نظمت إدارة منطقة “جسر الشغور” بالتنسيق مع المجلس المحلي في بلدة دركوش شمال غرب إدلب، يوم الخميس 13 أكتوبر/تشرين الأول، مهرجان “الرمان الخامس”، الذي يضم فعاليات ومسابقات تحتفي بمقومات البلدة ومنتجاتها، بالتزامن مع ذكرى تحرير البلدة من النظام السوري.
تضمن المهرجان معرضًا للمأكولات الشعبية ومعرضًا للأدوات اليدوية ونشاطات فنية وشعبية وأمسيات شعرية، بمشاركة مركز الأيادي المبصرة لتأهيل المكفوفين في مدينة إدلب، كما تضمن سباقًا للزوارق، بالإضافة إلى عرض تمثيلي عن كيف تم نقل الجرحى عن طريق نهر العاصي بوقت تحرير بلدة دركوش عام 2013.
المهرجان رمز تاريخي للمدينة
اعتبر السيد حسن عبد الكريم – المنسق العام للمهرجان -، أن الأخير يعتبر رمزًا من رموز المدينة، فقد بدأ منذ أن تحررت المدينة من قوات النظام السوري، لذلك أصبح رمزًا تاريخيًا وثوريًا في قلوب أهالي المدينة والمزارعين.
وعرّف أهل البلدة خلال المهرجان جميع الزوار على عاداتهم وتقاليدهم وأطعمتهم القديمة التي ما زالت حاضرة، كما عرفوهم على أنواع الرمان، بالتزامن مع تكريم المزارعين عن أفضل إنتاج زراعي للرمان، بالاعتماد على معايير لتحديد جودة كل نوع من أنواعه.
يقول عبد الرؤوف القاضي (أبو حسن) – أحد مزارعي الرمان-: “يقام المهرجان سنويًا من أجل عرض إنتاج الرمان الذي تنتجه البساتين في دركوش، إذ يُعد رمان المنطقة من أجود أنواع الرمان عالميًا، ولدينا هنا زراعات من أصناف متعددة، ومن خلال المهرجان يستطيع كل مزارع عرض أنواع الرمان والأحجام الكبيرة التي أنتجها المحصول الموسمي”.
مضيفًا “هذا المهرجان يساعدنا أيضًا في تسويق وبيع الرمان الذي نعتمد عليه نحن بشكل رئيسي كمورد أساسي، فمن خلاله نُعيل عوائلنا، وبالطبع مطالبنا لو كان بإمكاننا تصدير الرمان لحصلنا على سعر أفضل من ذلك بكثير، خاصة أن الموسم لدينا وحسب طبيعة الأرض مميز، لكن ضعف سوق التصريف يؤدي إلى انخفاض سعره وعدم تصديره”.
إنتاج وفير وسوء تصرف
يقول أحد القائمين على المهرجان وهو عضو المجلس المحلي للمدينة أحمد أبو أسعد: “ذات يوم وصل رمان منطقة دركوش إلى الأسواق العالمية لوفرة الإنتاج، لكن اليوم يقتصر تصريفه على السوق المحلية ضمن مناطق شمال غرب سوريا”، منوّهًا أن المزارعين يواجهون خللًا قائمًا يعوق تصريف موسمهم، فالمنطقة منتجة وليست مستهلكة ولا يمكنها استيعاب المحصول.
المزارع يحتاج إلى دعم على صعيد الأسمدة وتأمين سوق تصريف مناسبة
وأضاف أبو أسعد “المزارعون في المنطقة تمرنوا على إنتاج كميات ذات مواصفات عالمية لأن زراعة هذه الفاكهة مهنة متوارثة بين أبناء مدينة دركوش”، مشيرًا إلى أن إنتاج العام الحاليّ 2022 بلغ نحو 4800 طن من الرمان.
من جانبه، يقول فايز القاسم – مهندس زراعي وأحد أعضاء لجنة وزارة الزراعة في حكومة الإنقاذ -، إن وزارة الزراعة في الحكومة دعمت تنظيم المهرجان السنوي الخامس للرمّان في مدينة دركوش وقدمت جوائز للفائزين، في محاولة لتشجيع الاستثمار في المحصول، لافتًا إلى أن الحكومة أكدت للمزارعين أنها مستمرة في رفع الضرائب المفروضة على تصدير الرمان كدعم لهم.
لكن المزارع أحمد خضير وصف دعم الحكومة للمزارعين بـ”الخجول”، فالمزارع يحتاج إلى دعم على صعيد الأسمدة وتأمين سوق تصريف مناسبة.
أصناف الرمان
يقول المزارع عماد الدين حسن: “سبب مشاركتي في هذا المهرجان هو الألفة والمحبة ومشاركة زملائي المزارعين في عرض مواسمهم، إذ شاركت بأصناف عدة من الرمان والموز والفستق”.
وعن أصناف الرمان يقول حسن: “الرمان له أصناف عدة ولعل أفضلها هو “العصفوري الأول”، يليه “اللفان العاد”، ثم “الفرنسي” ومن ثم “الرمان الأمريكي الهجين” الذي يطلق عليه اسم “الكباد” ويتميز ببذرته التي تحمل اللون الخمري”.
الفنون التشكيلية حاضرة
شاركت في المهرجان أيضًا الفنانة التشكيلية سلام الحامض التي عرضت لوحاتها ضمن المهرجان، وأكّدت في حديث خاص معها أن اللوحات التي شاركت بها ضمن المهرجان تضمنت قضايا عدة كقضية المعتقلين والمهجرين، بالإضافة إلى المعالم الأثرية في سوريا لأهميتها التي تمنح الأمل والتفاؤل للناس، مشجعةً كل شخص يمتلك أداة الفن أن يعمل لإيصال صوت المظلومين في سوريا.
كما شارك في المهرجان الفنان التشكيلي رامي عبد الحق الذي أكّد خلال حديثنا معه أن مشاركته تأتي من أجل إكمال المهرجان ليكون لوحة فسيفسائية متكاملة، ولتذكير الأهالي والزوار بشهداء الثورة السورية، بسبب تخصص لوحاته في رسم شخصيات ثورية كان لها أثر كبير في مواجهة النظام السوري على مدار الثورة السورية، كما ضم المعرض عدة أقسام للفنون اليدوية وفن الأرابيسك والعراضة الشامية وفنون الرقص الشعبي التقليدي.
تشتهر بلدة دركوش بزراعة الرمان بأنواعه المختلفة، وكانت زراعته تقتصر على أطراف البساتين كنوع من السياج، إلا أنه ومع دخول بعض الأصناف الجديدة أصبح بالإمكان زراعة أشجار الرمان على مساحات واسعة، ويتميز الرمان بلونه وحجمه وطعمه.
تحررت المنطقة من سلطة النظام السوري خلال موسم الرمان عام 2012، ما أعطى رمزية إضافية لموسم الرمان، فقرر الأهالي إقامة مهرجان للرمان بنسخته الأولى عام 2018، وقد تطور هذا المهرجان ليصبح مهرجانًا زراعيًا وسياحيًا وثقافيًا يحوي معرضًا للرمان وللأعمال اليدوية وللفن التشكيلي، إضافةً إلى تنظيم أمسيات شعرية على هامشه.