في جولة بالجنوب التونسي، تعرّفنا على طريقة جديدة يعتمدها العديد من التونسيين هناك للوصول إلى فرنسا، صحيح أن عدد الذين يختارونها قليل نوعًا ما مقارنة بالهجرة عبر البحر المتوسط أو صربيا ولم تصبح بعد ظاهرة، لكن من المهم التطرق إليها وفهم مسارها.
يمكن اعتبار هذه الطريقة هجرة منظمة ويمكن اعتبارها “حرقة” أيضًا، ففي النهاية المهاجر سيدخل إلى فرنسا بصفته حارق/ مهاجرة لا يملك تأشيرة قانونية لدخول الفضاء الأوروبي، ذلك أن الحصول على تأشيرة بعض الدول الأوروبية لا يعني حتمًا أنها تسمح بالدخول لدول الاتحاد، فبعض الدول خارج هذا الاتحاد القاري.
على عكس العديد من الجنسيات، التي تسعى للوصول إلى بريطانيا والاستقرار فيها، حتى لو كلفها ذلك حياتها، يتخذ العديد من التونسيين بريطانيا نقطة عبور نحو فرنسا، إذ يحصل العديد منهم على تأشيرات سفر نحو هذا البلد الأوروبي يؤمنها أحد المهربين، ومن ثم “يحرقون” عبر البحر أو الشاحنات الثقيلة أو عبر السيارات نحو فرنسا.
في هذا التقرير الجديد لـ”نون بوست”، ضمن ملف “الحرقة التونسية” سنحاول التعرف معًا على مسار هذه الرحلة الأقل خطورة من غيرها والأكثر تكلفة، ومعرفة سبب اختيار التونسيين هذه الهجرة العكسية ولم التركيز على فرنسا بالذات.
بداية الفكرة
لم تسمح الظروف أن يكمل إبراهيم دراسته، إذ لم يتجاوز السنة الثامنة إعدادي، ما جعل فرصه في إيجاد عمل تقل، دفع هذا الأمر بإبراهيم البالغ من العمر 29 سنة إلى الدخول لأحد مراكز التكوين المهني في مدينة قابس، ودرس اختصاص تبريد، ثم بدأ العمل في هذا المجال.
يقول إبراهيم إنه يجني أموالًا كبيرة من هذا العمل، فهذا الاختصاص مطلوب في منطقته وكل البلاد، كما أنه أصبح مشهورًا وقبلة للعديد من الحرفاء بفضل دقّة عمله وحرفيته.
رغم ذلك، هناك ما ينغص حياته، ففي عقله فكرة لم يستطع إزاحتها، فقد سيطرت عليه وأصبحت شغله الشاغل ولا يُفكّر إلا فيها، خاصة في أشهر الصيف التي تمتاز بارتفاع عدد التونسيين العائدين من الخارج بهدف السياحة والاطمئنان على الأهل.
لم يستطع إبراهيم إزاحة فكرة “الحرقة” من مخيلته، وقد جرب أن يبحر مرتين عبر المتوسط، لكنه فشل في ذلك، ففي الأولى تم القبض عليهم بعد قرابة 3 ساعات من الإبحار من شاطئ الشابة في محافظة المهدية وسط البلاد، أما في المرة الثانية، فقد تم التحايل عليه وسلبه أمواله.
اختار منتصر هذه الطريقة للحرقة والوصول إلى فرنسا، بسبب خوفه من البحر ورفضه ركوب قوارب الموت كما يسميها
رغم كل ذلك، ظلت الفكرة تراوده، يقول إبراهيم إنه سمع بأحد المهربين الذين يؤمنون الحرقة نحو فرنسا عبر بريطانيا، وفرص نجاحها عالية جدًا، لكن تكلفتها المالية باهظة نوعًا ما مقارنة بالحرقة عبر البحر، فقرر المضي في هذا الطريق علّه يحقق حلمه.
لم يستطع إبراهيم الوصول إلى المهرب مباشرةً، لكنه تمكن من الحصول على رقم الوسيط الذي اتصل به مباشرة واتفقا على الثمن وكل الإجراءات التي تتطلب بعض الوقت فقط، فسارع إلى تأمين المبلغ المطلوب لبدء الإجراءات.
طُلب منه 15 ألف دينار تونسي – ما يعادل نحو 4600 دولار أمريكي -، تقدم كلها للمهرب الذي يؤمن له جميع الوثائق المطلوبة للتأشيرة من حجز للتذاكر والنزل وباقي الوثائق المتعلقة بالعمل الوهمي والتأمين الاجتماعي وغيرها.
أما الوسيط فاتفق معه أن يمده بألفي دينار – ما يعادل 610 دولارات -، مقابل الوساطة بين إبراهيم والمهرب، كما يمكن أن يحصل الوسيط على مبلغ آخر من المهرب مباشرة، فهو الذي يشرف على تنظيم العملية حتى لا يكون صاحبه في الواجهة لإجراءات أمنية.
إجراءات التأشيرة
لم يكن إبراهيم الوحيد الذي يلجأ إلى هذا المهرب، فقد كان صديقه منتصر معه، ويعمل منتصر في مجال البناء، فهو أيضًا لم يكمل دراسته ولم يتعلم صنعة في مراكز التكوين، ما جعله يضطر للعمل في مجال البناء المتعب.
اختار منتصر هذه الطريقة للحرقة والوصول إلى فرنسا، بسبب خوفه من البحر ورفضه ركوب قوارب الموت كما يسميها، فضلًا عن عدم موافقة أهله على فكرة الهجرة غير النظامية عبر تركيا وصربيا، رغم أن العديد من أصدقائه وصلوا فرنسا عبر هذا الطريق الجديد للتونسيين.
أول الإجراءات كانت تغيير المهنة في بطاقة الهوية وجواز السفر، فكلاهما عامل يومي، وأيّ تأشيرة سيتم طلب الحصول عليها بهذه المهنة، سيكون مصيرها الرفض في الغالب، فالسفارات تنظر لمهنة المتقدم بطلب الحصول على التأشيرة قبل كل شيء.
جرى تغيير المهنة، وأصبحت “ممثلًا تجاريًا بشركة”، فقد أمن لهم المهرب كل الوثائق الضرورية لذلك من شهادة عمل وسجل تجاري للشركة الوهمية وبطاقات أجر وغيرها من الوثائق التي يمكن أن تُطلب منهم في أثناء تغيير الوظيفة.
تم حجز موعد تقديم طلب الحصول على التأشيرة لمنتصر وإبراهيم في موعدين مختلفين، لكن لا يفصل بينهما الكثير، أخذا معهما جميع الوثائق المطلوبة، وحتى التي لم تطلب منهما وذلك لتقوية حظوظهما في السفر إلى بريطانيا.
فرص النجاح والحصول على التأشيرة كبيرة جدًا، وفق ما أكده المهرب لإبراهيم، وهو ما زاد من طمأنته، فهو يخشى ألا يحالفه الحظ هذه المرة أيضًا، فالمرات السابقة التي فشل فيها في الحرقة ما زالت بباله لا تفارقه.
بعد نحو 3 أسابيع، جاءهما الاتصال المنتظر، حيث تم قبول الطلب ومنحهما التأشيرة نحو بريطانيا، فرحا كثيرًا، فقد اقترب موعد تحقيق حلمهما، والمرحلة الأولى من الطريق تمت بنجاح كما وعدهما الوسيط والمهرب على حد سواء.
خشي الاثنان أن يتم رفض مطلبهما، فقد خافا أن تتفطن المصالح القنصلية البريطانية إلى كون الوثائق التي تم الاستظهار بها في أثناء تقديم طلب التأشيرة مزورة وغير رسمية، لكن “صدق” المهرب الذي أكد لهما وجود أطراف يعمل معها في السفارة البريطانية.
بداية الرحلة
اختار إبراهيم السفر إلى بريطانيا ليلًا، فالليل ساتر كما يقول لنا، تعلم بعض الكلمات الإنجليزية التي يمكن أن يلجأ إليها في المطار أو عند التوجه إلى النزل في مدينة الضباب لندن، ذلك أن درايته باللغة الإنجليزية ضعيفة كدراية البريطانيين بجرائم بلدهم في مستعمراته السابقة.
تعلّم كيفية التعامل مع الموظفين في مطاري تونس ولندن إن حصل وأن تعامل معهم، وماهية الأجوبة التي سيقدمها لهم، والأهم وفق التوصيات ألا يرتبك ويكون في مظهر الواثق من نفسه، فلا شيء يدعوه للخوف، فكل الإجراءات سليمة.
قبل الموعد المحدد للسفر، سمع إبراهيم كلامًا يفيد بالتعرف على بعض العصابات التي تزور التأشيرات إلى بريطانيا، يشرف عليها أفارقة تم القبض عليهم، “من وقت سمعت الكلام هذكه قلبي طاح، معاش عارف شنو نعمل، خايف كان حتى أنا تطلب فيزا نتعي مدلسة”.
مرّ الوقت ببطء شديد، ساعات قليلة على موعد الطائرة، لبس الشاب التونسي الثلاثيني، بذلة رسمية حتى يكون في مظهر لائق، حمل في يديه حقيبة يدوية كما يفعل ممثلو الشركات تمامًا، هكذا تم نصحه، حتى لا يترك شيئًا للصدفة.
قاوم منتصر وإبراهيم كل عناصر الإغراء هذه ومكثا في النزل، أو بالأحرى في غرفهما ينتظران اتصالًا هاتفيًا مهمًا من المهرب
في مطار تونس قرطاج، مر كل شيء على ما يرام، نظر لبعض المسافرين معه في نفس الطائرة، وبدأ يتبع خطواتهم، يكرر ما يفعلون، حتى لا يخطئ الطريق ولا يرتكب خطأ يكلفه العودة إلى بيته خائب المسعى، في الأثناء قرأ إبراهيم كل ما يحفظ من قرآن وأدعية.
عند الوصول إلى مطار لندن، تزايدت دقات القلب، حتى إنه كاد يخرج من بين أضلع صدره، بدأ العرق يتصبب، تناول منديلًا ورقيًا لمسحه حتى لا تظهر عليه علامات الارتباك، فهي المرة الأولى التي يسافر فيها خارج وطنه تونس.
سلم جواز سفره لعون الأمن المكلف بالجوازات، تصفح الأمني الجواز ثم حدّق في إبراهيم الذي كان في ذلك الوقت يقرأ القرآن، لم تمض إلا دقيقتين أو أكثر بقليل، حتى سلمه البريطاني جواز السفر مرحبًا به بابتسامة صفراء.
لم يكن يتوقع إبراهيم أن تمر الأمور بسهولة هكذا، فقد كان يجهز حجز النزل وتذكرة العودة لمدها لعون الأمن إن طلبها، وفق ما تعلمه في تونس قبل سفره، لكن كل شيء على ما يرام وأفضل، حمد الله كثيرًا وخرج مسرعًا نحو أول تاكسي تعترضه.
أيام قليلة في لندن
بعد يوم فقط، جاء اتصال لإبراهيم من منتصر يخبره بقدومه إلى لندن ونجح السفرة، يقول منتصر إنه ما إن خرج من المطار حتى توجه إلى أول سائق تاكسي، أعطاه ورقة مكتوب بها عنوان النزل الذي يقصده، وصل هنا بسرعة، فالمسافة قصيرة والطريق غير مزدحم.
قرّر الاثنان عدم الخروج من النزل إلا لأمر ضروري، فهما لا يعرفان شيئًا عن لندن ولا يتحدثان الإنجليزية، كما أنهما غير معتادان مثل هذه المدن الكبرى، فحتى العاصمة تونس لم يسبق لهما أن مكثا فيها أكثر من يومين.
بين ليلة وضحاها وجد إبراهيم ومنتصر نفسيهما أمام مدينة كبرى فيها الملايين من البشر وناطحات السحاب، مدينة لم يتعودا رؤية مثلها، وتدعو كل زائر لها أن يمكث فيها بعض الوقت للتمتع بخصائصها ومميزاتها المعمارية والحضارية.
قاوم الاثنان كل عناصر الإغراء هذه ومكثا في النزل، أو بالأحرى في غرفهما ينتظران اتصالًا هاتفيًا مهمًا من المهرب الذي سيؤمن لهما رحلة العبور من بريطانيا إلى فرنسا، وهي رحلة سهلة بعض الشيء مقارنة بالرحلة العكسية أي من فرنسا إلى بريطانيا.
إلى فرنسا
عشية اليوم الثاني، جاء الاتصال المنتظر، أخبرهما الحراق أن يتجهزا، إذ ستمر سيارة تاكسي بعد ساعة إلى النزل الذي يمكثان فيه لنقلهما إلى النقطة المتفق عليها قرب الحدود البريطانية الفرنسية، ثمن التاكسي 200 يورو للشخص الواحد.
بعد نحو ساعتين ونصف وصلا إلى مدينة “فولكستون” الحدودية، هناك كان في انتظارهما المهرب، وهو مغربي الجنسية، امتهن تهريب المهاجرين في الاتجاهين، ويجني من هذه المهنة غير القانونية أموالًا طائلةً، وهو ما دفعه للمخاطرة.
أراد معتز وإبراهيم أن يصعدا في الأمام إلى جانب السائق، لكن وجدا العشرات هناك أيضًا، أمرهم المهرب جميعًا بالصعود في الخلف، كان عدد الحراقة يقارب المئة وفيهم عدد كبير من التونسيين والمغاربة أيضًا.
ثمن الرحلة للشخص الواحد 1000 يورو، يتم دفعها قبل الصعود، ولا مجال لمناقشة السعر أو حتى مجرّد الحديث فيه، فهو من المحرمات عند المهرب، بهذا المبلغ، تبلغ تكلفة الرحلة من تونس نحو فرنسا عبر بريطانيا نحو 6300 دولار.
تخفى الجميع في شاحنة كبيرة مغلقة، في رحلة محفوفة بالمخاطر، عبر نفق المانش الرابط بين منطقة كاليه الفرنسية وفولكستون بإنجلترا، تمكن الخوف من غالبيتهم، فيما استسلم عدد منهم للنوم، حتى يرتاح من مشقة سفر طويل.
يعتبر نفق المانش الذي تم افتتاحه في 6 مايو/أيار 1994، أعجوبة هندسية كما أنه من بين أطول الأنفاق قيد الاستخدام في العالم، لكن لم يكن لمنتصر وإبراهيم فرصة التمتع بجماله، فكل فكرهما في مدينة ليون الفرنسية وأصدقائهما هناك.
“ما أغرتنيش لندن وكالبنيان اللي فيها والتطور، بش يغريني نفق.. أنا مخي الكل في فرنسا، نحب نوصل غادي أكهو، نحب نغمض عين ونحل نلقى روحي وصل، ما حاجتي بشيء أخر.. كلها حكايات فارغة، تو غادي نتمتع ونتفرهد”، قال منتصر.
لوهلة كره إبراهيم اللحظة التي فكر فيها في الهجرة بهذه الطريقة التي فيها إهانة لشخصه وإنسانيته، فقد كان يعمل في مدينته ويجني المال الوفير، كان محترمًا هناك والجميع يقدّره، لكن حب الهجرة غلب كل شيء وأزال عنه هذه الأفكار.
بعد نحو 5 ساعات من انطلاق الرحلة من الحدود، وصلت الشاحنة إلى باريس، هناك تم إفراغ “الحمولة البشرية”، نزل الجميع، هناك كان في انتظار منتصر وإبراهيم صديق لهما، سيتكفل بإيصالهما إلى محطة القطار ومن ثم ستكون الوجهة إلى مدينة ليون.
لماذا فرنسا؟
سجلت محاولات الوصول إلى بريطانيا عبر فرنسا ارتفاعًا كبيرًا في الفترة الأخيرة، فقد وصلت محاولات عبور قناة المانش في الأشهر الست الأولى من هذه السنة ارتفاعًا غير مسبوق، فخلال هذه الفترة تم رصد 777 حادثة ومحاولة عبور في قوارب صغيرة تقل 20132 مهاجرًا أي بزيادة قدرها 68% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، بحسب وزارة الداخلية الفرنسية.
نفهم من هنا أهمية الهجرة نحو بريطانيا، فالآلاف يخاطرون بحياتهم للوصول هناك، لكن هناك تونسيين اختاروا العكس وهو الحرقة من بريطانيا نحو فرنسا، ما يُعتبر غريبًا عند الكثير من المهتمين بشأن الهجرة غير النظامية.
سألنا صابر – 33 سنة – عن سبب اختياره فرنسا، وهو الذي وصل إلى بريطانيا عبر الطائرة دون متاعب تُذكر، في البداية استغرب من السؤال ثم بدأ الإجابة: “لا أعرف شيئًا عن بريطانيا إلا فرق كرة القدم والملكة إليزابيث الثانية”.
يضيف “تحتاج بريطانيا معرفة ودراية كبيرة باللغة الإنجليزية، الأمر الذي لا يتوافر عندي مثل أغلب التونسيين الذين أعرفهم، فمعرفتنا باللغة الإنجليزية سطحية رغم أني حاصل على شهادة جامعية منذ 9 سنوات، اختصاص علم اجتماع”.
يعتبر التمكن من اللغة حجر الزاوية لاندماج اللاجئين والمهاجرين، لأنها شرط لدخول سوق العمل والاندماج في المجتمع، ومعروف عن التونسيين تمكنهم من اللغة الفرنسية، لذلك يفضلون الذهاب إلى هذا البلد الأوروبي على الذهاب إلى أي بلد آخر.
وتستخدم اللغة الفرنسية بكثافة في تونس بموازاة اللغة العربية رغم خروج المستعمر الفرنسي منها منذ أكثر من خمسة عقود، وهو ما حصر التونسيين في نطاق ضيق، وجعلهم غير قادرين على التواصل مع العالم، خاصة بعد تراجع الفرنسية عالميًا وبروز الإنجليزية اليوم كلغة علم وتجارة.
لا تقل صعوبة عملية اندماج المهاجرين خاصة غير النظاميين في المجتمعات المستضيفة عن سابقاتها من المراحل التي يمر بها المهاجرون، لذلك يختار الكثير من التونسيين فرنسا، فهي الأقل صعوبة في هذه الناحية من باقي الدول.
صابر: “تصدّق ولا، فم برشا من أولاد بلادي عندي برشا ما شفتهمش، شفتهم هنا في باريس بالصدفة، لقيتهم في القهوة، كان جينا في تونس راو ما تقابلناش”
ما يجعل العديد من التونسيين يختارون فرنسا على باقي الدول الأوروبية أيضًا، عدد الجالية التونسية الكبير في هذا البلد الأوروبي، إذ يوجد أكثر من 800 ألف تونسي في فرنسا تلتها إيطاليا بـ200 ألف ثم ألمانيا بما يقارب الـ100 ألف ثم بلدان الخليج بـ120 ألف تونسي، وفق ديوان التونسيين بالخارج.
في حديثه لنون بوست يقول صابر: “وين تمشي في فرنسا تلقى توانسة خاصة في باريس وليون ومارسيليا.. تقول إنك في تونس مش في بقعة أخرى، أهلك وصحابك كل هنا، ما تخاف من شيء، بالعكس مرتاحين أكثر”.
يضيف “تصدّق ولا، فم برشا من أولاد بلادي عندي برشا ما شفتهمش، شفتهم هنا في باريس بالصدفة، لقيتهم في القهوة، كان جينا في تونس راو ما تقابلناش، يا ولدي باريس لمتنا الكل، وخلاتنا نتقابلوا مع ناس عنا برشا عليهم”.
يضحك صابر قليلًا ثم يواصل “يقولونا هكم في الغربة.. بالله أش من غربة يحكوا عليها، تي الغربة في تونس، أما هنا العز متفرهدين مرتاحين رغم التعب والبرد والتمرميد وكل شيء، أما تبقى فرنسا خير”.
فضلًا عن عاملي اللغة والجالية التونسية الكبيرة، يعتبر عنصر التغطية الاجتماعية والرعاية الصحية، أحد أبرز الأسباب التي دفعت العديد من التونسيين لاختيار الاستقرار في فرنسا على غيرها من دول الاتحاد الأوروبي التي تفوق العشرين دولة.
تقدم الدولة الفرنسية رعاية صحية لجميع المقيمين على أراضيها من لاجئين وطالبي لجوء ومهاجرين بطريقة نظامية أو حتى الذين لا يملكون أوراقًا رسميةً، رغم أن الخطوات الواجب اتباعها للاستفادة من هذه الرعاية ليست سهلة.
كما تقدم فرنسا مساعدات اجتماعية للمهاجرين الذين تكون وضعيتهم المادية متدهورة بعض الشيء، على عكس دول أوروبية أخرى لا تقدم أي مساعدات اجتماعية.