ترجمة وتحرير: نون بوست
ينشط على الساحة السياسية التركية 120 حزبًا تقريبا. وباستثناء خمسة أو ستة أحزاب، فإن البقية غير معروفين ومجموع الأصوات التي يحظون بها أقل من 1 في المئة. بناء على هذا المشهد، ما هو سبب كثرة الأحزاب السياسية في تركيا؟ وما هي توقعات هذه الأحزاب؟ وكيف يستجيبون لتطلعات الشعب التركي؟
كما هو معروف، بدأت الأحزاب السياسية في تركيا تظهر في الفترة الدستورية الثانية بينما بدأت التعددية الحزبية قبل الجمهورية. بدأ الانتقال إلى نظام التعددية الحزبية في سنة 1946. وبعد 14 أيار/ مايو سنة 1950 – أي بعد الانتقال إلى الديمقراطية – تأسست أحزاب مختلفة من جميع الأطياف السياسية اليمين واليسار والوسط. ومع أن المسار السياسي في تركيا انقطع عدة مرات بسبب الانقلابات، إلا أن ذلك لم يمنع التنوع والتعددية الحزبية.
نحن بحاجة إلى تقييم الأحزاب السياسية من حيث عدد الأحزاب التي تؤثر على النظام. بعبارة أخرى، نظريا لدينا أكثر من 12 حزبًا في حين أن عدد الأحزاب المؤهلة فعليًا للمشاركة في الانتخابات لا يتجاوز العشرين في الوقت الحالي. في انتخابات 2018 مثلا تنافست 8 أحزاب. وفي الواقع، فقط ثماني أو عشرة أحزاب لها تأثير ملموس على النظام في تركيا. واليوم، عندما ننظر إلى البرلمان مرة أخرى فإن عدد الأحزاب التي لها عدد نواب متغير بين 1 و288 هو 13 – أي أن هناك 13 حزبًا مختلفًا ممثلًا في البرلمان اليوم.
أجرينا مقابلة مع الخبير في هذا المجال، نبي ميش، مدير قسم الأبحاث السياسية والاجتماعية التركية في مركز “سيتا”.
تحالف الأحزاب ضد تحديد الهوية السياسية
لماذا تأسست مؤخرا الكثير من الأحزاب؟ ربما لا يعرف الكثير من الناس أن 26 حزبًا تأسس في تركيا سنة 2020. ويعزى ذلك إلى أن الأحزاب الصغيرة افترضت منذ الانتقال إلى النظام الرئاسي في سنة 2018 أنه يمكنها من خلال سياسة المساومة الاستفادة من التحالفات. ويعتقد أولئك الذين انشقوا عن أحزابهم الرئيسية لتأسيس أحزاب جديدة أنهم حتى لو حصلوا على عدد قليل جدًا من الأصوات فإنه يمكنهم ضمان مشاركتهم في الحياة السياسية من خلال اللجوء إلى المساومة في النظام الانتخابي وفي الانتخابات الرئاسية من خلال ما يسمى بـ “50 + 1 بالمئة”.
يعمل حزب العدالة والتنمية باستمرار على تطوير سياسته بناء على التحول الاجتماعي الداخلي
والسبب الرئيسي وراء الزيادة المسجلة في عدد الأحزاب الجديدة هو سياسة التحالف. ومن خلال التحالف مع الحزب الرئيسي، ستتاح لرؤساء الأحزاب الصغيرة على الأقل فرصة دخول البرلمان من خلال سياسة المساومة. وإذا تساءلت كيف يؤثر وجود هذا العدد الكبير من الأحزاب على السياسة التركية، فإن أول ما سأقوله هو ظهور مشكلة التحالفات الحزبية وينطوي ذلك في الواقع على خسارة الهوية السياسية. وبالنظر إلى أحزاب مثل حزب المستقبل، حزب السعادة، والحزب الديمقراطي، وحزب الديمقراطية والتقدم وحزب الخير، فإن هناك بلا شك فرقا بينها، لكن ما هو الفرق بين حزب السعادة وحزب المستقبل وحزب الرفاه الجديد من حيث الرؤية والهوية والخطاب؟ في الحقيقة، لا فرق كبير بينها وهو ما يقتضي تحالفها.
اليوم، لا يعرف الناخبون مواقف الأحزاب الستة المتحالفة إزاء قضايا تركيا الحقيقية. هناك 10 أحزاب أو 20 أو 100 حزب لها تأثير على النظام الديمقراطي، وهذه الأحزاب رغم كثرتها إلا أن هذا لا يعني أنها جيدة. والأهم من ذلك أن ينتج المجال السياسي التنافس والقيمة. ولكن وجود عشرات الأحزاب المتشابهة التي تفتقر للهوية من شأنه زعزعة استقرار المشهد السياسي أكثر من مساهمته في تطوير الديمقراطية.
السياسات المحدثة ناجحة
حطّم حزب العدالة والتنمية الرقم القياسي تلو الآخر في تاريخ الجمهورية. وهو في السلطة منذ أول انتخابات فاز بها في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2002. إلى ماذا تعزو بقاءه لمدة 20 عامًا في السلطة، وعدم قدرة الأحزاب السياسية الأخرى على هزيمته من خلال الانتخابات وصناديق الاقتراع؟ ما هو مصدر هذه الثقة؟
بالحديث عن البيانات، يعد حزب العدالة والتنمية حقًا حزبًا استثنائيًا لأنه منذ الانتقال إلى الديمقراطية – أي في 14 أيار/ مايو سنة 1950 – لم يستطع أي حزب البقاء في السلطة لفترة طويلة دون انقطاع. ولا شك أن هناك أحزابًا ظلت في السلطة لفترة طويلة في بقية دول العالم، لكن قليلة هي الأحزاب التي تمكنت من ذلك في نظام ديمقراطي ومع الزعيم نفسه. ويعتبر حزب العدالة والتنمية الحزب الوحيد الذي فاز بـ 15 انتخابات متتالية في تاريخ الديمقراطية التركية، وحافظ دائمًا على هامش في الأصوات بينه وبين أقرب منافسيه بأكثر من الضعف، وفاز دائمًا بأغلبية في البرلمان.
سر هذا النجاح هو أن حزب العدالة والتنمية يمكنه صياغة السياسة والخطاب والخدمات وفقًا لعلم الاجتماع. بعبارة أخرى، تأسس هذا الحزب على علم الاجتماع. وهذا المزيج بين السياسة وعلم الاجتماع مهم في هذا السياق. وطوال مسيرته السياسية، حرص حزب العدالة والتنمية على تحديث سياسته من خلال مواكبة التوجهات الشعبية وخاصة تلبية توقعات الناخبين.
يعمل حزب العدالة والتنمية باستمرار على تطوير سياسته بناء على التحول الاجتماعي الداخلي، وهذا التغيّر يمثل رافعة لتغيير المجتمع. لابد من تقييم الظروف الداخلية والاتجاهات الشعبية وتكوين تحالفات مع شرائح مختلفة من المجتمع بين كل فترة وأخرى. في سنة 2010، مثلا، فاز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات بنسبة كبيرة بدعم من الليبراليين والمحافظين والقوميين والمتدينين – أي شريحة كبيرة جدًا من المجتمع. وقد استمر في تطوير تحالفه مع حزب الحركة القومية، و حزب الاتحاد الكبير، والقواعد الشعبية لهذه الأحزاب منذ 15 تموز/ يوليو 2014.
العناصر التي مكنت حزب العدالة والتنمية من البقاء في الحكم هي القيادة السياسية، وسياسات الخدمة والتنمية، والإصلاحات المستمرة، ومهارات إدارة الأزمات.
إن إعطاء الأولوية للتنمية الاقتصادية والخدمات عنصر مهم للغاية بالنسبة للمجتمع التركي والحكومات اليمينية على حد سواء. فما أبقى مندريس وأوزال وديميريل في السلطة وضمن فوزهم في الانتخابات هو سياسة التنمية الاقتصادية والخدمات. مع ذلك، لدى حزب العدالة والتنمية بعض الاختلافات عن الحكومات اليمينية السابقة فيما يتعلق بالحفاظ على سلطته. من وجهة نظري، تعتبر مهارات إدارة الأزمات مهمة جدًا. وهو يحقق ذلك عن طريق تطوير ما يسمى بالتعلم السياسي.
إنه يعرف كيف يتفاعل مع أي أزمة ومع المجتمع عن طريق علم الاجتماع السياسي. ويستخدم حزب العدالة والتنمية الدعم الاجتماعي كأداة للتغيير من خلال زيادة أو الحفاظ على دعم الناخبين بعد كل أزمة سياسية. وأعتقد أن القيادة السياسية هي الدافع الأكثر أهمية لحزب العدالة والتنمية للبقاء في السلطة لفترة طويلة. بعبارة أخرى، نحتاج إلى أن نرى أن أسلوب سياسة الخدمة الذي طرحه رئيسنا أردوغان في “إسطنبول 1994” مستمر في سياسة حزب العدالة والتنمية. في هذه القيادة السياسية، تعد الأصالة والوفاء بالوعود والرابط مع الشعب من العناصر المهمة للغاية.
تقوم كاريزما القيادة السياسية على عناصر مثل الحفاظ على تماسك المجتمع في الأوقات الصعبة، والتغلب على المشاكل، وإقامة علاقة عميقة مع الناس. وهناك نقاط أخرى على غرار إعطاء الأولوية لسياسات الإصلاح، والكفاح ضد الوصاية، وتعزيز الطبقات الوسطى في المجتمع بالإصلاحات التي نفذها. أعتقد أنها عوامل تضمن استمرار حزب العدالة والتنمية على المدى الطويل في السياسة التركية.
أسلوب حزب الشعب الجمهوري بعيد كل البعد عن الديناميكيات الاجتماعية. من ناحية، هناك حزب العدالة والتنمية الذي ظل في السلطة منذ 20 عامًا، ومن ناحية أخرى حزب الشعب الجمهوري الذي يتمتع بأكبر قدر من الخبرة السياسية لكونه الحزب الأول في تاريخ الجمهورية لكنه لم يتفرّد بالسلطة منذ 70 عامًا تقريبًا. ما هي أسباب ذلك؟
لم يصل حزب الشعب الجمهوري إلى السلطة من تلقاء نفسه منذ الانتقال إلى الديمقراطية، وإنما عن طريق ائتلاف في السبعينات، ولم يستطع الوصول إلى السلطة بخلاف ذلك. يمكن إجراء تحليل واسع للغاية حول حزب الشعب الجمهوري، لكنني أعتقد أن إحدى أهم القضايا هو عبء الإرث الماضي. جزء كبير من المجتمع التركي محافظ ومتدين، أي ما يقارب 70 في المئة من السكان. في المقابل، كانت ممارسات حزب الشعب الجمهوري في فترة الحزب الواحد، خاصة بعد سنة 1950 وانقلاب 27 أيار/ مايو سنة 1960، ودعمه للانقلابات اللاحقة، والخطاب وسياسة التهميش التي اتبعها مع الشرائح المحافظة والمتدينة في المجتمع التركي وتصفية ممثليهم من الأسباب الرئيسية التي شكلت صورة سيئة عن هذا الحزب لدى الناخبين.
تأخر حزب الشعب الجمهوري في التحول إلى حزب مدني لأنه كان يحاول حماية سلطته مع نخب وهياكل وصاية معينة لفترة طويلة جدًا
ينضاف إلى ذلك سياسة حزب الشعب الجمهوري، لا سيما مع شركائه المتنوعين في الوصاية، لحماية مناطق السلطة. هذا الإرث جعل التطبيع مع حزب الشعب الجمهوري صعبا بالنسبة لشرائح كبيرة من المجتمع. ولأن حزب الشعب الجمهوري يحاول دائمًا تجاوز ما حدث في الماضي، فإنه لا يمكن تجديد سياسته بصدق وفقًا لروح العصر، ولا يزال البحث عن التجديد تكتيكيًا وقصير المدى.
الإدارة الحالية تضحّي بحزب الشعب الجمهوري من أجل المستقبل
عندما ننظر إلى كل هذه الفترات، نرى أن حزب الشعب الجمهوري تأخر في التحول إلى حزب مدني لأنه كان يحاول حماية سلطته مع نخب وهياكل وصاية معينة لفترة طويلة جدًا في السياسة التركية. وبدلاً من أن تقوم سياسته على توقعات وقيم شرائح كبيرة من المجتمع، استمر في تمثيل النخبة. وبدلاً من إعطاء الأولوية للتداول على السلطة من خلال الوسائل الديمقراطية، فضّل العمل مع بعض المجموعات النخبوية وعناصر الوصاية العسكرية والطبقة الاقتصادية التي اعتمدت على الدولة، ومن بينهم أكاديميون وصحفيون وجماعات معينة، يمكن أن نسميها الكتلة التاريخية. وقد سعى دائمًا إلى الحفاظ على سلطته حتى إن لم يكن ذلك عن طريق الانتخابات، أي عن طريق الائتلافات التي شكلها مع الطبقة المثقفة والعسكرية.
خاض نضاله السياسي من خلال نظام حكم الأقلية البيروقراطي. على هذا النحو، لم يكن من الممكن أن يحصل حزب الشعب الجمهوري على دعم واسع من المجتمع ويصل إلى السلطة. وفي الفترة التي تراجعت فيها الوصاية، أي في السنوات الأخيرة، بات حزب الشعب الجمهوري أكثر ميلا إلى السياسة اليمينية. ومن خلال الخطاب السياسي الصحيح، حاول استمالة الناخبين والسير على طريق الأحزاب اليمينية. لكن إدارة حزب الشعب الجمهوري تمنح الأولوية لسياسات التحالف قبل كل شيء آخر. وتضحيته بهذه الصورة من أجل مستقبل التحالف تقلق القاعدة الكمالية الحقيقية لحزب الشعب الجمهوري. ونتيجة لذلك، بات حزب الشعب الجمهوري في بحث مستمر عن اتجاه سياسي ومنقذ.
حزبان فقط من الأحزاب المنشقة نجحت
تأسست بعض الأحزاب السياسية بالانفصال عن حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية، خاصة في الفترة الماضية. ما رأيك في هذه الأحزاب خاصة التي تأسست في السنوات الخمس الماضية؟
إن الأحزاب التي تم تأسيسها بالانفصال عن الحزب الرئيسي شائعة جدًا في تركيا. الحزب الديمقراطي مثلا أسسه المنشقون عن حزب الشعب الجمهوري. وفي الستينيات، تأسس حزب الثقة من صلب حزب الشعب الجمهوري، إلى جانب الحزب الجمهوري في السبعينات وغيره من الأحزاب. أسس المنشقون عن حزب الرفاه، وحزب الطريق الصحيح، وحزب الوطن الأم، وحزب الحركة القومية أحزابًا جديدة. ومع الانتقال إلى النظام الرئاسي في الفترة الأخيرة، اختار أولئك الذين لم يتمكنوا من تحقيق نتائج من الصراع الجزئي على السلطة، داخل الحزب الرئيسي، تأسيس حزب جديد للاستفادة من فرص سياسات التحالف. تأسس حزب المستقبل من صلب حزب العدالة والتنمية، وحزب الخير من حزب الحركة القومية، وحزب الوطن بقيادة محرم إينجه من حزب الشعب الجمهوري، والذين تركوا حزب الخير أسسوا مؤخرًا حزب النصر.
ما هو موقع هذه الأحزاب على الساحة السياسية التركية؟ إن الأحزاب التي تم تأسيسها من خلال الانفصال عن الحزب الرئيسي مبنية بشكل عام على سياسة النخبة، مع استثناءات قليلة. من هم مؤسسو هذه الأحزاب؟ هم سياسيون لم يحصلوا على المناصب التي يتوقعونها في حزبهم الرئيسي، وبيروقراطيون متقاعدون، وأولئك الذين يريدون رسم مسار جديد لأنفسهم في الأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام.
لم يتم تأسيس هذه الأحزاب من خلال دعم قاعدة شعبية واسعة، وإنما من النخبة. وبما أن كل هذه النخب تتوقع مناصب في الانتخابات الأولى ولا يمكنها الحصول عليها، فإن هذه الأحزاب إما تتفكك بسرعة أو تواصل حياتها كأحزاب رأي أو أحزاب تتأرجح ذهابًا وإيابًا بنسبة 1 بالمئة من الأصوات. وحزبان فقط نجحا بعد بالانفصال عن الحزب الرئيسي، أحدها هو الحزب الديمقراطي الذي أسسه أولئك الذين انفصلوا عن حزب الشعب الجمهوري؛ والآخر هو حزب العدالة والتنمية الذي أسسه أولئك الذين تركوا حزب الفضيلة، الذي انبثق من تقاليد الرؤية القومية.
مع الانتقال إلى النظام الرئاسي، تم تعديل قانون التحالف في انتخابات 2019. شجع هذا التعديل، سواء من حيث الوصول إلى 50 + 1 في المئة وفكرة أن أصوات الأحزاب المتحالفة في الانتخابات البرلمانية لن تضيع، تأسيس أحزاب صغيرة. تم توجيه أولئك الذين لم ينجحوا في الصراع الجزئي على السلطة داخل الحزب الرئيسي لتأسيس حزبهم الخاص. لكن التغيير الأخير في قانون الانتخابات والتحالف، في الطريق إلى انتخابات 2023، خلف ضررًا بالأحزاب الصغيرة. تبددت أحلامهم، وتقلّصت قدرتهم التفاوضية، وتوقف بحثهم عن منصب رئيسي في الحزب. لكن الدافع الرئيسي للأحزاب التي تأسست في السنوات الخمس الماضية هو أن الأحزاب الصغيرة أصبحت مهمة في النظام مع تعديل قانون التحالف.
50 +1 في المائة جلبت التزام الإنتاج السياسي
في سنة 2018، تم إدخال نظام الحكم الرئاسي، ووصلت السلطة التشريعية والتنفيذية إلى السلطة من خلال انتخابات منفصلة. هل تعتقد أن الأحزاب السياسية كانت قادرة على مواكبة النظام الجديد في أمور مثل الانتخابات المنفصلة للسلطة التشريعية والتنفيذية، والتي تعتمد على نظام 50+1 في المائة، و ما هي المزايا والعيوب التي يواجهونها؟
يتعين على الأحزاب استخدام الخطاب السياسي والالتزام بالإنتاج السياسي والتقرب من شرائح كبيرة جدًا من المجتمع
نحن في فترة انتقالية؛ وقد قامت تركيا بتغيير مهم للغاية في النظام؛ حيث انتقلت من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، رغم أن إقرار أول نظام برلماني حدث بعد عام 1876، وكان لتركيا تاريخ نظام برلماني عميق الجذور منذ عام 1908؛ حيث تشكلت ثقافة سياسية معينة داخل النظام البرلماني القديم.
ومع الانتقال من هذه الثقافة السياسية إلى نظام سياسي رئاسي؛ ليس من السهل على جميع المؤسسات والذاكرة الاجتماعية والثقافة السياسية والأحزاب والمؤسسات السياسية التحول والتكيف مع هذا النظام في غضون سنوات قليلة، فهناك حاجة إلى فترة انتقالية ونحن حاليًا في هذه المرحلة الانتقالية.
في هذه الفترة؛ تسعى الأحزاب السياسية إلى جعل السياسة تتماشى مع متطلبات المجال السياسي الذي كشفه النظام. على سبيل المثال؛ يدرك كل حزب سياسي أنه يجب أن يضع دعم الشعب في قلب نضاله الديمقراطي من أجل المستقبل في تركيا، من أجل صنع وإنتاج السياسة. وأعتقد أن نظام 50 +1 بالمائة هو أحد أهم المكاسب. ففي هذا النظام؛ أدرك الناخبون مدى أهمية التصويت؛ وهذه في الواقع عملية مهمة للغاية.
ولا شك ان الاحزاب السياسية تعاني من نظام 50 +1 بالمائة، فمن الصعب تنفيذ سياسة التحالف والجمع بين الأطراف المختلفة في بعض القضاي؛ حيث تريد الأحزاب الصغيرة أن تكون في التحالف من خلال تقديم مطالب متطرفة ضد الأحزاب الكبيرة، وهي مطالب أكبر من قوتها ودعمها الاجتماعي، ولا سيما في نظام مع حزب مهيمن، فإن البحث عن الوحدة أو التحالف ضد الحزب المهيمن يفقد الأحزاب ميزتها ويجعلها بلا هوية، ويمنعها من طرح رؤى أصلية ومختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، يتعين على الأحزاب استخدام الخطاب السياسي والالتزام بالإنتاج السياسي والتقرب من شرائح كبيرة جدًا من المجتمع حتى تصل إلى نسبة 50 + 1 في المائة، وقد يكشف هذا عن قطبية شديدة لبعض الأحزاب والسياسيين لهذا اليوم، لكنه يسهل أيضًا قرب الأحزاب السياسية للمركز في هذا النظام للمستقبل.
خطاب المعارضة الغامض يهدف الى تمرير الأصوات
إذن ما هي التكتيكات التي تطورها الأحزاب المتحالفة تجاه الناخبين؟
من الضروري تقييم ما تعنيه نسبة 50+1 في المائة من حيث علم الاجتماع والأحزاب السياسية في تركيا، فعندما ننظر إلى نتائج الانتخابات التي أجريت منذ عام 1950، نرى في علم الاجتماع التالي: 65-70 بالمائة من المجتمع يتكون من ناخبين يمينيين ومحافظين وقوميين، بينما 30-35 في المائة يتكونون من بعض الشرائح المختلفة من اليسار.
الآن، في علم الاجتماع هذا، من الصعب على حزب يساري يمثل 30 بالمئة أن يفوز في الانتخابات، وحزب الشعب الجمهوري على علم بذلك. وكما هو الحال، لا سيما في الانتخابات الرئاسية لعام 2014، وبشكل أعم، منذ انتخابات 2018، سعت المعارضة بقيادة حزب الشعب الجمهوري إلى سياسة جديدة من أجل تمكين تمرير الأصوات بين الكتل من سياسة اليسار واليمين. في أحد جوانب هذا النمط من السياسة؛ يتم ترشيح لاعبين سياسيين ممتازين وتقريب الحزب من الخطاب السياسي الصحيح. ومن ناحية أخرى، هناك تحالف مع أحزاب اليمين لجعل الانقسامات اليمينية واليسارية المسيطرة بلا معنى في الساحة السياسية. ولا شك أن هناك حاجة إلى تعابير غامضة من أجل خلق وحدة في الخطاب.
الصراع من أجل الوجود ضد حزب كان في السلطة لفترة طويلة يقود الأحزاب ذات الميول المختلفة، والتي تجتمع معًا، إلى خطابات سياسية ملتبسة، ويعتبر هذا الخطاب ضروريًّا لاستمرار الوحدة فيما بينهم. وبالتالي؛ يتم تنفيذ إستراتيجيات تهدف إلى تشكيل سلوك التصويت التكتيكي للناخبين. باختصار؛ تحاول المعارضة خلق فضاء سياسي، من خلال أسلوب وخطاب سياستها الغامضة، وخاصة نشاط السياسيين اليمينيين الذي يمكن أن يسمح بتمرير الأصوات بين الكتل. بالطبع، هذا أمر لا مفر منه، لكني أرى مخاطر تقليص المساحة السياسية في المستقبل.
وقد يدفع تعديل قانون الانتخابات بشأن التحالفات الأخيرة عمليات البحث في اتجاه مختلف، لا سيما في هذه الفترة الانتقالية بين 2018-2023. بمعنى آخر؛ ستصبح الأحزاب السياسية مهمة مرة أخرى، وسيتم منع أحزاب 1 و2 في المائة من عرقلة النظام وتقليل قيمة الفضاء السياسي عن طريق المساومة. في الواقع؛ نحن بصدد تجربة هذا الفضاء السياسي الجديد.
الزيادة في عدد الناخبين كبيرة للغاية
هناك انتخابات العام المقبل وهي مهمة لأنها الذكرى المئوية للجمهورية. برأيك ما هي أهم القضايا التي تواجه هذه الأحزاب السياسية في انتخابات 2023 عندما يتم تقييم جميع الأحزاب السياسية في نفس الوعاء؟
الآن أصبحت هذه شعارًا، انتخابات 2023؛ هي الانتخابات الأكثر أهمية. بالطبع، كل انتخابات على هذا النحو من حيث الحياة السياسية التركية، ولكن في الحقيقة، انتخابات 2023 أكثر أهمية، سواء بسبب الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية ولأنها الانتخابات الثانية لهذه الفترة الانتقالية بعد النظام الرئاسي. وعندما تنظر إليها من وجهة نظر تحالف الشعب وكتلة المعارضة في تركيا، فهي انتخابات ذات منافسة شرسة. لذلك، ما هي البنود الرئيسية على جدول أعمال مثل هذه الانتخابات، وما هي العوامل التي ستحدد اختيار الناخب أو تؤثر على نتيجة التصويت؟ من وجهة نظري، فإن أهم قضية هي مجموعات الناخبين، والتي أسميها علم الاجتماع الجديد.
ماذا ستقول لعلم الاجتماع الجديد هذا؟ هذا علم الاجتماع الجديد، خاصة في السنوات العشرين الماضية، أضيفت إليه شرائح الطبقة الوسطى والشباب. وعندما نجري تحليلًا عدديًا مثل هذا، فإن الصورة هي كالتالي: كان هناك 41 مليون ناخب في تركيا في انتخابات 3 تشرين الثاني/نوفمبر سنة 2002، وذهب ما يزيد قليلاً عن 36 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع. أما الآن، هناك 64 مليون ناخب في انتخابات عام 2023، وعندما نفكر في متوسط الإقبال في الانتخابات السابقة، يمكننا أن نتوقع أن 56 مليون ناخب سيذهبون إلى صناديق الاقتراع، وجزء كبير من هؤلاء الناخبين انخرطوا بالفعل في المجال السياسي خلال فترة حزب العدالة والتنمية.
بحساب تقريبي، أدلى 23 مليون ناخب بأصواتهم لأول مرة خلال فترة حزب العدالة والتنمية، وجزء كبير منهم ممن تقل أعمارهم عن 30 عامًا، فعدد الناخبين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18-26 هو 12 مليون، هذا الرقم يتوافق مع 18.8 في المائة من إجمالي الناخبين وسيكون له تأثير كبير للغاية على نتائج الانتخابات. ولهذا في عام 2023؛ يتعين على جميع الأحزاب إنتاج السياسة، وتطوير الخطاب، وتقديم الوعود، فمما لا شك فيه أن الحفاظ على انتماء الناخبين على سن معينة وإنتاج السياسة نحو اتجاهات علم الاجتماع الجديد هذا يتطلبان حملة متوازنة ومضبوطة بدقة.
الاقتصاد له نصيب كبير في الانتخابات
الموضوع الثاني بالطبع هو الاقتصاد؛ فعندما ننظر إلى استطلاعات الرأي العام لهذا اليوم، فإن أول 3-4 من أهم قضايا المجتمع تتعلق بالاقتصاد؛ حيث توجد عناوين مثل الاقتصاد والتضخم وأسعار الغذاء والسكن ونفقات الإيجار في نفس المجموعة.
الموضوع الثالث هو قضية اللاجئين؛ وستتم مناقشة هذه المسألة أيضًا في انتخابات عام 2023. وأثناء الحديث عن هذا، ستستخدم بعض الأحزاب سياسة “سنحمّلهم في الحافلات ونرسلهم إلى سوريا” في حملتهم الانتخابية. من ناحية أخرى، فإن الخطابات والسياسات المتعلقة بإدارة قضية اللاجئين هذه سوف تتعارض تقريبًا مع بعضها البعض، مما يجعل من الصعب الوفاء بالوعود التي تقنع الناخبين بحل مشكلة المهاجرين وإدارتها، فلا أعتقد أن القول بأننا فقط سنحل هذه المشكلة سيكون له الكثير في المقابل.
ولا شك في أنه ستضاف هنا النقاشات حول الناخبين الأكراد والقضية الكردية، وذلك نظرًا لوجود نقاش حاد، خاصة حول سياسات حزب الشعوب الديمقراطي، فهناك عدد حقيقي من الأصوات التي ستؤثر على نتيجة الانتخابات. في هذا السياق، أعتقد أن اللغة والخطاب الذين سيتم استخدامهما للناخبين من أصل كردي مهمان أيضًا في هذه الانتخابات.
في هذا السياق أيضًا؛ يمكننا إضافة الأسئلة التالية هنا: من ناحية سياسة التحالف، كيف ستشكل الأحزاب السياسية تحالفًا في الانتخابات البرلمانية؟ ومن سترشح من الشخصيات السياسية؟ وما هي التكتيكات التي ستتبعها في الانتخابات الرئاسية؟ أعتقد أن الإجابة عن ذلك مهم جدا، وخاصة أن جهود المعارضة لترشيح مرشح مشترك في الانتخابات الرئاسية والبحث عن شراكة في الانتخابات النيابية ستطرح مواضيع نقاش جديدة على جدول الأعمال؛ فلا تزال قضية الاستثمار والتنمية مهمة من حيث تفضيلات الناخبين في تركيا، وأعتقد أن هذه القضية ستكون أيضًا على جدول أعمال الانتخابات.
هناك منافسة صارمة داخل المعارضة
في الانتخابات السابقة، برز تحالفان رئيسيان في المقدمة، وهما تحالف الشعب وتحالف الأمة. وهناك أيضًا حقيقة أن هناك جدول لـ”طاولة الستة” ينعقد فيه تحالف الأمة، على الرغم من أنه لم يتم الإعلان رسميًّا عن وجود تحالف؛ حيث سيجمعون أصوات الأحزاب على طاولة الستة ويقدمونها ككل. هل الحسابات الرياضية التي تقوم بها الأحزاب سترى الإجابة نفسها في صناديق الاقتراع، هل هناك أمثلة على ذلك في الماضي؟
أنت الآن في الواقع سألت سؤالين؛ ردًّا على الجزء الأول: يمكننا الآن تحليل السياسة في تركيا من خلال قطبين رئيسيين وحزب الشعوب الديمقراطي، الذي يتم اعتباره ضمن المعارضة. وعندما ننظر إلى سياسات ”طاولة الستة”؛ فإن الأحزاب التي يكون دافعها الرئيسي هو أردوغان أو المناهضين للحكومة تجتمع معًا، وبعض هذه الأحزاب عبارة عن أحزاب صغيرة جدًا تقول أشياء قريبة جدًّا من بعضها البعض، ولكن أهم حزبين على طاولة الأحزاب السداسية هما حزب الجيد وحزب الشعب الجمهوري.
وعندما ننظر إلى مزيج ”طاولة الستة”؛ فهناك وحدة حول معارضة السلطة ومعارضة أردوغان بدلًا من وحدة المشروع والرؤية والخطاب السياسي في السياسة، ومن أجل الحفاظ على هذه الوحدة، هناك جهود للالتقاء وتشكيل المزيد من الموضوعات المجردة، وليس عناوين محددة. والواقع أن ”طاولة الستة” هي أحزاب غير متشابهة، وعلى هذا فإن التعاون مستمر سواء على صعيد الانتخابات النيابية أو الترشح للرئاسة، ولكن هناك أيضًا منافسة شرسة؛ حيث يمكننا أن نرى بوضوح توقعات هذا التنافس في المناقشات الأخيرة.
عندما نفحص تاريخ الديمقراطية التركية، هناك العديد من الأمثلة، ولهذا لا ينبغي للمرء أن يلعب كثيرا بواقع وأصالة السياسة
وعلى هذا النحو؛ يقارن الناخبون في نهاية المطاف التحالفات؛ حيث إن لديهم بيانات مهمة جدا للمقارنة. فمن ناحية؛ هناك 20 عامًا من القوة، وهناك رؤى تم إنتاجها للمجتمع، وهناك مشاريع. ومن ناحية أخرى؛ هناك مناقشات مثل تعزيز النظام البرلماني الذي تمت مناقشته على ”طاولة الستة”، والحكومة الانتقالية، وكيف سيتم حل الوزارات والبيروقراطية رفيعة المستوى إذا وصلوا إلى السلطة. والناخبون الواعون في تركيا يتابعون هذه العمليات عن كثب ونتيجة لهذه المتابعة أعتقد أن عقل الناخبين تجاه هذه الكتل أصبح واضحًا؛ حيث يبدو لا مفر من أن المعارضة سوف تترسخ في تصور الناخبين على أنها تعتمد سياسة المساومة.
أريد أن آتي إلى الجزء الثاني من سؤالك. بالطبع؛ لا أستطيع أن أقول إن الهندسة السياسية في السياسة التركية تنتج نتائج إلى حد ما، لكن إذا سألت ما إذا كانت لها طبيعة يمكنها تحويل السياسة وتغييرها تمامًا، فلا أعتقد ذلك. والسبب كالتالي: نعم، تجري محاولة صياغة سلوك التصويت التكتيكي أو سلوك التصويت الإستراتيجي في الانتخابات الأخيرة في تركيا، ويمكن للناخبين التفريق بين اللعبة وفقًا لذلك. من ناحية أخرى؛ غالبًا ما تأتي الهندسة السياسية التي يمكن أن تؤثر على المجال السياسي بنتائج عكسية، فلقد رأينا هذا في كل من السنوات العشرين الماضية وعندما نفحص تاريخ الديمقراطية التركية، هناك العديد من الأمثلة، ولهذا لا ينبغي للمرء أن يلعب كثيرا بواقع وأصالة السياسة.
حزب الشعوب الديمقراطي يطلب “المقابل” من تحالف الأمة
حزب الشعوب الديمقراطي ليس رسميًّا على ”طاولة الستة”، ولكن هناك أيضًا حقيقة أنه على اتصال مع حزب الشعب الجمهوري. ما هو الأثر الذي يمكن أن يحدثه حزب الشعوب الديمقراطي في رأيك على ”طاولة الستة”، لا سيما في اختيار المرشح الرئاسي في الانتخابات المقبلة؟ بمعنى آخر، هل سيؤثر إيجابيًّا على ”طاولة الستة”، أم سيكسر التحالف؟
بالطبع؛ يجلب حزب الشعوب الديمقراطي اختبارًا صعبًا لـ”طاولة الستة”، فمما لا شك فيه أن حزب الشعوب الديمقراطي دعم مرشحي تحالف الأمة في الانتخابات المحلية لعام 2019، ومنذ ذلك الحين؛ يريد بالفعل المقابل لهذا الدعم؛ حيث يلجأ إلى حزب الجيد ويقول: “أنت تجلس مع الأصوات التي أعطيناها لهم في ذلك الوقت”، أو عندما يدلي حزب الجيد ببيان حول حزب الشعوب الديمقراطي، فإنه يتلقى استجابة قاسية للغاية. الآن؛ من الضروري تحليل مشكلة حزب الشعوب الديمقراطي؛ حيث يفكر سياسيو حزب الشعوب الديمقراطي على هذا النحو؛ لدينا نسبة معينة من الأصوات، وعندما ننظر إلى التحالفات في تركيا، يمكننا التأثير بشكل كبير على نتيجة الانتخابات. على هذا النحو، لديهم توقعات من تحالف الأمة تتجاوز وزنهم، فهم يجبرون تحالف الأمة أو طاولة الستة على تطوير إطار سياسي معين، قائلين إنه يجب أن تحتضننا في الساحة السياسية، ولا تقف ضد سياستنا.
لليوم؛ يواصل حزب الشعوب الديمقراطي طريقه كتحالف ثالث، قائلاً إنه سيدخل الانتخابات البرلمانية مع مرشحيه، لكن في الانتخابات الرئاسية، يحاول في الواقع إنشاء نوع من الوصاية على طاولة الستة، قائلًا: إذا اخترت المرشح الذي نريده، فسوف ندعمه. على سبيل المثال؛ يقولون: نحن لا ندعم مرشحًا من حزب الجيد أو مرشحًا يكون فيه حزب الجيد فعالًا وحاسمًا. في الواقع؛ كان هناك تقسيم للعمل حتى اليوم، وفي تقسيم العمل هذا سيقف حزب الشعوب الديمقراطي كحزب يتعاون معه طاولة الستة، وسيدير حزب الشعب الجمهوري هذه العملية، ولن يتدخل حزب الجيد في الكثير من الأمور هنا.
هذا التعاون لن يتضرر من تصريحات رفيعة المستوى، لكننا تحدثنا عنه للتو. في بعض الأحيان، لا تسمح الحقائق في السياسة بهذه الهندسة. بعد كل شيء؛ لدى حزب الجيد ما يمكن أن نطلق عليه قاعدة قومية علمانية، وهناك أقسام قومية وكمالية داخل حزب الشعب الجمهوري، وعجز حزب الشعوب الديمقراطي عن النأي بنفسه عن حزب العمال الكردستاني، وتنتقد القاعدة القومية داخل هذه الأحزاب تصريحات قادة حزب الشعوب الديمقراطي التي تدعم حزب العمال الكردستاني علناً. وعلى هذا النحو؛ يجلب حزب الشعوب الديمقراطي معه اختبارات مختلفة لطاولة الستة.
يحتاج حزب الشعوب الديمقراطي إلى الفصل بين كوادره والقاعدة
ومن أجل إدارة الأزمات الناتجة؛ تقدم الأطراف تنازلات من سياساتها الخاصة. على سبيل المثال؛ قدم حزب الجيد العديد من التنازلات حتى الآن، وقد خضع حزب الشعب الجمهوري بالفعل لعملية تحول، خاصة بعد عام 2010، ولكن على أي حال، عند إجراء انتخابات 2023، ستتم مناقشة مسألة حزب الشعوب الديمقراطي، لكني أود التأكيد على نقطة يجب أخذها في الاعتبار في هذه المناقشات لمستقبل السياسة التركية؛ أعتقد أنه يجب الفصل بين كوادر حزب الشعوب الديمقراطي وقيادة الحزب وقاعدة حزب الشعوب الديمقراطي. فلا ينبغي النظر إلى الناخبين الأكراد وحزب الشعوب الديمقراطي على أنهما نفس الشيء.
بل وأبعد من ذلك؛ لا ينبغي تقييم إدارة حزب الشعوب الديمقراطي ومنظماته والناخبين الذين صوتوا لهذا الحزب من نفس المنظور. فعندما ننظر إلى قاعدة حزب الشعوب الديمقراطي بين الماضي إلى الحاضر؛ نرى أن القاعدة تدعم مرشحي حزب العدالة والتنمية في العديد من الانتخابات، خاصة في الانتخابات الثنائية أو الانتخابات الرئاسية أو الاستفتاءات العامة أو الاستفتاءات التي يدعمها حزب العدالة والتنمية. وفي إسطنبول؛ على سبيل المثال، يمكننا أن نرى بوضوح أن قاعدة حزب الشعوب الديمقراطي دعمت مرشح حزب العدالة والتنمية إلى حد ما في الانتخابات البلدية من الماضي إلى الحاضر.
من الضروري أيضًا أن نرى أن هذا التوازن قد تغير في الانتخابات المحلية الأخيرة في إسطنبول، فيما دعم حزب الشعوب الديمقراطي بشكل كبير مرشحي تحالف الأمة في المدن الكبرى، وكما هو الحال مع قاعدة كل حزب، تتغير أيضًا قاعدة حزب الشعوب الديمقراطي. علاوة على كل هذا؛ لا يمكننا التحدث عن جمهور ناخب موحد لحزب الشعوب الديمقراطي.
المصدر: كريتر