في الـ 30 من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، انعقد اجتماع مجلس الأمن القومي التركي، بقيادة الرئيس “رجب طيب أردوغان”، ليستمر عشر ساعات ونصف، ليعتبر ذلك أطول مجلس أمن قومي في تاريخ تركيا على الإطلاق.
كما أن رئيس الوزراء التركي “أحمد داوود أوغلو” قد ترأس اجتماع مجلس الشورى العسكري من قبل، واستمر الاجتماع منعقدًا لمدة سبع ساعات متواصلة، ليكون بذلك أطول اجتماع من هذا النوع في تاريخ تركيا، لكن بما أن هذين أطول اجتماعين في تاريخ تركيا، فلاشك أن هناك بعض الخصائص والسمات الخاصة بهما، وذلك على النحو التالي:
أولها: أن كلا من “أردوغان” و”داوود أوغلو” قد ترأسا هذين الاجتماعين لأول مرة بصفتيهما الجديدتين، أي أن أردوغان حضر اجتماع الأمن القومي لأول مرة بصفته رئيسًا للبلاد، بينما ترأس “داوود أوغلو” اجتماع مجلس الشورى العسكري، بصفته رئيسًا للوزراء.
ثانيها: أن هذين الاجتماعين لم ينعقدا، لمجرد الانعقاد فحسب، بل كانت هناك أجندة ممتلئة بالكثير من الموضوعات التي تمس الأمن التركي والأوضاع والتطورات المحيطة بها، فالمجتمعون الذين يمثلون عقل تركيا الجديدة، كانوا يعملون لتحديد ورسم إستيراتيجيات خاصة بمستقبل تركيا، وليس حاضرها فحسب، كانوا يقومون بذلك في فترة تشهد تغيرات كبيرة، فترة ستشهد تغيرًا كبيرًا في خريطة المنطقة التي رُسمت قبل 100 عام، بل فترة بدأت فيها تركيا، مساعيها الجادة لحل الأزمتين العلوية والكردية.
وفي هذا السياق علينا أن نرى حقيقة واقعة، وهي أننا في السابق كنا لا نستطيع المشاركة في وضع الخطط المئوية أو الخمسينية للقوى العالمية، أو حتى الخطط التي يبلغ مداها 25 عامًا، وذلك لأن تركيا منذ وفاة أتاتورك وحتى العام 2007، كانت منغلقة على نفسها، مهتمة بما تعانيه داخليًا من انقسامات بين يسار ويمين، وسنة وعلويين، وأتراك وأكراد، كنا نعاني كثيرًا في التغلب على هذه المعضلات، لكن تركيا انتفضت الآن، وحطمت الأغلال التي كانت تعرقلها، وغيرت خط مصيرها، مدججة بروح وحماس الثلاثي (السلطة القوية والجيش القوي وتركيا العظمى).
أي أن كلا من أردوغان وداوود أوغلو قد دخلا اجتماعيهما، وفي جعبة كل واحد منهما إستيراتيجيات طويلة الأجل، ولعل التصريحات التي وردت عقب مجلس الشورى العسكري، قد سلطت لنا الضوء على أهم الموضوعات التي تطرق إليها المجتمعون، حيث قيل في هذه التصريحات:
“لقد بحثنا العديد من الموضوعات، مثل تطوير وتعزيز جاهزية القوات المسلحة للحرب، وكفاءات قيادة القوات الخاصة، فضلاً عن دعم القوات الأمنية المتخصصة في مكافحة الإرهاب، إلى جانب العديد من الموضوعات اللوجيستية التربوية”.
وهكذا يتضح لنا أن الاجتماع تناول 4 بنود، أول اثنين منهما يتضمنان الإستيراتيجيات طويلة الأمد لعقلية الدولة التركية العظمى، ومن ثم علينا أن نناقش هذين البندين كالتالي:
إذا نجحنا في الإجابة على سؤال: أين خطر الحرب؟ يمكننا أن نفهم بشكل أكثر وضوحًا التطورات المحتملة .. وهذا السؤال يمكننا أن نجيب عليه في ثلاثة أشكال:
– خطر الحرب وارد إذا تم الهجوم على كركوك في العراق، وبدأت المجازر في الموصل، وبدأ في الأفق خطر سقوط أربيل.
– خطر الحرب قائم إذا شكل جيش القاتل بشار الأسد، تهديدًا لتركيا من خلال حلب.
– خطر الحرب لا مفر منه، إذا شن الأسطول المصري – اليوناني الذي تتزعمه إسرائيل والسيسي، هجومًا على حق “شمال قبرص التركية” في الحياة في شرق البحر الأبيض المتوسط.
ففي مثل هذه الحالات سيتعين على الجيش التركي أن يتحرك فورًا.
القوات الخاصة 2023
خطط رئيس الوزراء التركي “داوود أوغلو” الذي زرع فكرة العمق الإستيراتيجي لتركيا الجديدة، لوضع إستيراتيجية القوات الخاصة 2023، وقال رئيس الحكومة التركية في هذا الشأن:
“في أيامنا الحالية نشهد مجموعة كبيرة من التهديدات التي تستهدف الأجواء الأمنية، وفي مثل هذه الأجواء الأمنية الجديدة، قد تتحول الأزمات إلى حروب واشتباكات بشكل سريع، ولا شك أننا نعيش في فترة تقتضي إحداث تغييرات كبيرة في بعض المجالات بدءًا من التوقع إلى عدم القدرة على التنبؤ، ومن البساطة في إدراك التهديدات إلى التعقيد، ومن التخطيط القائم على التهديد إلى التخطيط القائم على القدرات، ومن إقامة التحالفات على أساس بنية ثابتة إلى شراكة قائمة على بنية ديناميكية، ومن التحرك العسكري التقليدي إلى التحرك اللامتناظر؛ لذلك ينبغي الإبقاء على مستوى الاستعداد للحرب، على مستوى الجاهزية القصوى في كافة القطاعات”.
النتيجة
جيش تركيا الجديدة تحت قيادة أردوغان وداوود أوغلو، سيكون بحلول العام 2023 عبارة عن قوات عسكرية تتمتع بالقدرة الكبيرة على الردع، قوات ستتسم بنوع لا نظير له من التفوق، سيصبح جيش يولي أهمية للعمليات المختلطة، سيستخدم القوات التقليدية إلى جانب استخدام القدرات المختلفة في مجالات الفضاء، العمليات الخاصة، والحرب الإلكترونية وغيرها، فهذه الجهود تهدف إلى أن يصبح الجيش على أتم الاستعداد للحرب في أي وقت، ولديه سرعة كبيرة في ردة الفعل، مجهزًا بأفضل التجهيزات الحديثة.
المصدر: عربي 21