ترجمة وتحرير: نون بوست
بحلول نهاية القرن؛ ستكون إفريقيا موطنًا لـ 40 في المائة من سكان العالم، ولا يوجد مكان يحدث فيه هذا التطور السريع بشكل أسرع من الامتداد البالغ 600 ميل بين أبيدجان ولاغوس.
ولطالما قيل إن لا أحد يعرف على وجه اليقين عدد سكان لاغوس، نيجيريا؛ فقبل عقد من الزمان، عندما قضيت بعض الوقت هناك، حددت الأمم المتحدة عدد السكان بشكل متحفظ بـ 11.5 مليونًا، في حين وصلت التقديرات الأخرى إلى 18 مليونًا. ورغم اختلاف الأرقام، إلا أن الجميع قد اتفقوا على أن لاغوس كانت تنمو بسرعة كبيرة؛ حيث كان عدد السكان بالفعل أكبر 40 مرة مما كان عليه في سنة 1960، عندما حصلت نيجيريا على الاستقلال. وقد أخبرني أحد علماء السكان المحليين أن 5000 شخص يهاجرون يوميًّا إلى لاغوس، معظمهم من الريف النيجيري. ومنذ ذلك الحين، استمرت المدينة في التضخم. وتتوقع الأمم المتحدة أن لاغوس ستكون موطنا لـ 24.5 مليون شخص بحلول سنة 2035.
ما يحدث في لاغوس يحدث في جميع أنحاء القارة؛ حيث يبلغ عدد سكان أفريقيا اليوم 1.4 مليار نسمة. ويعتقد خبراء مثل إدوارد بايس، مؤلف كتاب “زلزال الشباب: لماذا يجب أن يهتم العالم بالديموغرافية الإفريقية؟”، أنه بحلول منتصف القرن، سيتضاعف هذا العدد تقريبًا. في حين تتوقع الأمم المتحدة أنه بحلول نهاية هذا القرن ستصبح إفريقيا، التي كان عدد سكانها أقل من عُشر سكان العالم في سنة 1950، موطنًا لـ 3.9 مليارات شخص، أو 40 في المائة من البشرية.
ورغم أن هذه الأرقام مذهلة، إلا أنها لا تروي القصة كاملة. لذلك، نحتاج إلى رؤية الصورة عن قرب نظرًا لأن معظم هذا النمو الديموغرافي المذهل سيحدث في المدن. وبمجرد أن نبدأ في التفكير وفقًا لهذه الخطوط، يصبح ما هو على المحك أكثر وضوحًا. لقد كانت التعليقات الغربية حول النمو السكاني في إفريقيا مثيرة للقلق وضيقة الأفق إلى حد ما؛ حيث ركزت على مدى تأثيره على الهجرة إلى أوروبا، وسيؤثر السؤال المتعلق بكيفية إدارة الدول الإفريقية لأسرع تحضر في تاريخ البشرية بالتأكيد على عدد الملايين من سكانها الذين يسعون للبقاء أو المغادرة. وفي دراسة استقصائية قارية حديثة، وجدت مؤسسة جنوب إفريقية، على سبيل المثال، أن 73 في المائة من الشباب النيجيري قد أعربوا عن اهتمامهم بالهجرة في غضون السنوات الثلاث المقبلة. ولكن بالنظر إلى حجمها؛ لا تؤثر هذه القصة على التحركات السكانية فحسب، بل تشكل كل شيء بداية من الازدهار الاقتصادي العالمي وصولًا إلى مستقبل الدولة القومية الأفريقية وآفاق الحد من أزمة المناخ.
ولا يوجد سوى مكان واحد يُنظر إليه على أنه مركز هذا التحول الحضري، ألا وهو امتداد من الساحل الغربي لإفريقيا الذي يبدأ من الغرب بأبيدجان، العاصمة الاقتصادية لساحل العاج، ويمتد لمسافة 600 ميل شرقًا – مرورًا ببلدان غانا وتوجو وبنين – قبل أن يصل أخيرًا إلى لاغوس. وهو ما أصبح العديد من الخبراء ينظرون إليه في الآونة الأخيرة على أنه المنطقة الأكثر تحضرًا في العالم، وهي “منطقة ضخمة” قيد الإنشاء – أي مجموعة كبيرة وكثيفة من المراكز الحضرية. ووصفت مدينة نيويورك بـ منطقة نيويورك الحضرية عندما تجاوز عدد سكانها 10 ملايين نسمة في الخمسينيات من القرن الماضي، وأصبحت مرساة لواحدة من أولى المناطق الحضرية التي وُصفت بهذه الطريقة، وهي منطقة سكنية مستمرة النمو تمتد على بعد 400 ميل من واشنطن العاصمة إلى بوسطن، وسرعان ما اكتسبت مناطق أخرى، مثل ممر طوكيو-أوساكا الياباني، نفس التميز، لتنضم إليها لاحقًا مجموعات عملاقة أخرى في الهند والصين وأوروبا.
في الوقت الحالي؛ أصبح امتداد أبيدجان – لاغوس الأقدم بينهم جميعًا، وفي غضون ما يزيد قليلًا عن عقد من الآن، ستضم مدنها الرئيسية 40 مليون شخص. وستكون أبيدجان، التي يبلغ عدد سكانها 8.3 ملايين نسمة، بنفس حجم مدينة نيويورك اليوم. وتتمتع قصة المدن الصغيرة في المنطقة بنفس القدر من الإثارة؛ حيث أصبحوا إما مراكز حضرية رئيسية في حد ذاتها، أو كما هو الحال مع أماكن مثل أويو في نيجيريا، وتاكورادي في غانا، وبينجرفيل في ساحل العاج، التي تستقطبها تدريجيا المدن الكبرى. وفي غضون ذلك؛ تظهر مدن حديثة في أماكن كانت جميعها قاحلة منذ جيل مضى، وعندما يتم ضم هذه الأنواع من الأماكن، سيصل عدد السكان المتوقع لهذه المنطقة الساحلية إلى 51 مليون شخص بحلول سنة 2035، وهو عدد الأشخاص الذين تم احتسابهم في الممر الشمالي الشرقي للولايات المتحدة عندما أصبح يُعتبر لأول مرة مدينة كبرى.
ولكن على عكس تلك المنطقة الأمريكية العظمى التي استقر عدد سكانها منذ فترة طويلة؛ فإن هذا الجزء من غرب إفريقيا سيستمر في النمو. وبحلول سنة 2100، من المتوقع أن يكون امتداد لاغوس – أبيدجان أكبر منطقة سكنية ذات نمو مستمر على وجه الأرض، مع حوالي نصف مليار شخص.
وقال دانييل هورنويج، باحث التحضر في جامعة أونتاريو للتكنولوجيا: “لقد عملت في الصين والهند، وهو المكان الذي كان فيه معظم الاهتمام بالمدن حتى وقت قريب إلى حد ما، ولكن تُعد إفريقيا بلا شك القارة التي ستقود مستقبل التحضر، وستأتي على هذا الشريط الممتد على طول ساحل غرب إفريقيا أكبر التغييرات. وإذا ما تمكنت المنطقة من التطور بكفاءة، فستصبح أكثر من مجرد مجموعة مدن؛ حيث تُعد المدن نفسها كبيرة جدا. ولكن ما إذا تطورت بشكل سيئ، فسيضيع قدر هائل من الإمكانات الاقتصادية، وفي أسوأ الحالات، ستُفتح أبواب الجحيم”.
وكانت المرة الأولى التي سافرت فيها على طول هذا الجزء من الساحل في أواخر السبعينيات، تحديدًا في رحلة برية طويلة إلى نيجيريا من ساحل العاج، حيث كانت عائلتي تعيش آنذاك. وقد عقد والدي، الذي أدار برنامجا تدريبيًّا للرعاية الصحية في 20 دولة لمنظمة الصحة العالمية، اجتماعًا للحضور في لاغوس، وقرر دعوتي وإخوتي. وقد كنت في ذلك الوقت طالبًا جامعيًّا في السنة الأولى في الولايات المتحدة، ولكن كانت العطلة الصيفية، وكنت متحمسًا لركوب سيارة لاند روفر رمادية اللون على طول الرحلة.
وفي رحلته؛ اتبع طريقا على خريطة ميشلان المهترئة والقابلة للطي. ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا لاكتشاف أن العديد من الطرق التي تم تحديدها على الخريطة باللون الأحمر – والتي يُفترض أنها تشير إلى الطرق السريعة الوطنية أو الدولية – كانت تشبه الطرق الأسفلتية ذات المسارين، والتي اهترأ بعضها منذ فترة طويلة بسبب حركة النقل بالشاحنات الثقيلة، أو تآكلت بفعل سنوات من الأمطار الموسمية. في حين تشير الطرق الثانوية أو الثالثة، التي تم تحديدها بشكل خافت باللونين الأصفر والأبيض، إلى تحديات أكبر بكثير تتمثل في مسارات ترابية متداخلة أشبه بالممرات أكثر من الطرق السريعة. الأمر الذي سيترك أجسادنا تتألم ومغطاة بالغبار. ولفترات طويلة، كان الريف في غرب إفريقيا فارغًا لدرجة أننا اضطررنا إلى حمل الوقود الخاص بنا في صهاريج.
من جملة القطع الأثرية المؤسفة للتاريخ الإمبراطوري لهذه المنطقة هي أنه بينما بنى البريطانيون والفرنسيون الطرق والسكك الحديدية لنقل السلع الزراعية والمعادن من المناطق النائية التي تقع فيها مستعمراتهم إلى الموانئ الحديثة؛ حيث يمكن شحنها إلى الوطن لتحقيق ربح كبير – في التنافس الإمبراطوري الشديد – لم يفعلوا الكثير لربط ممتلكاتهم الخاصة. ولكن بحلول سنة 1992؛ عندما قمت برحلة طويلة أخرى على طول هذا الساحل، بُني امتداد من الطريق السريع على جانبي الحدود بين ساحل العاج وغانا للتحايل على بحيرة ساحلية، وإحالة العبّارة القديمة ذات المناظر الخلابة وغير المألوفة التي تعبر الحدود إلى ذكرى جذابة. وفي ذلك الوقت؛ لم يتمكن سوى القليل منهم تخيل النطاق الكامل للتغييرات القادمة على هذا الامتداد من الساحل، على الرغم من أن بعض العلامات كانت واضحة بالفعل.
في أواخر سنة 1980، كانت لاغوس لا تزال تبدو سلسلة من البلدات المتواضعة التي بالكاد تربطها الطرق السريعة والجسور. لكن بحلول أوائل التسعينيات، زاد حجمها وباتت مكتظة بشكل خانق لتشتهر بأسوأ الاختناقات المرورية في العالم والتي تعرف محليًا باسم “السير البطيئ”. وعلى نحو مماثل، بدأت أبيدجان، وهي ثاني أكبر مدينة في المنطقة، في التحوّل مع توسّع ضواحيها نحو الحدود مع غانا إلى جهة الشرق. كما شهدت العواصم الوطنية والاقتصادية الأخرى لهذه المنطقة وهي أكرا في غانا ولومي في توغو وكوتونو في بنين توسعًا.
لكن في الرحلات الأخيرة في السنوات الماضية، لاحظت أن الثورة الحضرية تساهم في تغيير غرب إفريقيا بشكل كامل. وبحلول ذلك الوقت، بنت ساحل العاج طريقًا سريعًا حقيقيًا على طول الطريق الواصل من أبيدجان إلى حدودها مع غانا. وكانت أبيدجان قد استحوذت على عواصم استعمارية مبكرة مثل بينجرفيل وبلدة باسام الكبرى الشاطئية الجميلة التي عانت الركود لفترة طويلة، مما حولها إلى مجتمعات سكنية. وأثناء القيادة من الحدود إلى الحدود على طول الساحل الغاني، لا يشبه مشهد جانب الطريق المناظر الطبيعية ذات الكثافة السكانية الخفيفة في العقود السابقة. كانت المدن والبلدات مترابطة واحدة تلو الأخرى على طول الطريق بأكمله تقريبًا، ولفترات طويلة نادرًا ما غابت عن نواظرنا البيئة الحضرية.
كما هو الحال دائمًا في هذه المنطقة، لاغوس هي المكان الذي تظهر فيه التغييرات الأكثر دراماتيكية. وقد خرجت من المدينة تعرجات حضرية كثيفة غربًا باتجاه الحدود مع بنين – الدولة الصغيرة المجاورة الناطقة بالفرنسية التي يبلغ عدد سكانها 12 مليون نسمة – مما يجعل الكثير من اقتصاد ذلك البلد مستقلا ليس عن نيجيريا ولكن عن لاغوس نفسها. (لو كانت ولاية لاغوس دولة مستقلة، لاحتل اقتصادها المرتبة الرابعة إفريقيًا).
بقيادة لاغوس، حيث تتزايد وتيرة التوسع الحضري في غرب إفريقيا الساحلية ويرتفع عدد السكان والتجارة الإقليمية عبر الحدود الإمبراطورية القديمة، تتغير حياة عشرات الملايين من الناس على طول الممر الساحلي بطرق لم تتوقعها المخططات الاستعمارية ولا ستة عقود من الاستقلال.
عُدت في زيارة أخرى إلى الساحل في وقت سابق من هذه السنة، وهذه المرة ليس في رحلة برية طويلة واحدة، بل في سلسلة من الرحلات القصيرة بالسيارة في غانا وتوغو وبنين. كانت سرعة وحجم التحولات التاريخية الجارية جلية في أي مكان زرته. زرتُ في غانا مكانًا صادفته في رحلات سابقة وهو مدينة تاكورادي وتوأمها الملتصق سيكوندي، مدينة السكك الحديدية. في سنة 1980، بلغ عدد سكان المدينتين معًا 197 ألف شخص. بينما تجاوز عدد سكانها هذه السنة العتبة التي لم تصل إليها سوى 14 مدينة أمريكية: وهو مليون شخص، أي بزيادة أكثر من خمسة أضعاف خلال فترة أكثر من جيل بقليل.
في صباح أحد أيام شهر تموز/ يوليو، عُدتُ إلى مدينة تاكورادي، وقد صادف ذلك يوم عيد الإضحى عند المسلمين أو (تاباسكي)، حيث كانت شوارع وسط المدينة الضيقة ممتلئة بالشباب المحتفلين من الأقلية المسلمة المحلية وكلهم يرتدون ملابس ملونة ذات أربطة. وعندما بُني وسط تاكورادي قبل أكثر من قرن، احتضنت المدينة الميناء الوحيد في غانا. شهدت المدينة العودة الشهيرة للرئيس كوامي نكروما على متن سفينة من إنجلترا سنة 1947، الذي خرج من المجهول ليقود بلاده إلى الاستقلال بعد 10 سنوات، والتي كانت آنذاك مستعمرة بريطانية تعرف باسم الساحل الذهبي.
بدت المباني بشرفاتها الرمادية الباهتة والظليلة في وسط المدينة القديم وكأنها مشهد من الدراما التاريخية. وبعيدًا عن هذا المكان، أفضى المشهد القديم إلى موقع إنشاء ضخم حيث كان الطريق السريع المرتفع يمر فوق الشوارع الترابية. وبمجرد اكتماله، سيسمح لحركة المرور بتجاوز المركز القديم المتوسع لصالح الضاحية الحديثة الأكبر، التي يعيش فيها معظم سكان المدينة الآن.
توقفت عند مركز تسوق جديد عند الطرف الغربي لمدينة تاكورادي، حيث وجدت على أرفف سوبر ماركت مزدحم نبيذا جنوب أفريقيا وشيكولاتة سويسرية وعبوات سيلوفان من نفس العلامة التجارية مصنوعة من التوت الأزرق الطازج الذي أتناوله كل يوم في نيويورك، وكدليل مؤكد على الدخل المتوفر، وجدت أغذية الكلاب المعلبة باهظة الثمن. كانت هناك أيضًا مطاعم برتغالية وصينية وصالون تجميل ومحلات هواتف محمولة وتاجر فساتين زفاف.
لا يبدو واضحًا بشكل مباشر من أين يأتي الدخل الضروري للحفاظ على هذا النوع من النشاط التجاري. بعضها مستمد بالتأكيد من العمل في مشاريع النفط البحرية القريبة، والبعض الآخر من ميناء إقليمي تم توسيعه مؤخرًا، والبعض الآخر من مزيج من زراعة الكاكاو القديمة والوظائف الجديدة في مجال التكنولوجيا. وهذا يشير إلى الحقيقة التي تجعل هذه المنطقة الضخمة مميزة جدًا عن المناطق السابقة.
منذ القرن الثامن عشر على الأقل، وكما تظهر كتابات هيغل وهيوم، كان يُنظر إلى إفريقيا على نطاق واسع في الغرب كما لو كانت موجودة خارج نطاق التاريخ ونادرًا ما كانت مشاركة في الحاضر العالمي وحتى أنها أقل ارتباطًا بالمستقبل. لم يكن هذا صحيحًا أبدًا، لكن أولئك الذين يتمسكون بمثل هذه المفاهيم الخاطئة سيحاولون زيارة هذا الامتداد من الساحل. في لاغوس وأكرا وأبيدجان أو حتى في مدن أصغر بكثير مثل تاكورادي تتزاحم الجيوب المعولمة الآن التي لها روابط قوية بالعالم الغني مع مساحات من المناطق الحضرية الممزقة التي يكافح نصفها في حين أن النصف الآخر محاصر في الفقر.
في صباح آخر، ركبت سيارتي من قلب العاصمة الغانية أكرا إلى مدينة كاسوا على بعد أقل من 20 ميل. توصف كاسوا أحيانًا بأنها واحدة من أسرع التجمعات السكانية نموًا في القارة. عندما قمت بأولى رحلاتي على طول هذا الساحل في السبعينيات، كان أكثر بقليل من مجموعة متداعية من أكشاك التجار الريفية على جانب الطريق. وفي سنة 1984، كان عدد سكان كاسوا 3 آلاف شخص. وقبل عقد من الزمان كان عدد سكانها أقل من 70 ألف نسمة. أما الآن، فهي موطن لما يقارب نصف مليون شخص – أي ما يعادل سكان مدينتي إدنبرة أو توكسون.
إن المنظر من الجسر العلوي فوق كاسوا على الطريق الساحلي السريع هو تذكير بأن المدن في جميع أنحاء إفريقيا تميل إلى التمدد للخارج بدلاً من الارتفاع. ويوجد القليل من المباني الشاهقة هنا وعدد قليل من المباني الشاهقة من أي نوع. تتمتع كاسوا من الأعلى بمظهر خشن غير مكتمل حيث تترنح المدينة حديثة الولادة إلى الخارج من تقاطع الطريق السريع في جميع الاتجاهات وشوارعها المزدحمة بحركة المرور. بالنسبة للعديد من الخبراء، تعتبر هذه سمة إشكالية للكثير من التحضر في غرب إفريقيا الذي يكاد يكون غير مخطط بالكامل.
تمتلئ شوارع كاسوا بخليط من الأكشاك الخشبية والتجارة المستمرة من جميع الأنواع. وفي الطرق الجانبية الترابية خلف الطريق السريع كان الشباب في كل مكان يبيعون أكياسًا من الماء البارد، ويركضون وراء السيارات لبيع أرصدة الهواتف المحمولة والألعاب البلاستيكية الرخيصة، ويجذبون انتباه المارة بتكرار أسعار الخبز الحلو المنتفخ أو رقائق الموز من تحت مظلات الشاطئ في زوايا الشارع.
كان أبرزهم على الإطلاق تلاميذ المدارس الذين كانوا يسيرون في الشوارع بزيهم الرسمي وحقائب الظهر. وبحلول سنة 2050، سيكون حوالي 40 في المائة من جميع الأشخاص دون سن 18 سنة من الأفارقة، وهي نسبة ستصل إلى النصف بحلول نهاية القرن، وتظهر مثل هذه الإحصائيات على أرض الواقع في شوارع كاسوا،. وكانت توجد لوحات إعلانية لمراكز رعاية الأطفال النهارية ورياض الأطفال و”المدارس الدولية” في كل مكان، وجاءت المنافسة الحقيقية الوحيدة على إعلانات المدارس من إعلانات الكنيسة، التي تقدم وعودًا بالنجاح في هذا العالم بقدر ما في العالم الآخر.
هناك أيضًا رجال الشرطة والجنود الجشعون الذين يوقفون السائقين من أجل ابتزاز أموالهم بحجة فحص السلامة المرورية أو محاربة الجريمة
معظم الناس الذين يملأون شوارع أماكن مثل كاسوا هم من الوافدين حديثًا من الريف، ويعيشون في مساكن مسقوفة متداعية؛ حيث بدأ يوليوس أكاتيا، البالغ من العمر 55 سنة، مؤخرًا العمل هنا بعد سنوات عديدة قضاها في إيطاليا؛ حيث أدرك بالفعل الحلم الأفريقي للهجرة، واكتسب بشكل قانوني جنسية جديدة في دولة أوروبية غنية. التقيت به وهو يحدق من واجهة المتجر الجانبية البسيطة؛ حيث يبيع الأدوات المنزلية المستعملة التي كان يشحنها من إيطاليا.
سألته لماذا اختار كاسوا؟ قال أكاتيا إن أكرا أصبحت مؤخرًا مدينة كثر فيها البناء ومكلفة للغاية، لكن كاسوا كانت تشهد نهوض، وأضاف: “يوجد الكثير من الناس هنا ويحاولون بناء منازل جديدة لهم وعيش حياة جديدة في هذه المدينة وهذا يجعل الأعمال التجارية جيدة”، عندما كان أكاتيا يتحدث مستندًا على أدراج متجره، كان غارقاُ في السلع المستعملة التي يتاجر فيها: الكراسي البلاستيكية الرخيصة، وأرائك وطاولات غرفة المعيشة، وشاشات الكمبيوتر والأجهزة المنزلية الصغيرة والكبيرة، والثلاجات وأجهزة الميكروويف والمكاوي.
ولا يزال ضعف شبكات النقل أحد أكبر التحديات التي تواجه المناطق الكبرى الناشئة في أفريقيا، ففي سنة 2018؛ اتفقت أكثر من 40 دولة على إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، وهو إجراء يقول الخبراء الاقتصاديون إنه من شأنه أن يعزز الناتج المحلي الإجمالي الأفريقي بمقدار 450 مليار دولار بحلول سنة 2035، ويرجع الفضل في ذلك إلى زيادة التجارة بين البلدان الأفريقية. ومنذ ذلك الحين؛ انضمت 10 دول أخرى، منها نيجيريا، للتوصل إلى اتفاقية على مستوى القارة.
وقال أستريد هاس، وهو خبير اقتصادي أوغندي مستقل مقيم في كمبالا: “في صلبها، بعيدًا عن منظمة التجارة العالمية، تعد أفريقيا الغربية أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم. ومن المقرر إطلاق العنان للمكاسب على النطاق القاري للدول الأفريقية حتى تتمكن من التجارة مع بعضها البعض ولإزالة كل من الحواجز الجمركية وغير الجمركية”. لكن تحقيق إمكاناتها الكاملة سيتطلب تعاونًا مكثفًا أكثر بين الجيران، وخاصة في تحسين البنية التحتية المادية، وتظل الجزائر والقاهرة المدينتين الأفريقيتين الوحيدتين اللتين توجد بهما خطوط نقل تحت الأرض. (في السنوات الأخيرة، رسم مصممون محليون ملهَمون بعناية مخططات لشبكات مترو أنفاق محتملة لمدن مثل كيغالي وبورت هاركورت، لكن هذه الأفكار لا تزال آمالًا وأحلامًا في الوقت الحالي).
وتقوم كل من أبيدجان ولاغوس ببناء أنظمة سكك حديدية بسيطة سطحية في المناطق الحضرية، لكن كلا الممشروعين محدودي النطاق ومتأخرين عن الجدول الزمني. وفي الوقت نفسه؛ لا يزال الافتقار إلى الطرق الملائمة يعرقل تقدم هذه المنطقة. وباستثناء الطريق السريع المكون من أربعة مسارات الواصل بين أكرا وكاسوا، فإن امتداد الساحل البالغ طوله 600 ميل تقريبًا يتكون من طريق غير مقسم من مسارين يمر تدريجيًّا عبر البلدات والقرى الصغيرة، ويجد السائقون أنفسهم في بعض الأحيان مضطرين إلى تفادي المشاة الذين يغامرون بيقطع الطريق والحيوانات الضالة.
وهناك أيضًا رجال الشرطة والجنود الجشعون الذين يوقفون السائقين من أجل ابتزاز أموالهم بحجة فحص السلامة المرورية أو محاربة الجريمة. في الصيف الماضي؛ في ضواحي تاكورادي، لوح لي ضابط شرطة بدين يمضغ الفول السوداني، وسألني، كما لو كان الأمر أكثر شيء طبيعي في العالم: “ماذا أحضرت لي؟”، ويواجه المسافرون من غرب إفريقيا مثل هذه الصعوبات يوميًّا، سواء كانوا راضين أم لا.
وفي رحلة إلى غانا في التسعينيات، عندما سافرت لمسافة 340 ميلًا من بلدة بولجاتانغا الشمالية إلى مدينة كوماسي المركزية، أحصيت 72 حاجزًا على الطرق. وإذا كان ثمة شيء؛ فإن الحدود الدولية في المنطقة كانت منذ فترة طويلة نقاط ساخنة أسوأ لهذا النوع من الجشع.
ومع ذلك هناك ما يدعو للتفاؤل؛ ففي أيار/ مايو، أعلن بنك التنمية الأفريقي أنه جمع 15.6 مليار دولار لتمويل بناء طريق ساحلي سريع جديد من لاغوس إلى أبيدجان؛ حيث قالت ليدي إيههمان، خبيرة اقتصادية في مجال المواصلات في البنك: “نحن نتحدث عن شيء مثل الطريق بين بالتيمور ونيويورك؛ أي طريق برسوم مرور”، كما أخبرتني عن هدف استكمال الطريق السريع، والذي سيكون عرضه من أربعة إلى ستة مسارات بحلول سنة 2026، وأضافت: “سيكون خاليًا من الازدحام، مع وجود شريحة على لوحة سيارتك، لذلك لا تحتاج إلى التوقف عند بوابات الرسوم، سيكون طريقًا سريعًا حديثًا”.
ويرى الخبراء الاقتصاديون في بنك التنمية الأفريقي بأن طريق غرب إفريقيا السريع، كما سيطلق على الطريق الجديد، سيزيد التجارة عبر الحدود بين البلدان المشاركة بنسبة 36 بالمئة.
وقال هورنويج، الأستاذ في جامعة أونتاريو للتكنولوجيا: “إذا كان الناس واثقين من توافر وسائل نقل موثوقة وسريعة، فستبدأ أشياء أخرى في التغير بشكل كبير أيضًا. وسترتفع قيمة العقارات بقوة على طول محاور المواصلات الرئيسية، وهذا من شأنه أن يشجع الناس على البناء أفقيًّا مع ارتفاعات عالية، بدلًا من التوسع العمراني العشوائي، كما ستصبح المدن أكثر كفاءة وصديقة للبيئة، مما يجعل تنميتها أكثر استدامة”.
ليس من السهل استحضار مثل هذه الرؤية على أرض الواقع اليوم؛ صحيح أنه في لاغوس بدأت تتشكل ببطء مجموعة من المباني المرتفعة الحديثة المدهشة. وفي وسط مدينة أكرا؛ تم التخطيط لخطة عقارية جديدة مذهلة تضم أبراج سكنية راقية ومباني مكاتب وساحات تسوق رائعة وفنادق فاخرة تطل على الواجهة البحرية، لكن مثل هذه المشاريع تلبي احتياجات الأثرياء بالفعل، وليس احتياجات الملايين المتزايدة من الناس في المنطقة الذين سيحتاجون قريبًا إلى إسكان بشكل عاجل. هنا؛ لا يمكن أن يكون التناقض مع الصين؛ حيث توجد مجموعات ضخمة من المباني السكنية الشاهقة في كل مدينة كبيرة، أكثر لفتاً للنظر.
بدلًا من تجسيدات المستقبل، في الواقع، فإن أسهل شيء يمكن استنتاجه من مشاريع مثل هذه هو أن حكومات المنطقة لديها توقعت منخفضة بحيث لا يمكنها معالجة التغييرات الديموغرافية والاجتماعية الشاملة التي تقف في طريقها، قد يكون هذا صحيحًا فيما يتعلق بنظام الطرق السريعة الساحلية.
لطالما حلمت النخب المحلية والمستثمرون الأجانب على حد سواء بتحويلها إلى دولة تجارية تستفيد من أنواع مختلفة من الاضطرابات في المنطقة، من التقلبات الحادة في العملة في نيجيريا وغانا إلى مستويات مختلفة من الفساد والمخاطر السياسية بين جيرانها.
وقال آلان بيرتود، وهو زميل كبير في معهد مارون بجامعة نيويورك: “إن أفضل شيء يمكن أن يحدث لغرب إفريقيا هو إذا تمكن شخص ما من إقناع هذه الدول بالتفكير بجدية في التجربة الأسيوية”، وبصفته مسؤولاً سابقًا في البنك الدولي ومتخصصًا في التوسع العمراني؛ قدم بيرتود مشورة للصين بشأن تطوير واحدة من أكثر المناطق العملاقة نجاحًا في العالم، في دلتا بيرل ريفي، وقال لي بيرتود: “الكثافة بحد ذاتها لا تؤدي إلى الازدهار، سيتعين عليك توفير المزيد من وسائل النقل، لا سيما خطوط السكك الحديدية الجديدة، والطرق الجديدة التي تربط الطريق السريع الساحلي بالمناطق النائية والمدن الصغيرة، حيث توجد الأرض الأرخص ثمنًا”، وأشار إلى أن هذا يتطلب الكثير من البناء عبر الحدود الوطنية، وهو ليس بالأمر السهل في أي مكان من العالم. وأضاف: “في الهند؛ رأينا أنه حتى بناء ممر يعبر عدة ولايات داخل نفس البلد هو أمر صعب، وسيحتاجون في أفريقيا إلى تنسيق أفضل بكثير”.
يوافقه الرأي الخبير الاقتصادي الأوغندي هاس، إذ تحتاج أفريقيا ما بين 20 إلى 25 مليار دولار سنويًا للاستثمار في البنية التحتية، بالإضافة إلى 20 مليار دولار إضافية للإسكان. وعملية التقييم هنا صعبة للغاية لأننا نتحدث عن أرقام ضخمة.
مع اقتراب رحلتي من نهايتها، كنت قد استغرقت ثلاث ساعات بالسيارة من أكرا إلى الحدود مع توغو. أثناء القيادة، كشف الطريق عبر أكرا عن منطقة صناعية قاتمة امتدت لأميال إلى غاية الشريط الحدودي على بعد حوالي 120 ميلاً بالضبط، وكانت المناظر الطبيعية مليئة بامتداد العمران وأبرز ما ميزها الملاعب الجوارية الموجودة على جانب الطريق حيث يمارس الأطفال الرياضة أو يتجولون فيها.
على الحدود، بمجرد نزولي سيارتي أحاط بي مجموعة من سائقي سيارات الأجرة يعرضون التوصيل، وآخرين يعرضون استبدال العملة، أو المساعدة في تسريع إجراءات التأشيرة والتطعيم الخاصة بي. تقدمت بمفردي، وتوقعت أن أواجه بعض العراقيل لكنني فوجئت بمدى سلاسة الإجراءات على جانبي الحدود. كان سؤالي الأول للسائق الذي اخترته في الجانب التوغولي عن المسافة إلى العاصمة لومي. قال وهو يضحك: “أنت بالفعل في لومي. في غضون 15 دقيقة، ستكون في فندقك”.
في اليوم الموالي الذي صادف الأحد، قدت سيارتي لمدة 30 دقيقة شرقًا من لومي إلى بلدة صغيرة برفقة رويس ويلز، وهو متخصص أمريكي في تكنولوجيا المعلومات يبلغ من العمر 30 عامًا أراد أن يتفقد التقدم المحرز في منزل على شاطئ البحر يقوم ببنائه. توغو بلد صغير بشكل غير معتاد – محشور بين غانا وبنين ويمتد على حوالي 430 ميلاً من الشمال إلى الجنوب، وليس لديها سوى 31 ميلاً فقط من الشريط الساحلي. لهذا السبب، لطالما حلمت النخب المحلية والمستثمرون الأجانب على حد سواء بتحويلها إلى دولة تجارية تستفيد من أنواع مختلفة من الاضطرابات في المنطقة، من التقلبات الحادة في العملة في نيجيريا وغانا إلى مستويات مختلفة من الفساد والمخاطر السياسية بين جيرانها.
تحتفظ توغو بواجهة ديمقراطية من خلال انتخابات منتظمة، لكنها خاضعة لسيطرة أسرة واحدة بإحكام منذ سنة 1963. وعلى النقيض من نيجيريا، تعمل الكهرباء والإنترنت بشكل سريع كما أن الحياة اليومية آمنة. مع وضع مستقبلها التجاري في الاعتبار، قامت توغو ببناء ميناء بسعة أكبر بكثير من احتياجاتها المحلية، كما تنتج الأسمنت والصلب والسلع الصناعية والاستهلاكية الأخرى للمستهلكين الأكبر من جيرانها.
على هذا الأساس، يرى ويلز أن البلد بمثابة رهان جيد ويأمل في جني الأموال من بناء الفنادق هناك. وقد أخبرني أن “الأماكن التي توفر الحوافز الضريبية الصحيحة والحماية القانونية للمستثمرين ستكون في الأساس قادرة على الاستفادة من مشاكل لاغوس والخلل الوظيفي الحاصل هناك”.
يشكك البعض في تحقق هذه الرؤية في يوم من الأيام. ولكن يعتمد ذلك على اتخاذ القرار السديد من قبل الحكومة. وصف برايت سيمونز، وهو محلل سياسي ورائد أعمال غاني بارز، هذه المنطقة الضخمة المكونة من خمس دول بأنها “واحدة من أكثر المناظر الطبيعية على هذا الكوكب التي تعاني من عراقيل إدارية (بيروقراطية). وقال: “إن حكوماتها تفتقد إلى الإستراتيجية. أشعر دائمًا بالحيرة من حماس النخب لإنشاء غرف تجارية مع المكسيك أو بلد آخر بعيد وليس مع جيرانهم”.
هنا تتعارض احتياجات سكان غرب إفريقيا المزدهر مع الحقائق المستعصية للدولة القومية، وبالتحديد مع التاريخ الاستعماري المختلف. ساحل العاج وبنين وتوغو هي مستعمرات فرنسية سابقة، ونيجيريا وغانا كانت مستعمرة من قبل بريطانيا. وهذا يعني لغات رسمية مختلفة سواء كانت الإنجليزية أو الفرنسية، وكذلك عملة مختلفة. ففي الدول الناطقة بالفرنسية، يتم تداول الفرنك الإفريقي وهو من بقايا الاستعمار – كان مرتبطًا في السابق بالفرنك الفرنسي وهو الآن مرتبط باليورو. ربما يكون الإرث الإمبراطوري الأكثر أهمية، مع ذلك، هو النخب القومية المعزولة التي – بسبب التاريخ الاستعماري والطريقة المتشابهة لاختلاف هذه البلدان بين الإنجليزية والفرنسية – لا تهتم كثيرًا ببعضها البعض. فعلى سبيل المثال، أخبرني نيجيري التقيته في أكرا: “لم أدرك أن غانا ليست جارتنا إلا بعد أن بدأت قضاء الوقت فيها مؤخرًا، في حين أن بنين تقع إلى جوارنا تليها توغو”.
تقع كوتونو، العاصمة الاقتصادية لبنين (منفصلة عن عاصمتها الوطنية بورتو نوفو ولكنها قريبة جدًا منها)، على بعد 20 ميلاً من حدود نيجيريا، و76 ميلاً من لاغوس، ولكن ليس هناك شعور يوحي بوجود بلد كبير مجاور. تتجمع المدينة التي يبلغ عدد سكانها 700 ألف نسمة (من المتوقع أن يبلغ 5 ملايين بحلول سنة 2100) حول مركز إداري صغير ومرتّب، مكتمل بقصر رئاسي حديث مبني إلى حد كبير من الزجاج، يتناقض حجمه الكبير مع الطبيعة المتضائلة لبنين نفسها، ثاني أصغر دولة في الممر. ومع مبانيها المنخفضة وحركة مرور الدراجات البخارية الكثيفة، تبدو كوتونو بالكاد مختلفة عن بلدة أو قرية كبيرة. سواء أحبّتْ بنين ذلك أم لا، يبدو أن التوسع المتسارع في لاغوس مقدر له أن يغمر هذا المكان يومًا ما.
عندما سألت أحد معارفي منذ فترة طويلة، وهو رجل أعمال ناجح من بنين، عما إذا كان الناس في بلاده، بما في ذلك قادتها، يحافظون على علاقات وثيقة مع نيجيريا، كان الجواب لا. وقال “النخبة هنا لا تزال تتملق بالحديث عن كونها الحي اللاتيني في المنطقة، بسبب شوفينية فرنسا”، مشيرًا إلى حقبة ما قبل الاستقلال عندما جعلت فرنسا بنين مركزًا إقليميًا للتعليم الاستعماري. وأضاف “قادتنا فقراء للغاية من ناحية التفكير في المستقبل … إذا أخبرت الرئيس أن لديه حذاءً جميلًا، فسوف يشعر بالإطراء. مع وجود نيجيريا المجاورة، ما كان ينبغي علينا فعله منذ فترة طويلة هو جعل اللغة الإنجليزية لغة ثانية إلزامية في المدرسة، لكن لم يفكر أحد في ذلك من قبل”.
هذا النوع من التشاؤم المبني على تقييم يحتقر الحوكمة على المستوى الوطني في غرب إفريقيا منتشر على نطاق واسع. يقول غيماه بودي، 70 عامًا، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي السابق لمركز غانا للتنمية الديمقراطية، وهو بنك فكري: “سنحتاج إلى دولة مثل غانا، ودول نشطة في بنين وتوغو، وعلى الأقل حكومة نيجيرية تعمل بالحد الأدنى في نفس الوقت من أجل جعل هذا المستقبل الحضري الضخم قابلاً للعيش”.
يريد جزء مني أن يؤمن بأن شباب غرب إفريقيا يمكن أن يكونوا منقذين لأنفسهم، وأن مصيرهم ليس بالضرورة رهين لإخفاقات جيلي. لقد كانت الدولة القومية لعنة هائلة. لقد نجح الأمر بالنسبة للبعض منا بشكل جيد، لكننا لم نترك سوى القليل جدًا للشباب. في الواقع، لقد خدعناهم”.
المصدر: الغارديان