، من أجل أنفسهن وأسرهن، والواقع الذي ألقى بظلاله عليهن”.
كانت خليفة امرأة رقيقة الكلام في الستينات من عمرها. جلست على أريكة بنية، مرتدية نظارات بدون إطار وشعر أشقر مصفف بدقة. وكانت ابنتها ريما تجلس بجانبها، وهي منحنية إلى الأمام وتحدق بنظرة ثاقبة وشعرها الأسود مشدود وهي أيضًا محررة أعمالها.
تتميز ريما – وهي أحد أطفالها الأربعة وكاتبة – بنبرة صريحة، حيث أضافت التفاصيل والسياق إلى إجابات والدتها. وقالت خليفة وهي تنظر بفخر إلى ابنتها التي أومأت بالموافقة “هي التي شجعتني على مشاركة كتاباتي مع العالم”. وأكدت ابنتها “كان لدى أمي كنز دفين من القصص لترويها، لكنها لم تمنحها القيمة التي تستحقها. لقد احتاجت إلى شخص ليشجعها على ذلك”.
لطالما كان البحث عن التراث الليبي شغفا لخليفة طوال حياتها: “إنه عتيق ومستمر ومحفز”. كانت تكتب رواية تاريخية عن مسقط رأسها درنة، وهي مدينة ساحلية في شرق ليبيا كانت فيما مضى واحدة من أغنى المناطق. غادرت خليفة مسقط رأسها عندما كانت تبلغ من العمر 18 سنة، لكنها ما زالت تشعر أنها مرتبطة به بقوة.
تدور أحداث الرواية حول معاناة سكان درنة خلال الصراع بين الحلفاء والمحور في شمال إفريقيا خلال الحرب العالمية الثانية وما طالها من الحملات التي وقعت في الصحراء الليبية. وأشارت إلى أن سكان المدن الساحلية لجأوا إلى الكهوف في الجبال لتجنب القصف الجوي من قبل الحلفاء، وهي حقيقة تظهر في كتابها.
تستمد خليفة أيضًا من ذكريات حياتها، حيث أوضحت قائلة “أنا أستلهم أفكاري من انتقالي المستمر من مكان إلى آخر، داخل ليبيا أو خارجها. وكل هذا أثرى مخيلتي”.
أوضحت ريما أن “السفر المستمر كان ضرورة بالنسبة لنا”. كان والدي (السياسي والمحامي الليبي جمعة عتيقة) معارضا لنظام القذافي، وقد أجبرنا على مغادرة البلاد من أجل أمننا. وقد قدمت أمي نفسها في مجلات المعارضة لسنوات تحت أسماء مزيفة”.
حققت رواية خليفة الأولى بعنوان “كنا وكانوا”، التي نُشرت باللغة العربية سنة 2021، نجاحًا كبيرًا بين صفوف القراء الليبيين، وانتشرت شفهيًا. وأشارت إلى أنها كانت عبارة عن سيرة ذاتية موضحةً: “كانت لدي رغبة في الإدلاء بشهادتي كإمرأة ليبية عاشت مرحلة معينة في تاريخ البلاد وتأثرت على المستوى الشخصي ببعض الأحداث المهمة”.
ترسم رواية السيرة الذاتية الفضفاضة سنواتها كطالبة حتى سقوط القذافي في آب/ أغسطس 2011. وتابعت قائلة “تزامن دخولي إلى الجامعة مع التغييرات الجذرية التي حدثت في ليبيا نتيجة الانقلاب على النظام الملكي. وكان جيلي شاهد عيان على هذه التغييرات المربكة للشعب الليبي الذي كان يعيش بوتيرة هادئة في ذلك الوقت”.
تذكرت الأوقات التي تم فيها اكتشاف النفط، وكان هناك أمل في مستقبل مزدهر. وقالت “كل هذا تحول فجأة إلى حياة مليئة بالقلق والخوف من النظام الجديد وبداية الاعتقالات وتقييد الحريات وتحولات اقتصادية واجتماعية ضخمة”. قررت خليفة التوقف عن الكتابة عندما فكرت في إمكانية اعتقال زوجها. وأوضحت قائلة “لقد غير الوضع مجرى حياتي الخاصة بالتأكيد وإلى الأبد”.
التاريخ الليبي من خلال الأساطير النسوية
في الوقت الراهن، تقوم هؤلاء المؤلفات بتبني الحكايات الشعبية المحلية والأساطير اليونانية والنصوص المقدسة. وتقول الكاتبة كوثر الجهمي المقيمة في طرابلس إن “هناك موروثا من الخيال التاريخي في ليبيا، وهو أمر طبيعي، بالنظر إلى عمق الوجود الليبي في تاريخ البحر الأبيض المتوسط، وتنوع الشعوب التي سكنتها أو استعمرتها عبر العصور المختلفة”.
تحدثت السيدة البالغة من العمر 38 سنة عبر مكالمة فيديو من منزلها في طرابلس. تعتبر كوثر الجهمي جزءا من جيل الكتاب الذين ظهروا بفضل الإنترنت. كانت تقوم بالتدوين منذ سنة 2016. وبعد ثلاث سنوات، حذفت مدونتها الأولى “السيدة العادية”، وأعادت نشر جميع مقالاتها وقصصها على صفحة “فيسبوك” الشهيرة فصيلة المخصصة للكتاب الليبيين. واكتسبت الصفحة جاذبية وجمعت العديد من المتابعين عبر الإنترنت، حتى قبل أن تنشر روايتها الأولى قبل سنتين بعنوان “عائدون”.
إن حالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد تعد أخطر قضية تتطرق إليها الكاتبة عندما تبدأ في الكتابة. وقالت كوثر في مزيج من الصبر والمرح، بينما كان ابنها مؤنس البالغ من العمر أربع سنوات يضع أنفه على كاميرا الويب “كانت عملية كتابة روايتي الأولى أكثر سلاسة. لقد كتبت عندما كنت حاملاً بهذا الطفل الصغير. لكن بالنسبة للرواية الثانية، كان من الصعب الانتهاء منها”. وكان هذا خلال الحرب الأهلية سنة 2019. كانت كوثر تعيش في منطقة شهدت قتالاً. وقد جعل انفجار القنابل الكتابة “شبه مستحيلة”.
تمكنت كوثر من إنهاء الكتاب بعنوان “العقيد”، الذي يركز على شخصية خيالية تشبه القذافي. وتعمل كوثر بالفعل على تأليف رواية جديدة تدور حول قضية الأطفال المولودين من أمهات ليبيات متزوجات من أجانب الذين لا يحق لهم الحصول على تعليم ورعاية صحية مجانية لأنهم لا يعتبرون ليبيين.
كتاب إيطاليون عن الاستعمار في ليبيا
انضمت الكاتبات الإيطاليات إلى السجل التاريخي، حيث درسن استعمار بلادهن لليبيا. احتلت إيطاليا ليبيا، التي كانت في السابق ملكية عثمانية، من سنة 1911 حتى سنة 1943. وفي 24 كانون الأول/ ديسمبر 1951، أعلنت ليبيا استقلالها. وفي سنة 1970، أمر القذافي بطرد السكان الإيطاليين في البلاد.
تعتبر الأساطير ونظرة الأنثى مرة أخرى العدسات التي درس من خلالها الكاتبات الإيطاليات الماضي. وخير مثال على ذلك رواية “الأمازوني”، التي نشرتها السنة الماضية الكاتبة مانويلا بيمونتي. واستكشفت في كتابها ليبيا التي كان يهيمن عليها الإيطاليون في الأربعينات من القرن الماضي من خلال عيون فتاتين صغيرتين.
عملت بيمونتي في النشر وكتابة السيناريوهات قبل أن تكرس نفسها لكتابة روايتها الأولى. تحب السيدة البالغة من العمر 43 سنة البحث وجمع المواد الأرشيفية الوفيرة حول موضوعها. وأثناء حديثنا عبر مكالمة فيديو، أرتني برضا متردد مجموعة من التذكارات الفاشية التي جمعتها في خدمة الأدب: كتب عتيقة وشارات فاشية وبطاقات بريدية. وأوضحت قائلة “أردت التأكد من أنني أستطيع وصف كل التفاصيل بشكل صحيح”.
أبطال رواية “الأمازوني” هن بنات المستوطنين الإيطاليين في ريف ليبيا، عندما أعلن الدكتاتور الفاشي بينيتو موسوليني الحرب على البلاد. لقد عانوا فترة من القطيعة مع ليبيا من خلال تذكرهما الصورة القوية لامرأة أمازيغية تركض في الصحراء على صهوة حصان، يطمحن لأن يصبحن مثلها.
قالت بيمونتي “عندما بدأت في التحقيق في فترة الاستعمار الإيطالي، رأيت الأمازونيات كرمز للقوة. وفي وقت لاحق فقط، اكتشفت أن ليبيا هي بالضبط المكان الذي توجد فيه المحاربات في الأساطير اليونانية”.
درست الكاتبات الإيطاليات أيضا فترة أخرى وهي حقبة ما بعد الحرب. وقد أخبرتنا الكاتبة الراحلة المولودة في طرابلس ألما أباتي في رواية “الصيف الماضي في قلب الحب”، التي نُشرت السنة الماضية، عن طرابلس متعددة الأعراق حيث يعيش الإيطاليون والإنجليز والفرنسيون والأمريكيون واليهود والمسيحيون والمسلمون بسلام جنبًا إلى جنب.
تم استكشاف الفترة نفسها أيضا في المذكرات الخيالية بعنوان “منزل شارا باند أونغ”: طرابلس” بقلم ماريزا دانا، البالغة من العمر 60 سنة، التي كرست كتبًا سابقة لتوثيق تاريخ عائلتها في ليبيا. قالت عبر الهاتف من مقاطعة تراباني، صقلية، التي اتخذت منها موطنا منذ أن طردها القذافي: “أردت أن أشارك تجربة عاشها العديد من الأطفال الإيطاليين المولودين في ليبيا، الذين تطاردهم ذكريات المكان الذي اعتبروه موطنا لهم”. يُذكر أن كتابها صدر السنة الماضية.
تصف دانا ليبيا كمكان بين حلم بعيد وشيء ينتمي إلى الروايات التاريخية. وتقول دانا، التي مُنِعت من العودة إلى البلاد بعد أن أدرجت في قائمة القذافي السوداء كإيطالية من أصول ليبية، “لم يكن لدي الكثير من التبادلات الأدبية مع المؤلفين الليبيين عندما ألفت الكتاب، لأن كل ما أردت تلخيصه هو ذكرياتي. أنا أدرك أن وصف تلك السنوات التي سبقت القذافي بأنها فترة سعيدة للغاية يمكن أن يبدو مزعجًا لبعض الليبيين، الذين ربما كانوا يعيشون تجربة مختلفة جذريًا لكن هذه هي حقيقة ما أتذكره”.
المصدر: الجزيرة