ترجمة حفصة جودة
يغفل خبراء القهوة الآن عن الحبوب التي تنمو في جبال اليمن القاسية منذ أكثر من 600 عام، لكن في الشهر الماضي، زار مجموعة من المزارعين يرتدون ملابس رسمية يمنية مزينة بالخناجر حول أحزمتهم، شركة لتحميص البن في لندن، عازمين على استعادة وضع اليمن كموطن للقهوة الممتازة.
جلب المزارعون معهم 28 عينة لتذوقها، وخلال أيام باعوا حبوبهم لمشترين من أوروبا وأستراليا والشرق الأوسط وشرق آسيا.
صُمم مزاد بن اليمن الوطني الافتتاحي لربط إنتاج جبال غرب اليمن مباشرةً بالتجار بدلًا من بيعه من خلال شبكة من المصدرين الذين يستولون على الأرباح.
يقول أحمد المرّي الذي بيعت قهوته بـ42 دولارًا للباوند: “كان المزاد جيدًا حقًا، إنه الأول من نوعه بالنسبة لليمن وفرصة عظيمة للمزارعين، تذوق العملاء عينات من قهوتنا وقرّبوا المسافة بيننا وبينهم”.
كان المرّي وكيل سفريات سابق وقد عاد إلى بلده حراز عندما اندلعت الحرب في 2014، وتولى مزرعة القهوة الخاصة بوالده بحماس وبدأ التجارة.
يقول المرّي: “عدت إلى قريتي ووجدت أن والدي وجدي كانا يعملان في مجال القهوة، لكن العمل أصبح منسيًا، لذا قررنا البدء في إنتاج القهوة المتخصصة، لم تكن قهوة اليمن معروفة عالميًا ولا تحظى بسمعة جيدة، لكننا نأمل أن يغير السوق الجديد هذا الأمر”.
يُقال إن زراعة القهوة الحديثة بدأت في اليمن في القرن الـ15 وكانت التجارة تمر عبر ميناء المخا، لكن بحلول عام 2020، صُنفت القهوة اليمنية في المرتبة الـ61 بين مصدري القهوة، إذ يبيعون 21 مليون دولار من الحبوب مقابل 5 مليارات دولار للبرازيل.
نظم مختار الخنشالي – رائد أعمال يمني أمريكي في مجال البن ويعمل في صناعة القهوة منذ سنوات -، هذا المزاد، كان مختار يشتري مباشرة من المزارعين ويبيع من خلال شركته “ميناء المخا”، لكنه قرر مساعدة المزارعين للوصول إلى السوق بأنفسهم، الأمر الذي سيكون له تأثير دائم على اقتصاد البلاد التي دمرتها الحرب بين التحالف بقيادة السعودية والمتمردين الحوثيين بقيادة اليمن، وتركت ملايين المواطنين بحاجة إلى المساعدة.
يقول مختار: “بسبب حاجز اللغة والوضع السياسي في اليمن، فمن الصعب الوصول إلى التجارة المباشرة، ورغم أنني أملك جواز سفر أمريكي وأتحدث الإنجليزية، فإن أغلب اليمنيين لا يجيدون ذلك”.
استلهم مختار فكرته من مزاد “الأفضل في بنما” الذي شكل استجابة المنتجين في بنما لأزمة 1989 التي شهدت انهيار الأسعار، يعتقد مختار أن مزاد مماثل قد يقدم القهوة اليمينة للسوق.
يقول مختار: “هذا المزاد من أكثر الأشياء المثيرة التي فعلتها وليس من أجلي إنما من أجل المزارعين، بذلك سيكونوا قد استعدوا ويمكنهم القيام بذلك بأنفسهم، إنكم مزارعون في اليمن وقد نجحتم في هذا المزاد من قرى صغيرة، والآن لديكم مشترون من طوكيو أو سان فرانسيسكو ويمكنهم الشراء منكم طوال العام”.
أطلق مختار منافسة شارك فيها نحو 1200 مزارع قهوة من جميع أنحاء اليمن، ثم قُلصت العينات حتى 28 عينة.
يقول مختار: “لم نصدق ذلك، لقد جاءوا من قرى بعيدة جدًا وسط الجبال، حيث سمعوا عنا من مجموعات واتساب أو فيسبوك، جاء المزارعون حرفيًا على ظهور الحمير”.
يقول نيكولاس واتسون – من مركز التجارة الدولي الذي نظّم المزاد – إن التكنولوجيا سمحت للمزارعين بأن يشاركوا في بيع منتجاتهم.
بينما قال دانيال فيرجنانو – من شركة “List+Beisler” لتجارة القهوة بالجملة – الذي زايد نيابة عن شركة القهوة الأسترالية “D’Angelo” إن رؤية مختار للتنمية الاقتصادية في اليمن حفزت عمليات الشراء.
يقول فيرجنانو: “نعتقد أن دعم القهوة اليمنية التي تعد من أشد النكهات تميزًا وروعةً من بين كل الحبوب في العالم، سيعيد اليمن إلى صناعة القهوة العالمية، وفي الوقت نفسه توفير الأمن الاقتصادي لمزارعي القهوة”.
يقول جلال يحيى العمادي – مزارع قهوة آخر من حراز – إن إنتاج القهوة له تأثير اجتماعي بجانب التأثير الاقتصادي على اليمن، فهو يسمح للمزارعين بالتوقف عن زراعة القات، وهو نبات مخدر كانوا يزرعونه بدلًا من القهوة كمحصول يجلب المال سريعًا.
يضيف العمادي “بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية، أصبحت حياة المزارعين صعبة، كما أن المناخ أصبح صعبًا لكن القهوة تنمو جيدًا”.
يحمل العمادي صورًا على هاتفه لحبوب القهوة الجافة في الأراضي التي يُزرع فيها القات، يقول: “كان القات المحصول الرئيسي للمزارعين، لكننا نجحنا في تحويله إلى زراعة القهوة، يتطلب القات مزيدًا من المياه لينمو ويحتاج إلى مواد كيميائية ويسبب نزاعات بين المزارعين، إن له تأثيرًا هائلًا على مجتمعنا، يجلس الكثير من الناس هنا طوال اليوم وحدهم ليمضغونه فقط، أحلم الآن أن تصل قهوتي إلى جميع أنحاء العالم”.
المصدر: الغارديان