ترجمة وتحرير: نون بوست
هذه هي الرسالة وراء حملة جديدة للترويج لسوريا كوجهة لقضاء العطلات، على الرغم من تقرير حقوق الإنسان الأخير الذي أكد أن حكومة الأسد كانت مسؤولة عن “جرائم ضد الإنسانية“، وتحذير وزارة الخارجية من جميع السفر إلى البلاد.
وفي محاولة لإحياء صناعة السياحة التي كانت مزدهرة في البلاد قبل الحرب الأهلية المدمرة – التي قتلت الآلاف ودمرت المدن وطردت 13 مليون شخص من منازلهم – بدأت الحكومة حملة منسقة لإقناع المستثمرين- والمصطافين – بأن سوريا لديها الكثير لتقدمه للزوار الأجانب.
وفي وقت سابق من هذا الشهر؛ أطلقت وزارة السياحة 25 مشروعًا سياحيًّا في مؤتمر استثماري في دمشق، بما في ذلك احتمال إنشاء شواطئ خاصة بعد الإعلان عن صفقة مدعومة من روسيا بقيمة 60 مليون دولار (52 مليون جنيه إسترليني) لبناء مجمع فندقي في مدينة اللاذقية الساحلية.
ولم يتضح بعد ما إذا كان السائحون يرغبون في قضاء عطلة في بلد قُتل فيه آلاف المدنيين في العقد الماضي ولا يزال خطر العنف الإقليمي فيه مرتفعًا، لكنَّ عددًا من المؤثرين البارزين في مجال السفر أمضوا العام الماضي في القيام بذلك، والترويج لتجربتهم في زيارة “سوريا التي لن تظهرها وسائل الإعلام لك” لملايين المشاهدين عبر الإنترنت، مما يعزز صورة البلاد كوجهة قابلة للسفر لأي شخص يرغب في تجربة مختلفة.
وبعد تخفيف القيود المفروضة على الوباء في آذار/ مارس؛ بدأ عدد من مدوني السفر في نشر مقاطع فيديو لرحلتهم إلى سوريا؛ والآن ينظم البعض جولات؛ حيث يقدم إكزافييه رايشيل بلانشارد جولات بصحبة مرشدين في سوريا من خلال شركة سفر سُمِّيَت على اسم قناته على يوتيوب “السفر المجهول”؛ وذلك بعد زيارته الأولى لسوريا في عام 2018. وتبدأ قيمة الجولات من 1300 دولار (1230 جنيهًا إسترلينيًّا)، والتي قال لصحيفة الغارديان إنها ستظهر “جانبًا مختلفًا” من سوريا وتتصدى لعزلة البلاد؛ خاصة بالنسبة للمدنيين الذين يعيشون هناك.
وقال مدون السفر الإسباني جوان توريس، الذي ينظم أيضًا رحلات استكشافية إلى سوريا مقابل 1590 دولارًا (1380 جنيهًا إسترلينيًّا)؛ إنه تمكن من السفر بمفرده في المرة الأولى حين زارها في عام 2018، على الرغم من أن الحكومة طلبت في وقت لاحق من السياح السفر مع دليل. وأثار توريس غضب السوريين في الخارج برحلته الأولى؛ خاصة مع وصفه لحلب بأنها “محررَة” من قبل قوات الأسد.
سوريا لن تكون آمنة ما دام الأسد يسيطر على السلطة، فهناك الآلاف من المعتقلين في سجون الأسد وينتشر الفقر والبطالة؛ فمن يقول إن سوريا آمنة فهو كاذب
ويقول توريس إنه قد لا يستخدم نفس اللغة اليوم لكنه يعترف بأنه لا يتحدث بصراحة عن سوريا عندما يتعلق الأمر بالحرب. ومع ذلك؛ يقول إنه يتحكم بالمثل في تعليقاته عندما يذهب إلى المملكة العربية السعودية ودول أخرى، ويضيف: “لن أقول شيئًا سيئًا عن الحكومة بالطبع؛ لأنني أخاطر باحتجازي، ففي أي بلد تذهب إليه كثيرًا؛ حيث لا توجد حرية التعبير هل تبدأ في قول أشياء سيئة عن الحكومة؟”.
توريس ليس وحدها؛ فقد اكتسب رواد يوتيوب مثل درو بينسكي، وإيفا زو بيك وتوماس براج ملايين المشاهدات التي توثق زياراتهم إلى سوريا، فيما تقول صوفي فولرتون، باحثة في المعلومات المضلِّلَة: “إن مدوني الفيديو ذاهبون إلى سوريا لأنك بحاجة إلى القيام بشيء مختلف لتبرز، فهناك نمط من المؤثرين المتخصصين في السفر سيحصلون على مزيد من الاهتمام بهذه الطريقة؛ فقد كان هناك شخص انتقل من حوالي 700 متابع إلى 50,000 بعد أن ذهب إلى سوريا”.
وتقول فولرتون إن وسائل الإعلام الصديقة للحكومة تستخدم وصول السياح للترويج لصورة طبيعية لسوريا؛ حيث تنشر وكالة الأنباء الرسمية “سانا” تقارير عن مجموعات سياحية صغيرة تزور المواقع التاريخية.
ويقول ناشطون سوريون إن المؤثرين – سواء بعلمهم أو بدون علمهم – قدموا للملايين من مشتركيهم صورة غير دقيقة عن البلاد والنظام وحياة 4.5 ملايين شخص محاصرين في الشمال الغربي الذي يسيطر عليه المعارضون.
ويقول فريد المحلول، الصحفي والباحث المقيم في إدلب والذي نزح من منزله، إنه غاضب من التفاوت بين ما يظهر في المحتوى المؤثر وواقعه، مضيفًا: “سوريا لن تكون آمنة ما دام الأسد يسيطر على السلطة، فهناك الآلاف من المعتقلين في سجون الأسد وينتشر الفقر والبطالة؛ فمن يقول إن سوريا آمنة فهو كاذب”.
ويعتقد المحلول أنه بعد عقد من الحرب؛ تحاول الحكومة تطبيع صورتها من خلال تشجيع المؤثرين وكذلك الفنانين على الزيارة، مشيرًا إلى تصريح للمغني المصري هاني شاكر قال إنه تمت دعوته من قبل وزارة السياحة.
ومع ذلك؛ وعلى الرغم من أن مقدمي الرحلات يضطرون إلى العمل عن كثب مع الحكومة عند تنظيم الزيارات – وذلك وفقًا لشركات السفر التي تقدم رحلات إلى سوريا – فلا يمكن للسائحين الزيارة إلا في مجموعات، ويجب عليهم التقدم بطلب للحصول على تصريح أمني قبل أسابيع، ويجب أن يرافقهم مرشد؛ حيث يقول بلانشارد إن الغرض من عمله هو المساعدة في التخفيف من حدة الفقر الذي يواجهه ملايين السوريين.
ومع ذلك؛ تقول فولرتون إن الزيادة في السفر إلى سوريا تثير تساؤلات حول أخلاقيات صناعة محتوى السفر، مضيفة: “يجب أن يكون الناس قادرين على السفر حيث يريدون، ولكن تحتاج إلى الانخراط في السفر الأخلاقي وتحتاج إلى أن تضع في اعتبارها ما حدث هناك”، متابعة: “إن الأشخاص الذين يأتون ويعيدون كتابة آخر 10 سنوات من التاريخ يضرون بالسوريين الذين لا يستطيعون العودة”.
المصدر: صحيفة الغارديان البريطانية