ترجمة وتحرير: نون بوست
مع اقتراب انطلاق نهائيات كأس العالم وبدأ الآلاف من الناس التدفق على قطر، من الطبيعي أن يرغب الكثيرون في تذوق بعض المأكولات المحلية والتقليدية في البلاد.
وتعتبر قطر موطنًا للعديد من الأطباق والجنسيات. ويعكس المطبخ القطري التنوع الثقافي لمجتمع المغتربين البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، من دجاج أدوبو الفلبيني المطهو في الخل وصولا إلى خبز الدوسا الهندي المقرمش المحشو بالبطاطا المتبلة، مع وجود مطاعم متخصصة تقدم أطباقًا من مختلف أنحاء العالم.
تستقطب قطر العمال والمستثمرين الوصول منذ خمسينات القرن الماضي لبناء قطر أولا ثم الاستقرار والعمل هناك. تبلغ مساحة البلاد 132 كيلومترًا مربعًا، وهي واحدة من أصغر الدول في العالم، وتعد اليوم من أغنى الدول مع موروث غذائي عالمي متنوع.
توجد مقاهي ومطاعم تقدم أرز الجولوف الغاني المتبل وزلابية مانتي الأوزبكية، وطبق ناسي جورينج الإندونيسي، وجبنة البوراتا الإيطالية الممزوجة بزيت الكمأة – باختصار يوجد طعام لجميع الأذواق بما يتناسب مع جميع الميزانيات.
بغض النظر عن هذه الفسيفساء من مطابخ العالم، عادةً ما تُطهى الوجبات القطرية الأصلية في وعاء واحد باستخدام مكونات متاحة محليًا في البر والبحر، حيث تشتمل الأطباق الصيفية على الأسماك وتطغى اللحوم على الأطباق الشتوية. وغالبًا ما تُتبّل الأطباق باستخدام المكونات التي جلبها التجار لأول مرة من رحلاتهم، مثل القرنفل والفلفل الأسود من الهند، والقرفة من سريلانكا والزعفران من إيران.
تقليديًا، تقوم النساء بإعداد الوجبات قبل ليلة من موعد تناولها أو في الصباح الباكر، إذ تُطهى العديد من الأطباق على نار هادئة في أواني فخارية فوق الحطب. وكان الرجال يقضون فترات الصباح في الصيد أو العمل كمزارعين صغار، ويأخذون قطعانهم للرعي قبل صلاة الفجر، ويعودون بحلول منتصف النهار للاستمتاع بتناول وجبة الطعام الرئيسية.
وفيما يلي، يسلط موقع “ميدل إيست آي” الضوء على بعض الأطعمة التقليدية التي لا تزال تُحضَّر في المنازل القطرية.
1- المجبوس
يعد المجبوس من الأطباق المشهورة في الخليج مثل شهرة طبق البرياني في الهند. وهو الطبق الوطني لقطر، ومعروف في دول مجاورة مثل البحرين والكويت والإمارات العربية المتحدة مع بعض اللمسات الخاصة.
عادة ما يكون الأرز البسمتي أساس هذا الطبق، حيث يتم غسله ثم طهيه في المرق، قبل إضافة مصدر بروتين له يكون مشويًا – الذي عادة ما يكون الدجاج، أو لحم الضأن أو السمك أو حتى الإبل الذي يعد أيضا شائعًا. كما يكتسب البروتين لونًا أيضًا، إذ يُطبخ في قدر مع الثوم والزنجبيل والفلفل ومزيج من التوابل القطرية المعروفة باسم “البزار”.
على غرار خلطة البهارات، فإن البزار عبارة عن مزيج من الكمون والكزبرة والزنجبيل والقرفة والكركم والفلفل الأسود إلى جانب اللومي – وهو مكون فريد مستورد من عمان. يُشبه اللومي، أو الليمون الأسود المجفف، إلى حد ما الفحم وهو ما يجعل المجبوس مميزًا بإضفاء طعم حامض فريدة على الطبق. وبمجرد طهي الطبق، يتم تقديمه مع رشة إضافية من عصير الليمون لتعزيز حموضة اللومي.
2- الرقاق
“الرقاق” خبز رقيق مصنوع من الطحين والماء والملح. يُخلط العجين ويعجن ثم يُدحرج ليتم طهيه في إناء يسمى “طاوة” – وهي مقلاة حديدية كبيرة تُوضع على الفحم.
ويمكن حاليا العثور على هذا الخبز المقرمش المماثل في قوامه لخبز الدوسا الهندي ضمن أكلات الشوارع في الأماكن السياحية مثل سوق واقف في الدوحة، حيث يتم تقديمه مع إضافة جبنة كيري أو نوتيلا إليه، وهي لمسة عصرية على هذا الخبز التقليدي.
يقدم “شاي الشموس”، وهو مطعم قطري أصيل يديره شمس القصبي أول تاجر قطري في سوق واقف، هذا الخبز مع البيض والزعتر وهو يتلاءم مع أذواق العملاء. ويُصاحب هذا الخبز تقليديًا أطباقًا أخرى، أو يقدّم كطبق بحد ذاته.
3- الثريد
استُلهم اسم هذا الطبق من وعاء فخاري كبير كان يُستخدم تقليديا لطبخه. وهو حساء شهي من الدجاج أو مرق لحم الضأن وصلصة الطماطم، مطبوخ على الموقد مع الخضار الموسمية، بما في ذلك البطاطا والجزر والبصل والحمص. ولتذوق جوهر هذا الطبق، أحدث حفرة تصل حتى قاع الإناء باستخدام ملعقة التقديم – في القاعدة ستجد طبقات من خبزة الرقاق ممزقة بعناية لتلائم القدر، لامتصاص نكهات الحساء.
لطالما كانت الوجبات الدسمة من هذا النوع موضع تقدير في قطر، خاصة أن الفاكهة والخضروات كانت ذات يوم شحيحة في النظام الغذائي المحلي، حيث كان من الصعب زراعتها في الأراضي القاحلة. وقد تمكنت بعض العائلات من زراعة الطماطم والبطيخ، لكنهم كانوا ينتظرون وصول فواكه أخرى من عمان وإيران. وفي الواقع، كانت قطر قبل 10 سنوات تستورد 90 بالمئة من طعامها.
4- الهريس
المكون الأساسي لهذا الطبق هو القمح المطحون خشنًا الذي يُسلق أو يترك منقوعًا طوال الليل. يوضع في الصباح على النار ليُطهى ببطء لمدة خمس إلى ست ساعات، مخلوطًا مع قطع من لحم الضأن أو الدجاج، وأحيانًا كلاهما.
يُهرس الطبق إلى قوام مرن وغالبًا ما يتبل بالقرفة والكمون، ويُقدم مغطى بالسمن. واعتادت العائلات القطرية إرسال أواني من هذا الطبق إلى المنازل المجاورة كبادرة طيبة، خاصة في شهر رمضان.
يوجد هذا الطبق أيضًا في بلدان أخرى مع اختلافات، مثل الحليم في باكستان والكونجي في الصين. ويصنعه العمانيون من الشوفان، في نسخة مالحة من العصيدة.
6- المضروبة
يمكن وصف هذا الطبق بأنه عصيدة أرز متبّلة تقدم مع بروتين من اختيارك. ومثل الهريس، يُطهى الأرز ببطء على نار هادئة لساعات في الحليب والزبدة وينكه بالهيل، مما يجعله يبدو مثل حلوى البودينغ، لكن يتغير تمامًا بإضافة اللحم أو الدجاج الطري المطهو ببطء. يمكن إضافة البقول إلى الطبق، ثم يتم خلطه (ضربه) ليصل إلى قوام يشبه اللب باستخدام ملعقة خشبية، ومن هنا جاء اسم المضروبة.
يكمن مفتاح إتقان هذا الطبق في مزج جميع المكونات، مما يسمح للنكهات بالاندماج وإعطاء مذاق مدخن، ويفضل تقديمه ساخنًا ليقدم إحساس الراحة لمن يأكله.
غالبًا ما تنتقل أطباق مثل المضروبة من جيل إلى آخر، وتضيف كل عائلة لمسة خاصة بها. وعلى الرغم من أن الطريقة التقليدية لصنع هذا الطبق هي باستخدام الأرز، يستخدم البعض القمح أو الشوفان لتقليص وقت الطهي.
في قطر، كان يتم الحصول على الحليب في الأطباق التي تحتوي منتجات الألبان من الماشية التي تربيها العائلات، ويُستخدم في صنع الزبدة واللبن الرائب، ويقدم اللبن الرائب البارد بشكل خاص خلال أشهر الصيف الحارة. في ذلك الوقت أيضًا كان يتم تناول وجبات أخف مثل السمك الطازج الذي يقدم مشويًا مع الأرز.
6- البلاليط
كان هذا الطبق مخصصا لوجبة الإفطار فقط، ويطهى هذا المزيج الفريد من الشعيرية المحلاة بالزبدة مع القرفة والزعفران والهيل مما يمنحها نكهة مميزة، ويضيف البعض إليه القليل من ماء الورد أو الكركم. يتم تغطيتها بعد ذلك إما بالعجة أو البيض المقلي المنكه بالهيل.
في البداية تُحمص الشعيرية قليلاً حتى تصل إلى اللون الذهبي، ثم تُغلى حتى تنضج، عندها توضع الإضافات والتوابل. تمتزج حلاوة الشعرية مع ملوحة البيض لتعزز من نكهة هذا الطبق. يمكن تقديمه إما ساخنًا على الإفطار أو باردًا كحلوى، ويتم تناوله أيضًا كوجبة خفيفة في أي وقت من اليوم.
يتناسب هذا الطبق بشكل رائع مع شاي الكرك أو شاي الحليب المتبل أو القهوة العربية. ويُعتقد أن التجار من الهند أحضروا الشعيرية المحلاة إلى قطر، لكن السكان المحليين يزعمون أن الطبق خاص بهم من خلال إضافة البيض والتوابل.
7- اللقيمات
يعبر الاسم عن صغر حجم كرات العجين التي تُقلى حتى تصبح مثالية. وعوضًا عن تغليفها بطبقة من السكر، يمكن غمس هذه الحلوى المقلية في شراب القطر أو العسل أو حتى دبس التمر.
يوجد العديد من النسخ المختلفة من هذه الوجبة الخفيفة، التي ربما جلبها الأتراك إلى قطر خلال فترة الحكم العثماني من 1875-1914، و يُعرف الطبق في تركيا بـ “لقمة”.
تُصنع هذه الحلوى من عجينة تقليدية بدون سكر، ويكون مصدر الحلاوة بالكامل من الشراب الذي يغلفها، مما يجعلها طبقًا سهل التحضير. يختار البعض إضافة الهيل والزعفران إلى العجينة لإضفاء نكهة قطرية تقليدية. النتيجة النهائية كرة مثالية مقرمشة من الخارج وطرية من الداخل.
كما هو الحال مع الأطباق الأخرى المذكورة هنا، تكمن الأصالة القطرية في اللقيمات في طريقة تحضيرها، إذ يصنع السكان المحليون هذه الحلوى من خلال تحضير عجينة من الزبدة والحليب والدقيق ثم تنكّه بالزعفران والهيل، قبل أن يتم قليها في وعاء من الزيت الساخن، ثم يضاف الشراب لاحقًا.
عادة ما تكون اللقيمات المحور الرئيسي في أي مناسبة عائلية أو عند زيارة الأصدقاء، وتشتهر هذه الحلوى صغيرة حجم أيضًا خلال شهر رمضان، وأفضل طريقة للاستمتاع بها عندما تقوم بأكلها دافئة وطازجة.
المصدر: ميدل إيست آي