دأب رئيس الجمهورية التركية “رجب طيب أردوغان” على عدم الاعتماد بشكل كامل على أي من حلفاء تركيا الدوليين، وعلى عدم التخلي عن حلفائه لصالح أي من الحلفاء الآخرين، وعلى الاتجاه نحو الشرق عند غضب الغرب ونحو الغرب عند غضب الشرق.
وبعد أيام من وفود نائب الرئيس الأمريكي “جو بايدن” إلى تركيا، يستقبل أردوغان اليوم ظهرًا الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” وبرفقته عدد من الوزراء الروس، سيؤدون زيارة رسمية سيقام خلالها الاجتماع الخامس لمجلس التعاون التركي الروسي الرفيع المستوى لدراسة العلاقات الثنائية بين البلدين، وتبادل المعلومات في المسائل المحلية والدولية التي تهم الدولتين.
ويتمحور الخلاف السياسي الأكبر بين روسيا وتركيا وبين أمريكا وتركيا حول الملف السوري، إذ ترفض تركيا الحل الأمريكي غير المتحمس للمساهمة في الإطاحة بنظام بشار الأسد، وترفض روسيا بشكل قاطع فكرة الإطاحة بنظام بشار الأسد، في حين تصر تركيا على ضرورة التدخل بشكل فعّال لإيقاف المجازر التي ترتكبها قوات النظام والتي يرتكبها تنظيم “داعش” وعلى ضرورة توفير مناطق آمنة للاجئين السوريين داخل سوريا.
الاقتصاد ثم السياسة
أطلقت بعض وسائل الإعلام التركية على هذه الزيارة تسمية “زيارة المائة مليار دولار”، مشيرين إلى اتفاقية عقدت بين تركيا وروسيا في سنة 2010 تهدف إلى أن يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حاجز المائة مليار دولار بحلول سنة 2020، وإلى أن الزيارة ستتركز على الجانب الاقتصادي وخاصة ملف الطاقة، مع العلم أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ إلى حد الآن 33 مليار دولارًا سنويًا.
ورغم أن الملفات الاقتصادية ستطغى على الزيارة، فإن هذه الملفات سياسية بالأساس، حيث إن روسيا تبحث عن شركاء اقتصاديين أقوياء لمساعدتها في الهروب من العقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية المسلطة عليها بسبب الدور الذي تلعبه روسيا في أوكرانيا والذي أدى إلى انفصال جزء هام من شرق أوكرانيا وإلى انفصال جمهورية القرم عن أوكرانيا بشكل كامل بعد إطاحة الاحتجاجات المدعومة من أوروبا بالرئيس “يانوكوفيتش” المدعوم من قبل روسيا.
الغاز والطاقة
وستتم خلال الاجتماعات مناقشة أسعار الغاز الذي تستورده تركيا من شركة الغاز الروسية “غازبروم” عبر خط الأنابيب الرابط بين الدولتين “مافي آكيم” والذي يفترض أن يتم زيادة كمية الغاز المتدفقة عبره سنويًا بـ 3 مليار متر مربع في حال الاتفاق على تخفيض الأسعار، مع العلم أن حجم التدفق في سنة 2013 كان 26.7 مليار متر مكعب.
وفي مجال الطاقة أيضًا، أعلن فلاديمير بوتين أن روسيا ستطلق عام 2015 القمر الاصطناعي التركي “توركسات 4 بي”، مضيفًا قبل وصوله إلى تركيا: “التعاون بين بلدينا في غزو الفضاء يعتبر أحد المسارات المهمة الواعدة”. وفي 15 فبراير الماضي أطلق على متن الصاروخ الروسي القمر الاصطناعي التركي “توركسات 4 آ” للاتصال، ونأمل في أن ينطلق العام القادم القمر الاصطناعي الثاني “توركسات 4 بي”.
اتفاقيات أخرى
ومن جهة أخرى، سيتم إبرام اتفاقية بين وزارتي الاقتصاد في الدولتين للتعاون في عدد من الملفات الحيوية الهادفة لتسهيل الاستثمارات بما في ذلك رفع المعوقات في النظام البنكي لدى البلدين وفي التعامل بالعملات المحلية وفي المعاملات التجارية وفي تبادل الاعتراف بشهادات الجودة ولوضع خارطة طريق واضحة للنهوض بالتبادل التجاري بين البلدين.
وذلك بالإضافة إلى ما كشف عنه مساعد الرئيس الروسي “يوري أوشاكوف” حول نية روسيا وتركيا إعلان عام 2016 عامًا للسياحة التركية في روسيا والسياحة الروسية في تركيا، ودفع مواطني البلدين إلى المزيد من الزيارات المتبادلة، مشيرًا إلى أن تركيا تعتبر أكثر المقاصد السياحية رواجًا لدى الروس، وإلى أن العام الجاري شهد زيادة بنسبة 14% (4.1 مليون سائح) في عدد السياح الروس لتركيا عن العام الماضي، وأن 385 ألف تركيًا زاروا روسيا في ذاك العام.