ترجمة وتحرير: نون بوست
تملك الحكومة البريطانية أرضًا في القدس الغربية خصصت لتكون موقع السفارة الجديدة في “إسرائيل”، بحسب مذكرة أرسلت إلى أعضاء البرلمان عن حزب المحافظين المؤيدين لـ”إسرائيل” واطلع عليها موقع ميدل إيست آي.
قام بتعميم المذكرة مجموعة ضغط اسمها “”أصدقاء إسرائيل” في حزب المحافظين” كجزء من حملة لدعم القرار المثير للخلاف الذي اتخذته رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس، وأعلن عنه الشهر الماضي، بإعادة النظر في موقع السفارة البريطانية.
وكان جيمز غيرد، مدير مجموعة “أصدقاء إسرائيل” في حزب المحافظين، قد بعث السبت الماضي بالمذكرة التي تثبت إمكانية نقل السفارة إلى القدس، وذلك عشية انعقاد مؤتمر الحزب هذا الأسبوع في بيرمنغهام مرفقة “برد مقترح لتبرير الأمر” حتى يرسله أعضاء البرلمان إلى دوائرهم.
كلتا الوثيقتين بحوزة موقع ميدل إيست آي.
تقول المذكرة إن إجراء نقل السفارة البريطانية من موقعها الحالي في تل أبيب إلى القدس سيكون بمثابة “مسألة إدارية انطلاقًا من الاعتراف بالواقع على الأرض.”
كما تقول: “من المفهوم أن الحكومة البريطانية تملك أرضًا في القدس الغربية مخصصة لإقامة السفارة عليها هناك”. يعني الكشف عن هذه المعلومة أن ليز تراس قد تكون مستعدة للبدء بإجراءات نقل السفارة بمجرد أن تمنح الضوء الأخضر للقيام بذلك.
“صهيونية كبيرة”
تقول مجموعة “أصدقاء إسرائيل” في حزب المحافظين إن لديها هدفين، أما الأول فهو تأييد “إسرائيل” وأما الثاني فهو الترويج للفكرة التي يقوم عليها حزب المحافظين في بريطانيا.
وتقول إنها تنشط على كافة المستويات داخل حزب المحافظين، ويعتقد بأنها تضم ثمانين بالمائة من أعضاء البرلمان عن حزب المحافظين.
وكانت ليز تراس قد حضرت يوم الأحد برفقة عدد من الوزراء الآخرين لقاء نظمته مجموعة “أصدقاء إسرائيل” في حزب المحافظين احتفالًا بافتتاح مؤتمر الحزب، وفي اللقاء خاطبت الحضور قائلة إنها “صهيونية كبيرة ومؤيدة كبيرة لإسرائيل.”
وفي مقال لها نشرته مجلة “إنفورمد” الناطقة باسم مجموعة “أصدقاء إسرائيل” في حزب المحافظين، صدرت بمناسبة انعقاد المؤتمر، قالت ليز تراس: “أتفهم أهمية وحساسية قضية موقع السفارة البريطانية في “إسرائيل” وأنا ملتزمة بإعادة النظر في الأمر لضمان العمل على أرضية مشتركة صلبة مع إسرائيل.”
وحين تحدث يوم الأحد في إحدى لقاءات مجموعة “أصدقاء إسرائيل” في حزب المحافظين، ذهب رئيس الجمعية العمومية للحزب جيك بيري إلى أبعد من ذلك، فيما يبدو أنه تمهيد للنتيجة التي ستتمخض عنها إعادة النظر في الأمر من قبل ليز تراس، حيث قال: “أتعهد بالتزام لا يتزحزح كرئيس للجمعية العمومية للحزب بأننا سوف نستمر في بناء علاقات قوية مع دولة “إسرائيل” وسوف نستمر في دعمها في حربها لضمان بقائها آمنة ولكي تكون القدس هي مقر سفارتنا الجديدة.”
رئيس مجموعة “أصدقاء إسرائيل” في حزب المحافظين: “نقل السفارة ينسجم تمامًا مع حل الدولتين ولا يعتبر قرارًا ذات علاقة برسم الحدود النهائية، بل هو تحرك معتدل جدًا.”
كما أشار وزير الصحة روبرت جينريك أيضًا إلى أن الحكومة البريطانية تملك أرضًا يمكن أن تقام عليها سفارة.
وقال جينريك: “لدينا موقع في القدس هناك ينتظر. وحان الوقت لأن نتحمل المسؤولية ونبني تلك السفارة ونعترف بأن العاصمة الحقيقية لدولة “إسرائيل” هي بوضوح القدس.”
كما أعدت مجموعة “أصدقاء إسرائيل” في حزب المحافظين خطابًا مرفقًا بالمذكرة لتبرير الأمر حتى يبعث به أعضاء البرلمان إلى دوائرهم، ومما ورد في الخطاب العبارة التالية: “أرحب بتعهد رئيسة الوزراء ليز تراس إعادة النظر في قضية موقع السفارة البريطانية في إسرائيل.”
إلا أن متحدثًا باسم مجموعة “أصدقاء إسرائيل” في حزب المحافظين نفى ما استنتجه موقع ميدل إيست آي من أن المنظمة تمارس ضغوطًا على أعضاء البرلمان عن حزب المحافظين حتى يؤيدوا نقل السفارة إلى القدس.
وقال المتحدث: “إنها مذكرة من صفحة واحدة وهي من النوع الذي يتم توزيعه حول أي قضية من القضايا.”
وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال رئيس مجموعة “أصدقاء إسرائيل” في حزب المحافظين: “نقل السفارة ينسجم تمامًا مع حل الدولتين ولا يعتبر قرارًا ذات علاقة برسم الحدود النهائية، بل هو تحرك معتدل جدًا.”
ميلان دراماتيكي
يمثل قرار تراس إعادة النظر في موقع السفارة ميلانًا دراماتيكيًا بعيدًا عن السياسة التي طالما التزمت بها الحكومة البريطانية وظلت ثابتة عليها طوال عهود رؤساء الوزراء السابقين جميعًا منذ مارغريت ثاتشر وحتى بوريس جونسون.
بل نددت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تريزا ماي بالخطوة بعبارات لا لبس فيه، وقالت في تصريح لها في ديسمبر / كانون الأول من عام 2017 ردًا على قرار حكومة الولايات المتحدة نقل السفارة إلى القدس: “نعتقد بأن الخطوة غير مفيدة ولا تساعد فرص السلام في المنطقة … وانسجامًا مع قرارات مجلس الأمن الدولي ذات العلاقة بالأمر، فإننا نعتبر القدس الشرقية جزءًا من المناطق الفلسطينية المحتلة.”
وأعادت الحكومة البريطانية التأكيد على موقفها ذلك في ديسمبر / كانون الأول من عام 2021، حين قال المنسق السياسي البريطاني في الأمم المتحدة في خطاب له: “إن موقف بريطانيا تجاه وضع القدس واضح وثابت منذ وقت طويل، ألا وهو أنه ينبغي أن يتقرر ذلك من خلال تسوية يتم التفاوض عليها بين الإسرائيليين والفلسطينيين.” وأضاف إن بريطانيا “تعارض الإجراء المتخذ من طرف واحد في القدس في غياب تسوية للوضع النهائي، ولا تزال مؤيدة للوضع القائم تاريخيًا.”
نقل السفارة سوف “يشجع القوة المحتلة” على “تقويض” فرص التوصل إلى حل الدولتين
ولقد دعم أستاذ العلاقات الدولية المتقاعد في جامعة أكسفورد آفي شليم هذا الموقف البريطاني الثابت منذ وقت طويل في مقال له نشره موقع ميدل إيست آي الأسبوع الماضي، حيث قال: “إن نقل السفارة إلى القدس من شأنه أن ينتهك حزمة من قرارات الأمم المتحدة ويمثل تراجعًا مباغتًا عن السياسة البريطانية التي ما لبثت تنتهجها منذ عام 1967.”
وأضاف شليم: “لقد التزمت هذه السياسة، كجزء من إجماع دولي واسع، ببقاء جميع السفارات في تل أبيب إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق سلام شامل بين “إسرائيل” والفلسطينيين، تصبح القدس بموجبه عاصمة مشتركة للدولتين.”
إلا أن مذكرة مجموعة “أصدقاء إسرائيل” في حزب المحافظين تخالف ذلك، إذ تنص على أن نقل السفارة إلى القدس “لن يحول بين الفلسطينيين وإقامة عاصمتهم في القدس الشرقية في المستقبل، ولن يغير موقف بريطانيا الذي يرى بأن مستقبل وضع المدينة قضية لابد من أن يتم التفاوض عليها بين الإسرائيليين والفلسطينيين في مفاوضات ثنائية.
كما تقول: “في ظل أي حل واقعي للدولتين، سوف تبقى القدس الغربية تحت الحكم الإسرائيلي – وهذا ما تم القبول به في مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ عقود.”
وتشير المذكرة إلى أن الولايات المتحدة اعترفت بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، كما اعترفت بذلك أيضًا كل من “تايوان وناورو وهندوراس وغواتيمالا وكوسوفو.”
وكان رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد شتية قد قال يوم الإثنين الماضي إن نقل السفارة سوف “يشجع القوة المحتلة” على “تقويض” فرص التوصل إلى حل الدولتين.
المصدر: ميدل إيست آي