قالت صحيفة فاينانشال تايمز إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي بصدد البدء في إنشاء قيادة عسكرية مشتركة لمواجهة التهديدات الجديدة في المنطقة العربية خصوصًا من جهاديي الدولة الإسلامية في العراق والشام بالإضافة إلى التهديدات الإيرانية بالمنطقة، على أن يكون مقرها في المملكة العربية السعودية.
وقد صرح الشيخ “خالد آل خليفة” وزير الخارجية البحريني في مقابلة أجراها مع الصحيفة، أن مئات الآلاف من الجنود سيكونون تحت مظلة تلك القيادة العسكرية والتي ستبدأ عملياتها العسكرية بعد القمة الخليجية المزمع عقدها في العاصمة القطرية الدوحة في ديسمبر الحالي، وسوف تركز القيادة العسكرية على عمليات الدفاع من خلال التنسيق بين القيادة البحرية لدول مجلس التعاون الخليجي في البحرين والقيادة الجوية في السعودية.
وفي هذا الصدد أشار الدكتور “تيودور كاراسيك” كبير مستشاري إدارة تأمين المخاطر في دبي أنه في ظل التعاون المشترك في قيادة العمليات العسكرية ستتضاعف القوى خصوصًا مع اشتراك السعودية بمائة ألف فرد؛ مما سيمكنهم من صد أي هجوم محتمل.
كما أضاف الشيخ خالد أن زيادة التنسيق العسكري بين دول المجلس تأتي بالتزامن مع محاولة الإصلاح الداخلي للعلاقات المتوترة بين دول مجلس التعاون الخليجي خصوصًا فيما يتعلق بالعلاقات مع قطر، حيث اتفق رؤساء دول مجلس التعاون الخليجي الذين كانوا قد قرروا سحب سفرائهم من الدوحة على إعادة إرسال سفرائهم مرة أخرى بعد الاتفاق الذي تم في العاصمة السعودية الرياض منتصف نوفمبر الماضي، وأضاف الشيخ خالد أن اتفاق الرياض تضمن استمرار دعم دول الخليج لحكومة الجنرال “عبد الفتاح السيسي” في مصر مع عمل دولة قطر على تخفيض دعمها الدائم لجماعة الإخوان المسلمين.
وطبقًا للاتفاقية، فيتوجب على قطر أن تشارك كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في دعمهما المالي الموجة لمصر في خطوة غير مرتقبة قد لا تدخل حيز التنفيذ، وأن تنهي قطر دعمها لجماعة الإخوان المسلمين والتي اتهمها الشيخ خالد بضلوعها في تنفيذ عمليات إرهابية في مصر.
وأكد أنه يجب على الإمبراطورية الإعلامية القطرية وهي قناة الجزيرة أن تغير من سياستها تجاه ما يحدث في مصر وألا تغطي الأحداث المصرية بشكل سلبي مع التوقف التام عن شن الحملات الإعلامية ضد الحكومة المصرية، مع عدم استضافة المعارضين للأنظمة سواء النظام المصري أو الأنظمة في دول الخليج، وعلى هذا تقرر إنشاء غرفة عمليات في الرياض لرصد مدى الامتثال لهذا الاتفاق الخليجي من عدمه، هذا وقد رفضت الحكومة القطرية التعليق على الاتفاق.
البحرين التي تزداد مخاوفها بشأن إيران بعد ازدياد الدورالإيراني في المنطقة خاصة بالملف السوري والعراقي واللبناني في الأمس القريب والتي تخشى أن تتحول لمنطقة نفوذ إيرانية شيعية وذلك عقب الاحتجاجات التي قامت ضد الحكومة السنية في البحرين من قبل متظاهرين شيعة اتهمتهم السلطات البحرينية بتلقى دعم إيراني؛ لذلك رحبت البحرين بالاتفاقات التي توصلت إليها إيران مؤخرًا بشأن برنامجها النووي لكن مع التأكيد على أن سلوكها في المنطقة لم يتغير لذلك وجب الإبقاء على العقوبات الموقعة عليها كما هي، وما يثير قلق مجلس التعاون الخليجي من إيران أكثر فأكثر هو الدور الذي تتخذه في اليمن الآن عقب سيطرة الحوثيين المدعومين إيرانيًا على العاصمة صنعاء.
بالرغم من مباركة دول الخليج لهذه الخطوة في بداية الأمر كنكاية سياسية حيث دفعت بالغريم السياسي لمجلس التعاون الخليجي “الإخوان المسلمون باليمن” إلى الخلف، ولكن سرعان ما أدركت دول مجلس التعاون الخليجي خطأ تعويلهم على الحوثيين أصحاب الولاء الشيعي والتبعية الإيرانية؛ الأمر الذي جعلهم يفكرون بأن إيران تقوم بتطويق الخليج العربي من جميع الجهات؛ ما استدعى قلقًا أكثر واهتمامًا أكثر بالقضايا الداخلية والدفع في اتجاه وحدة الصف الخليجي تجاه الأخطار الحادقة المتمثلة في الصعود الإيراني المخيف والتمدد الجهادي لتنظيم الدولة الاسلامية وذلك بعد استتباب الأمر في مصر إلى حد ما وعدم وجود تغييرات جذرية بالمشهد تدعو للفرقة.
فيما يبدو أن اللاعبين الخليجيين قرروا أخذ هدنة من اللعب في مصر والالتفات للداخل الخليجي والمحيط الجغرافي لدول مجلس التعاون الخليجي بعد ظهور مؤشرات خطر أكبر بكثير من عداء تيار الإسلام السياسي في المنطقة.
ومن غير المحتمل أن تغير قطر من وجهة نظرها بشكل كلي، ولكن من الممكن أن تأخذ هدنة لتستريح بأوراق ضغطها التي فقدت رونقها إلى حد ما مع خفوت نجم حركة الإخوان المسلمين بالمنطقة.
ويأتي ذلك التعاون أيضًا وسط حالة من المخاوف من تصاعد قوة الدولة الإسلامية في العراق والشام بالإضافة إلى تزايد عدد أنصارها من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أشار الشيخ خالد إلى أن هناك خمسة وعشرين بحرينيًا يقاتلون في صفوف داعش بالإضافة إلى الكثير من المتعاطفين معها مازالوا في البحرين ومثلهم في كل دول الخليج، مما يثير المزيد من القلق، وأضاف أنه وإن كانت أفغانستان مدرسة ابتدائية للإرهابيين، فإن كل من سوريا والعراق يعتبرا جامعة بالنسبة لهم.
هذا وقد اتخذت دول الخليج سياسة صارمة في التعامل مع كل المتعاطفين مع الدولة الإسلامية في العراق والشام داخل أراضيها، فقد كشفت الأجهزة الأمنية في المملكة العربية السعودية عن تشكيل يتألف من سبعة وسبعين شخصًا قام بعضهم بتنفيذ هجوم على مصليين شيعة في أراضي المملكة وأسفر ذلك الهجوم عن سبعة قتلى من المصليين، فيما تتخذ البحرين إجراءات حازمة في اعتقال كل المتعاطفين مع داعش مع تضييق الخناق على تمويل الإرهاب.