ترجمة وتحرير: نون بوست
تعتبر “المسألة الكردية” من أكثر المشاكل تعقيدًا وصعوبة في تاريخ الجمهورية التركية، وهي تندرج ضمن فئة المشاكل طويلة الأمد في أدبيات حل النزاعات بالنظر إلى أنها تنتقل من جيل إلى جيل ولها أبعاد مختلفة. ويرث كل جيل رواية من صراع المقاومة، يمررها بدوره إلى الأجيال القادمة بطريقة مختلفة.
يكتسي هذا النوع من المشاكل أبعادًا معقدة تشمل جوانب الهوية والانتماء، والتهميش الاقتصادي، والإرهاب، والأمن، والتمييز الاجتماعي والثقافي، والبنية السياسية، والأمن الإقليمي. ولكل بُعد حزمة المشاكل التي لن تُحلّ دون بذل جهود جادة وصادقة ومنسقة. كما أن حالة عدم اليقين الناتجة عن بيئة الصراع تخلق أرضية تخدم المصالح السياسية والاقتصادية للعديد من الجهات الفاعلة. أما البعد الآخر الذي يعقّد حل “المسألة الكردية” بالنسبة لتركيا هو الديناميكيات الإقليمية للقضية والدعم الخارجي للمنظمات الإرهابية
ورثت حكومة حزب العدالة والتنمية، التي وصلت إلى السلطة في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2002، هذه المشكلة مثل الحكومات السابقة، حيث كافحت من جهة مراكز الوصاية في صلب مؤسسات الدولة، بينما تعاملت بصدق وواقعية مع المسألة الكردية. وتعد كل من “المبادرة الكردية” و”عملية الحل” من أبرز المحاولات لحل هذه المشكلة، ومثلت سياقات لاختبار مدى فعالية الحلول المقترحة.
مما لا شك فيه أن تحقيق هذه الجهود كان ممكنًا من خلال الإرادة السياسية القوية والدعم المشروط من المجتمع. لكن الطبيعة المتغيرة للبيئة الإقليمية والاستعانة بمصادر خارجية وامتداد حزب العمال الكردستاني المنصف منظمة إرهابية في دول أخرى، جعل حلّ “المسألة الكردية” حصرا من داخل تركيا. وبعد انتهاء عملية التسوية في صيف 2015، ومحاولة الانقلاب الفاشلة لمنظمة غولن الإرهابية في 15 تموز/ يوليو 2016، كان على تركيا أن تحوّل حربها ضد الإرهاب إلى خارج حدودها الجغرافية.
وهذه الجهود المبذولة لحل “المسألة الكردية” التي كانت لعقود تتأرجح بين الإرهاب والأمن لم تكن مواتية لتهيئة بيئة تمنح الأكراد حرية التعبير عن هويته، ولم يكن من الممكن خلق بيئة أمنية في تركيا خالية من تهديد الإرهاب. وكان الفائز في هذا الصراع التنظيمات الإرهابية وامتداداتها السياسية والاجتماعية فضلاً عن الهياكل غير القانونية ومراكز الوصاية التي حاولت إضفاء الشرعية على وجودها بخطاب بقاء الدولة. وقد أثّرت هذه العمليات سلبا على المواطنين الأكراد ودولة القانون والديمقراطية ومختلف فئات المجتمع التي تطالب بالحرية والاستقرار والرفاهية إلى أن وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة.
تم تحييد التهديد الإرهابي لفترة من الوقت بعد إلقاء القبض على عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المصنف منظمة إرهابية في شباط/ فبراير 1999 ونقله إلى سجن إمرالي بعد الغزو الأمريكي للعراق. لكن مع عودة نشاط المنظمة مرة أخرى بفضل ما تتلقاه من دعم من القوى الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، بدأت الأنشطة الإرهابية تكتسب زخمًا مرة أخرى. وبالتوازي مع زيادة الأنشطة الإرهابية، بدأ نشاط جديد في الظهور في الامتدادات السياسية والاجتماعية للتنظيم.
حزب العدالة والتنمية في مواجهة “المسألة الكردية”
عندما وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2002، كانت أولويته إنعاش الاقتصاد التركي، إلى جانب إعادة سيادة القانون الديمقراطي وإيجاد حلّ دائم لـ “المسألة الكردية”.
تضمنت جهود حزب العدالة والتنمية، الذي وصل إلى السلطة بدعم شعبي قوي، إحراز تقدم في طلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي من أجل تصفية الحسابات مع مراكز الوصاية التي حالت دون حلّ المشاكل التي تعاني منها البلاد وتحقيق التحول القانوني. كما ساهم منظور عضوية الاتحاد الأوروبي الذي حظي بدعم كبير من المجتمع في منح تركيا القدرة على تنفيذ معايير كوبنهاغن السياسية وغيرها من الترتيبات القانونية والمؤسسية. ومهدت هذه الأنظمة والإصلاحات الطريق لبعض التحولات القانونية والمؤسسية المحورية في حل “المسألة الكردية”.
ضمّت القاعدة الشعبية لحزب العدالة والتنمية الفئات التي كانت في السابق مستبعدةً بسبب ممارساتها الدينية وهوياتها العرقية ولأسباب اجتماعية واقتصادية وثقافية مختلفة. لهذا السبب، لقيت أجندة الإصلاح دعما مكثفًا في قاعدة حزب العدالة والتنمية، الذي كان من المدافعين عن جهود التحول الديمقراطي والإصلاح لسنوات عديدة.
بعد محاولة الانقلاب التي وقعت في 15 تموز/ يوليو 2016، عادت الأولوية إلى الأجندة الأمنية. في تلك الفترة، بدأت تركيا حربها على الإرهاب وانخرطت في حملات عسكرية ضد التنظيمات الارهابية داخل حدود تركيا وخارجها. ورغم سياسات الرفض والإنكار والاستيعاب، التي مرت بها البلاد خلال فترة الحزب الواحد وبعد الانقلاب العسكري في 12 أيلول/ سبتمبر 1980، بدا أن تقديم طلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بعيد المنال منذ أواخر التسعينيات، لكن خلال حكومة حزب العدالة والتنمية كان ذلك ملموسًا. واتُخذت خطوات وترتيبات دستورية خلال تلك المرحلة. واحتضن الرئيس أردوغان المسألة الكردية في خطاب 12 آب/ أغسطس 2005 عندما كان رئيس وزراء، وشدد على الأخطاء التي ارتكبت في الماضي ووعد بإيجاد حل.
في البداية، قوبل هذا النهج بردود فعل متباينة لكنه أنتج تفاعلا إيجابيا في القاعدة الاجتماعية الكردية. شكك السياسيون في هذا التوجه بسبب تجربتهم السابقة مع المحاولات غير الفعالة. استغرقت معالجة هذه المسألة بشكل أكثر شمولاً أشهرًا حتى صيف 2009 من خلال الحد من مقاومة البيروقراطية العسكرية والمدنية، والشروع في “المبادرة الكردية” الأولى. مع “المبادرة الكردية” التي أعيدت تسميتها بـ “مشروع الوحدة الوطنية والإخوة” في مطلع سنة 2010، تم تطبيق الأنظمة القانونية الهادفة إلى إيجاد حل لـ “المشكلة الكردية” داخل حدود حكم القانون الديمقراطي. وفي فترة حكم حزب العدالة والتنمية، تم اتخاذ خطوات قانونية وسياسية مهمة للقضاء على التمييز الناشئ في الحقوق الأساسية للمواطنين الأكراد.
أزيلت الحواجز القانونية التي كانت تمنع استخدام اللغة الكردية خلال حكومات حزب العدالة والتنمية المتعاقبة. مع تعديل القانون في سنة 2003، رفع حزب العدالة والتنمية الحظر المفروض على منع الآباء من تسمية أبنائهم بأسماء كردية بموجب المادة 16 من قانون السكان عدد 1587. وألغت “لائحة البث الإذاعي والتلفزيوني الخاص” الصادرة في سنة 2009 اللائحة القديمة التي كانت تُقيّد البث الإذاعي والتلفزيوني بلغات ولهجات غير تركية.
مثّلت “عملية الحل” مبادرة سلام شجاعة للغاية تم تنفيذها مع ممثل المنظمة الإرهابية (عبد الله أوجلان)
حتى مع التغلب على العقبات القانونية لاستخدام وتعلم اللغة الكردية، لم يكن حزب العدالة والتنمية راضيًا عن اللوائح القانونية في هذا المجال لذلك أطلق قناة ”تي آر تي” باللغة الكردية بالكامل مع إضافة عبارة “البث بلغات ولهجات غير التركية من قبل المؤسسة” في نطاق القانون عدد 5767 بشأن “تعديل قانون الإذاعة والتلفزيون التركي وقانون إنشاء الإذاعة والتلفزيون”، الذي دخل حيز التنفيذ في 26 حزيران/يونيو 2008. وقد بدأت قناة ”تي آر تي شيش” (تي آر تي كوردي) بثها التجريبي في 25 كانون الأول/ ديسمبر 2008، وبدأت البث بشكل طبيعي باللغة الكردية بلهجاتها الكرمانجية، والسورانية، والزازاكية، اعتبارًا من 1 كانون الثاني/ يناير 2009.
كان الاستفتاء الدستوري لسنة 2010، الذي أزال بشكل غير مباشر العقبات التي تعترض التنظيم الكردي السلمي من خلال إتاحة إمكانية تقديم طلبات فردية إلى المحكمة الدستورية وكذلك تضييق مجال القضاء العسكري، عاملا مباشرا للتغييرات التي أحدثتها قضايا ”إغلاق الأحزاب”. بهذه الخطوات، تم توسيع نطاق النشاط السياسي خارج البرلمان.
مثّلت “عملية الحل” (من آذار/ مارس 2013 حتى تموز/ يوليو 2015) مبادرة سلام شجاعة للغاية تم تنفيذها مع ممثل المنظمة الإرهابية (عبد الله أوجلان الموجود في سجن إمرالي). وكان الهدف الرئيسي من هذه المبادرة ضمان التحالف الدائم والمصالحة بين الأطراف التركية والكردية والأطراف الصديقة الأخرى على المدى المتوسط والطويل. وعندها تم كسر العديد من المحظورات، التي تم تدريسها عبر تاريخنا الجمهوري في هذه الفترة، وتم اتخاذ خطوات سياسية مهمة لإيجاد حل دائم للقضية الكردية. لكن حزب العمال الكردستاني بعد خرق وقف إطلاق النار الأخير في صيف 2015 أعلن “حربًا شعبية ثورية”.
رغم كل العقبات الداخلية (منظمة غولن الإرهابية، ومقاومة المعارضة)، والإقليمية (الحرب الأهلية، وعدم الاستقرار في سوريا والعراق، والمنطقة بأكملها)، والعالمية (صراعات بالوكالة للولايات المتحدة، وروسيا، وبعض الدول الأوروبية الأخرى حول المنطقة)، كانت هناك محاولة صادقة للتوصل إلى تسوية، لكنها باءت بالفشل بسبب الخلافات والحسابات السياسية المختلفة داخل التنظيم، والتحريض الضمني من قبل الفاعلين الدوليين، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وتفضيل العودة إلى طريق الإرهاب مرة أخرى. كما أن الفاعلين الأجانب، الذين وعدوا بتمكين سياسي وجميع أنواع الدعم للتنظيم الإرهابي، لم يتخلوا بعد عن وعودهم ودعمهم المكثف له. لكن قرار تعطيل عملية السلام أضر بالمنظمة وامتداداتها السياسية إلى حد كبير.
الامتداد الإقليمي للقضية الكردية
لم تعد القضية الكردية وحزب العمال الكردستاني وأذرعه العسكرية والسياسية تشكل تهديدًا محليًا فحسب بل أصبحت عنصرًا في المعادلة الإقليمية. في الظروف الحالية، ساهم حل القضايا المتعلقة بالقضية الكردية إلى حد كبير في اتخاذ خطوات ملموسة نحو تنمية المنطقة.
ساهم المناخ الآمن والمستقر في تغيير الوضع الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة بطريقة إيجابية، إلا أن التطلعات السياسية للتنظيم الإرهابي وامتداداته السياسية والمتعاطفين معه، لم تتأثر بهذه التطورات. ولا تزال هناك آمال في تلبية هذه التوقعات بالتغيرات الدورية التي قد تحدث في المنطقة، والدعم المكثف الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية.
لتبقى هذه الآمال حية، تتابع الجهات المتعاقدة من الباطن عن كثب المعادلات الدقيقة بين واشنطن وموسكو وباريس وبروكسل وطهران ودمشق وتحاول البحث عن الفرص التي قد تنشأ من هذه المعادلات.
ونافذة سجن ”إمرالي” التي أغلقت مع انتهاء عملية التسوية تم استبدالها برسائل من سجن ”أدرنة إف” عبر صلاح الدين دميرتاش، الذي يتخذ خطوات أكثر جرأة لتشكيل المعادلة السياسية الكردية وصياغة رؤية وخطاب جبهة المعارضة في تركيا. واليأس الذي تسلل إلى الجبهة المعارضة وتباين الآراء في صفوفها يجعل صدى رسائل دميرتاش أكبر.
تتجه استراتيجية التركية للسياسة الكردية، التي أظهرت نجاحًا معينًا حتى نهاية عملية الحل، نحو تحويل حزب الشعوب الديمقراطي للخط السياسي المعارض في تركيا بعد فشل تحالف حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي وتشكيل الطاولة السداسية. وقد بذل رئيس حزب الشعب الجمهوري كيليتشدار أوغلو جهودًا مهمة لتطبيع هذا النهج.
لن يرغب الأكراد في تركيا في المخاطرة بالمكاسب التي حققوها في السنوات العشرين الماضية بسبب هجمات التنظيم وإصرار القوى العظمى وحسابات الفاعلين الإقليميين الآخرين
تحالف حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي، هذا إلى جانب الجهود التركية العكسية، على جدول الطاولة 6+1 لتأجيل القضية الكردية على المدى القريب. مع ذلك، سيتم تحقيق التسوية الأولى التي ستناقش بعد التغيير المحتمل للسلطة بما يتماشى مع توقعات حزب الشعوب الديمقراطي. ويمكن اعتبار ذلك نجاحا كبيرا لحزب الشعوب الديمقراطي إذا ما كان له أهداف سياسية خاصة، واعتمد برنامجه من قبل الجهات المعارضة الأخرى، وتم الإعلان عنه من قبلهم.
بعد سنة 2016، تحقق نجاح غير مسبوق في مكافحة الإرهاب وكاد وجود التنظيم الإرهابي في البلاد أن ينتهي. نُفذت عمليات ناجحة ضد خلايا التنظيم في سوريا والعراق وخاصة قياداته. ولكن يحافظ التنظيم حاليا على وجوده في الخارج بدعم عسكري واقتصادي وسياسي من دول المنطقة والقوى العظمى. باختصار، يعمل حزب العمال الكردستاني والمنظمات الإرهابية الأخرى التابعة لهيكل جماعة المجتمع الكردستاني كمقاولين من الباطن لدول أخرى في المنطقة، وتحاول الحفاظ على هذا الوضع.
كما أن القوى التي تعد هذا التنظيم بالحماية والاستقلالية السياسية والمكانة تجعله ينفذ الأعمال الإرهابية والعمليات العسكرية نيابة عنها. ومما لا شك فيه أن تكلفة هذه العمليات يدفع ثمنها إلى حد كبير الشباب التركي والسوري والعراقي والإيراني الذين ينضمون إلى التنظيم بالقوة أو الإقناع. ومدة بقاء الشباب الذين ينضمون إلى المنظمة بالقوة أو بالخداع أقل من 5 سنوات. كما أن أباطرة الإرهاب ورؤسائهم المرتبطين بالخارج، الذين يجرون هؤلاء الشباب إلى الموت في الخطوط الأمامية، يزرعون أيضًا بذور الاستياء والغضب التي يمكن أن تستمر لفترة طويلة.
ما يمكن أن يرضي القاعدة السياسية لحزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي ليس الحريات والترتيبات القانونية للهوية والتنمية الاقتصادية، لأن هذه المطالب سبق أن لبّتها حكومات حزب العدالة والتنمية الذي لا يزال ملتزما بالقضايا الأخرى. ما يسعى إليه الامتداد السياسي للمنظمة والجهات الفاعلة الدولية هو المكانة السياسية. من المنتظر أن تتطور توقعات الاستقلال الإقليمي التي ارتفعت إلى مستوى عالٍ بعد مكاسب الحكم الذاتي في سوريا المدعومة من الولايات المتحدة، التي يشار إليها باسم “ثورة روج آفا” في المنطقة، إلى المطالبة بالاستقلال السياسي على المدى القريب. لكن الرسائل التي حاولوا إرسالها من خلال هذه المنظمات هي أنهم لن يتخلوا عن هدف الاستقلال على المدى المتوسط والطويل.
اليوم، أصبحت “المسألة الكردية” مشكلة مرتبطة إلى حد كبير بالمنظمات الإرهابية والقوى الأجنبية التي تريد تشكيل تركيا
كانت نافذة الفرص التي نشأت بعد الربيع العربي وبدعم من الولايات المتحدة محدودة إلى حد كبير بسبب العمليات العسكرية الناجحة والجهود الدبلوماسية التي قامت بها تركيا. وتستفيد القاعدة الاجتماعية الكردية من المكاسب الاقتصادية والسياسية في المنطقة ومن السياسات التركية الأكثر واقعية التي دعمتها خلال فترة حزب العدالة والتنمية. ولن يرغبوا في المخاطرة بالمكاسب التي حققوها في السنوات العشرين الماضية بسبب هجمات التنظيم وإصرار القوى العظمى وحسابات الفاعلين الإقليميين الآخرين لأنهم يدركون أن الجهود التركية، سواء على أساس تحالف الشعب أو على محور المعارضة، ستوفر خيارات أكثر فائدة لأنفسهم ولأطفالهم بدلاً من المشاريع الموجهة نحو التنظيم والمدعومة من الخارج.
وفي حين أن نخب حزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب، التي تعمل بتوجيه من القوى الأجنبية وتحاول ربط المجتمع الكردي مع القوات الإقليمية، يتخيلون أنفسهم أنهم النخبة في هيكل يشبه الدولة، لأنه يتم تحييدهم بسرعة من قبل القوات المسلحة التركية وعمليات جهاز المخابرات الوطنية. هنا تتجلى القدرة العسكرية والاستخباراتية المتزايدة لتركيا التي تبدد أحلام حزب العمال الكردستاني/حزب الاتحاد الديمقراطي في التحول إلى دولة.
تختلف القضية التي تمت الإشارة إليها بـ”المسألة الكردية” قبل عهد حزب العدالة والتنمية عن “المسألة الكردية” التي تحدثنا عنها في القرن الحادي والعشرين لحكومة حزب العدالة والتنمية. فقد انتهت الممارسات التي شكلتها جهود الرفض والإنكار والاستيعاب للهوية الكردية إلى حد كبير، وتم اتخاذ خطوات ملموسة لضمان المساواة في الحقوق والفرص للمواطنين الأكراد في مختلف المجالات السياسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية. كما اكتسبت الهوية الكردية بيئة تستطيع فيها التعبير عن نفسها بسهولة أكبر.
يريد الفاعلون السياسيون المنتسبون إلى حزب العمال الكردستاني، الذين يريدون في نفس الوقت الحفاظ على سياسات الهوية الكردية، التأثير على السياسة التركية بأكملها. اليوم، أصبحت “المسألة الكردية” مشكلة مرتبطة إلى حد كبير بالمنظمات الإرهابية والقوى الأجنبية التي تريد تشكيل تركيا. كما أن استقرار بيئة الأمن الإقليمي والقضاء على المخاوف الوجودية لتركيا سيمهدان الطريق لمزيد من الخطوات حول هذا الموضوع.
المصدر: كريتر