ترجمة وتحرير: نون بوست
يتطلب إيجاد المعادن اللازمة لإنتاج واستخدام الطاقة والوقود مجموعة واسعة من المعادن الحيوية مثل التيلوريوم، وهو أحد هذه العناصر الأرضية النادر الذي اكتسب شعبية لاستخدامه في صناعة الخلايا الكهروضوئية أو الألواح الشمسية. ومع استمرار تزايد الطلب العالمي على الألواح الشمسية، تزداد أيضًا الحاجة إلى المعادن الحيوية مثل التيلوريوم.
لا يُستخرج التيلوريوم بحد ذاته باعتباره “معدنًا منفردًا”، بل يتم حاليًا جمع معظمه كمنتج ثانوي من تعدين النحاس. ويرى سايمون جويت، الجيولوجي الاقتصادي في جامعة نيفادا لاس فيغاس أن “السؤال الأساسي المطروح هو: ما مقدار التيلوريوم الموجود بالفعل؟”. ويحاول هو والمؤلف المشارك بريان ماكنولتي اكتشاف مصادر التيلوريوم واحتياطياته؛ وقدما في هذا الصدد عملهما في الاجتماع السنوي للجمعية الجيولوجية الأمريكية.
لسوء الحظ، نادرًا ما تتوفر بيانات عن كمية التيلوريوم الموجود في منجم قيد الاستغلال. ولسد هذا النقص في البيانات وتقدير احتياطيات المعادن الحيوية، طوّر كل من جويت وماكنولتي “خوادم” لتقدير احتياطي التيلوريوم على مستوى العالم. وتقوم أولى نتائجه على تقديرات الموارد والاحتياطيات، وفي هذه التقارير تعتمد شركة التعدين على التقديرات وبيانات التحقيق الخاصة بها لتقدير كم من مليون طن من المعدن يحتوي منجم معين.
أوضح جويت: “ما نقوم به هو أخذ هذه المعلومات – عن حجم الرواسب وكم من مليون طن من الخام أو المعدن – وندمج ذلك مع المعلومات التي نُشرت في كل مكان آخر حول تركيز التيلوريوم والرواسب”. بعد ذلك، يمكن للباحثين إجراء حساب تقديري للتيلوريوم.
يمكن استخراج المعادن من المخلفات وركام المعادن القديمة وينطبق ذلك على جميع أنواع الثروة المعدنية من النفايات المهدرة
وأضاف جويت أن “الخادم الثاني هو الذي نعرف من خلاله حجم الرواسب”. في هذه الحالة، يستخدم الفريق كميات من معادن التيلوريوم ذات الصلة مثل الكالافيريت، وهو معدن التيلوريوم الذهبي. وحسب جويت يمكن “تقدير كمية التيلوريوم في هذا المعدن، ودمج ذلك مع الحجم المبلغ عنه للرواسب، ومرة أخرى، تطوير خادم آخر”.
لقد درسوا 518 راسبًا معدنيًا في مناجم نشطة في الولايات المتحدة وكندا معروفة باحتوائها على التيلوريوم. وقدر الباحثون باستخدام خوادمهم أن 18 منجم ذهب في البلدين يمكن أن تنتج حوالي 90 طنًا في السنة من التيلوريوم من التعدين الحالي، مع ستة مناجم أخرى للنحاس والزنك والنيكل في كندا لديها القدرة على إنتاج حوالي 170 طنًا في السنة من التيلوريوم.
أكد جويت أن هذا هو الحد الأدنى من التقديرات نظرا لعدم توفّر بيانات كافية عن كل مناجم الذهب والنحاس والنيكل في الولايات المتحدة وكندا. ومن خلال هذه التقديرات، وجدوا أن المناجم تحتوي على حوالي 260 طنًا من التيلوريوم لم يتم استخراجها؛ وحسب جويت: “إذا استخرجت هذا التيلوريوم، يمكن زيادة إنتاج التيلوريوم العالمي بنحو 25 بالمئة، أي ما يعادل سبعة عشر ونصف مليون دولار من التيلوريوم الذي يتم نقله في صناعة المعادن ولكنه يُهدر”.
وأشار جويت إلى أن دراسة التيلوريوم هي مجرد مثال واحد لإمكانية استخراج المعادن الحرجة من عمليات التعدين الحالية، موضحًا: “هناك مجموعة كاملة من المنتجات الثانوية وعناصر المنتجات المصاحبة التي تُكوّم حولنا عند التعدين. نحن بحاجة إلى القيام بعمل أفضل لجعل عمليات تعدين المعادن أكثر استدامة من خلال استخراج ما نستطيع من الرواسب المعدنية الموجودة، وإذا فعلنا ذلك سيكون مفيدًا للبيئة ولصناعة المعادن (بالطريقة التي يتم عرضها) ولأرباح الشركات أيضا”.
ربما يأتي يوم نتغلب فيه على مشكلة تجاهل المشاكل التي لا يصيبنا أذاها، ونحاول تعويض أولئك القريبين من هذه المشاكل حتى يتمكن الجميع من الاستفادة من اقتصاد صحي.
بينما ركزت دراستهم على المناجم النشطة، أشار جويت إلى أن استخراج المعادن الهامة من أكوام النفايات في المناجم القديمة قد يكون أيَضًا مربحًا للجانبين: “هناك فرصة كاملة لاستخراج جميع أنواع المعادن من نفايات التعدين”. يمكن استخراج المعادن من المخلفات وركام المعادن القديمة وينطبق ذلك على جميع أنواع الثروة المعدنية من النفايات المهدرة”. وإلى جانب كونه مربحًا من الناحية الاقتصادية، فإن استخراج المعادن من المخلفات مفيد أيضًا بيئيًا.
أوضح جويت: “الحمل الكامل لهذه المواقع يمثل مشكلة بيئية، لذلك ما نفعله بالأساس هو إعادة معالجة كومة النفايات أو كومة المخلفات التي تسبب مشاكل بيئية، وبالتالي التخلص من هذه المشكلة البيئية واستخدام العائدات المتأتية من هذه العملية. إنه تعدين غير هادف للربح – حيث يتم دمج قيمة الأشياء التي تستخرجها في عمليات التعدين، وتقليل الضرر البيئي بشكل فعلي”.
وقال جويت إنه مع تزايد الحاجة إلى تقنيات محايدة للكربون، ستضطر الشركات إلى التفكير في تعدين عدة معادن حيوية في وقت واحد. وعلق جويت: “تقديرات الطلب على بعض هذه المعادن ضخمة للغاية، وإذا ما لم نبدأ في التفكير في استخراج المعادن بهذه الطرق، سنجد أنفسنا في وضعية حيث تبدأ أسعار هذه المعادن في الارتفاع ويبدأ التخفيف من آثار تغير المناخ في التباطؤ”.
من المحتمل أن يصبح أسلوب التعدين الجديد منتشرًا على نطاق أوسع، ويتم بالفعل إنشاء مصنع أو مرفق استخراج من المرجح أن يقتصر نشاطه على نطاق صغير ولكنه متسارع، حيث يدفع التسعير الاستثمار اللازم لاستخراج معادن محددة.
سيكون الرهان أكبر على “التعدين غير الهادف للربح”. حين تختفي شركة تعدين منحلة منذ فترة طويلة وتظل النفايات وأكوام المخلفات موجودة ويتم تنقيتها على أي حال، قد يكون من المفيد لمجموعات البيئة فحص تلك المواقع وإثبات أهمية الاستخراج وإعادة التأهيل والربح منها. قد يستجيب البعض بسرعة وقد يحتاج البعض وقتًا في التعود، مع وجود مجموعة مترددة تحتاج إلى بعض الجهود التسويقية.
من الواضح أن هذا يذكرنا بأهمية التفكير مليا فيما نتركه للأجيال القادمة ليقوموا بتنظيفه وراءنا. وربما يأتي يوم نتغلب فيه على مشكلة تجاهل المشاكل التي لا يصيبنا أذاها، ونحاول تعويض أولئك القريبين من هذه المشاكل حتى يتمكن الجميع من الاستفادة من اقتصاد صحي.
المصدر: أويل برايس